هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionحقوق السجناء في زمن الوباء  Emptyحقوق السجناء في زمن الوباء

more_horiz
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}




حقوق السجناء في زمن الوباء
اتفق الفقهاء على مشروعية العقوبة بالسجن، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، والمعقول. فقد نُقل عن الصحابة ومن بعدهم أن النبي ءصلى الله عليه وسلم – حبس في البيوت والخيام والمسجد، وحبس أيضا بعده الخلفاء الراشدون، وقيل إن الفاروق عمر –رضي الله عنهء هو أول من اتخذ دارا للسجن في مكة، اشتراها من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، وكان ذلك بمعرفة عامله على مكة “نافع بن عبد الحرث الخزاعي”.

وبنى علي – رضي الله عنهء حبسا في العراق سماه مُخيِّساً ، وقيل: إن أول من اتخذ دارا للسجن هو معاوية بن أبى سفيان. وكان القاضي شريح هو أول من حبس فى الدين، وحَبس ابن الزبير، وحَبس الخلفاءُ والقضاةُ من بعدهم في جميع الأعصار والأمصار من غير إنكار، فكان ذلك إجماعا على مشروعية الحبس[1].

وقد تطورت السجون فى التشريعات الحديثة لدى بعض الدول، فجُعِلت كمؤسسة تربوية، يعامل فيها المسجون كمريض تدرس أحواله، ويعالج بطرق خاصة، لتجعل منه مواطنا صالحا بعد الانتهاء من مدة احتجازه.

والحبس في الإسلام أشبه بالعقوبة الاحتياطية، فليس له الصدارة والأولوية من بين أنواع العقوبات التعزيرية الأخرى –كما هو الحال في القوانين الوضعية المعاصرةء إلا إذا تعين وسيلة لردع الجاني وإصلاحه؛ لأن وطأته شديدة، وآثاره السلبية كثيرة على الفرد وأسرته وذويه، وعلى الدولة أيضا، فضلا عن أنه لا يجوز الحكم به وإهمال الحدود والقصاص[2].

والحبس كعقوبة ليس مقصودا لذاته، ولكن الغاية منه الزجر، والردع، والإصلاح، والتهذيب، والتأديب والتوبة[3]. وقال الإمام الشوكاني: “يقصد بالحبس حفظ أهل الجرائم الذين ينتهكون المحارم، ويضرون بالمسلمين، حتى تصح منهم التوبة”[4].

حق المسجون في رعايته الصحية والطبية

والمتأمل في النصوص الشرعية يجد أنها أولت الإنسان بالحفظ والرعاية، وقد سبق الإسلام كل الأنظمة والتشريعات في الحفاظ على حياة الإنسان وكرامته، وهذه الحقوق التي أولاها الإسلام بالحفظ والرعاية تندرج تحت المقاصد الشرعية الخمسة التي جاء الإسلام لتحقيقها وحفظها، وهي بإجماع العلماء تعتبر أصولا ثابتة وراسخة لحقوق الإنسان عامة. وهذه المقاصد هي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال.

ومما لا شك فيه أن هذه الحقوق الإنسانية التي أقرها الإسلام للإنسان تشمل السجين باعتباره إنسانا، بل إن الإسلام قد خص السجين بمزيد من الاهتمام والحفظ والرعاية نظرا لما هو فيه من ضعف وعجز، وقهر، وعزلة عن الآخرين، وقد ذكر القاضي أبو يوسف “أنه ينبغي تتبع المحبوسين والنظر في شؤونهم من غير كلل ولا تقصير واتباع العدل معهم وعدم الاعتداء عليهم”[5].

والحديث عن حقوق السجين لا يتسع له المقام، ولكن سنكتفي بالإشارة إلى وجوب رعايته الصحية والطبية، وبخاصة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به الإنسانية في شتى أنحاء المعمورة.

والأصل في تأمين الرعاية الصحية والطبية للسجين ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس ثُمامة بن أُثال وكان عليلا فقال لأصحابه: “أحسنوا إساره”[6]، كما أوكل إلى بعض أصحابه حفظ امرأة حبلى من الزنى ورعايتها حتى وضعت حملها ثم رجمها[7].

وقد تكرر هذا أيضا في عهد أبي بكر وعمر[8]، ولا فرق بين الحامل والمريض بالنظر لما يعتري كل منهما من الضعف والوهن وحاجة كل منهما للرعاية الطبية والصحية المستمرة.

وقد اهتم المسلمون منذ القديم برعاية المرضى في السجون فكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: “انظروا من في السجون وتعهدوا المرضى”[9].

وكتب الوزير علي بن عيسى الجراح إلى سنان بن ثابت “مدير مستشفيات العراق” في زمن الخليفة العباسي المقتدر: “فكرت –مد الله في عمركء في أمر المرضى في الحبوس، فأفرد لهم أطباء يطوفون عليهم كل يوم، يعالجونهم، ويزيحون عللهم، واحملوا إليهم الأدوية والأشربة، وأقيموا لهم المزورات –موائد يوضع عليها طعام يصنع للمرضىء.”[10].

وقد قرر الفقهاء أنه إذا مرض المحبوس في سجنه وأمكن علاجه فيه فلا يخرج لحصول المقصود. ولا يمنع الطبيب والخادم من الدخول عليه لمعالجته وخدمته ؛ لأن منعه مما تدعو الضرورة إليه يفضي إلى هلاكه ، وذلك غير جائز.

