التفكيرُ بواسطة النصّ، والفَهمُ والتأويلُ بتوسيطِ مَعايير النّصّ، هو النهجُ الأسلَمُ لتفسير المعنى وكشف حُجُبِه:
«قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ. قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ. قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ. قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ. قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ. فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ» [يوسف: 71-76]
موضوعُ الإحالة لا يَنقضي ولا يَنقطعُ بجَوابٍ ولا يَنْفَدُ؛ وخاصّةً الإحالة بالضّمير؛ لقَد تكررَ الفعلُ "قالوا" مُسنَداً إلى ضمير جمعٍ من الغائبين الذُّكورِ خَمْسَ مَرّاتٍ؛ فالضّميرُ في "قالوا" الأول، يُحيلُ على مرجعِ الضَّميرِ في "أقْبَلوا"، أي: قالوا مُقبِلينَ... وضَمير أقبَلوا يُحيلُ عَلى فتيان يوسف عليه السلام، وضميرُ "عليهم" راجع إلى ما رجع إليه ضمير "قالوا"، ضميرُ الوا الثاني راجعٌ إلى إخوةِ يوسُفَ أصحابِ العيرِ. والضميرُ في "وأنا به زَعيم" راجعٌ إلى أحَد المُقبلين وهو كفيلُهم. فالقائلون ليسوا سواءً، منهم إخوة يوسُفَ ومنهُم المؤذّنونَ الذين يحفظونَ الخَزائنَ ويُعينونَ يوسُفَ. والضمير في "رحله" يَعودُ على اسم الموصول "مَنْ" والضّميرُ "هُو" يُرادُ به ذاتُ السارقِ، حيثُ كانَت العُقوبَةُ استرقاقَ السارق. واسمُ الإشارة "كذلك" يُشيرُ إلى حُكْم القَومِ في جزاء السارق. والضميرُ في "بدأ" يَعودُ على يوسُفَ، بدليلِ قوله: "ثمّ استخرَجَها من وِعاءِ أخيه". والضَّميرُ في "أوعيتهم" يَعود على إخوة يوسُفَ المُتَّهَمينَ بالسرقَة.
والأمرُ الثاني أنّ الضّمائرَ وأسماءَ الإشارةِ وأسماءَ الموصول وغيرَها من المُبْهَمات في هذا النّصّ وفي غيرِه من النّصوصِ الفصيحَة المُحْكَمَة، لا تُفسَّرُ إحالاتُها ولا تُعيَّنُ إلّا بعدَ معرفةِ المَراجعِ واستحضارِ المَشاهِدِ الدّالّةِ على الحَرَكاتِ، والوُقوف على مَساقاتِ الكلامِ ومُسنَداتِ الأفعالِ إلى أصحابِها... إنه النّصُّ الذي به نفكّرُ وبه نَنْظُرُ إلى العالَم وبه نؤوِّلُ وننسجُ ونَبني ونُفكّكُ.
«قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ. قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ. قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ. قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ. قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ. فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ» [يوسف: 71-76]
موضوعُ الإحالة لا يَنقضي ولا يَنقطعُ بجَوابٍ ولا يَنْفَدُ؛ وخاصّةً الإحالة بالضّمير؛ لقَد تكررَ الفعلُ "قالوا" مُسنَداً إلى ضمير جمعٍ من الغائبين الذُّكورِ خَمْسَ مَرّاتٍ؛ فالضّميرُ في "قالوا" الأول، يُحيلُ على مرجعِ الضَّميرِ في "أقْبَلوا"، أي: قالوا مُقبِلينَ... وضَمير أقبَلوا يُحيلُ عَلى فتيان يوسف عليه السلام، وضميرُ "عليهم" راجع إلى ما رجع إليه ضمير "قالوا"، ضميرُ الوا الثاني راجعٌ إلى إخوةِ يوسُفَ أصحابِ العيرِ. والضميرُ في "وأنا به زَعيم" راجعٌ إلى أحَد المُقبلين وهو كفيلُهم. فالقائلون ليسوا سواءً، منهم إخوة يوسُفَ ومنهُم المؤذّنونَ الذين يحفظونَ الخَزائنَ ويُعينونَ يوسُفَ. والضمير في "رحله" يَعودُ على اسم الموصول "مَنْ" والضّميرُ "هُو" يُرادُ به ذاتُ السارقِ، حيثُ كانَت العُقوبَةُ استرقاقَ السارق. واسمُ الإشارة "كذلك" يُشيرُ إلى حُكْم القَومِ في جزاء السارق. والضميرُ في "بدأ" يَعودُ على يوسُفَ، بدليلِ قوله: "ثمّ استخرَجَها من وِعاءِ أخيه". والضَّميرُ في "أوعيتهم" يَعود على إخوة يوسُفَ المُتَّهَمينَ بالسرقَة.
والأمرُ الثاني أنّ الضّمائرَ وأسماءَ الإشارةِ وأسماءَ الموصول وغيرَها من المُبْهَمات في هذا النّصّ وفي غيرِه من النّصوصِ الفصيحَة المُحْكَمَة، لا تُفسَّرُ إحالاتُها ولا تُعيَّنُ إلّا بعدَ معرفةِ المَراجعِ واستحضارِ المَشاهِدِ الدّالّةِ على الحَرَكاتِ، والوُقوف على مَساقاتِ الكلامِ ومُسنَداتِ الأفعالِ إلى أصحابِها... إنه النّصُّ الذي به نفكّرُ وبه نَنْظُرُ إلى العالَم وبه نؤوِّلُ وننسجُ ونَبني ونُفكّكُ.