الكتاب المدرسي بين الإصلاح التربوي والمنطق التجاري
مورد التاريخ والجغرافيا نموذجا
يعتبر الكتاب المدرسي في مادة الاجتماعيات أحد الدعامات الديداكتيكية المعتمدة في العملية التعليمية التعلـّـمية . ولعل أهم ما غدا يميز الساحة التربوية في المغرب هو تعدد الكتب المدرسية ، وهي ظاهرة صحية تسمح بتنوع المقاربات ، وتخلق نوعا من المنافسة بين المؤلفين من أجل تقديم الأفضل . لكن هل يتم تقديم قراءة نقدية للكتب المدرسية المعتمدة؟ وإلى أي حد تحافظ المقاربات المقترحة على المقومات الابستيمولوجية لمادتي التاريخ والجغرافيا ؟ وهل من إمكانية لإخراج طبعة منقحة في حالة وجود أخطاء بهذه الكتب؟؟
للإجابة على هذه الاستفهامات وغيرها نقترح تقديم قراءة في كتاب "مورد التاريخ والجغرافيا " السنة الأولى من سلك الباكالوريا مسالك ( العلوم الشرعية بالتعليم الأصيل، العلوم التجريبية ،العلوم الرياضية، والعلوم الاقتصادية والتدبير ) منطلقين في ذلك من تعريف الكتاب المدرسي حسب البرامج و التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة الاجتماعيات، والتي تعتبر (الكتاب المدرسي دعامة ديداكتيكية أساسية بالنسبة للمتعلم والأستاذ : فهو بالنسبة للأستاذ أداة تساعده على إعداد الدروس وتنفيذها ، وبالنسبة للمتعلم دعامة متكاملة ومنظمة حاضرة معه في البيت والمدرسة )(1) فهل بالفعل حقق كتاب (المورد) الهدف المتوخى منه لطرفي العملية التعليمية/التعلمية خصوصا وأنه الكتاب المدرسي الوحيد والأوحد المعتمد وطنيا في بلد يتيح التعدد؟؟
***9644; يحدد تقديم الكتاب انطلاق المؤلفين من مقاربة معتمدة على الكفايات والقدرات المرتبطة بكل مادة. وتستثمر هذه المقاربة تحديد الهدف الوظيفي لكل وحدة وأهداف التعلمات والمكتسبات القبلية المتوفرة حول موضوع الوحدة ثم صياغة إشكالية الموضوع(2) باذلين في ذلك مجهودا كبيرا . إلا أن ذلك لا يعفي من إبداء مجموعة من الملاحظات منها :
***9668; عدم الانسجام في بعض الوحدات بين الهدف الوظيفي للوحدة والأنشطة التكوينية الأساسية المقترحة ويكفي الاستشهاد على ذلك بالمثال التالي : يرتبط الهدف الوظيفي بالنسبة لدرس أوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929 بتحديد أهم النتائج المترتبة عن الحرب العالمية الأولى ووصف التطورات التي شهدتها أوربا بين سنتي 1918و 1929 (3). في الوقت الذي نجد فيه النشاط الأول من الدرس يعود بنا إلى مراحل الحرب الكونية الأولى (1914 ـــ1918) لذلك كان يستحسن إدراج هذا العنصر ضمن وحدة التنافس الإمبريالي و اندلاع الحرب العالمية الأولى
***9668; يعتمد التمهيد الإشكالي على مجموعة من الوثائق التي تحفز التلميذ لبناء إشكاليات الوحدة ، لكن هذه التساؤلات تقدم له جاهزة في جميع الوحدات ولا يبذل المتعلم أي مجهود لصياغتها . فأين نحن من مبدأ التعلم الذاتي ؟؟؟
***9644; يوضح المؤلفون في تقديم الكتاب أن تناول الوحدات يتم من خلال أنشطة تكوينية أساسية ، وأنشطة وظيفية داعمة أو مكملة لكننا نلاحظ إدراج أنشطة أساسية لبناء الوحدات في إطار الأنشطة التطبيقية الوظيفية والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة من أهمها :
***9668;الأزمة البلقانية الثانية وهي من الأزمات الممهدة للحرب العالمية الثانية ولا يمكن فصلها عن الأزمة البلقانية الأولى في إطار فهم السيرورة التاريخية كأحد الأهداف العامة لمادة التاريخ (4)
***9668;الاشتغال على نتائج الضغوط الأوربية ومحدودية الإصلاحات خلال ق 19 ضمن الأنشطة التطبيقية الوظيفية رغم أهمية تناول تلك المعطيات في إطار الأنشطة التكوينية الأساسية لأنها تمكن التلميذ من اتخاذ مواقف من القضايا التاريخية المهمة بالنسبة لتاريخ المغرب. (5).
