الإرباك عند مفترق الطرق....!!
إنسان العصر يقف عند مفترق الطرق والحيرة تنازعه .. يفاضل بين الشرق والغرب ثم يربكه الإعياء بالهزيمة .. مخيراً على حد زعمه واعتقاده وظنونه .. وهو في حقيقته وواقعه مسيراً ومقيداً ومنقاداً .. يقف عاجزاً متردداً لا يملك العزيمة في قرار يقطع الشك والحيرة .. والمعضلة تتمثل في اتخاذ ذلك القرار الذي يؤكد الانحياز التام لدرب من الدروب .. والانحياز التام يعني التنازل عن مكتسبات وفضائل موروثة ثم كسب الجديد والكثير من مباهج العصر الزائفة الخادعة والمغرية .. وهي ملزمات سوف ترافق الحياة حتى نهاية الأعمار .. وذلك الشأن هو شأن الكثيرين من الناس في عالم اليوم .. حيث المراوغة والمساجلات النفسية التي تؤرق عند اختيار المصير .. والذي يقف عند مفترق الطرق يواجه تلك العلامات والإشارات التي تتراقص أمام الأعين بالإغراءات .. حيث كل طريق ينادي ويشير بأنامله للإقدام إليه .. ويعزف أهازيج الاجتذاب بالتلميحات والأغاني والترانيم والمدائح .. وصيحات الإغراء تلك صاخبة وعالية تماثل صيحات رجل المزاد في أسواق المزاد .. النداءات تلو النداءات .. والإشارات تلو الإشارات .
........... الدرب الأول هو ذلك الدرب الذي يمثل الشرق .. والشرق جدل يعني الشروق والبزوغ والجديد في مسارات الحياة .. ويمثل منبع الشمس حيث منبع الحياة فوق وجه الأرض .. ومن أرحام ذلك الشرق كانت مسارات التاريخ والحضارات .. وكانت إيحاءات الرسالات السماوية والأنبياء .. ومتى ما ترد سيرة الشرق في المحافل حتى تبدأ قصة الإنسان فوق وجه الأرض .. فمن الشرق توالت بدايات الإنسان عبر التاريخ .. ومنه تناسخت خطوات البشرية في تعمير الأرض .. فكانت مسميات العصور التي كانت تترقى من مرحلة لأخرى عبر الحقب والأزمان .. وحينما كان الظلام يطغى على الأرض كان الشرق يمثل طوق النجاة الذي يزيل أغطية الزيف والباطل .. أما الدرب الثاني فهو ذلك الدرب الذي يمثل الغرب .. والغرب في عالم اليوم يمثل تلك القوة الغاشمة المسيطرة والمهيمنة على العالم .. ويمثل مارداً طاغياً لا يخشى لومه لائم .. ذلك المارد الذي أطل فجأة من قمقم المجهول .. وكان ذات يوم في متاهات الظلال والخفاء !..
مارد يسيطر اليوم على العالم بكل ألون الهيمنة والمقدرات .. وقد أصبح ذلك الآمر الناهي .. وسر قوته وجبروته يكمن في سلاح العلم والمعرفة .. ثم الطفرة الكبرى في عالم التكنولوجيا المتقدمة والحديثة .. وهو ذلك الغرب الذي ما زال يرتاد المقدمة في بحوث المعرفة للإلمام بالأسرار والخفايا .. ويجتهد ليلاً ونهاراً في كشف أغوار الكثير والكثير من العلوم الطبيعية والفيزيائية والكيميائية والفضائية وخلافها .. وقد تمكن الغرب من تسخير الفوائد العلمية في تحقيق المآرب في كل المجالات .. والغرب يتفوق كثيراً على الشرق في تلك المجالات .. وذلك بالقدر الذي أوجد بوناً شاسعاً عند القياس والمعيار .. ولا يمكن للشرق أن يدعي أنه ينافس الغرب في مجال العلوم والتكنولوجيا .. وشتان بين هذا وذاك !.. حيث أن الغرب يسبق الشرق في ذلك بمقدار يستحيل معه المقارنة والتأويل !.. والغرب ما زال يتقدم ويكتشف المزيد والمزيد من مجاهل العلوم والمعرفة في أسرار الأرض والكون والفضاء .
