يجتهدون دون عدل وإنصاف .. ويحكمون دون دليل وبرهان .. ويتطاولون دون الأحقية في التطاول .. ويجرحون المشاعر دون الخوف من الله .. وتلك سهامهم تصيب أعراض وسمعة الأبرياء زوراُ وبهتاناُ .. وهو هذا الزمن الذي يبيح الإسراف بالتعدي والإفتراء .. وقد شاعت الصورة بين الناس دون مغبة تجلب اللوم والعتاب .. فتلك الألسن تسرف قذفاُ يميناُ وشمالاُ ولا تملك التأكيد من صحة الرميات والإتهامات .. كما لا تملك التحري من دقة الشبهات .. يصنعون وابلاُ من أوهام الضجة حول البعض من ضحايا الناس .. وينسى الناس أن اللفظ مسئول عنه يوم القيامة .. ( مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) .. وجريرة الألسن قد تطال الأبرياء بغير وجه حق .. وتلاحق السيرة حتى مشارف القبور .. والأمر قد يكون مجرد عبث واستهتار من عابث غير مسئول .. وتلك الصورة قد أصبحت شائعةُ ومألوفةُ بين الناس في هذه الأيام .. حيث أصبح الأبرياء أهدافا يواجهون التأويل والتكهنات .. ويتواجدون في مرامي الغمز واللمز .. ومن المؤسف حقاُ أن تلك النعوت تجد الموالاة والمصداقية في إعتقاد الكثيرين .. ذلك البعض الذي يتخذ البلاهة والضحالة شماعة في تصديق الإشاعات .. فهي نعوت قد تكون بعيدة كل البعد عن الصحة والحقيقة كبعد السماء من الأرض .. ومع الأسف الشديد فإن الناس قد تحكم على الناس بمجرد التكهنات .. كما أن البعض من الناس في هذا العصر قد يكون مجرد ذلك المرفوض بالفطرة من الآخرين .. وحينها يتجرأ الناس في إلصاق النعوت السالبة إليه .. فيوصفونه بأقبح النعوت والصفات .. وقد لا تكون فيه تلك الصفات .. فيقال عنه ذلك الكافر الفاجر .. وهو قد يكون من الأبرار الأتقياء .. وقد يقال عنه ذلك القاتل السفاك .. وهو قد يكون ذلك البرئ كالحمل الوديع .. وقد يقال عنه ذلك الفاسد المفسد .. وهو قد يكون من أشرف الشرفاء .. وقد يقال عنه ذلك الناهب السارق .. وهو قد يكون ذلك المخلص الأمين .. وقد يقال عنه ذلك المعربد المتمرس .. وهو قد يكون ذلك العصامي الشريف .. وبنفس القدر فإن البعض من الناس قد يكون مقبولاُ بالفطرة لدى الآخرين .. وتميل إليه النفوس في كل الأحوال .. فيوصف بأفضل النعوت وهو قد لا يملك تلك النعوت أساساُ .. فيقال عنه ذلك العابد الزاهد .. في حين أنه قد يكون ذلك العربيد السفيه عند أهل الأسرار والدهاليز .. وقد يتخذ التمثيل حرفةُ وتغطيةُ للألاعيب .. حيث هو ذلك الماكر الخبيث الذي يسبح بالنهار ويذبح بالليل .. وقد يقال عنه ذلك التقي الورع .. في حين أنه قد يكون ذلك الخائض في حياض الرذيلة عند بعض العارفين .. وقد يقال عنه ذلك الكريم السخي .. في حين أنه يقد يكون ذلك البخيل اللئيم عند متطلبات المروءة .. ومع الأسف الشديد فإن تلك الأوصاف والنعوت الجزافية قد تلصق بالناس مع مرور الأزمان وكأنها هي الحقيقة .. وهي ليست بالحقيقة .. وفي المحصلة فإن السرائر لا يعرف أسرارها إلا رب العالمين .. وعليه من الخطأ الجسيم التمسك يتلك النعوت أو الإصرار على اشاعتها .. حيث أن البعض الذي لا يؤمن بمبدأ التحول والتبدل في سلوكيات البشر .. ولا يؤمن بمناسك الرجوع إلى الله بعد كثرة الهفوات .. كما لا يؤمن بمبدأ التحول في الطبائع مع مرور الأزمان .. حيث الندم والتوبة والأوبة في مرحلة من مراحل العمر .. وحيث الإستقامة بعد التهور .. والإعتدال بعد الإسراف والهوى .. وعليه من الفضيلة والأخلاق أن يترك الناس على علاتهم دون التشهير والإشانة .. وتلك صفة من صفات المؤمنين الصادقين .. وقد أمرنا الله الخالق العليم بأن نتجب الكثير من الظن .. وقال إن بعض الظن إثم .. وما أكثر الظنون التي تجلب الآثام في هذا العصر . ــــــــــــ الكاتب السوداني عمر عيسى محمد أحمد |