***9668;اقتراح دراسة بعض مشاكل ومظاهر الضعف في الاقتصاد الأمريكي ضمن الأنشطة الداعمة والمكملة في الوقت الذي يستحسن تناولها في إطار مميزات كل قطاع اقتصادي مع إبراز صعوباته(6).
***9644; ودائما في إطار تقديم قراءة لكتاب المورد يشير المؤلفون إلى أن البرنامج يرسخ مجموعة من الكفايات والقدرات ، سواء على مستوى المعارف والمفاهيم ونهج كل من المادتين أو على مستوى المهارات والقيم (7). وسنسعى إلى التركيز على مدى تطبيق ذلك من خلال بعض الوحدات متسائلين عن مدى مساهمة هذا البرنامج في اكتساب التلميذ للعديد من الكفايات خاصة المنهجية والتواصلية منها؟؟
ترتكز الأنشطة التعلمية على مجموعة من الوثائق التي تهدف إلى تنمية المعارف والمفاهيم والمهارات لدى المتعلم وفي هذا الصدد نسجل مجموعة من الملاحظات منها :
***9668; الاعتماد على خطاطات أو جداول تتضمن مجموعة من المعلومات الجاهزة والتي في كثير من الأحيان تشوه منهاج المادتين والأهداف المرتبطة بهما ومن الأمثلة الدالة على ذلك : خطاطة مراحل التحول داخل النظام الرأسمالي خلال القرن 19 ( وخطاطة عوامل بعث اليقظة الفكرية بالمشرق العربي (9)وجدول محددات كرونولوجية أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية قبل 1939(10)وجدول بعض التدابير لترشيد استعمال الموارد الطبيعية المتوفرة في المغرب (11)
لقد وظفت الخطاطات والجداول بشكل يجعل الأحداث ثابتة تفرغ الزمن التاريخي من جوهره وأهم خصائصه( الحركة،التطور،توالي الأحداث والتغيير)(12)
***9668;الاشتغال على مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالوثائق غير أن تلك الأسئلة تحمل في معظم الأحيان أجوبة كبرى لا تقدمها الوثائق المقترحة خصوصا في مادة التاريخ ، حيث يطلب من التلميذ مثلا تفسير سرعة انتقال الأزمة الاقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أوربا اعتمادا على خريطة تاريخية وخانة المصطلحات (13) وهناك مثال آخر مرتبط بصورتين حول خروج المرأة للعمل وتشغيل الأطفال ونص حول تطور المدينة الصناعية يطلب فيها من المتعلم وصف ظروف عيش الطبقات الاجتماعية، في الوقت أن تلك الصور قاصرة عن تقديم أية إجابة. كما أن الوثائق لا تبرز خاصية الصراع الاجتماعي الذي ميز ق 19 بين البورجوازية والبروليتاريا . (14)
***9668; ترفق النصوص التاريخية والجغرافية بعناوين في أعلى الوثيقة تمثل الفكرة العامة للنص ثم يطرح سؤال على التلميذ يطلب منه تحديد الفكرة العامة . ألا يعتبر هذا تحصيل حاصل ؟
***9668; إذا كان مدخل الكفايات يهتم بالتعلـّــمات أكــثر من اهتمامه بالمضامين ويتم التعامل مع المضامين بشكل وظيفي، فإن كتاب المورد لم يستحضر ذلك في تعامله مع الوحدات، مما شوه في كثير منها منهاج مادتي التاريخ والجغرافيا و أسسهما الابستيمولوجية .
