تزن اللفظ بأن تبدل بأول جذوره الفاء وبثاني جذوره العين وبثالث جذوره اللام، فإن زادت الجذور زدت لامًا حتى تبلغ في الأفعال أربعة وفي الأسماء خمسة، ويطابق الميزان بهذا صورة اللفظ، غير أن بعض الألفاظ نالها تغير بإعلال أو تضعيف فتعذرت المطابقة، ولذا اكتفى الصرفيون بوزنه قبل التغير، فالفعل الأجوف (قال) وزنه عندهم (فَعَلَ) ليطابق أصله قبل التغير (قَوَلَ)، والفعل الناقص (سعى) وزنه (فَعَلَ) ليطابق أصله (سَعَيَ)، والذي أجاءهم إلى هذا ظنهم الألف في (قال) هي الواو منقلبة، وأن الألف في (سعى) هي الياء منقلبة، ولم يلتفتوا إلى غياب حركتي الواو والياء. على أنه لو أريدت المطابقة بين الوزن والظاهر المغير لوزن (قال) بالوزن (فال) ووزن الفعل (سعى) بالوزن (فعى)، وهذا الأمر أجازه بعض القدماء، قال الرضي "وقال عبد القاهر في المبدل عن الحرف الأصلي: (يجوز أن يعبر عنه بالبدل، فيقال في قال: إنه على وزن فال) اهـ"(1)، فلا إشكال في مطابقة المغير من المعتل.
أما المضعّف مثل (ردّ) فليس يسهل مطابقة وزنه للفظه، ولذا وزنوه حسب أصله قبل الإدغام وهو (رَدَدَ) على (فَعَلَ)، والذي أجاءهم إلى ذلك جزمهم بأنه ثلاثي الجذور؛ ولكن حلّ الإشكال إنما يكون بمتابعة القائلين بثنائية الجذور من القدماء والمحدثين، ومن القدماء بعض أصحاب المعجمات الذين جعلوا مداخل ثنائية ومنها الأفعال المضعّفة، وهو أمر عدّه أستاذنا عبدالرزاق الصاعدي ملبسًا فتُوهم أنهم يذهبون إلى الثنائية، وممن ظن ذلك إبراهيم أنيس(2)، وعرض الصاعدي قولًا لابن القطاع في هذا السياق، وهو قوله ""الثّنائيّ: ما كان على حرفين من حروف السلامة، ولا تبال أن تتكرر فاؤه، أوعينه، أو يلحق بالثّلاثيّ أو الرّباعيّ، أو الخماسيّ، أو السداسي، أو السباعي. وينقسم ذلك على أقسام؛ منها ما يكون الحرفان أصله؛ نحو: مَنْ، وما، ومِنَ الحروف نحو: مِنْ، وعَنْ، ومنه ما يخفف من المضاعف نحو: رُبَ خفيفة الباء وأصلها التشديد، ومن الفعل ما كان مضاعفًا؛ نحو: ردَّ، ومدَّ، وعدَّ، وعدَّدَ، وتعدَّدَ وإذا دخلته الزوائد، نحو استَعَدَّ واستَمَدَّ وشِبْهِهِ، وإذا تكرر نحو: بَرْبَرَ، وجَرْجَرَ، وفي ما أُظهر تضعيفه؛ نحو: العَدَدِ والـمَدَدِ…فهذا كله ثنائي"(3). ولكن الصاعدي وجه قول ابن القطاع بأنه لا يريد الأصول مستشهدًا بقوله "وأقل ما بنيت عليه الأسماء والأفعال ثلاثة أحرف فما رأيته ناقصًا عنها فاعلم أن التضعيف دخله مثل فرّ وردّ"(4).
وأما المضعف من الرباعي مثل (زلزل) فاختلف فيه؛ فمذهب جمهور البصريين أنه على (فَعْلَلَ)، ومذهب الكوفيين أنه على (فَعْفَعَ)(5).
وأما بعض المحدثين فجزموا بثنائية هذا المضعف، ومنهم مرمرجي الدومنكي(6)، والعلايلي(7)، والكِرمِلي(، واليازجي(9)، وجرجي زيدان(10).
ويسوغ لنا أن نؤسس على رأي المحدثين وبوادر هذا الرأي عند الأقدمين القول إنَّ الفعل (ردَّ) ونحوه هو ثنائيّ ملحق بتضعيف العين بالفعل الثلاثيّ، وإنَّ الفعل (زلزل) ونحوه ثنائيّ ملحق بتضعيف فائه وعينه بالفعل الرباعي، ولذا يمكن أن نزن (ردّ) بالميزان (فَعَّ)، وتقول: رَدَدْت على (فَعَعْت)، وكذلك تزن (زلزل) بالميزان (فَعْفَعَ)، ومن هذه الأفعال ما نجد جذريه يزاد عليهما جذرًا ثالثًا أو رابعًا، مثاله أن "يُقَالُ عَسَّ يَعُسُّ عَسًّا، وَبِهِ سُمِّي الْعَسَسُ الَّذِي يَطُوفُ لِلسُّلْطَانِ بِاللِّيلِ... وَيُقَالُ عَسْعَسَ اللَّيْلُ، إِذَا أَقْبَلَ"(11). "وَ(صَرَّ) الْقَلَمُ وَالْبَابُ يَصِرُّ بِالْكَسْرِ صَرِيرًا أَيْ صَوَّتَ وَ(صَرَّ) الْجُنْدُبُ صَرِيرًا وَ(صَرْصَرَ) الْأَخْطَبُ (صَرْصَرَةً)"(12). و"يقال: كَبَّ الله عدوَّ المسلمين... وكبكبه، أي كبّه"(13). "خَشَّ فِي الشَّيْءِ {وانْخَشَّ،} وخَشْخَشَ: دَخَلَ"(14). وكل ذلك عندنا على (فَعَّ) و(فَعْفَعَ) وزنه.
