بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
شرح حديث: (( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة
))
راوي الحديث:
هو معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أمير المؤمنين، ولد قبل البعثة بخمس سنين، وقيل بسبع، وقيل بثلاث عشرة، واختار ابن حجر الأول، وأمه هند بنت عتبة، أسلم هو وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند، وكان معاوية رضي الله عنه يقول: إنه أسلم عام القضية، وأنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً وكتم إسلامه من أبيه وأمه ثم أظهره عام الفتح، وأخته هي أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها.
وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنيناً، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقية، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما، وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وولاه عمر الشام بعد أخيه يزيد، وأقره عثمان، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به " رواه الترمذي، قال ابن حجر:" مات معاوية رضي الله عنه في رجب سنة ستين على الصحيح رضي الله عنه وأرضاه".
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم " 387 "
وانفرد به عن البخاري
وأخرجه ابن ماجه في " كتاب الأذان والسنة فيها "
" باب فضل الأذان وثواب المؤذنين"
شرح ألفاظ الحديث:
" الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً ":
قال النووي:" أَعْنَاقاً ": هو بفتح همزة أعناقاً جمع عنق، واختلف السلف والخلف في معناه، فقيل معناه: أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى؛ لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه، فمعناه كثيرة ما يرونه من الثواب.
وقال النضر بن شميل:
" إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.
وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق، وقيل: معناه أكثر أتباعاً.
وقال ابن الأعرابي:
" معناه أكثر الناس أعمالاً" وقال القاضي عياض وغيره: "ورواه بعضهم (إعناقاً) بكسر الهمزة أي إسراعاً إلى الجنة، وهو سير العنق"
الفائدة الأولى:
الحديث دليل على فضل الأذان وعظيم قدر صاحبه يوم القيامة، واختُلف لماذا لم يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مع عظيم فضل المؤذن؟
قال القرطبي رحمه الله:" واعتذر عن كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤذن: لما يشمل عليه الأذان من الشهادة بالرسالة، وقيل: إنما ترك الأذان لما فيه من الحيعلة؛ وهي أمرٌ، فكان لا يسع أحدٌ ممن سمعه التأخر، وإن كان له حاجة أو ضرورة، وقيل: لأنه كان صلى الله عليه وسلم في شغل عنه بأمور المسلمين، وهذا هو الصحيح، وقد صرح بذلك عمر رضي الله عنه فقال " لولا الخلافة لأذنت " [المفهم (2/ 16)].
وما اختاره القرطبي رحمه الله هو الصواب، فلم يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدين لانشغالهم بالخلافة، فالإمام يتعلق به جميع شؤون الناس، ولو تفرغ لمراقبة الوقت لانشغل عن مهمات المسلمين خاصة في الزمن السابق ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه :" لو أطقت الأذان مع الخلافة لأذنت" رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 224).
الفائدة الثانية:
استدل بالحديث من يرى تفضيل الأذان على الإمامة وبه قال الحنابلة وهو الراجح عند الشافعية.
واستدلوا:
(1) بحديث الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم :" الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
(2) حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين" رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم " 2787".
ووجه التفضيل: أن الأمانة أعلى من الضمان فالأمين متطوع بعمله، والضامن يجب عليه فعل ما التزم به" [انظر المجوع (3/ 86)].
(3) حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد بيه يوم القيامة" رواه البخاري.
(4) حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" متفق عليه.
والقول الثاني: أن الإمامة أفضل من الأذان، وهو قول الحنفية والمالكية ووجه للشافعية ورواية عند الحنابلة. [انظر فتح القدير (1/ 255)، ومغني المحتاج (1/ 138)].
واستدلوا:
(1) بحديث مالك بن الحويرث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" رواه البخاري ومسلم.
ووجه التفضيل: أن الإمامة يختار لها من هو أكمل حالاً وأفضل، واعتبار فضيلته، في حين أنه لم يشترط في المؤذن شرطاً وإنما أي أحد.
(2) أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا أئمة ولم يكونوا مؤذنين ولا يختارون من الأمور إلا أفضلها.
والراجح من القولين القول الأول القائل بأفضلية المؤذن على الإمام، لقوة أدلتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وأما إمامته صلى الله عليه وسلم وإمامة الخلفاء الراشدين فكانت متعينة عليهم فإنها وظيفة الإمام الأعظم، ولم يكن يمكن الجمع بينها وبين الأذان، فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان؛ لخصوص أحوالهم، وإن كان أكثر الناس الأذان أفضل".