***9668; تطرح الأسئلة المرفقة بالوثائق على الشكل التالي ( أقرأ الوثائق وأحلل معطياتها) إلا أن طرح الأسئلة يركز بالأساس على استخراج المعارف أكثر من اكتساب الأدوات المنهجية لمساءلة التاريخ أو معالجة القضايا الجغرافية. فأين نحن من تمكين التلميذ من خطوات النهج الجغرافي (الوصف ـ التفسير ـ التعميم ) أو خطوات النهج التاريخي ( المعرفة ـ التفسيرـ التركيب) (15)
***9644; ويبقى أهم ما يميز كتاب المورد هو كثرة الأخطاء المعرفية والتي يمكن أن تشكك في مصداقية الكتاب ؛ فهي أخطاء كثيرة ومتنوعة في السنوات ، الإحصاءات، الخرائط،النصوص ،.... وسنكتفي بسرد بعض الأمثلة :
***9668;محددات كرونولوجية حول أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية قبل 1939 معظم السنوات المقدمة في الجدول سنوات خاطئة : سنة انسحاب ألمانيا من عصبة الأمم (1936 ) وانسحاب اليابان سنة (1937) والصحيح هوأن انسحابهما كان سنة (1933) . سنة ضم منطقة السار هي( 1935) وليس (1936)
***9668;جدول آخر حول الخسائر البشرية للدول المشاركة في الحرب: يقدم الجدول أرقاما مبالغا فيها فمعظم المصادر تقدر ضحايا الحرب بحوالي 50مليون نسمة . فيما يؤكد الكتاب أن ضحايا الاتحاد السوفياتي من العسكريين فقط حوالي 86 مليون نسمة
***9668;كما أن وحدة الحرب العالمية الثانية أغفلت الاعتماد على الخط الزمني في تناول المراحل الكبرى للحرب، بتجاهل تحديد تواريخ العمليات العسكرية الحاسمة من خلال ذكر اليوم، الشهر،لأهمية ذلك في رصد الأحداث التاريخية وتفسيرها .(16)
***9668;أما في مادة الجغرافيا فنقترح خريطة أنواع الصناعات والمراكز الصناعية في الصين حيث نلاحظ الخلط بين منطقة التصنيع قبل 1949 ومناطق التصنيع خلال المرحلة الماوية (17)
خلاصة القول إذا كان هناك تهافت المؤلفين من أجل التأليف فلماذا لا يكون تهافت التهافت من أجل النقد والنقد الذاتي والتقييم؟ فالكتاب المدرسي كما بينا في البداية دعامة أساسية للمدرس والمتعلم على السواء. ومن تم أ ليس جديرا بالمسئولين ــ وهم الذين لا ينفكون يرددون مصطلح الجودة ــ اعتماد منطق الأصلح ومقاييس الجودة لتحقيق المردودية المتوخاة عوض الاعتماد على المنطق التجاري واقتسام الأسواق بين المؤلفين ؟فاختيار الكتاب المدرسي مسؤولية علمية، تربوية ، أخلاقية ،ثقافية و حضارية قد تؤثر على أجيال بكاملها.
