.
مناظرة بين الكسائي والقاضي أبي يوسف
روي عن الكسائي أنه قال قال :اجتمعت أنا وأبو يوسف القاضي عند هارون الرشيد، فجعل أبو يوسف يذم النحو ويقول:ما النحو؟ فقلت-وأردت أن أعلمه فضل النحو-: ما تقول في رجل قال لرجل:أنا قاتلٌ غلامَك،وقال اّخر :أنا قاتلُ غلامِك،أيهما كنت تأخذ به؟ قال:اّخذهما جميعا.
فقال له هارون الرشيد :أخطأت ،وكان له علم بالعربية،فاستحيا ،وقال:كيف ذلك؟فقال:الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال:أنا قاتلُ غلامِك،بالإضافة لأنه فعل ماض ،فأما الذي قال :أنا قاتلٌ غلامَك بلا إضافة فإنه لا يؤخذ لأنه مستقبل،لم يكن بعد ،كما قال تعالى:ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله "فلولا أن التنوين مستقبل ما جاز فيه غدا.
ولكن كيف نوفق بين هذه المناظرة وبين قوله تعالى:-
1- ربنا إنك جامعُ الناسِ ليوم لا ريب فيه إنك لا تخلف الميعاد"
2-إن الله جامعُ المنافقين والكافرين في جهنم جميعا"
3-كل نفس ذائقةُ الموتِ"
4-إنهم ملاقوا ربهم"
وهذا كله استقبال.
5-وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدقُ الذي بين يديه "
وهذا حال
6-إن الله فالقُ الحب والنوى يخرج الحيّ من الميت ومخرجُ الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون*فالقُ الإصباح وجعل الليل سكنا...."
وهذا استمرار لأن الله يفلق الحب والنوى في كل حين وكذلك فلق الإصباح .
يمكن الإجابة على السؤال السابق بالقول:إن اسم الفاعل له أربع حالات:
الحالة الأولى:أن يكون مضافا:وفي هذه الحالة يعامل معاملة الفعل الماضي ،كقوله تعالى"الحمد لله فاطرِ السموات والأرض" وكقولنا أنا مكرمُ أخيك.
الحالة الثانية:أن يكون منونا،وفي هذه الحالة يعامل معاملة المضارع أو المستقبل كقوله تعالى:إني خالقٌ بشرا"
الحالة الثالثة:أن يكون مضافا والنية فيه التنوين،وفي في هذه الحالة يعامل معاملة الحال أو الاستقبال ،وهو ما يسميه النحاة:التخفيف ،وهذا ينطبق على الاّيات السابقة من رقم (1) إلى رقم (5) ومثلها قولنا:أنا ضارب زيدٍ غدا.
الحالة الرابعة :التجريد من الحدث أوتغليب جانب الاسم على جانب الحدث،وهذا ينطبق على الاّية رقم (6)لأن المقصود من الاّية بيان الصفة وليس الحدث بدليل قوله تعالى : "ذلكم الله "أي هذا هو الله الذي يتصف بهذه الصفات ،وعندما أراد التعبير عن الحدث جاء بالفعل المضارع "يخرج" أي:هذا هو الله الذي يتصف بهذه الصفات وهذه الأفعال .كما أن الأخبار ترتبت في الاّية من الخاص إلى العام حيث جاء بالخبر المفرد ،والخبر المفرد هو عين المبتدأ ،ثم جاء بالجملة الفعلية التي تفيد الاستمرار ،ثم جاء بالجملة الاسمية التي تفيد إثبات الصفة لاغير .
وبنا على هذا يمكننا القول:
هذا مكرمُ محمدٍ(بالإضافة)
وهذا مكرمٌ محمداً (بالتنوين)
وهذا مكرمُ محمد ٍغدا (بالإضافة على نية التنوين)
وهذا مكرمُ محمدٍ(تغليب جانب الاسم على جانب الحدث)
وبهذا يستطيع المتكلم أن يختار من المحور الرأسي للغة الشكل اللغوي الذي يعبر عن المعنى الذي يريده ،وبهذا كذلك تتمايز التراكيب معنى وإعرابا في إطار العلامة.
