سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم
اختلف العُلماء في سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم، وبيان آرائهم فيما يأتي: القَدْر من العظمة؛ فهي ليلة عظيمة.
القَدْر من الضيق؛ فهي ليلة تُصبح فيها الأرض ضيّقة؛ لكثرة ما فيها من الملائكة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ من عدَدِ الحَصَى).
القَدْر ليلة تُقدَّر فيها الأشياء؛ إذ يُطلع الله فيها الملائكة على تقديره لأمور السنة، قال -تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
القَدْر ليلةٌ نزل فيها الكتاب صاحب القَدْر، مع ملك ذي قَدْر، قال -تعالى-: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ).
القَدْر ليلة عظيمة من حيث الشرف والقدر؛ لأنّ الله -تعالى- أنزل فيها القُرآن، لقوله -تعالى-: ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
القَدْر والشرف الذي يكون للعامل فيها؛ فالطائع والعابد في هذه الليلة يصبح ذا قَدْر وشرف.
القَدْر في العبادة؛ أي أنّ العبادة فيها لها قَدْر عظيم.
مُسمَّيات أخرى لليلة القدر تختصّ ليلة القدر بالعديد من الأسماء، كتسميتها بليلة الحُكم؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- يحكم فيها ما يشاء من أمور العباد خلال العام، لقوله -تعالى-: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ*أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ*رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)؛ فالله -تعالى- قدّرَ أعمال العباد قبل أن يخلقهم، وهو يُعطي الملائكة في تلك الليلة من اللوح المحفوظ ما يكون خلال العام من أقدار العباد؛ كما أنّ فيها يُفرقَ كُلّ أمر؛ سواءً من حيث الرزق أو الأجل أو غير ذلك؛ ولذلك تُسمّى أيضاً بليلة الأقدار، وتُسمّى أيضاً بالليلة المُباركة؛ لأنّ الله يُنزل فيها البركات على عباده، وقِيل لكثرة ما يُؤدّي المسلمون فيها من العبادات.
منزلة ليلة القدر يُعَدّ شهر رمضان فرُصة يُمكن للمُسلم أن يستغلّها في التقرُّب إلى الله -تعالى-؛ بالعبادة والطاعة، وقد اختصّ الله -تعالى- أُمّة النبيّ مُحمد -صلّى الله عليه وسلّم- وفضّلها على سائر الأُمم، وأنزل إليهم القُرآن الكريم في ليلة القدر، وجعل العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ممّا سواها، كما أنّ جبريل -عليه السلام- يتزّل فيها ومعه عدد كبير من الملائكة بإذن الله -تعالى-؛ ليقضوا ما أمر الله به، وفي هذه الليلة بدأ الله -تعالى- تقدير دينه، وحدَّد الله فيها دعوة النبيّ؛ فهي ليلة ذات قدر وشرف وكرامة؛ إذ أعلى الله فيها من منزلة النبيّ مُحمد -صلّى الله عليه وسلّم-، وأرسله برسالة الإسلام وأنزل عليه القرآن، وقد جاء الكلام من الله -تعالى- بعُلوّ هذه الليلة بلفظ صريح؛ يقول الله -عزّ وجلّ-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)؛ فلا أحد يعرف قيمتها ولا فضلها إلّا ما أخبر الله به البشر من بركتها.