بقلم الأستاذة : أسماء احميحم
ملحوظة : المقال نشر بجريدة الاتحاد الإشتراكي يوم الإثنين 29/10/2007 العدد .8703
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامـــــش
1. البرامج والتوجيهات التربوية لمادة التاريخ والجغرافيا للسنة الأولى من سلك الباكالوريا دجنبر 2005
2. الكتاب المدرسي : مورد التاريخ والجغرافيا ط.1 . دار التجديد 2006 . ص 3
3. المرجع نفسه ص65 /66
4. منهاج مواد التاريخ و الجعرافيا والتربية على المواطنة ص 12
5. الكتاب المدرسي ص59
6. المرجع نفسه ص195
7. المرجع نفسه ص 3
8. المرجع نفسه ص 20
9. المرجع نفسه ص 41
10. المرجع نفسه ص 77
11. المرجع نفسه ص 138
12. منهاج مواد التاريخ والجغرافيا و التربية على المواطنة ص 11
13. الكتاب المدرسي ص 73/74
14. المرجع نفسه ص 22
15. منهاج مواد التاريخ والجغرافيا ... ص 11 و ص 45
16. الكتاب المدرسي ص 77و ص 83
17. المرجع نفسه ص 217
مورد التاريخ والجغرافيا نموذجا
يعتبر الكتاب المدرسي في مادة الاجتماعيات أحد الدعامات الديداكتيكية المعتمدة في العملية التعليمية التعلـّـمية . ولعل أهم ما غدا يميز الساحة التربوية في المغرب هو تعدد الكتب المدرسية ، وهي ظاهرة صحية تسمح بتنوع المقاربات ، وتخلق نوعا من المنافسة بين المؤلفين من أجل تقديم الأفضل . لكن هل يتم تقديم قراءة نقدية للكتب المدرسية المعتمدة؟ وإلى أي حد تحافظ المقاربات المقترحة على المقومات الابستيمولوجية لمادتي التاريخ والجغرافيا ؟ وهل من إمكانية لإخراج طبعة منقحة في حالة وجود أخطاء بهذه الكتب؟؟
للإجابة على هذه الاستفهامات وغيرها نقترح تقديم قراءة في كتاب "مورد التاريخ والجغرافيا " السنة الأولى من سلك الباكالوريا مسالك ( العلوم الشرعية بالتعليم الأصيل، العلوم التجريبية ،العلوم الرياضية، والعلوم الاقتصادية والتدبير ) منطلقين في ذلك من تعريف الكتاب المدرسي حسب البرامج و التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة الاجتماعيات، والتي تعتبر (الكتاب المدرسي دعامة ديداكتيكية أساسية بالنسبة للمتعلم والأستاذ : فهو بالنسبة للأستاذ أداة تساعده على إعداد الدروس وتنفيذها ، وبالنسبة للمتعلم دعامة متكاملة ومنظمة حاضرة معه في البيت والمدرسة )(1) فهل بالفعل حقق كتاب (المورد) الهدف المتوخى منه لطرفي العملية التعليمية/التعلمية خصوصا وأنه الكتاب المدرسي الوحيد والأوحد المعتمد وطنيا في بلد يتيح التعدد؟؟
***9644; يحدد تقديم الكتاب انطلاق المؤلفين من مقاربة معتمدة على الكفايات والقدرات المرتبطة بكل مادة. وتستثمر هذه المقاربة تحديد الهدف الوظيفي لكل وحدة وأهداف التعلمات والمكتسبات القبلية المتوفرة حول موضوع الوحدة ثم صياغة إشكالية الموضوع(2) باذلين في ذلك مجهودا كبيرا . إلا أن ذلك لا يعفي من إبداء مجموعة من الملاحظات منها :
***9668; عدم الانسجام في بعض الوحدات بين الهدف الوظيفي للوحدة والأنشطة التكوينية الأساسية المقترحة ويكفي الاستشهاد على ذلك بالمثال التالي : يرتبط الهدف الوظيفي بالنسبة لدرس أوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929 بتحديد أهم النتائج المترتبة عن الحرب العالمية الأولى ووصف التطورات التي شهدتها أوربا بين سنتي 1918و 1929 (3). في الوقت الذي نجد فيه النشاط الأول من الدرس يعود بنا إلى مراحل الحرب الكونية الأولى (1914 ـــ1918) لذلك كان يستحسن إدراج هذا العنصر ضمن وحدة التنافس الإمبريالي و اندلاع الحرب العالمية الأولى
***9668; يعتمد التمهيد الإشكالي على مجموعة من الوثائق التي تحفز التلميذ لبناء إشكاليات الوحدة ، لكن هذه التساؤلات تقدم له جاهزة في جميع الوحدات ولا يبذل المتعلم أي مجهود لصياغتها . فأين نحن من مبدأ التعلم الذاتي ؟؟؟
***9644; يوضح المؤلفون في تقديم الكتاب أن تناول الوحدات يتم من خلال أنشطة تكوينية أساسية ، وأنشطة وظيفية داعمة أو مكملة لكننا نلاحظ إدراج أنشطة أساسية لبناء الوحدات في إطار الأنشطة التطبيقية الوظيفية والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة من أهمها :
***9668;الأزمة البلقانية الثانية وهي من الأزمات الممهدة للحرب العالمية الثانية ولا يمكن فصلها عن الأزمة البلقانية الأولى في إطار فهم السيرورة التاريخية كأحد الأهداف العامة لمادة التاريخ (4)
***9668;الاشتغال على نتائج الضغوط الأوربية ومحدودية الإصلاحات خلال ق 19 ضمن الأنشطة التطبيقية الوظيفية رغم أهمية تناول تلك المعطيات في إطار الأنشطة التكوينية الأساسية لأنها تمكن التلميذ من اتخاذ مواقف من القضايا التاريخية المهمة بالنسبة لتاريخ المغرب. (5).
