الخلفية الاجتماعية لمدينة يثرب في ذلك الوقت:
كانت يثرب تضطرم نارًا في حرب أهلية طاحنة بين الأوس والخزرج، حدث ذلك في يوم بُعاث المشهور، وفني خلق هائل من القبيلتين، وما زالت بقايا الحرب مستمرَّة، ولو استمرَّ الحال على ما هو عليه لفنيت القبيلتان؛ ومن ثَمَّ فإن الخزرج الستة الذين جلس معهم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المجلس كانوا يفكرون في حلٍّ لهذه الأزمة الرهيبة التي تعصف بيثرب، فلما جلسوا معه صلى الله عليه وسلم أدخل الله عز وجل في تفكيرهم فكرة رائعة، وهي أن هذا الرجل (صلى الله عليه وسلم) بما له من حلاوة منطق، وحُسن بيان، وقرآن معجز، ووحي صادق، يستطيع أن يجمع القبيلتين تحت لوائه، وبذلك يحفظ القبيلتين من الهلكة، ويُؤَلِّف بينهما بعد الشقاق.
فكانت هذه الخلفية الاجتماعية المهلهلة أحد الأسباب التي أدَّت إلى سعي هؤلاء النفر من الخزرج إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم للخروج من هذا المأزق، ولقد ظهر ذلك -أيضًا- بوضوح في كلامهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أعلنوا إيمانهم؛ حيث قالوا له: «إنَّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُمْ فَعَسَى أَنْ يَجْمَعَهُمُ اللهُ بِكَ».
فقهت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقهًا جيدًا فقالت: كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يومًا قَدَّمَهُ اللهُ تَعَالَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ -أي أشرافهم- وَجُرِّحُوا؛ فَقَدَّمَهُ اللهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دُخُولِهِمْ لِلإِسْلَامِ[2].
اختيار رباني:
اختار الله عز وجل مجموعة من الرجال العقلاء الحكماء أصحاب الأخلاق الرفيعة حتى يسمعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا اللقاء المهم؛ فهذه فرصة للإيمان قد حدثت لكثير من الناس لكن لم يُرِدِ الله عز وجل لهم الهداية؛ وذلك لعيوب خطيرة في هؤلاء الناس من كبر، وظلم، وفاحشة، وسلبية، وأمراض أخرى كثيرة، أما هؤلاء الستة فلم يكونوا على هذه الشاكلة؛ بل كانوا من أفضل الناس طباعًا وأخلاقًا.
[1] ابن هشام: السيرة النبوية 1/428، 429، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/353، 354، والبيهقي: دلائل النبوة 2/433، 434، والذهبي: تاريخ الإسلام 1/290، وابن كثير: البداية والنهاية 3/181، 182، والسيرة النبوية 2/176، 177، والصالحي: سبل الهدى والرشاد 3/194، وقال الألباني: إسناده حسن. انظر: فقه السيرة ص156، وقال إبراهيم العلي: إسناده حسن رجاله ثقات، وقد صرَّح ابن إسحاق بالتحديث. انظر: إبراهيم العلي: صحيح السيرة النبوية ص105، وقال الصوياني: سنده صحيح، رواه ابن إسحاق. انظر: الصوياني: السيرة النبوية، 1/233. وقال أكرم ضياء العمري: سيرة ابن هشام بإسناد حسن. ولم تذكر المصادر وقوع البيعة منهم ومع ذلك فقد عدَّها بيعة مَنْ ذكر وقوع ثلاث بيعات عند عقبة منى؛ وهم: ابن عبد البر: الدرر 67، وابن سيد الناس: عيون الأثر 1/156، والصالحي: سبل الهدى والرشاد 3/267، أما ابن إسحاق وابن سعد والطبري فلم يعدوها بيعة. العمري: السيرة النبوية الصحيحة 1/196.
[2] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب الأنصار، (3566).
كانت يثرب تضطرم نارًا في حرب أهلية طاحنة بين الأوس والخزرج، حدث ذلك في يوم بُعاث المشهور، وفني خلق هائل من القبيلتين، وما زالت بقايا الحرب مستمرَّة، ولو استمرَّ الحال على ما هو عليه لفنيت القبيلتان؛ ومن ثَمَّ فإن الخزرج الستة الذين جلس معهم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المجلس كانوا يفكرون في حلٍّ لهذه الأزمة الرهيبة التي تعصف بيثرب، فلما جلسوا معه صلى الله عليه وسلم أدخل الله عز وجل في تفكيرهم فكرة رائعة، وهي أن هذا الرجل (صلى الله عليه وسلم) بما له من حلاوة منطق، وحُسن بيان، وقرآن معجز، ووحي صادق، يستطيع أن يجمع القبيلتين تحت لوائه، وبذلك يحفظ القبيلتين من الهلكة، ويُؤَلِّف بينهما بعد الشقاق.
فكانت هذه الخلفية الاجتماعية المهلهلة أحد الأسباب التي أدَّت إلى سعي هؤلاء النفر من الخزرج إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم للخروج من هذا المأزق، ولقد ظهر ذلك -أيضًا- بوضوح في كلامهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أعلنوا إيمانهم؛ حيث قالوا له: «إنَّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُمْ فَعَسَى أَنْ يَجْمَعَهُمُ اللهُ بِكَ».
فقهت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقهًا جيدًا فقالت: كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يومًا قَدَّمَهُ اللهُ تَعَالَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ -أي أشرافهم- وَجُرِّحُوا؛ فَقَدَّمَهُ اللهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دُخُولِهِمْ لِلإِسْلَامِ[2].
اختيار رباني:
اختار الله عز وجل مجموعة من الرجال العقلاء الحكماء أصحاب الأخلاق الرفيعة حتى يسمعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا اللقاء المهم؛ فهذه فرصة للإيمان قد حدثت لكثير من الناس لكن لم يُرِدِ الله عز وجل لهم الهداية؛ وذلك لعيوب خطيرة في هؤلاء الناس من كبر، وظلم، وفاحشة، وسلبية، وأمراض أخرى كثيرة، أما هؤلاء الستة فلم يكونوا على هذه الشاكلة؛ بل كانوا من أفضل الناس طباعًا وأخلاقًا.
[1] ابن هشام: السيرة النبوية 1/428، 429، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/353، 354، والبيهقي: دلائل النبوة 2/433، 434، والذهبي: تاريخ الإسلام 1/290، وابن كثير: البداية والنهاية 3/181، 182، والسيرة النبوية 2/176، 177، والصالحي: سبل الهدى والرشاد 3/194، وقال الألباني: إسناده حسن. انظر: فقه السيرة ص156، وقال إبراهيم العلي: إسناده حسن رجاله ثقات، وقد صرَّح ابن إسحاق بالتحديث. انظر: إبراهيم العلي: صحيح السيرة النبوية ص105، وقال الصوياني: سنده صحيح، رواه ابن إسحاق. انظر: الصوياني: السيرة النبوية، 1/233. وقال أكرم ضياء العمري: سيرة ابن هشام بإسناد حسن. ولم تذكر المصادر وقوع البيعة منهم ومع ذلك فقد عدَّها بيعة مَنْ ذكر وقوع ثلاث بيعات عند عقبة منى؛ وهم: ابن عبد البر: الدرر 67، وابن سيد الناس: عيون الأثر 1/156، والصالحي: سبل الهدى والرشاد 3/267، أما ابن إسحاق وابن سعد والطبري فلم يعدوها بيعة. العمري: السيرة النبوية الصحيحة 1/196.
[2] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب الأنصار، (3566).