وللفقهاء أقوال في إخراجه من الحبس إذا لم تمكن معالجته ورعايته فيه:

القول الأول: يخرج من حبسه للعلاج والمداواة صيانة لنفسه ، وهو ما ذكره بعض الحنفية كالخصاف وابن الهمام ، والظاهر من كلام الشافعية والمالكية .

القول الثاني: لا يخرج إلا بكفيل وهو المفتى به عند الحنفية.

القول الثالث: يعالج في الحبس ولا يخرج ، والهلاك في الحبس وغيره سواء ، وهو المروي عن أبي يوسف رحمه الله[11].

والقول الأخير: يحمل على ما إذا كانت الرعاية التي تقدم للسجين المريض في محبسه لن تختلف عن الرعاية التي تقدم له خارج السجن وإلا فلا خلاف في وجوب القول بخروجه لتقديم الرعاية الطبية اللازمة له إذا كان بقاؤه في محبسه فيه تهديد لصحته وخطر على سلامته.

وبالإضافة إلى هذا فقد قرر الفقهاء العديد من الأحكام الداعية إلى العناية بالسجين المريض والرفق به، كإرسال الفحم إليه وقت اشتداد البرد، وعدم تقييده في حبسه، وعدم تفتيش موجودات غرفته والعمل على توفير أسباب النقاهة والشفاء له، كتمكينه من التجول في السجن، وشم الرياحين ، ونحو ذلك مما فيه منفعته[12].

والرعاية الصحية الواجب تقديمها للسجين لا فرق فيها بين الأمراض الجسدية والأمراض النفسية، ولهذا قرر الفقهاء: “أنه لا يجوز جعل المحبوس في بيت مظلم، ولا قفل باب الغرفة عليه، ولا إيذاؤه بحال”[13].

وبناء على ما سبق فالرعاية الصحية للسجين هي من أوجب الواجبات التي يجب على الدولة القيام بها، ولما كان هذا الوباء لا يفرق بين السجين والسجان، فإنه يجب مراجعة أسباب السلامة والوقاية من هذا الوباء، ومدى قدرة المؤسسات العقابية على توفيرها للسجناء، فإذا كانت السجون مكتظة بالسجناء فإنه يجب اتخاذ الإجراأت العاجلة للحفاظ على سلامة هؤلاء المساجين، ومن هذه الإجراأت الإفراج الفوري عن المحبوسين احتياطيا، وأيضا الإفراج المشروط عن السجناء الذين لم تنقض مدة عقوبتهم، كتقييد إقامتهم، ومنعهم من السفر، ونحوها من الإجراأت التي تضمن بقاءهم تحت سمع الدولة وبصرها. وبالفعل قد قامت العديد من الدول بالإفراج عن السجناء وهو أمر محمود نرجو أن يكون حافزا لجميع الأنظمة لتعيد النظر في أمر سجنائها.


[1] – فتح الباري 5| 76، نيل الأوطار 8|216، الطرق الحكمية ص103، المقريزى “الخطط ج 3 ص 303 “

[2] – حقوق المسجون في الشريعة الإسلامية، للدكتور حسن عبد الغني أبو غدة، ط: دار جامعة الملك سعود للنشر، ص: 32

[3] – الخراج لأبي يوسف ص 163، والأحكام السلطانية للماوردي ص236، والسياسة الشرعية لابن تيمية ص112

[4]– نيل الأوطار 9|219

[5] – الخراج لأبي يوسف ص163

[6] – تاريخ المدينة لابن شبة 2|436

[7] – صحيح مسلم حديث رقم 1695

[8] – مصنف عبد الرزاق باب الرجم والإحصان حديث: 13350

[9] – الطبقات الكبرى لابن سعد 5|356

[10]– عيون الأنباء في طبقات الأطباء ص302

[11] – الموسوعة الفقهية 16|320

[12] – حاشية الرملي 2|289، وقليوبي 2|292

[13]– مجموع الفتاوى 34|179
إسلام أون لاين

descriptionحقوق السجناء في زمن الوباء  Emptyرد: حقوق السجناء في زمن الوباء

more_horiz
بارك الله فيك
على هذا الموضوع القيم

descriptionحقوق السجناء في زمن الوباء  Emptyرد: حقوق السجناء في زمن الوباء

more_horiz
شكرا لمرورك نور

descriptionحقوق السجناء في زمن الوباء  Emptyرد: حقوق السجناء في زمن الوباء

more_horiz
بارك الله فيك على الموضوع المفيد
تحياتي لك

descriptionحقوق السجناء في زمن الوباء  Emptyرد: حقوق السجناء في زمن الوباء

more_horiz
شكرا لك  حقوق السجناء في زمن الوباء  886773

descriptionحقوق السجناء في زمن الوباء  Emptyرد: حقوق السجناء في زمن الوباء

more_horiz
باقات من الشكر والتقدير لجهودكم ،،

descriptionحقوق السجناء في زمن الوباء  Emptyرد: حقوق السجناء في زمن الوباء

more_horiz
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على الطرح المميز
جعله الله في موازين حسناتك وثبتك اجره
تقبل مروري وتقديري
حقوق السجناء في زمن الوباء  886773 



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي