التربية على الحوار
علي بن حسين بن أحمد فقيهي
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعد:
• الحوار في اللغة: من المُحاوَرة؛ وهي المجاوَبة ومراجَعةالكلام، والتجاوُب فيه بالمُخاطَبة والرد
والحوار في الاصطلاح: حديث وتجاوُب، يَجري بين اثنين أو أكثر، حول موضوع محدد؛ للوصول إلى هدف معين.
• زخرَت النصوصُ القرآنية بجملة وافرة من الحوارات والنقاشات بين المولى جلَّ وعلا وعددٍ من الكائنات والمخلوقات؛ كالملائكة، والرسل، والشيطان، والمؤمنين، والكافرين.
• شهد الواقعُ النبوي التطبيقَ العملي لهذا الأسلوب التربوي الراقي، في كافة الأحوال، ومع كل الأجناس، ولجميع الأغراض والأهداف.
:diamonds: تؤكِّد الدراسات التربوية والنفسية على أهمية الحوار والمُحادثة، ودورهما على شخصية ونفسية المُربِّي والمُتربِّي، وآثارهما الإيجابية، ونتائجهما الفاعلة والظاهرة في الأمور التالية:
١ - التفكير الجماعي والتحليل المشترك.
٢ - الانطلاق في الحديث، والحرية في التعبير عن الرأي.
٣ - التخلص من الانغلاق الفكري والانعزالية السلوكية.
٤ - نشر ثقافة الاستماع، وأدب الإنصات، وفقه النقاش.
٥ - وسيلة للتوادِّ والتآلف والاحترام والتقدير.
٦ - صحة الفَهم للأشياء وحسن الظن بالآخرين.
٧ - التخلص من الاضطرابات النفسية الناتجة عن الكَبْت والاكتئاب.
٨ - الوعي بالواقع، والتبصُّر بالحياة، من خلال السؤال والجواب.
٩ - التعرف على الحقوق والواجبات، والحدود والحريات، للنفس والآخرين.
١٠ - السلامة والنجاة من غوائل الانحرافات الفكرية والمخالفات السلوكية.
• المحاضن التربوية هي: أَوْلى وأَوْجب مَن يعرف ويُربي، ويُمارس ويُطبق، ويُشجع ويُحفز، على الحوار الهادئ والحديث الراقي، والنقاش المُتَّزن والسِّجال الواعي، في كافة جوانب الحياة.
:diamonds: ومضة:
عن أبي أمامة قال: إن فتًى شابًّا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القومُ عليه فزجرُوه، وقالوا: مه، مه!، فقال: ((ادنُه))، فدنا منه قريبًا، قال: فجلسَ، قال: ((أتحبُّه لأمك؟))، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يُحبونه لأمهاتهم))، قال: ((أفتحبه لابنتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ((أفتحبه لأختك؟))، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأخواتهم))، قال: ((أفتحبه لعمتك؟))، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لعماتهم))، قال: ((أفتحبه لخالتك؟))، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناسيحبونه لخالاتهم))، قال: فوضع يده عليه وقال: ((اللهم اغفر ذنبَه، وطهِّر قلبَه، وحصِّن فرجه))، قال: فلم يَكُن بعد ذلك الفتى يَلتفِت إلى شيء؛[ رواه أحمد].