الكتاب: علوم البلاغة «البديع والبيان والمعاني»
المؤلف: الدكتور محمد أحمد قاسم، الدكتور محيي الدين ديب
1 - مكتشفه:
أوّل من اهتدى إلى هذا الضرب من البديع عبد الله بن المعتز (1) وأعطى عليه مثالين هما:
1 - قول النابغة الذبياني (الطويل):
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم … بهنّ فلول من قراع الكتائب
2 - قول النابغة الجعدي (الطويل):
فتى كملت أخلاقه غير أنه … جواد فما يبقي من المال باقيا
وقد سمّاه أبو هلال العسكري (2) ب (الاستثناء):
غير أن تسمية ابن المعتز هي التي شاعت في ما بعد لأنّها أكثر انسجاما مع المعنى.
2 - نوعاه:
أ- أن يستثنى من صفة ذمّ منفيّة عن الشيء صفة مدح بتقدير دخولها فيها، نحو قول ابن الرومي (السريع):
ليس به عيب سوى أنّه … لا تقع العين على شبهه
__________
(1). البديع، ابن المعتز، طبعة دار المسيرة، ص 62.
(2). كتاب الصناعتين، أبو هلال العسكري، ص 424.
بدأ ابن الرومي مدحه بأن نفى كلّ عيب عن الممدوح عند ما قال «ليس به عيب»، ولكنه أتبع هذا المدح بلفظ الاستثناء (سوى)، فأوهم السامع أنه تراجع عن تبرئة الممدوح من كل عيب، وأنّه سيكاشفه بعيب اكتشفه فوجب ذكره. غير أن ابن الرومي خدع سامعه حين أورد بعد الاستثناء مدحا يفوق المدح الأول، ويؤكده حين قال: «لا تقع العين على شبهه» فهو مبرّأ من كل عيب، ولن ترى العين شبيها له في كماله.
ب- أن يثبت لشيء صفة مدح، ويعقب بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى، نحو، قول النابغة الجعدي (الطويل):
فتى كملت أخلاقه غير أنّه … جواد فما يبقي على المال باقيا
فالشاعر بدأ بيته بصفة ممدوحة هي «كمال أخلاق الفتى»، ولكنّه أتى بعدها بلفظ الاستثناء (غير)، فدهش السامع وتوقّع أن يذكر الشاعر ما يناقض الكمال الذي استهلّ البيت بذكره. لكنّ الشاعر لم يفعل ذلك، بل أتى بعد الاستثناء بصفة ممدوحة أخرى، وهي «جواد» وفصّلها بقوله: فما يبقي على المال باقيا. وفي ذلك توكيد للمدح الأوّل.
تأكيد الذّم بما يشبه المدح
هو أسلوب شبيه بالأسلوب السابق. وهو نوعان:
أ- أن يستثنى من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذمّ بتقدير دخولها فيها، نحو: فلان لا خير فيه إلّا أنه يسيء إلى من يحسن إليه.
فصفة المدح (خير) في فلان منفيّة ب (لا)، وقد استثني من هذه الصفة الممدوحة المنفيّة صفة ذم (الإساءة إلى من يحسن إليه) وهي داخلة في الصفة المنفية.
ب- أن يثبت للشيء صفة ذم، ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى له، نحو: فلان فاسق إلّا أنّه جاهل.
فصفة الذم (فاسق) مثبتة غير منفيّة أتي بعدها بأداة الاستثناء (إلّا) ثم تليت أداة الاستثناء بصفة ذم أخرى هي (جاهل).
المؤلف: الدكتور محمد أحمد قاسم، الدكتور محيي الدين ديب
1 - مكتشفه:
أوّل من اهتدى إلى هذا الضرب من البديع عبد الله بن المعتز (1) وأعطى عليه مثالين هما:
1 - قول النابغة الذبياني (الطويل):
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم … بهنّ فلول من قراع الكتائب
2 - قول النابغة الجعدي (الطويل):
فتى كملت أخلاقه غير أنه … جواد فما يبقي من المال باقيا
وقد سمّاه أبو هلال العسكري (2) ب (الاستثناء):
غير أن تسمية ابن المعتز هي التي شاعت في ما بعد لأنّها أكثر انسجاما مع المعنى.
2 - نوعاه:
أ- أن يستثنى من صفة ذمّ منفيّة عن الشيء صفة مدح بتقدير دخولها فيها، نحو قول ابن الرومي (السريع):
ليس به عيب سوى أنّه … لا تقع العين على شبهه
__________
(1). البديع، ابن المعتز، طبعة دار المسيرة، ص 62.
(2). كتاب الصناعتين، أبو هلال العسكري، ص 424.
بدأ ابن الرومي مدحه بأن نفى كلّ عيب عن الممدوح عند ما قال «ليس به عيب»، ولكنه أتبع هذا المدح بلفظ الاستثناء (سوى)، فأوهم السامع أنه تراجع عن تبرئة الممدوح من كل عيب، وأنّه سيكاشفه بعيب اكتشفه فوجب ذكره. غير أن ابن الرومي خدع سامعه حين أورد بعد الاستثناء مدحا يفوق المدح الأول، ويؤكده حين قال: «لا تقع العين على شبهه» فهو مبرّأ من كل عيب، ولن ترى العين شبيها له في كماله.
ب- أن يثبت لشيء صفة مدح، ويعقب بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى، نحو، قول النابغة الجعدي (الطويل):
فتى كملت أخلاقه غير أنّه … جواد فما يبقي على المال باقيا
فالشاعر بدأ بيته بصفة ممدوحة هي «كمال أخلاق الفتى»، ولكنّه أتى بعدها بلفظ الاستثناء (غير)، فدهش السامع وتوقّع أن يذكر الشاعر ما يناقض الكمال الذي استهلّ البيت بذكره. لكنّ الشاعر لم يفعل ذلك، بل أتى بعد الاستثناء بصفة ممدوحة أخرى، وهي «جواد» وفصّلها بقوله: فما يبقي على المال باقيا. وفي ذلك توكيد للمدح الأوّل.
تأكيد الذّم بما يشبه المدح
هو أسلوب شبيه بالأسلوب السابق. وهو نوعان:
أ- أن يستثنى من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذمّ بتقدير دخولها فيها، نحو: فلان لا خير فيه إلّا أنه يسيء إلى من يحسن إليه.
فصفة المدح (خير) في فلان منفيّة ب (لا)، وقد استثني من هذه الصفة الممدوحة المنفيّة صفة ذم (الإساءة إلى من يحسن إليه) وهي داخلة في الصفة المنفية.
ب- أن يثبت للشيء صفة ذم، ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى له، نحو: فلان فاسق إلّا أنّه جاهل.
فصفة الذم (فاسق) مثبتة غير منفيّة أتي بعدها بأداة الاستثناء (إلّا) ثم تليت أداة الاستثناء بصفة ذم أخرى هي (جاهل).