الكتاب: شرح التصريف
المؤلف: أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني (المتوفى: 442هـ)
https://2img.net/r/hpimg11/pics/3179202476367tycjypg9kt.png
عقود وقوانين ينتفع بها في التّصريف
اعلم أنّه إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة أو كلمتين، وسبقت إحداهما بالسّكون قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء الأولى في الثانية فصارت ياء منقلبة.
وإنّما قلبوا الواو ياء، لأنّه لا يخلو أن تكون الأخيرة، أو هي الأولى.
فإن كانت الواو متقدّمة فإنهم استثقلوا الخروج من واو لازمة إلى ياء لازمة، لأنّه أثقل من الخروج من ضمٍّ لازم إلى كسر لازم.
وإن كانت الواو متأخرة فإنّهم استثقلوا الخروج من ياء لازمة إلى واو لازمة، لأنّه أثقل من الخروج من كسر لازم إلى ضمّ لازم.
فإن قيل: فلم آثروا قلب الواو ياء؟ ولم يؤثروا قلب الياء إلى الواو؟ قيل له: إنّما آثروا قلب الواو إلى الياء لأمرين:
أحدهما: أنّ الياءَ أخفُّ من الواو، فطلبوا الأخفَّ الأسهل، وتجنّبوا الأثقل.
والأمر الثاني: أنّهم قلبوا ليدغموا، والإدغام في حروف الفم أقوى، لكثرتها، والياء من حروف الفم، فالإدغام فيها أقوى، والواو من حروف الشّفة، وهي قليلة، والإدغام فيها ضعيف.
وقد جاء هذا القلب في المصادر، وفي الأسماء التي ليست بمصادر، فمثاله في المصادر: "طَوَيْتُ الثّوبَ طَيًّا" والأصل "طَوْيًا"، لأنّه من "طَوَى يَطْوِي"، و"لَوَيْتُ يدَهُ ليًّا"، والأصل: "لَوْيًا" من "لَوَى يَلْوِي"، و"شَوَيْتُ اللحمَ شَيًّا" والأصل "شَوْيًا"، لأنّه من "شَوَى يشْوِي"، و"زَوَى وجهه زيًّا"، والأصل: "زَوْيًا"، لأنّه من "زَوَى يزْوِي" فقلبوا الواو في كلّ هذا ياء، وأدغموها في الثانية.
ومثاله في الأسماء التي ليست بمصادر قولهم: "سَيِّد" وهو "فَيْعِلٌ" من "ساد يَسُودُ" وأصله "سَيْوِدٌ"، وكذلك "مَيِّتٌ" أصله: "مَيْوِتٌ"، لأنّه من "ماتَ يمُوتُ"، وكذلك "جَيِّدٌ" الأصل: "جَيْوِدٌ"، لأنّه من "جاد يجُودُ"، وكذلك "هَيِّنٌ" أصله "هَيْوِنٌ" لأنّه من "هانَ يهُونُ"، وقالوا في اسم المكان: "حَيِّزٌ" أصله "حَيْوِزٌ"، لأنّه من "حازَ يحُوزُ" فقلبوا الواو في جمع هذا ياء وأدغموا الياء في الياء فقالوا: "سَيِّدٌ" و"مَيِّتٌ" و"هَيِّنٌ" و"حَيِّزٌ"،
[ويجوز الحذف فيقال: سَيْدٌ ومَيْتٌ]. فإن قيل فأيُّ الياءين حذفوا للتّخفيف؟
قيل له الياء التي انقلبت عن الواو، لأنّها لمّا تغيّرت بالقلب من الواو هذا التّغيير غُيّرت بتغيير الثاني بالحذف، لأنّه آنسهم هذا التّغيير بالتّغيير.
فإذا قالوا: "سَيْدٌ ومَيْتٌ" فوزنه: "فَيْلٌ"، لأنّ المحذوف هو عين الكلمة فبقي وزن الكلمة "فَيْلٌ" فإن زاد الاسم على أربعة أحرف ألزموه الحذف والتخفيف لطول الاسم، لأنّهم إذا كانوا قد خُيِّروا في الإتمام والحذف لزمهم فيما زاد على الأربعة الحذف، لطول الاسم، وسواء كانت الياء منقلبة عن واو أو لم تكن.
وكذلك قد قالوا في الأربعة: "لَيِّنٌ" و"لَيْنٌ".
وقالوا: "كان كَيْنُونة" و"قاد قَيْدُودَة" و"صار صَيْرُورَةً" و"دام
دَيْمُومَةً" والأصل: "كَيِّنُونة" و"قَيِّدُودَة" و"صَيِّرُورَة" و"دَيِّمُومَة".
والأصل "كَيْوِنُونَة" و"قَيْوِدُودَة" و"صَيْوِرُورَة" و"دَيْوِمُومَة" وزنه: "فَيْعِلُولَة"، فقلبوا الواو ياء، وأدغموها في الياء فصار: "كَيِّنونة" و"قَيِّدودة" و"صَيِّرورة" و"دَيِّمومة"، فلمّا حذفوا بقي وزنها "فَيْلُولة".
و"رَيْحانٌ":
أصله: "رَيَّحانٌ" "فَيْعَلانٌ"، وأصله: "رَيْوَحانٌ" من الرَّوْح فخفّفوه بالحذف.
فإن اضطرّ شاعر إلى ردّ الأصل كان له ذلك قال الشاعر:
قد فارقت قرينها القرينهْ ... وشحطت عن دارها الظّعينهْ
ياليتَ أنّا ضمَّنا سفينهْ ... حتّى يعودَ الوصل كَيِّنُونَهْ
وقد شذّ من هذا الفصل شيءٌ لا يقاس عليه قالوا: "ضَيْوَنٌ" في اسم القطّ، وكان القياس أن يقولوا: "ضَيَّنٌ"، إلاّ أنّهم لم يقلبوا، ولم يدغموا، وأخرجوه مصحّحًا لأمرين:
أحدهما: تنبيهًا على الأصل الذي فرّوا منه.
والآخر: أنّه "فَيْعَلٌ" فخشوا أن يقلبوا ويدغموا، لئلا يلتبس بـ"فَعَّلٍ".
وشذّ في الأسماء "حَيْوَةُ" في اسم الرّجل، وقياسه: "حَيَّةٌ"؛ وإنّما
أخرجوه مصحَّحًا تنبيهًا على الأصل، وهذا التّصحيح في الأعلام إنّما سوّغه فيها لأنّ العلمَ في الأصل مُغَيَّرٌ، ألا تراه ينقل من نوع إلى نوع، كتسميتهم الرّجل قردًا وحمارًا وذئبًا وأسدًا وحجرًا وما أشبه ذلك، فآنسهم هذا التغيير بالنّقل حتّى جرّأهم على التغيير الثاني، والتّغيير في الأعلام كثير، ألا ترى إلى حكايتهم إعراب العلم وإمالتهم "الحَجَّاج".
المؤلف: أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني (المتوفى: 442هـ)
https://2img.net/r/hpimg11/pics/3179202476367tycjypg9kt.png
عقود وقوانين ينتفع بها في التّصريف
اعلم أنّه إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة أو كلمتين، وسبقت إحداهما بالسّكون قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء الأولى في الثانية فصارت ياء منقلبة.
وإنّما قلبوا الواو ياء، لأنّه لا يخلو أن تكون الأخيرة، أو هي الأولى.
فإن كانت الواو متقدّمة فإنهم استثقلوا الخروج من واو لازمة إلى ياء لازمة، لأنّه أثقل من الخروج من ضمٍّ لازم إلى كسر لازم.
وإن كانت الواو متأخرة فإنّهم استثقلوا الخروج من ياء لازمة إلى واو لازمة، لأنّه أثقل من الخروج من كسر لازم إلى ضمّ لازم.
فإن قيل: فلم آثروا قلب الواو ياء؟ ولم يؤثروا قلب الياء إلى الواو؟ قيل له: إنّما آثروا قلب الواو إلى الياء لأمرين:
أحدهما: أنّ الياءَ أخفُّ من الواو، فطلبوا الأخفَّ الأسهل، وتجنّبوا الأثقل.
والأمر الثاني: أنّهم قلبوا ليدغموا، والإدغام في حروف الفم أقوى، لكثرتها، والياء من حروف الفم، فالإدغام فيها أقوى، والواو من حروف الشّفة، وهي قليلة، والإدغام فيها ضعيف.
وقد جاء هذا القلب في المصادر، وفي الأسماء التي ليست بمصادر، فمثاله في المصادر: "طَوَيْتُ الثّوبَ طَيًّا" والأصل "طَوْيًا"، لأنّه من "طَوَى يَطْوِي"، و"لَوَيْتُ يدَهُ ليًّا"، والأصل: "لَوْيًا" من "لَوَى يَلْوِي"، و"شَوَيْتُ اللحمَ شَيًّا" والأصل "شَوْيًا"، لأنّه من "شَوَى يشْوِي"، و"زَوَى وجهه زيًّا"، والأصل: "زَوْيًا"، لأنّه من "زَوَى يزْوِي" فقلبوا الواو في كلّ هذا ياء، وأدغموها في الثانية.
