لفظ التّسامح -المُشتقّ من الفعل تسامَح الخماسيُّ اللازم المعتدِّي- إلى التَّساهل والتَّهاون واللين، ومن مدلولاته اللغويَّةُ الحِلمُ والعفوُ والمُسامحة؛ أي غُفرانُ الحقوقِ، والعفوِ عن الخطأ، والموافقة على الصَّفح.[١] وتدلُّ السَّماحةُ لُغةً على السَّلاسة، والمُساهلة، والتهاونِ، والحِلم، والرِّفق، وفي النُّظم الفلسفيَّة العالمية يُنظر إلى التسامح على أنَّه احترامٌ تبادليٌّ بين الأفرادِ والآراء، وإظهار اللطف والأدب فيما يُعبِّر عنه الآخرون لفظيّاً أو سلوكيّاً، مهما كان مستواه صحيحاً كان أم خاطئاً.[٢]
أمَّا في اصطلاح اللغةِ والعلوم فيجتمعُ الفلاسفة وأهل اللغة والاجتماع على وصف التَّسامح كقيمةٍ بأنَّه العطاءُ والبَذلُ المُتفضِّلُ الذي لا إجبار فيه ولا واجب، وهو السُّهولة في المعاملات، وإنفاذ الأمور وتيسيرها وفي اللينِ والتلطُّف.[٣]
قيمة التَّسامح
يعدُّ خُلُق التَّسامح من أهمِّ القِيم الإنسانيَّة الحياتيَّة العالميَّة؛ إذ يُنظَر إليه على صعيد الفرد كمُكتسَبٍ قِيَميّ راقٍ؛ يُعزِّز احترام الفردِ لذاته وارتباطه بالآخرين، كما يُنظَر إلى التَّسامح مجتمعيّاً على أنَّه تشريعٌ ذاتيٌّ مُستحَقٌّ؛ يضمن تحصيل الحقوقِ وأداء الواجباتِ ليخلق مجتمعاً مُتراحماً مُلتحماً، وتُشكِّل هذه النَّظرة تجاه التَّسامح مسؤوليَّةً سياسيَّةً وكياناً قيميّاً، يُحتِّم على الجميع احترامه والالتزام بمضمامينه وأخلاقيَّاته.[٢]
وقد نصَّت العديد من البيانات والإشعارات والتَّقارير الأُمَميّة الحديثة على أهمية تعميم التَّسامح كسمة جماهيريَّة عالميَّة؛ لما يترتَّب عليها من حفظ الأرواح والحريات والحقوق، وتجنيب العالم ويلات الحروب والتَّشريد، والتَّركيز على المنجزات، والسعي إلى تطوير الشعوب بدلاً من صناعة الأزمات، ومن ذلك ما تضمَّنه الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان سنة ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وأربعين في معرض سعيه لتعميم التَّسامح؛ حيث ضمَّن الإعلان في بنده الأوَّل تأكيداً على حريَّةِ الأفراد منذ ولادتهم، وحقِّهم في حفظِ حياتهم وكرامتهم، وأشار في مادّته السّادسة والعشرين إلى أنَّ تنمية التَّسامح لدى الأفراد كلّهم على اختلاف جنسيَّاتهم وأعراقهم ودياناتهم هو أحد أهداف التّربية.[٤]
أثر التسامح في حياة الفرد والمجتمعات
لا تتوقَّف أهميَّة التَّسامح وقيمته على المعاملات الفرديَّة البسيطة وأنماط العلاقات بين الأفراد، بل إنَّ التَّسامح حاجةٌ مجتمعيَّة مُلحَّةٌ وأساسٌ تقومُ عليه كافَّةُ المجتمعات البشريَّة، فالصورة الأخلاقيَّة والواقعيَّة للتَّسامح تنعكس على جميع أنظمة المجتمعات وتقدُّمها وتطوّرها، وعلى فرض انتفاء هذه القيمة المجتمعية ستنتشر مفاهيم العنف والتعصُّب والتطرّف، فتتعطَّل المصالح، وتنهدم الحضارات وتتزعزع عوامل أمنها واستقرارها، وتظهر سيادة الآراء المفروضة.[٤]
