في ظل احتجاز معظم سكان العاصمة الروسية موسكو في منازلهم، فإن هناك مشهدًا مألوفًا لا يزال ظاهرًا في شوارع العاصمة شبه الخالية متمثلًا بجيش من موظفي التوصيل في عملاقة التكنولوجيا (ياندكس) Yandex ذوي السترات الصفراء.
وقللت القيود الصارمة من الوقت الذي يمكن فيه لسكان موسكو الخروج من منازلهم، مما زاد من الطلب على تطبيقات ياندكس للتوصيل، التي زادت أعداد مستخدميها بنسبة 75 في المئة منذ شهر مارس.
وتأمل ياندكس أن تتمكن من تعويض الضربة المالية لقطاع الإعلانات عبر الإنترنت وسيارات الأجرة، وهما شركتاها الأساسيتان، وذلك عبر استغلال فيروس كورونا كفرصة لتوسيع نطاق أعمالها الأخرى، ومن المحتمل أن تكون قادرة على بناء شيء مماثل لشركة (فيديكس) FedEx في غضون بضعة أشهر.
وغالبًا ما يشار إلى ياندكس باسم (جوجل الروسية)، وذلك لكونها أحد محركات البحث القليلة في جميع أنحاء العالم التي حافظت على هيمنتها في سوقها المحلية.
وتنوعت أعمال ياندكس في السنوات الأخيرة، حيث حاربت (أوبر) Uber في مجال خدمات النقل التشاركي، وأطلقت موقعًا للتجارة الإلكترونية بقيمة مليار دولار يطلق عليه اسم “أمازون الروسي”، بالإضافة إلى (أليسا) Alisa، وهي مساعدة افتراضية على غرار (أليكسا) Alexa من أمازون، كما تطور الشركة برامجها الخاصة لمنصتها لبث الفيديو (KinoPoisk).
ومن الواضح أن معدلات نمو ياندكس ستتسارع بشكل كبير بمجرد تخفيف قيود الحجر الصحي، وسيتكيف المستخدمون مع الخدمات الرقمية بشكل أسرع، مما يساعد على زيادة وتيرة طلب المستخدم لخدمات توصيل الطعام والتجارة الإلكترونية والترفيه الرقمي بعد انتهاء الحجر الصحي.
اتجاهات جديدة:
أوقف الوباء بعض خطط ياندكس التوسعية بالكامل مع فتحه الباب لخطط أخرى، حيث علقت سلطات مدينة موسكو منصة مشاركة السيارات (Drive) بالكامل، وانخفضت الإيرادات من نشاطها الأساسي في مجال الإعلانات عبر الإنترنت بنسبة مئوية مرتفعة على أساس سنوي في شهر أبريل.
كما انخفض حجم البضائع الإجمالي لمشروع التاكسي المشترك مع أوبر بنسبة 60 في المئة في موسكو على أساس سنوي في شهر أبريل، مع تأجيل الطرح الأولي العام الذي كان مخططًا له للمشروع المشترك.
ووصلت إيرادات الشركة المتعلقة بعناصر، مثل السيارات، في أواخر شهر مارس إلى الصفر تقريبًا، كما وصلت الإعلانات المبوبة والإعلانات المتعلقة بالسفر إلى الصفر.
وتأمل ياندكس أن تخفف هذه الخسائر عبر الزيادة في تطبيق التوصيل، الذي يستضيف الآن 20 ألف مطعمًا في موسكو، وخدمة توصيل البقالة الجديدة (Lavka)، التي تستخدم المخازن الصغيرة ذات الإيجارات الرخيصة في الأماكن غير الجذابة لتسليم البقالة في غضون دقائق.
ووسعت ياندكس نطاق وصول الخدمة من خلال إعادة تعيين سائقي سيارات الأجرة لتقديم البقالة والطعام، بالإضافة إلى توصيل الطرود من (Beru)، وهو مشروع تجارة إلكترونية بالشراكة مع شركة الخدمات المالية والمصرفية المملوكة للدولة (Sberbank).
وفتحت الشركة نقاط تعقيم لسيارات الأجرة، وأعطت أقنعة للسائقين ومعقمات لليدين، وأنفقت 3.4 ملايين دولار على مشروع لتقديم اختبارات لفيروس كورونا، وتوصيل الأطباء إلى الزيارات المنزلية في 24 مدينة.
وأطلقت ياندكس أيضًا مؤشرًا للعزل الذاتي ضمن تطبيقها للخرائط، الذي يستخدم بيانات المستهلكين لإظهار عدد الأشخاص في الشوارع في أي وقت محدد، ومدى طول الخطوط في محلات (السوبر ماركت) إلى جانب قياس تدفقات حركة المرور.
الشركة والكرملين:
أدى ظهور ياندكس كخدمة شبه عامة تشبه أمازون خلال فترة الحظر إلى زيادة المشاكل بشأن علاقتها المعقدة بالدولة الروسية، وأسست الشركة في العام الماضي صندوقًا للمصلحة العامة يمنح الكرملين حق النقض لقرارات الحوكمة الرئيسية، مع إضافة اثنين من أعضاء مجلس الإدارة الذين عينهم الكرملين.
وجاءت هذه الخطوة كمحاولة منها لتهدئة المخاوف من أن المستثمرين الأمريكيين، الذين يملكون معظم الأسهم العادية لياندكس لكن ليس لديهم حقوق التصويت، يمكنهم الاستيلاء على الشركة والوصول إلى بياناتها الضخمة حول المستخدمين الروس.
وبالرغم من أن شركة ياندكس قالت: إن الكرملين ليس له أي تأثير على عملياتها، إلا أن شروط الحظر أبرزت صعوبات التفاوض على موقعها المهيمن على الإنترنت الروسي، مع زيادة المنظمين للرقابة المفروضة.
وعندما استخدم ناشطو المعارضة ميزة ضمن تطبيقها لتنظيم احتجاجات عبر الإنترنت من خلال ترك رسائل غاضبة خارج المباني الحكومية على الخرائط، أزالتها ياندكس بسرعة على أساس أنها كانت خارج الموضوع، كما اعتذرت الشركة حديثًا بعد أن أظهرت ميزةٌ تجريبية محتوى سلبيًا جدًا عن زعيم المعارضة (أليكسي نافالني) Alexei Navalny.
وتواجه ياندكس أيضًا القضية الأكثر إلحاحًا المتمثلة في شراكتها المتعثرة في مجال التجارة الإلكترونية مع (Sberbank)، وكان المشروع المشترك موضوع محادثات انفصال منذ إطلاقه قبل 18 شهرًا حول قضايا مثل الإستراتيجية واستخدام ياندكس خوارزمية لتجميع المتعاقدين اللوجستيين.