***9668;اقتراح دراسة بعض مشاكل ومظاهر الضعف في الاقتصاد الأمريكي ضمن الأنشطة الداعمة والمكملة في الوقت الذي يستحسن تناولها في إطار مميزات كل قطاع اقتصادي مع إبراز صعوباته(6).
***9644; ودائما في إطار تقديم قراءة لكتاب المورد يشير المؤلفون إلى أن البرنامج يرسخ مجموعة من الكفايات والقدرات ، سواء على مستوى المعارف والمفاهيم ونهج كل من المادتين أو على مستوى المهارات والقيم (7). وسنسعى إلى التركيز على مدى تطبيق ذلك من خلال بعض الوحدات متسائلين عن مدى مساهمة هذا البرنامج في اكتساب التلميذ للعديد من الكفايات خاصة المنهجية والتواصلية منها؟؟
ترتكز الأنشطة التعلمية على مجموعة من الوثائق التي تهدف إلى تنمية المعارف والمفاهيم والمهارات لدى المتعلم وفي هذا الصدد نسجل مجموعة من الملاحظات منها :
***9668; الاعتماد على خطاطات أو جداول تتضمن مجموعة من المعلومات الجاهزة والتي في كثير من الأحيان تشوه منهاج المادتين والأهداف المرتبطة بهما ومن الأمثلة الدالة على ذلك : خطاطة مراحل التحول داخل النظام الرأسمالي خلال القرن 19 ( وخطاطة عوامل بعث اليقظة الفكرية بالمشرق العربي (9)وجدول محددات كرونولوجية أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية قبل 1939(10)وجدول بعض التدابير لترشيد استعمال الموارد الطبيعية المتوفرة في المغرب (11)
لقد وظفت الخطاطات والجداول بشكل يجعل الأحداث ثابتة تفرغ الزمن التاريخي من جوهره وأهم خصائصه( الحركة،التطور،توالي الأحداث والتغيير)(12)
***9668;الاشتغال على مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالوثائق غير أن تلك الأسئلة تحمل في معظم الأحيان أجوبة كبرى لا تقدمها الوثائق المقترحة خصوصا في مادة التاريخ ، حيث يطلب من التلميذ مثلا تفسير سرعة انتقال الأزمة الاقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أوربا اعتمادا على خريطة تاريخية وخانة المصطلحات (13) وهناك مثال آخر مرتبط بصورتين حول خروج المرأة للعمل وتشغيل الأطفال ونص حول تطور المدينة الصناعية يطلب فيها من المتعلم وصف ظروف عيش الطبقات الاجتماعية، في الوقت أن تلك الصور قاصرة عن تقديم أية إجابة. كما أن الوثائق لا تبرز خاصية الصراع الاجتماعي الذي ميز ق 19 بين البورجوازية والبروليتاريا . (14)
***9668; ترفق النصوص التاريخية والجغرافية بعناوين في أعلى الوثيقة تمثل الفكرة العامة للنص ثم يطرح سؤال على التلميذ يطلب منه تحديد الفكرة العامة . ألا يعتبر هذا تحصيل حاصل ؟
***9668; إذا كان مدخل الكفايات يهتم بالتعلـّــمات أكــثر من اهتمامه بالمضامين ويتم التعامل مع المضامين بشكل وظيفي، فإن كتاب المورد لم يستحضر ذلك في تعامله مع الوحدات، مما شوه في كثير منها منهاج مادتي التاريخ والجغرافيا و أسسهما الابستيمولوجية .
