بسم الله الرحمن الرحيم
خمس خصال: اعمل بهن وعلمهن غيرك
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ ، فَيَعْمَلُ بِهِنَّ ، أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ : اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا ، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» .رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني
أولا: اتق المحارم :
عظم حرمات الله تنل خيراً:
قال تعالى:" {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} ". قال ابن كثير - رحمه الله -:"أي: ومن يجتنب معاصيه ومحارمه، ويَكُون ارتكابها عظيما في نفسه، "فهو خير له عند ربه"، أي: فله على ذلك خير كثير، وثواب جزيل، فكما يجزيه على فعل الطاعات ثوابا كثير وأجرا جزيلا، كذلك على ترك المحرمات واجتناب المحظورات".
إياك وحرمة الدماء أو الأموال أو الأعراض:
قال صلى الله عليه وسلم-:" «إِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» " [متفق عليه] .
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" «لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله - عز و جل - هباء منثورا". قال ثوبان:"يا رسول الله، صفهم لنا، جَلِّهِمْ لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم". قال:"أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها» " [صحيح سنن ابن ماجة] .
لخص أبو طالب المكي هذه المحارم فقال:"قد جمعتُ جميع الأحاديث الواردة في هذا الباب فوجدت سبعة عشر، وهي: أربعة في القلب: الشرك، والإصرار على المعصية، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله تعالى. وأربعة في اللسان: شهادة الزور، وقذف المحصنات، واليمين الغموس، والسحر. وثلاثة في البطن: شرب الخمر، وأكل مال اليتيم ظلماً، وأكل الربا. واثنتان في الفرج: الزنا واللواطة (ويدخل فيه كل ما عرف اليوم من أشكال الإباحة الجنسية، كالشذوذ، والمثلية، والخيانة الزوجية..). واثنتان في اليد: القتل بغير الحق، والسرقة (ويدخل فيها: أكل الأموال بالباطل، من رشوة، واعتداء على المال العام، وابتزاز المواطنين لقضاء حقوقهم..). وواحدة في الرجلين: الفرار من الزحف. وواحدة في جميع البدن، وهي عقوق الوالدين".
اجتنب المحرمات تنل السبق:
قالت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها : "من سرّه أن يسبق الدّائب المجتهد فليكفّ عن الذّنوب"
ثانياُ:الرضا بما قسم الله:
فالرضا هو السياج الذي يحمي المسلم من تقلبات الزمن , وهو البستان الوارف الظلال الذي يأوي إليه المؤمن من هجير الحياة . والإنسان بدون الرضا يقع فريسة لليأس , وتتناوشه الهموم والغموم من كل حدب وصوب.
ثالثاً: الإحسان إلى الجار:
سأل أحدهم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسولَ اللهِ كيف لي أن أعلمَ إذا أحسنتُ أني قد أحسنتُ وإذا أسأتُ أني قد أسأتُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا قال جيرانُك قد أحسنتَ فقد أحسنتَ وإذا قالوا إنك قد أسأتَ فقد أسأتَ» .
الراوي : كلثوم بن علقمة الخزاعي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
ومن حقوق الجار
1- رد السلام وإجابة الدعوة
2- كف الأذى عنه
3- تحمل أذى الجار
4- تفقده وقضاء حوائجه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم» . [رواه الطبراني والبزار وإسناده حسن ]
5-ستره وصيانة عرضه
6- النصح له
رابعاً: أَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ :
قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله } [التوبة:71].
وعن النّعمانِ بن بشير رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: « «مثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم مثَلُ الجسد إذا اشتَكى منه عضوٌ تداعى له الجَسَد بالحمَّى والسّهَر» » [رواه البخاري ومسلم] ، وعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: « «المؤمن للمؤمن كالبنيانِ يشدُّ بعضه بعضًا» » [رواه البخاري ومسلم]، وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « «لا تحاسَدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابَروا، ولا يبع بعضكم على بيعِ بَعض، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلِم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا ـ ويشير إلى صدرِه ثلاث مرّات ـ، بحسب امرِئٍ من الشّرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرَام: دمه وماله وعِرضُه» » [رواه مسلم] .
خامساً: وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ.
المنهي عنه هو الإسراف في الضحك واللهو والمزاح وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم أثر عنه التبسم والبشاشة والله تعالى نهى عن الغلظة والفظاظة.
ولكن الإسراف يزري بصاحبه
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله:
" فإن قلت : قد نقل المزاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فكيف يُنهى عنه؟! فأقول : إن قدرت على ما قدر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو : أن تمزح ولا تقول إلا حقا ، ولا تؤذي قلبا ، ولا تُفرِّط فيه ، وتقتصر عليه أحيانا على الندور ، فلا حرج عليك فيه ، ولكن من الغلط العظيم أن يتخذ الإنسان المزاح حرفة يواظب عليه ، ويُفرِّط فيه ، ثم يتمسك بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو كمن يدور نهاره مع الزنوج ينظر إليهم وإلى رقصهم ؛ ويتمسك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة في النظر إلى رقص الزنوج في يوم عيد ، وهو خطأ إذ من الصغائر ما يصير كبيرة بالإصرار ، ومن المباحات ما يصير صغيرة بالإصرار ، فلا ينبغي أن يُغفل عن هذا " .