مفهوم التسامح في الحضارات
يتعلَّقُ مفهوم التَّسامح عند الغرب برُكنَين مترابطين، هما الحقوق والواجبات؛ إذ يتعيَّن على الإنسان أن يعرف حقوقه ومبرِّرات الحصول عليها من جهة، ويفهم واجباته ودوافعه تجاه تحقيقها من جهة أخرى، ويشيرُ تعريف التَّسامح بناءً على هذه المرتكزات إلى تدشين المعاملات بما يتناسب مع الاختلافات؛ فالتَّسامح هو نوعٌ من القدرات التي تُحتِّم على الإنسان العيش مع المتغيِّرات، والتصرُّف السويّ مع كافَّة الاختلافات والتداخلات مع تعميم ثقافة احترام تلك الاختلافات، ممّا يُنتج بيئةً تكامُليَّة من التعاملات البشرية القائمة على مبادئ المساواة واحترام الآخر، وعلى الرّغم من كونِ تلك القيمة وذلك الخُلُقِ مَنزوعاً من نفوسِ الأفرادِ بالترغُّب لما يتطلَّب من بَذلٍ غير أنَّهم يحافظون عليهِ؛ امتثالاً لحاجتهم إلى التَّعامل بالمثل والشُّعورِ بالعدل؛ إذ يتضمَّن التَّسامح في مجتمعات الغرب السَّماح لأمرٍ ما أن يحدُث أو يُفعَل على الرُّغم من كراهيَّته كنوعٍ من التعامل مع الاختلافات، ذلك تماماً ما تُمثِّله سلطةُ الدَّولة تجاه التَّدخين والخمور وغيرها من المسموحات التي كان الأصل فيها المنع.[٥]
التَّسامح سِمة إسلاميَّة
يحملُ المفهومُ الإسلاميُّ للتَّسامح قيمةً مخصوصة ومرغوبةً؛ إذ لا يتركَّن التَّسامح في مفهومه الإسلامي إلى مبادئ الحقوق والواجبات، ولا يكون في الشرائع والحدود والمحرَّمات، ولا يطالُ القوانين والقضاءَ، بل إنَّه يخصُّ العلاقات النَّاظمة لتوادِّ النَّاس ومعاملاتهم وحسنِ معاشرتهم؛ بتركِ ما لا يجبُ تفضُّلاً وتنزُّهاً بكرمٍ يُظهره القويُّ صاحب السُّلطةِ، والحقّ على الضَّعيفِ المُتكفِّلِ بأداءِ الحقِّ والمُلزَمِ فيه مع قدرةِ الأوَّل على تحصيلِ حقِّه، ثمّ يتركهُ صفحاً وعفواً.[٥]
وتتجلَّى قيمةُ التَّسامح في الإسلامِ من خلالِ تعميمِ النَّظرة الأخلاقيَّة والإنسانيَّةِ إلى ركائزَ مختلفةٍ وأخلاقٍ شتَّى تُحقّق مجتمعةً المساواة والعدل، وتُرسِّخُ مبادئ الاعترافِ بالآخرِ واحترامِ المناهج والأفكارِ والمعتقداتِ والاختلافات مهما تنوَّعت وتعدَّد أتباعها، وتجمعُ ذلك كلَّه إنسانيَّةُ البشرِ وتكافلهم، ليُرسِّخ الإسلام من خلال التَّسامحِ مبادئ الإخاء الإنسانيِّ، ويُنظِّم تعاملات النَّاسِ وتعايشهم بما يتناسبُ مع تنوِّعِ دياناتهم وأعراقهم وانتماءاتهم وألوانهم، وأكَّدت الفلسلفة الإسلاميَّة على سُلطةِ كلِّ تلك المفاهيم وارتباطها بالتَّسامح كقيمة في العديدِ من المقدِّمات التي أبرزها فلاسفة الإسلامِ ومنطلقاتهم