والله أعلم
مناظرة بين الكسائي والقاضي أبي يوسف
روي عن الكسائي أنه قال قال :اجتمعت أنا وأبو يوسف القاضي عند هارون الرشيد، فجعل أبو يوسف يذم النحو ويقول:ما النحو؟ فقلت-وأردت أن أعلمه فضل النحو-: ما تقول في رجل قال لرجل:أنا قاتلٌ غلامَك،وقال اّخر :أنا قاتلُ غلامِك،أيهما كنت تأخذ به؟ قال:اّخذهما جميعا.
فقال له هارون الرشيد :أخطأت ،وكان له علم بالعربية،فاستحيا ،وقال:كيف ذلك؟فقال:الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال:أنا قاتلُ غلامِك،بالإضافة لأنه فعل ماض ،فأما الذي قال :أنا قاتلٌ غلامَك بلا إضافة فإنه لا يؤخذ لأنه مستقبل،لم يكن بعد ،كما قال تعالى:ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله "فلولا أن التنوين مستقبل ما جاز فيه غدا.
ولكن كيف نوفق بين هذه المناظرة وبين قوله تعالى:-
1- ربنا إنك جامعُ الناسِ ليوم لا ريب فيه إنك لا تخلف الميعاد"
2-إن الله جامعُ المنافقين والكافرين في جهنم جميعا"
3-كل نفس ذائقةُ الموتِ"
4-إنهم ملاقوا ربهم"
وهذا كله استقبال.
5-وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدقُ الذي بين يديه "
وهذا حال
6-إن الله فالقُ الحب والنوى يخرج الحيّ من الميت ومخرجُ الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون*فالقُ الإصباح وجعل الليل سكنا...."
وهذا استمرار لأن الله يفلق الحب والنوى في كل حين وكذلك فلق الإصباح .
يمكن الإجابة على السؤال السابق بالقول:إن اسم الفاعل له أربع حالات:
الحالة الأولى:أن يكون مضافا:وفي هذه الحالة يعامل معاملة الفعل الماضي ،كقوله تعالى"الحمد لله فاطرِ السموات والأرض" وكقولنا أنا مكرمُ أخيك.
الحالة الثانية:أن يكون منونا،وفي هذه الحالة يعامل معاملة المضارع أو المستقبل كقوله تعالى:إني خالقٌ بشرا"
الحالة الثالثة:أن يكون مضافا والنية فيه التنوين،وفي في هذه الحالة يعامل معاملة الحال أو الاستقبال ،وهو ما يسميه النحاة:التخفيف ،وهذا ينطبق على الاّيات السابقة من رقم (1) إلى رقم (5) ومثلها قولنا:أنا ضارب زيدٍ غدا.
الحالة الرابعة :التجريد من الحدث أوتغليب جانب الاسم على جانب الحدث،وهذا ينطبق على الاّية رقم (6)لأن المقصود من الاّية بيان الصفة وليس الحدث بدليل قوله تعالى : "ذلكم الله "أي هذا هو الله الذي يتصف بهذه الصفات ،وعندما أراد التعبير عن الحدث جاء بالفعل المضارع "يخرج" أي:هذا هو الله الذي يتصف بهذه الصفات وهذه الأفعال .كما أن الأخبار ترتبت في الاّية من الخاص إلى العام حيث جاء بالخبر المفرد ،والخبر المفرد هو عين المبتدأ ،ثم جاء بالجملة الفعلية التي تفيد الاستمرار ،ثم جاء بالجملة الاسمية التي تفيد إثبات الصفة لاغير .
وبنا على هذا يمكننا القول:
هذا مكرمُ محمدٍ(بالإضافة)
وهذا مكرمٌ محمداً (بالتنوين)
وهذا مكرمُ محمد ٍغدا (بالإضافة على نية التنوين)
وهذا مكرمُ محمدٍ(تغليب جانب الاسم على جانب الحدث)
وبهذا يستطيع المتكلم أن يختار من المحور الرأسي للغة الشكل اللغوي الذي يعبر عن المعنى الذي يريده ،وبهذا كذلك تتمايز التراكيب معنى وإعرابا في إطار العلامة.
والله أعلم