أرجع العلماء الهجاء إلى بعض الأمور والمقاييس التي من أهمها :
الهجاء المقذع وهو ذلك الهجاء الذي يحرص الشاعر فيه على ذكر بعض الفضائل مع الانتقاص من الأخرى كما قال أحد الشعراء :
وكاثر بسعد إن سعد كثيرة *** ولا تبغ من سعد وفاءا ولا نصرا
يروعك من سعد بن عمرو جسومها. وتزهد فيها حين تقتلها خبرا
أفضل الهجاء ، وهو ذلك الهجاء الذي لا يحمل الكثير من السب واللعن ذاك الذي قاله جرير :
لو أن تغلب جمعت أحسابها *** يوم التفاخر لم تزن مثقالا
أصعب الهجاء ، وهو ذلك الهجاء الذي يحرص الشاعر فيه على مقارنة المهجو بأناس آخرين عن طريق المفاضلة ويعتبر هذا الأمر من أشد أنواع الهجاء وذلك لأنه يعمل على السخرية من ذلك الشخص وذلك ما فعله جرير عندما قال ،
فغض الطرف إنك من نمير *** فلا كعبا بلغت ولا كلابا
الهجاء العفيف ، هو ذلك الهجاء الذي يعتمد على الصدق في ذكر الصفات الغير محمودة ويعتبر من أشد أنواع الهجاء وذلك لأنه أصدقه .
الهجاء البليغ ، وهو ذلك الهجاء الذي يعتمد على كل من التصريح والتلويح في آن واحد وهو ذلك الشعر أيضا الذي يتصف بسهولة المعاني والحفظ وذلك مثلما قال زهير :
وما أدري وسوف أخال أدري*** أقوم آل حصن أم نساء
الهجاء الجميل ، وهنا قد يشعر البعض بالتضارب والتناقض كيف يكون الهجاء جميل وذلك من خلال الاعتماد على الإيجاز في الهجاء كما قال أحد الشعراء :
وإذا تسرك من تميم خصلة*** فما يسوءك من تميم أكثر
سكين الهجاء ، وهو الهجاء الذي يعتمد فيه على التقليل والتصغير المحض من المهجو وذلك مثلما قال أحد الشعراء :
ويقضى الأمر حين تغيب تيم*** ولا يستأذنون وهم شهود
الهجاء في العصر الحديث
ظهر الهجاء في العصر الحديث في صورة المسرحيات المضحكة التي تتناول هجاء شخص ما أو حزب أو مؤسسة ، وظهر أيضا الهجاء السياسي في العصر الحديث بكثرة مقارنة بأي من العصور السابقة في الهجاء وأرجع البعض ذلك إلى كثرة الأحزاب السياسية والتكتلات التي ظهرت مؤخرا ، ومن أشهر الشعراء في ذلك المجال كل من نزار قباني وإبراهيم طوقان ومظفر النواب وكذلك عمر أبو ريش ومن نماذج الهجاء في العصر الحديث قول الشاعر إلياس قنصل :
يا من تناول راضيا عن أرضه *** لعداته وسلاحه موفور
أغمدت سيفك في الوغى ذلا فلا *** تتوعد الدنيا وأنت أسير
هجاء المدن
نوع من أنواع الهجاء التي ظهرت هي هجاء المدن غالبا ما يلجأ الشعر إلى هذا النوع من الهجاء سخطا على حاكم البلاد ، أو يلجأ للهجاء في مدينة رغبة منه في تركها والإقامة بمدينة أخرى فيلجأ إلى ذكر المساوئ والعيوب في مدينته ، وقد يهجو الشاعر المدينة بسبب الاحتلال من بعض الجيوش الأخرى، كثر هجاء المدن في العصر العباسي حيث يرجع ذلك إلى كثرة البلاطات التي يتميز بها هذا العصر مما يجعل الشاعر في تنقل دائم وهذا الأمر يجعله لا ينتمي إلى مدينة بعينها بسبب كثرة التنقلات من بلاط لآخر ومن نماذج هجاء المدن قول المتنبي :
بم التعلل لا أهل ولا وطن *** ولا نديم ولا كأس ولا سكن
أريد من زمني ذا أن يبلغني*** ما ليس يبلغه في نفسه الزمن
لا تلق دهرك إلا غير مكترث***. ما دام يصحب فيه روحك البدن
فما يديم سرورا ما سررت به.*** ولا يرد عليك الفائت الحزن