التي شرحوا التَّسامح من خلالها، فالتَّسامح ضمانُ التقدُّمِ وأساسُ بنائه، ولا يمكن لرجل واحدٍ أن يحيط بالحقيقة، بل إنَّ الحقيقةَ قد تتعدَّى الجميع فلا يحيط بها أحد، كما أنَّ الجميع مُعرَّضون للخطأ، والوصول إلى الحقيقة يستدعي المُشاركة من الجميع مهما اختلفوا وتنوَّعوا، وهذا ما يُبيِّن بحقٍّ ضرورة انتهاج التَّسامح وتدجينه كخلقٍ، مع التمسُّكِ بديموميته واستمراره مع استمرار الحياة.[٦]
إنَّ تحقيقَ التَّسامح بين النَّاس وتعميمه بينهم ليشملَ جميع معاملاتهم وأمور حياتهم، يتطلَّب تأكيداً تربوياً دستورياً يرعاه، ويُنظِّمه، ويضمنُ ترتيبه واستحقاقه، ويكفلُ إنفاذه بلا ضرر ولا غُبن، فقد ضمن الإسلامُ حقوقَ النَّاسِ وأكَّدَ على تمامها وعدم الانتقاصِ من حقوقهم شيئاً مهما كانت مستوياتهم ودرجاتهم بالنَّسبِ والمالِ والشَّرف وغير ذلك، بل إنَّه رعى الأطراف جميعاً دون انتقاصٍ لحقٍّ أو مُراوغةٍ وميلٍ لفئة، حتَّى إنَّه مَنح النَّاس من أصحابِ الدّيانات الذين يعيشون في أرضِ الإسلام حقوقهم كاملةً، وأوَّلها حقُّ اختيار الدِين والأمن على اختياره. والإسلام بصفته دين الإنسانيَّةِ والتَّسامح يسعى إلى تحقيق التواؤم والتَّوادِّ والتَّعاطف والإحسانِ بين النَّاس جميعاً دون حصرٍ لهذه القيم لأفراده أو أتباعه فقط، وبذلكَ فقد تميَّزَ الإسلامُ بقيمة التَّسامح حتَّى جعلها سِمته البارزة، ونظَّم هذه القيمة بما يتوافقُ مع معناها الإنسانيِّ الشموليِّ، فقضى بضمانِ الحقوقِ أوّلاً، ثمَّ عمَّم العدلَ، ودعا إلى التَّراحم والتَّنازل عن الحقوقِ، والعفو عند القدرة، والعَدلِ بما يملك كلُّ فردٍ من قدرته وسلطته.[٧]
أمَّا في اصطلاح اللغةِ والعلوم فيجتمعُ الفلاسفة وأهل اللغة والاجتماع على وصف التَّسامح كقيمةٍ بأنَّه العطاءُ والبَذلُ المُتفضِّلُ الذي لا إجبار فيه ولا واجب، وهو السُّهولة في المعاملات، وإنفاذ الأمور وتيسيرها وفي اللينِ والتلطُّف.[٣]
قيمة التَّسامح
يعدُّ خُلُق التَّسامح من أهمِّ القِيم الإنسانيَّة الحياتيَّة العالميَّة؛ إذ يُنظَر إليه على صعيد الفرد كمُكتسَبٍ قِيَميّ راقٍ؛ يُعزِّز احترام الفردِ لذاته وارتباطه بالآخرين، كما يُنظَر إلى التَّسامح مجتمعيّاً على أنَّه تشريعٌ ذاتيٌّ مُستحَقٌّ؛ يضمن تحصيل الحقوقِ وأداء الواجباتِ ليخلق مجتمعاً مُتراحماً مُلتحماً، وتُشكِّل هذه النَّظرة تجاه التَّسامح مسؤوليَّةً سياسيَّةً وكياناً قيميّاً، يُحتِّم على الجميع احترامه والالتزام بمضمامينه وأخلاقيَّاته.[٢]
