جزم احد اللغويين بصحة تأنيث (عضو) فقال "قل: فلانة عضوة. ولا تقل: عضو. والسبب في ذلك أن (العضو) نقل من الاسمية إلى الوصفية"(1)، ويرد إلى الذهن النعت بالمصدر الذي يلتزم لفظه، فيقال: رجل عدل، وامرأة عدل، ألم ينقل من المصدرية إلى الوصفية؟
واحتج فقال "كما قيل في الشلو وهو العضو (شلوة) وفي الثبج وهو الوسط (ثبجة)"(2)، ثم استشهد بقول النبي "لأبيّ بن كعب وقد أعطاه الطفيل بن عمرو الدوي قوسًا جزاءًا على إقرائه القرآن (تقلدها شلوة من جهنم)"(3). وهذا القول له رواية أخرى في النهاية في غريب الحديث والأثر، قال "وَيُرْوَى (شِلْوًا مِنْ جَهَنَّمَ) أَيْ قِطْعةً مِنْهَا"(4). ومع ذلك فشلوة ليست بتأنيث لشلو بل هو اسم رديف ختم بتاء التأنيث، وهو وإن نعت به يظل اسمًا مثل العضو، كما أن العدل نعت به؛ ولكن لم يغير عن مصدريته، أي هو من حيث التصنيف الصرفي مصدر، وشلو وشلوة اسمان لا وصفان، فاللفظ له تصنيف صرفي وآخر نحوي، ولذلك يفرق المدققون بين النعت والوصف؛ فالنعت وظيفة نحوية والوصف تصنيف صرفي، ولذلك يمكن –عندي- أن ينعت المذكر بالنعت (شلوة) فيقال هذا فارس شلوة من نار، وتقول: إنما هزمهم هذا الفارس الشلوة من النار، لأنك تقول: الفارس القطعة من النار.
وأما قوله "نقل من الاسمية إلى الوصفية" فهو قول تردد في بعض كتب شرح الأحاديث منها الفائق للزمخشري(5) والنهاية لابن الأثير(6) والمعلم بفوائد مسلم للتميمي المازي(7)، ومنهم أخذ الصغاني في معجمه التكملة(، وقد بينت أن النقل نحوي لا صرفي فلا أثر له على التصنيف الصرفي؛ فليس الشلوة مؤنث الشلو. ثم احتج بقول الشريف الرضي في المجازات النبوية "وإنما قال شلوة ولم يقل شلوًا لأنه حمل على معنى القوس وهي مؤنثة، والشلو: العضو"(9). وليس يفهم من قوله هذا أنها صارت وصفًا مؤنثًا يقابله وصف مذكر. ومثل هذا يقال في النص الآخر الذي استشهد به فقال "وجاء في كتاب النبي (ص) لوائل بن حجر الحضرمي (وأعطوا [هكذا والصواب: أنطوا] الثبجة)، قال مجد الدين بن الأثير في النهاية "أي أعطوا الوسط في الصدقة لا من خيار المال ولا من رُذالته، وألحقها هاء التأنيث لانتقالها من الاسمية إلى الوصفية)(10)". وليس الأمر كما ذهب إليه؛ فلم تنتقل الثبجة بالتاء من اسمية إلى وصفية.
وختم بقوله "ثم أتى العرب يتساهلون في التأنيث، قال الجوهري في الصحاح (الكوكب: النجم يقال كوكب وكوكبة كما قالوا بياض وبياضة وعجوز وعجوزة) ثم ذكر أنهم قالوا منزل ومنزلة، وعلى هذا يجب أن يقال للممثلة البارعة أي الحاكية الماهرة (كوكبة) لا كوكب". وليس مذهب العرب هذا من تساهلهم في التأنيث بل من اتساع لغتهم، فقد وضعوا اسمًا مذكرًا واسمًا مؤنثًا؛ لأن من الكواكب ما هو مذكر ومنها ما هو مؤنث، وكل هذه الألفاظ أسماء لا صفات، فقولهم كوكب وكوكبة ليس كقولهم قادم وقادمة، وليس من بأس عندي إن نعت بكوكبة أن تنعت الأنثى أو الذكر، فلا فرق أن تقول: هذا الرجل كوكبة في عالم الصناعة كما تقول هذا الرجل كوكب في عالم الصناعة، ولك أن تقول أم كلثوم كوكب الشرق أو أم كلثوم كوكبة الشرق.