ونكون بهذا طابقنا بين الموزون والميزان.
أما المضعّف مثل (ردّ) فليس يسهل مطابقة وزنه للفظه، ولذا وزنوه حسب أصله قبل الإدغام وهو (رَدَدَ) على (فَعَلَ)، والذي أجاءهم إلى ذلك جزمهم بأنه ثلاثي الجذور؛ ولكن حلّ الإشكال إنما يكون بمتابعة القائلين بثنائية الجذور من القدماء والمحدثين، ومن القدماء بعض أصحاب المعجمات الذين جعلوا مداخل ثنائية ومنها الأفعال المضعّفة، وهو أمر عدّه أستاذنا عبدالرزاق الصاعدي ملبسًا فتُوهم أنهم يذهبون إلى الثنائية، وممن ظن ذلك إبراهيم أنيس(2)، وعرض الصاعدي قولًا لابن القطاع في هذا السياق، وهو قوله ""الثّنائيّ: ما كان على حرفين من حروف السلامة، ولا تبال أن تتكرر فاؤه، أوعينه، أو يلحق بالثّلاثيّ أو الرّباعيّ، أو الخماسيّ، أو السداسي، أو السباعي. وينقسم ذلك على أقسام؛ منها ما يكون الحرفان أصله؛ نحو: مَنْ، وما، ومِنَ الحروف نحو: مِنْ، وعَنْ، ومنه ما يخفف من المضاعف نحو: رُبَ خفيفة الباء وأصلها التشديد، ومن الفعل ما كان مضاعفًا؛ نحو: ردَّ، ومدَّ، وعدَّ، وعدَّدَ، وتعدَّدَ وإذا دخلته الزوائد، نحو استَعَدَّ واستَمَدَّ وشِبْهِهِ، وإذا تكرر نحو: بَرْبَرَ، وجَرْجَرَ، وفي ما أُظهر تضعيفه؛ نحو: العَدَدِ والـمَدَدِ…فهذا كله ثنائي"(3). ولكن الصاعدي وجه قول ابن القطاع بأنه لا يريد الأصول مستشهدًا بقوله "وأقل ما بنيت عليه الأسماء والأفعال ثلاثة أحرف فما رأيته ناقصًا عنها فاعلم أن التضعيف دخله مثل فرّ وردّ"(4).
وأما المضعف من الرباعي مثل (زلزل) فاختلف فيه؛ فمذهب جمهور البصريين أنه على (فَعْلَلَ)، ومذهب الكوفيين أنه على (فَعْفَعَ)(5).
وأما بعض المحدثين فجزموا بثنائية هذا المضعف، ومنهم مرمرجي الدومنكي(6)، والعلايلي(7)، والكِرمِلي(، واليازجي(9)، وجرجي زيدان(10).
ويسوغ لنا أن نؤسس على رأي المحدثين وبوادر هذا الرأي عند الأقدمين القول إنَّ الفعل (ردَّ) ونحوه هو ثنائيّ ملحق بتضعيف العين بالفعل الثلاثيّ، وإنَّ الفعل (زلزل) ونحوه ثنائيّ ملحق بتضعيف فائه وعينه بالفعل الرباعي، ولذا يمكن أن نزن (ردّ) بالميزان (فَعَّ)، وتقول: رَدَدْت على (فَعَعْت)، وكذلك تزن (زلزل) بالميزان (فَعْفَعَ)، ومن هذه الأفعال ما نجد جذريه يزاد عليهما جذرًا ثالثًا أو رابعًا، مثاله أن "يُقَالُ عَسَّ يَعُسُّ عَسًّا، وَبِهِ سُمِّي الْعَسَسُ الَّذِي يَطُوفُ لِلسُّلْطَانِ بِاللِّيلِ... وَيُقَالُ عَسْعَسَ اللَّيْلُ، إِذَا أَقْبَلَ"(11). "وَ(صَرَّ) الْقَلَمُ وَالْبَابُ يَصِرُّ بِالْكَسْرِ صَرِيرًا أَيْ صَوَّتَ وَ(صَرَّ) الْجُنْدُبُ صَرِيرًا وَ(صَرْصَرَ) الْأَخْطَبُ (صَرْصَرَةً)"(12). و"يقال: كَبَّ الله عدوَّ المسلمين... وكبكبه، أي كبّه"(13). "خَشَّ فِي الشَّيْءِ {وانْخَشَّ،} وخَشْخَشَ: دَخَلَ"(14). وكل ذلك عندنا على (فَعَّ) و(فَعْفَعَ) وزنه.
ونكون بهذا طابقنا بين الموزون والميزان.