وقد نصَّت العديد من البيانات والإشعارات والتَّقارير الأُمَميّة الحديثة على أهمية تعميم التَّسامح كسمة جماهيريَّة عالميَّة؛ لما يترتَّب عليها من حفظ الأرواح والحريات والحقوق، وتجنيب العالم ويلات الحروب والتَّشريد، والتَّركيز على المنجزات، والسعي إلى تطوير الشعوب بدلاً من صناعة الأزمات، ومن ذلك ما تضمَّنه الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان سنة ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وأربعين في معرض سعيه لتعميم التَّسامح؛ حيث ضمَّن الإعلان في بنده الأوَّل تأكيداً على حريَّةِ الأفراد منذ ولادتهم، وحقِّهم في حفظِ حياتهم وكرامتهم، وأشار في مادّته السّادسة والعشرين إلى أنَّ تنمية التَّسامح لدى الأفراد كلّهم على اختلاف جنسيَّاتهم وأعراقهم ودياناتهم هو أحد أهداف التّربية.[٤]
أثر التسامح في حياة الفرد والمجتمعات
لا تتوقَّف أهميَّة التَّسامح وقيمته على المعاملات الفرديَّة البسيطة وأنماط العلاقات بين الأفراد، بل إنَّ التَّسامح حاجةٌ مجتمعيَّة مُلحَّةٌ وأساسٌ تقومُ عليه كافَّةُ المجتمعات البشريَّة، فالصورة الأخلاقيَّة والواقعيَّة للتَّسامح تنعكس على جميع أنظمة المجتمعات وتقدُّمها وتطوّرها، وعلى فرض انتفاء هذه القيمة المجتمعية ستنتشر مفاهيم العنف والتعصُّب والتطرّف، فتتعطَّل المصالح، وتنهدم الحضارات وتتزعزع عوامل أمنها واستقرارها، وتظهر سيادة الآراء المفروضة.[٤]
مفهوم التسامح في الحضارات
يتعلَّقُ مفهوم التَّسامح عند الغرب برُكنَين مترابطين، هما الحقوق والواجبات؛ إذ يتعيَّن على الإنسان أن يعرف حقوقه ومبرِّرات الحصول عليها من جهة، ويفهم واجباته ودوافعه تجاه تحقيقها من جهة أخرى، ويشيرُ تعريف التَّسامح بناءً على هذه المرتكزات إلى تدشين المعاملات بما يتناسب مع الاختلافات؛ فالتَّسامح هو نوعٌ من القدرات التي تُحتِّم على الإنسان العيش مع المتغيِّرات، والتصرُّف السويّ مع كافَّة الاختلافات والتداخلات مع تعميم ثقافة احترام تلك الاختلافات، ممّا يُنتج بيئةً تكامُليَّة من التعاملات البشرية القائمة على مبادئ المساواة واحترام الآخر، وعلى الرّغم من كونِ تلك القيمة وذلك الخُلُقِ مَنزوعاً من نفوسِ الأفرادِ بالترغُّب لما يتطلَّب من بَذلٍ غير أنَّهم يحافظون عليهِ؛ امتثالاً لحاجتهم إلى التَّعامل بالمثل والشُّعورِ بالعدل؛ إذ يتضمَّن التَّسامح في مجتمعات الغرب السَّماح لأمرٍ ما أن يحدُث أو يُفعَل على الرُّغم من كراهيَّته كنوعٍ من التعامل مع الاختلافات، ذلك تماماً ما تُمثِّله سلطةُ الدَّولة تجاه التَّدخين والخمور وغيرها من المسموحات التي كان الأصل فيها المنع.[٥]
التَّسامح سِمة إسلاميَّة
