هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionما بيـن الخـــوف والرجــاء 	 Emptyما بيـن الخـــوف والرجــاء

more_horiz
دخل رسول الله عليه الصلاة والسلام على أحد أصحابه 
وهو في نزعات الموت فسأله : كيف تجدك الآن ؟
فقال : والله يا رسول أنني الآن ما بين الرجاء والخوف .
فقال له عليه الصلاة والسلام : والله ما اجتمعتا في قلب عبد مؤمن ألا أدخلة الله الجنة .

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم) (218) سورة البقرة .

الرجـــاء حاد يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب , 
ويطيب السير إلى العزيز القدير إنه استبشار بجود الرب , وطمع فى كرم الكريم , 
وأمل فى رحمة الرحيم , وثقة فى فضل العظيم , ونظر إلى سعة الرحمة , وجميل العفو , 
والامتنان بالغفران , والتعلق بالمحسن المتفضل ...
ولولا روح الرجاء لعطلت عبودية القلب والجوارح , 
وهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا . 
ولولا روح الرجاء 
ما تحركت الجوارح بالطاعة , ولما ترنمت الألسنة بالدعاء , ولما فاضت القلوب بالثناء

إن الرجـــاء دليل على محبة الله , وثمرة من ثمرات الخوف , 
وكل محب على الحقيقة فهو راج لله خائف من عذابه , 
وعلى قدر تمكن المحبة فى القلب يشتد الرجاء والخوف .
إن المؤمن بين ذنب يرجو غفرانه , وعيب يرجو صلاحه , وعمل صالح يرجو قبوله , 
واستقامة يرجو حصولها , وصراط يرجو الثبات عليه , وقرب من الله يرجو وصوله إليه 

فالرجــاء حياة للقلب , ونور للعين , وجلاء للبصيرة , وحافز للعمل , 
وإن الخــــوف ملازم للرجاء , والرجاء ملازم للخوف , وهما كجناحى الطائر , إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه , 
وإذا نقص احدهما وقع فيه النقص , وإذا ذهبا فقد أصبح الطير فى عداد الموتى وجملة المفقودين 

إن هذا الدين العظيم , والنهج الأكمل , يربي الناس على الرغبة والرهبة , والخوف والرجاء , 
فكما أن هنالك من آيات الترهيب وأحاديث التخويف ما يزلزل النفوس , ويهز الافئدة , ويرهب القلوب , 
فإن هنالك من آيات الترغيب وآحاديث الرجاء ما يطمئن النفس , ويسلى القلب , ويؤنس الخاطر , ويبعث على الأمل .

قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (167) سورة الأعراف
وقال تعالى{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُوَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ(50)} سورة الحجر
وقال تعالى{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم(13)وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ(14)} سورة الإنفطار
وقال تعالى {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (6)وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ(9)} سورة القارعة

وقال صلى الله عليه وسلم(لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة, 
ما طمع بجنته أحد , ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة , ما قنط من جنته أحد))0
وقال صلى الله عليه وسلم (الجنة أقرب إلى احدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك )).

ومن الواجب على العالم فى علمه , والمربى فى تربيته , والواعظ فى وعظه 
أن يجمع بين الأمرين , ويمزج بين الغرضين , فليس التخويف بمفرده سبيل للعلاج , وأداة للتقويم , وطريقة للدعوة , 
بل قد يكون الرجاء أجمل , والترغيب أوقع , وإن المتأمل لكتاب الله تعالى ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم 
يجد جانب الترغيب , ونصوص الرجاء , أكثر عددا وأجمل موقعا , وألذ سماعا , وأطرب استمتاعا .

والرجـــاء ليس له قيمة ولا تبدو له فائدة , 
ولا تنال منه ثمرة إن لم يكن مصحوبا بالعمل , مقروناً بالطاعة , ممزوجاً بالعطاء , 
فليس معنى الرجاء أن ينغمس المرء فى الذنوب , ويتقاعس عن الطاعة , 
ويتنكر للعبادة , ويفرط فى الحقوق , ويضيع الواجبات , ثم يرجو النجاة من النار والفوز بالجنة , 
بل هو يعمل ويرجو , ويجتهد ويطمع , ويبذل ويرغب , 
وهو معترف بتقصيره مقر بذنوبه , مؤمل فى نيل غفران ربه .