***9668; تطرح الأسئلة المرفقة بالوثائق على الشكل التالي ( أقرأ الوثائق وأحلل معطياتها) إلا أن طرح الأسئلة يركز بالأساس على استخراج المعارف أكثر من اكتساب الأدوات المنهجية لمساءلة التاريخ أو معالجة القضايا الجغرافية. فأين نحن من تمكين التلميذ من خطوات النهج الجغرافي (الوصف ـ التفسير ـ التعميم ) أو خطوات النهج التاريخي ( المعرفة ـ التفسيرـ التركيب) (15)
***9644; ويبقى أهم ما يميز كتاب المورد هو كثرة الأخطاء المعرفية والتي يمكن أن تشكك في مصداقية الكتاب ؛ فهي أخطاء كثيرة ومتنوعة في السنوات ، الإحصاءات، الخرائط،النصوص ،.... وسنكتفي بسرد بعض الأمثلة :
***9668;محددات كرونولوجية حول أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية قبل 1939 معظم السنوات المقدمة في الجدول سنوات خاطئة : سنة انسحاب ألمانيا من عصبة الأمم (1936 ) وانسحاب اليابان سنة (1937) والصحيح هوأن انسحابهما كان سنة (1933) . سنة ضم منطقة السار هي( 1935) وليس (1936)
***9668;جدول آخر حول الخسائر البشرية للدول المشاركة في الحرب: يقدم الجدول أرقاما مبالغا فيها فمعظم المصادر تقدر ضحايا الحرب بحوالي 50مليون نسمة . فيما يؤكد الكتاب أن ضحايا الاتحاد السوفياتي من العسكريين فقط حوالي 86 مليون نسمة
***9668;كما أن وحدة الحرب العالمية الثانية أغفلت الاعتماد على الخط الزمني في تناول المراحل الكبرى للحرب، بتجاهل تحديد تواريخ العمليات العسكرية الحاسمة من خلال ذكر اليوم، الشهر،لأهمية ذلك في رصد الأحداث التاريخية وتفسيرها .(16)
***9668;أما في مادة الجغرافيا فنقترح خريطة أنواع الصناعات والمراكز الصناعية في الصين حيث نلاحظ الخلط بين منطقة التصنيع قبل 1949 ومناطق التصنيع خلال المرحلة الماوية (17)
خلاصة القول إذا كان هناك تهافت المؤلفين من أجل التأليف فلماذا لا يكون تهافت التهافت من أجل النقد والنقد الذاتي والتقييم؟ فالكتاب المدرسي كما بينا في البداية دعامة أساسية للمدرس والمتعلم على السواء. ومن تم أ ليس جديرا بالمسئولين ــ وهم الذين لا ينفكون يرددون مصطلح الجودة ــ اعتماد منطق الأصلح ومقاييس الجودة لتحقيق المردودية المتوخاة عوض الاعتماد على المنطق التجاري واقتسام الأسواق بين المؤلفين ؟فاختيار الكتاب المدرسي مسؤولية علمية، تربوية ، أخلاقية ،ثقافية و حضارية قد تؤثر على أجيال بكاملها.
بقلم الأستاذة : أسماء احميحم
ملحوظة : المقال نشر بجريدة الاتحاد الإشتراكي يوم الإثنين 29/10/2007 العدد .8703
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامـــــش
1. البرامج والتوجيهات التربوية لمادة التاريخ والجغرافيا للسنة الأولى من سلك الباكالوريا دجنبر 2005
2. الكتاب المدرسي : مورد التاريخ والجغرافيا ط.1 . دار التجديد 2006 . ص 3
3. المرجع نفسه ص65 /66
4. منهاج مواد التاريخ و الجعرافيا والتربية على المواطنة ص 12
5. الكتاب المدرسي ص59
6. المرجع نفسه ص195
7. المرجع نفسه ص 3
8. المرجع نفسه ص 20
9. المرجع نفسه ص 41
10. المرجع نفسه ص 77
11. المرجع نفسه ص 138
12. منهاج مواد التاريخ والجغرافيا و التربية على المواطنة ص 11
13. الكتاب المدرسي ص 73/74
14. المرجع نفسه ص 22
15. منهاج مواد التاريخ والجغرافيا ... ص 11 و ص 45
16. الكتاب المدرسي ص 77و ص 83
17. المرجع نفسه ص 217