يحملُ المفهومُ الإسلاميُّ للتَّسامح قيمةً مخصوصة ومرغوبةً؛ إذ لا يتركَّن التَّسامح في مفهومه الإسلامي إلى مبادئ الحقوق والواجبات، ولا يكون في الشرائع والحدود والمحرَّمات، ولا يطالُ القوانين والقضاءَ، بل إنَّه يخصُّ العلاقات النَّاظمة لتوادِّ النَّاس ومعاملاتهم وحسنِ معاشرتهم؛ بتركِ ما لا يجبُ تفضُّلاً وتنزُّهاً بكرمٍ يُظهره القويُّ صاحب السُّلطةِ، والحقّ على الضَّعيفِ المُتكفِّلِ بأداءِ الحقِّ والمُلزَمِ فيه مع قدرةِ الأوَّل على تحصيلِ حقِّه، ثمّ يتركهُ صفحاً وعفواً.[٥]
وتتجلَّى قيمةُ التَّسامح في الإسلامِ من خلالِ تعميمِ النَّظرة الأخلاقيَّة والإنسانيَّةِ إلى ركائزَ مختلفةٍ وأخلاقٍ شتَّى تُحقّق مجتمعةً المساواة والعدل، وتُرسِّخُ مبادئ الاعترافِ بالآخرِ واحترامِ المناهج والأفكارِ والمعتقداتِ والاختلافات مهما تنوَّعت وتعدَّد أتباعها، وتجمعُ ذلك كلَّه إنسانيَّةُ البشرِ وتكافلهم، ليُرسِّخ الإسلام من خلال التَّسامحِ مبادئ الإخاء الإنسانيِّ، ويُنظِّم تعاملات النَّاسِ وتعايشهم بما يتناسبُ مع تنوِّعِ دياناتهم وأعراقهم وانتماءاتهم وألوانهم، وأكَّدت الفلسلفة الإسلاميَّة على سُلطةِ كلِّ تلك المفاهيم وارتباطها بالتَّسامح كقيمة في العديدِ من المقدِّمات التي أبرزها فلاسفة الإسلامِ ومنطلقاتهم التي شرحوا التَّسامح من خلالها، فالتَّسامح ضمانُ التقدُّمِ وأساسُ بنائه، ولا يمكن لرجل واحدٍ أن يحيط بالحقيقة، بل إنَّ الحقيقةَ قد تتعدَّى الجميع فلا يحيط بها أحد، كما أنَّ الجميع مُعرَّضون للخطأ، والوصول إلى الحقيقة يستدعي المُشاركة من الجميع مهما اختلفوا وتنوَّعوا، وهذا ما يُبيِّن بحقٍّ ضرورة انتهاج التَّسامح وتدجينه كخلقٍ، مع التمسُّكِ بديموميته واستمراره مع استمرار الحياة.[٦]
إنَّ تحقيقَ التَّسامح بين النَّاس وتعميمه بينهم ليشملَ جميع معاملاتهم وأمور حياتهم، يتطلَّب تأكيداً تربوياً دستورياً يرعاه، ويُنظِّمه، ويضمنُ ترتيبه واستحقاقه، ويكفلُ إنفاذه بلا ضرر ولا غُبن، فقد ضمن الإسلامُ حقوقَ النَّاسِ وأكَّدَ على تمامها وعدم الانتقاصِ من حقوقهم شيئاً مهما كانت مستوياتهم ودرجاتهم بالنَّسبِ والمالِ والشَّرف وغير ذلك، بل إنَّه رعى الأطراف جميعاً دون انتقاصٍ لحقٍّ أو مُراوغةٍ وميلٍ لفئة، حتَّى إنَّه مَنح النَّاس من أصحابِ الدّيانات الذين يعيشون في أرضِ الإسلام حقوقهم كاملةً، وأوَّلها حقُّ اختيار الدِين والأمن على اختياره. والإسلام بصفته دين الإنسانيَّةِ والتَّسامح يسعى إلى تحقيق التواؤم والتَّوادِّ والتَّعاطف والإحسانِ بين النَّاس جميعاً دون حصرٍ لهذه القيم لأفراده أو أتباعه فقط، وبذلكَ فقد تميَّزَ الإسلامُ بقيمة التَّسامح حتَّى جعلها سِمته البارزة، ونظَّم هذه القيمة بما يتوافقُ مع معناها الإنسانيِّ الشموليِّ، فقضى بضمانِ الحقوقِ أوّلاً، ثمَّ عمَّم العدلَ، ودعا إلى التَّراحم والتَّنازل عن الحقوقِ، والعفو عند القدرة، والعَدلِ بما يملك كلُّ فردٍ من قدرته وسلطته.[٧]