وكل هذه الأسماء المؤنثة المسموعة عن العرب تستعمل ولا يقاس عليها، ولذلك ليس مقبولًا أن نقول (عضوة)؛ إذ لم نجدهم استعملوا ذلك اسمًا، وإن نفعل ذلك يلزمنا ما لا نريده، فنحن نقول اليوم: (هو ساعده الأيمن) فهل نقول: هي ساعدته اليمنى؟!، ونقول: هو ركن من أركان المجتمع، فهل نقول: هي ركنة؟!، ونقول: الأب أساس الأسرة، فهل نقول: الأم أساسة الأسرة؟!، وكيف ساغ أن ننعت الذكر بلفظ مؤنث، فنقول: هو ذراعه اليمنى، ونقول: هو الراوي لكثير من الأخبار، وهو الراوية لكثير من الأخبار فليس الراوية مؤنثًا للراوي، فليس الغرض من التاء الفصل بين مذكر ومؤنث بل المبالغة في الرواية، ومثله علّام وعلّامة، فالرجل علام وعلامة. وأما الصفات المذكر لفظها مثل صبور وعجوز وجريح ونحوها فهي مشتركة ينعت بها الذكر كما ينعت بها الأنثى بشرط قرينة دالة على التأنيث فإن تخلفت العلامة صير إلى إلحاق التاء(11)، فقيل: صبورة وعجوزة(12) وجريحة.
ولعل الذي أحدث اللبس قديمًا وحديثًا هو غياب الفرق بين الوصف الصرفي والنعت النحوي.
أنتهي إلى أنه لا مساغ عندي لاستعمال (عضوة) بله الإلزام بها حسب جواد ومن تابعه بعد ذلك.
واحتج فقال "كما قيل في الشلو وهو العضو (شلوة) وفي الثبج وهو الوسط (ثبجة)"(2)، ثم استشهد بقول النبي "لأبيّ بن كعب وقد أعطاه الطفيل بن عمرو الدوي قوسًا جزاءًا على إقرائه القرآن (تقلدها شلوة من جهنم)"(3). وهذا القول له رواية أخرى في النهاية في غريب الحديث والأثر، قال "وَيُرْوَى (شِلْوًا مِنْ جَهَنَّمَ) أَيْ قِطْعةً مِنْهَا"(4). ومع ذلك فشلوة ليست بتأنيث لشلو بل هو اسم رديف ختم بتاء التأنيث، وهو وإن نعت به يظل اسمًا مثل العضو، كما أن العدل نعت به؛ ولكن لم يغير عن مصدريته، أي هو من حيث التصنيف الصرفي مصدر، وشلو وشلوة اسمان لا وصفان، فاللفظ له تصنيف صرفي وآخر نحوي، ولذلك يفرق المدققون بين النعت والوصف؛ فالنعت وظيفة نحوية والوصف تصنيف صرفي، ولذلك يمكن –عندي- أن ينعت المذكر بالنعت (شلوة) فيقال هذا فارس شلوة من نار، وتقول: إنما هزمهم هذا الفارس الشلوة من النار، لأنك تقول: الفارس القطعة من النار.