وإذا تأملتِ الآيات القرآنية أدركت هذه الحقيقة , وآمنتِ بهذا المبدأ : 
انظروا إلى قوله تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (218) سورة البقرة
وانظروا الى قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ(29)
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(30)} سورة فاطر
وانظروا الى قوله تعالى :
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ 
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر

فهؤلاء الذين تعلقوا بالرجاء , وطمعوا فى العطاء كانت لهم مؤهلات ولديهم مسببات , 
يقول الحافظ بن حجر _ رحمه الله_
(المقصود من الرجاء أن من وقع منه تقصير فليحسن ظنه بالله ويرجو أن يمحو عنه ذنبه , 
وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها , وأما من انهمك على المعصية راجيا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا غرور , 
وما أحسن قول أبي عثمان الجيزى: من علامة السعادة أن تطيع وتخاف أن لا تقبل , 
ومن علامة الشقاء ان تعصى وترجو ان تنجو)).

وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل على شاب وهو فى الموت 
فقال : (كيف تجدك؟)) 
قال : والله يارسول الله إنى أرجو الله وإنى أخاف ذنوبي , 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم 
(لا يجتمعان فى قلب عبد فى مثل هذا الموطن إلا اعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف)).

المؤمن كلما كثرت ذنوبه , وتعددت هفواته يكون رجاؤه فى الله أعظم , وطمعه فى مغفرته أكبر , 
فان أسواط الذنوب , ولذعات المعاصى تحرك القلب وتؤنب الضمير , وتدعو الى المناجاة , 
ومتى ما انقدح فى ذهن العبد أن الذنب من سماته , والخطأ من لوازمه ,
وأن له ربا غفورا كريما يغفر الذنب , ويأخذ بالذنب فقد وصل إلى مرتبة رفيعة ومنزلة عاليه...

يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله جل وعلا أنه قال: 
" أذنب عبد ذنبا , فقال اللهم اغفر لى ذنبي , 
فقال تبارك وتعالى :أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب , 
ثم عاد فأذنب , فقال: أى رب اغفر لى ذنبي . 
فقال تبارك وتعالى : عبدى أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب . 
فقال : أى رب اغفر لى ذنبي فقال تبارك وتعالى : 
أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . اعمل ما شئت فقد غفرت لك " .

ومن أروع ما قرأت , وأجمل ما وجدت من كلمات الرجاء , 
كلمات بديعة , وعبارات موحية لإمام من أئمة الدين , وأستاذ من أساتذة البيان , 
وهو يحيي بن معاذ_رحمه الله_حيث يقول 
(يكاد رجائى لك مع الذنوب يغلب رجائى لك مع الأعمال , 
لأنى أجدنى أعتمد فى الأعمال على الإخلاص , وكيف أصفيها وأحزرها وأنا بالآفات معروف ؟ 
وأجدنى فى الذنوب اعتمد على عفوك , وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف؟))...
وقال أيضا : 
((إلهى , أحلى العطايا فى قلبي رجاؤك , وأعذب الكلام على لسانى ثناؤك , 
وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك))

اللهم اجعلنا ممن دعاك فاجبته ، واستهداك فهديته ، 
واستنصرك فنصرته ، وتوكل عليك فكفيته ، وتاب اليك فقبلته .
اللهم آمييييين

descriptionما بيـن الخـــوف والرجــاء 	 Emptyرد: ما بيـن الخـــوف والرجــاء

more_horiz
شكرا على الموضوع 
بارك الله فيك

descriptionما بيـن الخـــوف والرجــاء 	 Emptyرد: ما بيـن الخـــوف والرجــاء

more_horiz
أشكرك على مشاركتك بقسم الاسلامي
شكرا لك



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي