الكتاب: علوم البلاغة «البديع والبيان والمعاني»
المؤلف: الدكتور محمد أحمد قاسم، الدكتور محيي الدين ديب
2 - المهيأة بلفظ بعدها
، نحو قول الشاعر (الكامل):
لولا التطيّر بالخلاف وأنّهم … قالوا: مريض لا يعود مريضا
لقضيت نحبي في جنابك خدمة … لأكون مندوبا قضى مفروضا
فالتورية في (مندوبا) لاحتمالها معنيين:
- قريب، وهو المنتدب لقضاء حكم شرعي، غير المقصود.
- بعيد، وهو الميت الذي يندب، وهو المعنى المورّى عنه، وهذا هو المعنى المراد.
ولولا ذكر (مفروضا) المتأخّر عن (مندوبا) لم يتنبّه السامع لمعنى (المندوب)، فلمّا ذكر تهيّأت التورية بذكره.
3 - المهيأة بلفظين
، لولا كل منهما ما تهيّأت التورية في الآخر، نحو (الخفيف):
أيّها المنكح الثّريّا سهيلا … عمرك الله كيف يلتقيان؟
هي شاميّة إذا ما استقلّت … وسهيل إذا استقلّ يماني
فالتورية تهيّأت من اللفظين (الثريا وسهيل). وفي كل منهما معنيان:
- قريب،
الثريا: النجم المعروف، وهو المعنى المورّى به، غير المقصود.
سهيل: النجم المعروف، وهو المعنى المورّى به، غير المقصود أيضا.
- بعيد،
الثريا: بنت علي بن عبد الله بن الحارث، وهو المعنى المراد المورّى عنه.
سهيل: بن عبد الرحمن، وهو المعنى المورّى عنه، وهو المراد.
ولولا ذكر (الثريا) لم يتنبّه لسهيل، وكل منهما صالح للتورية.
لقد تبيّن ممّا سبق من شرح وتفصيل أنّ التورية ضرب من التخييل، وفيها شيء من الإلغاز، وهي من الغموض الفنّي المستحبّ لأن المتلقّي المتمتّع بثقافة شعرية أو فنية يدرك أنها تخاطب عقله وذكاءه وفطنته، وأنها تبعده عن المعاني المباشرة؛ لأن الأداء المباشر يبعد عن الشعر إشعاع الإيحاءات المختلفة. فالفنّ تأمّل، والمتذوّق يجب أن يتحلّى بذائقة قادرة على كشف ما يضيفه الشاعر والمبدع إلى الطبيعة الجمالية التي يرسمها الشاعر. إنها من الصور الخادعة التي تترك للمتلقي أن يذهب إلى تفسيرات مختلفة باختلاف قدرته على الكشف والتذوق وتفكيك عناصر الصورة المتخيّلة.
المؤلف: الدكتور محمد أحمد قاسم، الدكتور محيي الدين ديب
2 - المهيأة بلفظ بعدها
، نحو قول الشاعر (الكامل):
لولا التطيّر بالخلاف وأنّهم … قالوا: مريض لا يعود مريضا
لقضيت نحبي في جنابك خدمة … لأكون مندوبا قضى مفروضا
فالتورية في (مندوبا) لاحتمالها معنيين:
- قريب، وهو المنتدب لقضاء حكم شرعي، غير المقصود.
- بعيد، وهو الميت الذي يندب، وهو المعنى المورّى عنه، وهذا هو المعنى المراد.
ولولا ذكر (مفروضا) المتأخّر عن (مندوبا) لم يتنبّه السامع لمعنى (المندوب)، فلمّا ذكر تهيّأت التورية بذكره.
3 - المهيأة بلفظين
، لولا كل منهما ما تهيّأت التورية في الآخر، نحو (الخفيف):
أيّها المنكح الثّريّا سهيلا … عمرك الله كيف يلتقيان؟
هي شاميّة إذا ما استقلّت … وسهيل إذا استقلّ يماني
فالتورية تهيّأت من اللفظين (الثريا وسهيل). وفي كل منهما معنيان:
- قريب،
الثريا: النجم المعروف، وهو المعنى المورّى به، غير المقصود.
سهيل: النجم المعروف، وهو المعنى المورّى به، غير المقصود أيضا.
- بعيد،
الثريا: بنت علي بن عبد الله بن الحارث، وهو المعنى المراد المورّى عنه.
سهيل: بن عبد الرحمن، وهو المعنى المورّى عنه، وهو المراد.
ولولا ذكر (الثريا) لم يتنبّه لسهيل، وكل منهما صالح للتورية.
لقد تبيّن ممّا سبق من شرح وتفصيل أنّ التورية ضرب من التخييل، وفيها شيء من الإلغاز، وهي من الغموض الفنّي المستحبّ لأن المتلقّي المتمتّع بثقافة شعرية أو فنية يدرك أنها تخاطب عقله وذكاءه وفطنته، وأنها تبعده عن المعاني المباشرة؛ لأن الأداء المباشر يبعد عن الشعر إشعاع الإيحاءات المختلفة. فالفنّ تأمّل، والمتذوّق يجب أن يتحلّى بذائقة قادرة على كشف ما يضيفه الشاعر والمبدع إلى الطبيعة الجمالية التي يرسمها الشاعر. إنها من الصور الخادعة التي تترك للمتلقي أن يذهب إلى تفسيرات مختلفة باختلاف قدرته على الكشف والتذوق وتفكيك عناصر الصورة المتخيّلة.