بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وإمام المتقين نبينا محمد
وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى ءاله الطيبين
قصة عصا موسى
قال الله تعالى إخبارًا عن موسى عليه السلام ( قالَ هيَ عَصَايَ أتَوَكَّأُ عَلَيهَا وأهُشُّ بهَا على غَنمِي ، وليَ فِيها مَآرِبَ أُخرَى ) سورة طه 18 . أيَّدَ اللهُ تَباركَ وتعَالى الأنبياءَ الكرامَ بمعجزاتٍ باهراتٍ عظِيماتٍ كريماتٍ . ومنها ما أيّدَ به سيدَنا موسى عليه السّلام وهي عَصاه العَجِيبة . وردَ في أخبار هذِه العصَا التي كانت ءايةً باهرَةً أنها تَحوَّلَت بينَ يَدَي سيدِنا موسَى عليه السلام إلى حَيّةٍ حَقِيقيةٍ تَسعَى بإذنِ اللهِ وتَبتَلِعُ الحبالَ التي أوهَمَ سَحرَةُ فِرعَونَ لَعنَه الله الحاضِرينَ أنها ثَعابينُ.
وقيلَ إنّ هذه العَصا هَبطَ بها سيّدُنا ءادمُ منَ الجنّة وبقِيَت في الأرضِ إلى أن سلَّمها سيدُنا جبريلُ إلى سيدِنا موسى عليه السلام. وكان يتَوكّأ علَيها أي يَستَعينُ بها في المشيِ والوقوفِ. ويخبِطُ بها على أَغصَانِ الشّجَر ليَسقُطَ وَرقُهَا فَيَسهُلَ على غنَمِه تَناوُلهَا فتَأكُلَها. وإذا هَجم سَبُعٌ أو عدُوٌّ فإنها كانت تُقَاتِلُه وتحارِبُه وتُبعِدُه عنهُم وعنه علَيه السلام. وإذا ابتَعدَت بعضُ الغنَماتِ عن القَطِيع أعَادتهم إليه بإذنِ الله . وكانَت طُولُهَا عشَرَة أَذرُع. ومِن مَنافِعِها العَجِيبةِ أَنها كانَت تُماشِي وتحَادِثُ سيدَنا موسى علَيها لسّلام في طَرِيقِه وتَجَوُّلِه. وكانَ لها رأسَانِ مُتَشَعِّبانِ مِنها، يُعَلِّقُ عَليها أحمَالَه مِن قَوسٍ وسِهَامٍ. ثم عندَما يَدخُلُ الليلُ كانَ رَأسَا العصَا يُضِيئَانِ كالشّمع. وكانَ إذا أرادَ أن يشرَبَ مِن بِئرٍ تَطُول العصَا بطُولِ البِئر مهمَا كانَ عَمِيقًا ويتَحوَّلُ رأسَاهَا إلى ما يُشبِهُ الدَّلْوَ فيَملؤه ويَشرَبُ مِنه.
وأما إذَا عَطِشَ في صَحراءَ ليسَ فيها بِئرٌ ولم يكن معهُ ماءٌ غَرزَهَا في الأرضِ فتَنبُع ماءٌ بإذنِ الله. فإذا رفَعها عن الأرضِ نضَبَ الماءُ. وكان إذَا اشتدَّ علَيه الحرُّ يَركُزُها فتَطُولُ شُعبَتَاها ثم يُلقِي علَيها كِسَاءَهُ ويَستَظِلُّ تحتَه. وإذا اشتَهَى ثَمرةً كانَ يركزها في الأرضِ فتُورِقُ وتُثمِرُ بإذنِ اللهِ فيَأكُل منهَا ما طَابَ.
وكانت تَدفَعُ عنه حشَراتِ الأرضِ وهَوامَّها وهي حَيواناتٌ تُؤذِي كالعقَاربِ. وأَوّلَ مَرّة تحوَّلَت هذه العصَا إلى ثعبانٍ كانَ لها عُرفٌ كعُرفِ الفَرسِ وكان متَّسِعٌ فَمُهَا أَربَعينَ ذِراعًا وابتَلعَت كُلَّ ما مرَّت بهِ مِنَ الصُّخورِ والأشجار حتى سمِعَ سيدُنا موسى لها صَريرَ الحجَرفي فَمِها وجَوفِها.
وأوحَى الله تعالى إليه أن يُدخل يدَه فيها تَقويةً لقَلبِه وإنها مُعجِزةٌ لهُ ولن تَضُرَّه. فأدخلَ موسى يدَه في فَمِها بينَ أَسنانها فعَادَت خَشَبةً كما كانَت. وهذا ليسَ سِحرًا لأنّ السِّحرَ يُفعَلُ مِثلُه وقد يأتي شخصٌ بسِحرٍ فيَأتيْهِ مَن يُعارِضُه بسِحرٍ أَقوى. أما هذا الأمر معجزةٌ من معجزاتِ الأنبياء.
ومن أكبر معجزات سيدنا موسى عليه السلام بهذه العصا أنه عندما خرج هو والمسلمين المؤمنون الذين هم من ذرية إسرائيل وهو يعقوب كانوا في أرض مصر يحكمها فرعون.
ولما وصل سيدنا موسى إلى شاطئ البحر أوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه فانفلق البحر اثنتي عشر فرقا وكان كل فرق كالجبل العظيم وصار ما بين ذلك أرضا يابسة فاجتاز موسى ومن معه البحر فاجتازوا البحر وكانوا ستمائة الف فلما شعر بذلك فرعون وكان منشغلا بعيد لهم فسار ليدرك موسى ومعه مليون وستمائة ألف مقاتل حتى وصل إلى شاطئ البحر. وما أن خرج موسى وقومه ناجين بعون الله حتى عاد البحروأطبق على فرعون ومن معه فغرقوا وسط الأمواج العالية.
اللهم اجعلنا هُداةً مَهديين واغفر لنا ذنوبنا، اللهم إنا نسألُكَ العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرة يا أرحمَ الراحِمين.