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
شرح حديث: (( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة
))
راوي الحديث:
هو معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أمير المؤمنين، ولد قبل البعثة بخمس سنين، وقيل بسبع، وقيل بثلاث عشرة، واختار ابن حجر الأول، وأمه هند بنت عتبة، أسلم هو وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند، وكان معاوية رضي الله عنه يقول: إنه أسلم عام القضية، وأنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً وكتم إسلامه من أبيه وأمه ثم أظهره عام الفتح، وأخته هي أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها.
وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنيناً، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقية، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما، وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وولاه عمر الشام بعد أخيه يزيد، وأقره عثمان، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به " رواه الترمذي، قال ابن حجر:" مات معاوية رضي الله عنه في رجب سنة ستين على الصحيح رضي الله عنه وأرضاه".
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم " 387 "
وانفرد به عن البخاري
وأخرجه ابن ماجه في " كتاب الأذان والسنة فيها "
" باب فضل الأذان وثواب المؤذنين"
شرح ألفاظ الحديث:
" الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً ":
قال النووي:" أَعْنَاقاً ": هو بفتح همزة أعناقاً جمع عنق، واختلف السلف والخلف في معناه، فقيل معناه: أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى؛ لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه، فمعناه كثيرة ما يرونه من الثواب.
وقال النضر بن شميل:
" إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.
وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق، وقيل: معناه أكثر أتباعاً.
وقال ابن الأعرابي:
" معناه أكثر الناس أعمالاً" وقال القاضي عياض وغيره: "ورواه بعضهم (إعناقاً) بكسر الهمزة أي إسراعاً إلى الجنة، وهو سير العنق"
الفائدة الأولى:
الحديث دليل على فضل الأذان وعظيم قدر صاحبه يوم القيامة، واختُلف لماذا لم يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مع عظيم فضل المؤذن؟
قال القرطبي رحمه الله:" واعتذر عن كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤذن: لما يشمل عليه الأذان من الشهادة بالرسالة، وقيل: إنما ترك الأذان لما فيه من الحيعلة؛ وهي أمرٌ، فكان لا يسع أحدٌ ممن سمعه التأخر، وإن كان له حاجة أو ضرورة، وقيل: لأنه كان صلى الله عليه وسلم في شغل عنه بأمور المسلمين، وهذا هو الصحيح، وقد صرح بذلك عمر رضي الله عنه فقال " لولا الخلافة لأذنت " [المفهم (2/ 16)].
وما اختاره القرطبي رحمه الله هو الصواب، فلم يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدين لانشغالهم بالخلافة، فالإمام يتعلق به جميع شؤون الناس، ولو تفرغ لمراقبة الوقت لانشغل عن مهمات المسلمين خاصة في الزمن السابق ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه :" لو أطقت الأذان مع الخلافة لأذنت" رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 224).
الفائدة الثانية:
استدل بالحديث من يرى تفضيل الأذان على الإمامة وبه قال الحنابلة وهو الراجح عند الشافعية.
واستدلوا:
(1) بحديث الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم :" الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
(2) حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين" رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم " 2787".
ووجه التفضيل: أن الأمانة أعلى من الضمان فالأمين متطوع بعمله، والضامن يجب عليه فعل ما التزم به" [انظر المجوع (3/ 86)].
(3) حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد بيه يوم القيامة" رواه البخاري.
(4) حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" متفق عليه.
والقول الثاني: أن الإمامة أفضل من الأذان، وهو قول الحنفية والمالكية ووجه للشافعية ورواية عند الحنابلة. [انظر فتح القدير (1/ 255)، ومغني المحتاج (1/ 138)].
واستدلوا:
(1) بحديث مالك بن الحويرث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" رواه البخاري ومسلم.
ووجه التفضيل: أن الإمامة يختار لها من هو أكمل حالاً وأفضل، واعتبار فضيلته، في حين أنه لم يشترط في المؤذن شرطاً وإنما أي أحد.
(2) أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا أئمة ولم يكونوا مؤذنين ولا يختارون من الأمور إلا أفضلها.
والراجح من القولين القول الأول القائل بأفضلية المؤذن على الإمام، لقوة أدلتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وأما إمامته صلى الله عليه وسلم وإمامة الخلفاء الراشدين فكانت متعينة عليهم فإنها وظيفة الإمام الأعظم، ولم يكن يمكن الجمع بينها وبين الأذان، فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان؛ لخصوص أحوالهم، وإن كان أكثر الناس الأذان أفضل".