القرآن الكريم قد جاء القرآن الكريم للناس كافّة، من مبعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى آخر البشرية، فكان مصدّقاً لما قبله من التوراة والإنجيل، ومن يكفر به يكون كافراً ومصيره إلى النار، ومن يؤمن به ويلتزم بأوامره ونواهيه يكون مؤمناً مستحقاً للجنّة، والقرآن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم التي تحدّى بها الإنس والجنّ، فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يأتوا بمثلها، ولأهميته وحاجة الناس إليه توعّد الله بحفظه من الضياع أو النسيان، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن يدعوا الناس إليه وينشروه بينهم ويعملوا على تعلّمه وتعليمه.[١] وأوضح الله عز وجل فيه الحلال والحرام، والأحكام الشرعية، وأصول الأخلاق، وسِيَر الأنبياء والمرسلين، وفيه كذلك بيان لأسماء الله الحسنى وصفاته العُلا، ودعوة للإيمان به، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر وما فيه من أحداث وأهوال من حشر الناس وبعثهم من قبورهم، ووصف الصراط والميزان والنعيم والعذاب، وفي القرآن أيضاً دعوة للتفكر في خلق الله وبديع صنعه، ووصف لإبداعه سبحانه وتعالى في خلق السموات والأرض والمخلوقات جميعها.[١] الوِرد في القرآن حثّت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية على قراءة القرآن الكريم والإكثار من ذلك، فقد قال الله عز وجل: (وَاتلُ ما أوحِيَ إِلَيكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ)،[٢] وقال عليه الصلاة والسلام: (اقْرَؤوا القرآنَ. فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه)،[٣] وليستعين الإنسان على قراءة القرآن بشكل دائم، يمكنه أن يجعل لنفسه وِرداً من القرآن، والورد هو ما يعتاد الإنسان على قراءته من القرآن الكريم في يومه وليلته، وقد كان السلف الصالح على همم متفاوتة في قراءة القرآن الكريم، فكان منهم من يختم القرآن الكريم كل يوم، ومنهم من يختمه كل ثلاثة أيام، ومنهم من يختمه كل شهر، وينبغي للمسلم أن يحرص على ختم القرآن مرة في الشهر على أقل تقدير، فقد قال صلى الله عليه وسلم لبعض صحابته: (اقرأْ القرآنَ في كلِّ شهرٍ).[٤][٥][٦] وقد ذكر الإمام أحمد وفقهاء الحنابلة كراهة أن يمر على المسلم أكثر من أربعين يوماً دون أن يختم القرآن، فإذا اجتهد المسلم في ذلك وداوم على ختم القرآن كل أربعين يوماً أو كل شهر، يمكنه حينها أن يتدرج في زيادة ورده من القرآن شيئاً فشيئاً، حتى تقل تلك المدة تدريجياً بقدر استطاعته.[٧] تعريف القرآن الكريم لغة واصطلاحاً ورد لفظ القرآن في المعاجم بقولين مختلفين، فبعض المعاجم تعدّه اسم علم يدل على كتاب الله تعالى، وبعضها تعدّه اسماً مشتقاً من فعل، وأما الفعل الذي اشتقّ منه لفظ "القرآن" فقيل هو "قرأ" أي تعلّم أو تدبر، و"اقرأ" تأتي باللغة بمعنى تحمّل، وذلك بالمعنى الذي جاء في قول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا)،[٨] وقيل لفظ القرآن من "قرْء" وهو الجمع والضم، وقيل مشتق من "قرَن" وتعني قرن الشيء بالشيء، وكذا قيل من "قِرى" بمعنى الإكرام والكرم.[٩] أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فالقرآن هو كلام الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، المعجز في ألفاظه ومعانيه، والمتعبّد بتلاوته، والذي نُقل إلينا بالتواتر، والمكتوب في المصاحف بدءاً من سورة الفاتحة وانتهاءً بسورة الناس، وقد نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج به الناس من ظلمات الكفر والشرك بالله إلى نور الإيمان بالله والسعي في طاعته، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)،[١٠] وقد جاءت في القرآن الكريم أخبار الأمم السابقة، وخلق السموات والأرض، ومصير المؤمنين والكافرين، ووصف الجنة وما فيها من نعيم، والنار وما فيها من عذاب.[١][٩] فضل قراءة القرآن لتلاوة القرآن الكريم والحرص عليها فضل عظيم بينته بعض الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، نذكر منه ما يلي:[١١] يستحق قارئ القرآن مدح الله سبحانه وتعالى الذي أنزله في كتابه عن الذين يتلون الكتاب، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ).[١٢] وصف الرسول صلى الله عليه وسلم قارئ القرآن بأنه كالأُترجّة، قال عليه الصلاة والسلام (مثلُ المؤمنِ الذي يقرأ القرآنَ مثلُ الأترُجَّةِ. ريحُها طيِّبٌ وطعمُها طيِّبٌ)[١٣] أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن قارئ القرآن مستحق لغِبطة من حوله على ما آتاه الله إياه، قال صلى الله عليه وسلم: (لا حسدَ إلا في اثنتَين: رجلٍ آتاه اللهُ القرآنَ. فهو يقوم به أناءَ الليلِ. وآناءَ النهارِ. ورجلٍ آتاه اللهُ مالًا. فهو ينفقُه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ)[١٤] ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ كل حرف يقرأه الإنسان من القرآن الكريم ينال به عشر حسنات، قال عليه السلام: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقول ألم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حَرفٌ، وميمٌ حَرفٌ)[١٥] يرفع القرآن صاحبه درجات يوم القيامة في جنة الخلد، قال صلى الله عليه وسلم: (يقالُ لصاحِبِ القرآنِ: اقرأْ وارقَ ورتِّلْ، كما كنتَ تُرَتِّلُ في دارِ الدنيا، فإِنَّ منزِلَتَكَ عندَ آخِرِ آيةٍ كنتَ تقرؤُها).[١٦] أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ قراءة القرآن نور للإنسان في الدنيا، وذخر له في الآخرة فقال عليه الصلاة والسلام لبعض أصحابه عندما طلب وصيّته: (عليكَ بتلاوةِ القرآنِ، فإنَّهُ نورٌ لكَ في الأرضِ، وذُخرٌ لكَ في السَّماءِ).[١٧]