وأما قوله "نقل من الاسمية إلى الوصفية" فهو قول تردد في بعض كتب شرح الأحاديث منها الفائق للزمخشري(5) والنهاية لابن الأثير(6) والمعلم بفوائد مسلم للتميمي المازي(7)، ومنهم أخذ الصغاني في معجمه التكملة(، وقد بينت أن النقل نحوي لا صرفي فلا أثر له على التصنيف الصرفي؛ فليس الشلوة مؤنث الشلو. ثم احتج بقول الشريف الرضي في المجازات النبوية "وإنما قال شلوة ولم يقل شلوًا لأنه حمل على معنى القوس وهي مؤنثة، والشلو: العضو"(9). وليس يفهم من قوله هذا أنها صارت وصفًا مؤنثًا يقابله وصف مذكر. ومثل هذا يقال في النص الآخر الذي استشهد به فقال "وجاء في كتاب النبي (ص) لوائل بن حجر الحضرمي (وأعطوا [هكذا والصواب: أنطوا] الثبجة)، قال مجد الدين بن الأثير في النهاية "أي أعطوا الوسط في الصدقة لا من خيار المال ولا من رُذالته، وألحقها هاء التأنيث لانتقالها من الاسمية إلى الوصفية)(10)". وليس الأمر كما ذهب إليه؛ فلم تنتقل الثبجة بالتاء من اسمية إلى وصفية.
وختم بقوله "ثم أتى العرب يتساهلون في التأنيث، قال الجوهري في الصحاح (الكوكب: النجم يقال كوكب وكوكبة كما قالوا بياض وبياضة وعجوز وعجوزة) ثم ذكر أنهم قالوا منزل ومنزلة، وعلى هذا يجب أن يقال للممثلة البارعة أي الحاكية الماهرة (كوكبة) لا كوكب". وليس مذهب العرب هذا من تساهلهم في التأنيث بل من اتساع لغتهم، فقد وضعوا اسمًا مذكرًا واسمًا مؤنثًا؛ لأن من الكواكب ما هو مذكر ومنها ما هو مؤنث، وكل هذه الألفاظ أسماء لا صفات، فقولهم كوكب وكوكبة ليس كقولهم قادم وقادمة، وليس من بأس عندي إن نعت بكوكبة أن تنعت الأنثى أو الذكر، فلا فرق أن تقول: هذا الرجل كوكبة في عالم الصناعة كما تقول هذا الرجل كوكب في عالم الصناعة، ولك أن تقول أم كلثوم كوكب الشرق أو أم كلثوم كوكبة الشرق.
وكل هذه الأسماء المؤنثة المسموعة عن العرب تستعمل ولا يقاس عليها، ولذلك ليس مقبولًا أن نقول (عضوة)؛ إذ لم نجدهم استعملوا ذلك اسمًا، وإن نفعل ذلك يلزمنا ما لا نريده، فنحن نقول اليوم: (هو ساعده الأيمن) فهل نقول: هي ساعدته اليمنى؟!، ونقول: هو ركن من أركان المجتمع، فهل نقول: هي ركنة؟!، ونقول: الأب أساس الأسرة، فهل نقول: الأم أساسة الأسرة؟!، وكيف ساغ أن ننعت الذكر بلفظ مؤنث، فنقول: هو ذراعه اليمنى، ونقول: هو الراوي لكثير من الأخبار، وهو الراوية لكثير من الأخبار فليس الراوية مؤنثًا للراوي، فليس الغرض من التاء الفصل بين مذكر ومؤنث بل المبالغة في الرواية، ومثله علّام وعلّامة، فالرجل علام وعلامة. وأما الصفات المذكر لفظها مثل صبور وعجوز وجريح ونحوها فهي مشتركة ينعت بها الذكر كما ينعت بها الأنثى بشرط قرينة دالة على التأنيث فإن تخلفت العلامة صير إلى إلحاق التاء(11)، فقيل: صبورة وعجوزة(12) وجريحة.
ولعل الذي أحدث اللبس قديمًا وحديثًا هو غياب الفرق بين الوصف الصرفي والنعت النحوي.
أنتهي إلى أنه لا مساغ عندي لاستعمال (عضوة) بله الإلزام بها حسب جواد ومن تابعه بعد ذلك.