............ تلك الدروب المتناقضة والمحيرة لا يمكن المفاضلة بينها بالقدر الجازم الحاسم .. فهي دروب لا تخلو من السوالب والعيوب .. فالشرق اليوم هو ذلك المتراجع المتخاذل .. والذي قد تنازل كثيراً وكثيراً عن العزة والمكانة والكرامة .. ذلك التراجع الذي يواكبه الإذلال والخضوع .. وصورة الحاضر للشرق هي صورة قاتمة وكالحة .. حيث تلك الصورة التي تجرح كبرياء الأمجاد في الماضي .. ولا يتواجد اليوم ذلك الشرق الذي يصفه التاريخ .. فكأن شرق الماضي قد رحل مع التاريخ دون رجعة .. أما شرق اليوم والحاضر فهو ذلك الباهت القاتم الواهي الذي لا يشرف من ينتمي .. وأمم الشرق اليوم تدخل في مسميات الأمم الهامشية .. مثلها ومثل الأمم الأخرى التي تعيش في هوامش الحياة .. وهي أمم عديدة يعج بها كوكب الأرض .. ويطلق عليها نعوت الأمم البدائية .. أو الأمم المتخلفة .. أو الأمم النامية .. والمؤسف حقاً أن شرق الحاضر يتخذ الجهل والبدائية سلاحاً في مقارعة العصر الحديث !.. تلك الصورة التي تسقط هيبة الشرق التي كانت في الماضي .. وتخلق قياساً ومكانةً متدنية للغاية لشرق كان ذات يوم منبعاً للحضارة الإنسانية .. والحال كذلك عندما نتحدث عن سوالب وعيوب ذلك الدرب الذي يمثل الغرب .. تلك العيوب الخطيرة والخطيرة للغاية .. وخاصة إذا علمنا أن الشيطان قد أتخذ من الغرب قلعةً ومقرا لسلطانه وعرشه .. ومن هنالك ينطلق ليفرض شروط الموبقات والتضليل والعصيان في أرجاء الأرض .. وهو ذلك الغرب الذي ينوء بكل ألوان الخطايا والموبقات والفواحش .. وكل يوم جديد فوق سطح الأرض يحدث فيه الغرب بالجديد من ألوان الموبقات .. وحيث الجديد من مسميات الخطيئة والرزيلة .. موبقات وفواحش لم تكن مباحة في عرف البشرية من قبل .. والشيطان يساند الغرب في إباحة وإجازة كل ألوان المحرمات .. القمار مجاز بشروط أو بغير شروط .. والخمور مجازة بشروط أو بغير شروط .. والربا مجاز ومباح بشروط أو بغير شروط .. والدعارة مباحة بشروط أو بغير شروط .. والشذوذ مباح بشروط أو بغير شروط .. ثم تتواصل مكائد الشيطان ليحدث الغرب الكبائر من الفواحش التي يرجف لها عرش الرحمن .. ومنها خطيئة إباحة زواج المثليين وزواج المثليات .. وخطيئة إباحة التلاعب بالجينات ونسخ البشر والمخلوقات .. وخطيئة إباحة الزنا المبطن تحت غطاء التلقيح الصناعي عبر أنابيب الاختبار.. ثم ثمارها أطفال الأنابيب الذين يتواجدون في الحياة من بذور ملفقة ومتحايلة .. ومنها خطيئة الفرية والبدعة التي تسمى استئجار الأرحام لأمهات تلد للأخريات !!.. وهنالك مواقع الإباحية والشذوذ في الشبكة العنكبوتية بمئات الآلاف .. وهي مواقع تنشر وتبث صورا حيةً وغير حية تقشعر لها الأبدان .. والكثير ثم الكثير من موبقات ذلك الغرب .
............ وأخيراً فإن الذي يقف حائراً عند مفترق الطرق لا بد أن يسقط الكثير والكثير من الفضائل الموروثة .. ليكسب الكثير والكثير من المباهج والمغريات العصرية الزائفة .. وهي مغريات تفرض نفسها أحياناً وتدخل الديار عنوة في كل أرجاء العالم .. وحتى إذا كان الخيار هو ذلك الشرق فإن المختار لا يسلم من منقصات الغرب .. وهي خيارات أحلاها أمر من العلقم والزقوم .