ومثاله في الأسماء التي ليست بمصادر قولهم: "سَيِّد" وهو "فَيْعِلٌ" من "ساد يَسُودُ" وأصله "سَيْوِدٌ"، وكذلك "مَيِّتٌ" أصله: "مَيْوِتٌ"، لأنّه من "ماتَ يمُوتُ"، وكذلك "جَيِّدٌ" الأصل: "جَيْوِدٌ"، لأنّه من "جاد يجُودُ"، وكذلك "هَيِّنٌ" أصله "هَيْوِنٌ" لأنّه من "هانَ يهُونُ"، وقالوا في اسم المكان: "حَيِّزٌ" أصله "حَيْوِزٌ"، لأنّه من "حازَ يحُوزُ" فقلبوا الواو في جمع هذا ياء وأدغموا الياء في الياء فقالوا: "سَيِّدٌ" و"مَيِّتٌ" و"هَيِّنٌ" و"حَيِّزٌ"،
[ويجوز الحذف فيقال: سَيْدٌ ومَيْتٌ]. فإن قيل فأيُّ الياءين حذفوا للتّخفيف؟
قيل له الياء التي انقلبت عن الواو، لأنّها لمّا تغيّرت بالقلب من الواو هذا التّغيير غُيّرت بتغيير الثاني بالحذف، لأنّه آنسهم هذا التّغيير بالتّغيير.
فإذا قالوا: "سَيْدٌ ومَيْتٌ" فوزنه: "فَيْلٌ"، لأنّ المحذوف هو عين الكلمة فبقي وزن الكلمة "فَيْلٌ" فإن زاد الاسم على أربعة أحرف ألزموه الحذف والتخفيف لطول الاسم، لأنّهم إذا كانوا قد خُيِّروا في الإتمام والحذف لزمهم فيما زاد على الأربعة الحذف، لطول الاسم، وسواء كانت الياء منقلبة عن واو أو لم تكن.
وكذلك قد قالوا في الأربعة: "لَيِّنٌ" و"لَيْنٌ".
وقالوا: "كان كَيْنُونة" و"قاد قَيْدُودَة" و"صار صَيْرُورَةً" و"دام
دَيْمُومَةً" والأصل: "كَيِّنُونة" و"قَيِّدُودَة" و"صَيِّرُورَة" و"دَيِّمُومَة".
والأصل "كَيْوِنُونَة" و"قَيْوِدُودَة" و"صَيْوِرُورَة" و"دَيْوِمُومَة" وزنه: "فَيْعِلُولَة"، فقلبوا الواو ياء، وأدغموها في الياء فصار: "كَيِّنونة" و"قَيِّدودة" و"صَيِّرورة" و"دَيِّمومة"، فلمّا حذفوا بقي وزنها "فَيْلُولة".
و"رَيْحانٌ":
أصله: "رَيَّحانٌ" "فَيْعَلانٌ"، وأصله: "رَيْوَحانٌ" من الرَّوْح فخفّفوه بالحذف.
فإن اضطرّ شاعر إلى ردّ الأصل كان له ذلك قال الشاعر:
قد فارقت قرينها القرينهْ ... وشحطت عن دارها الظّعينهْ
ياليتَ أنّا ضمَّنا سفينهْ ... حتّى يعودَ الوصل كَيِّنُونَهْ
وقد شذّ من هذا الفصل شيءٌ لا يقاس عليه قالوا: "ضَيْوَنٌ" في اسم القطّ، وكان القياس أن يقولوا: "ضَيَّنٌ"، إلاّ أنّهم لم يقلبوا، ولم يدغموا، وأخرجوه مصحّحًا لأمرين:
أحدهما: تنبيهًا على الأصل الذي فرّوا منه.
والآخر: أنّه "فَيْعَلٌ" فخشوا أن يقلبوا ويدغموا، لئلا يلتبس بـ"فَعَّلٍ".
وشذّ في الأسماء "حَيْوَةُ" في اسم الرّجل، وقياسه: "حَيَّةٌ"؛ وإنّما
أخرجوه مصحَّحًا تنبيهًا على الأصل، وهذا التّصحيح في الأعلام إنّما سوّغه فيها لأنّ العلمَ في الأصل مُغَيَّرٌ، ألا تراه ينقل من نوع إلى نوع، كتسميتهم الرّجل قردًا وحمارًا وذئبًا وأسدًا وحجرًا وما أشبه ذلك، فآنسهم هذا التغيير بالنّقل حتّى جرّأهم على التغيير الثاني، والتّغيير في الأعلام كثير، ألا ترى إلى حكايتهم إعراب العلم وإمالتهم "الحَجَّاج".