شهر رمضان يعدّ لفظ رمضان اسمٌ للشهرّ الذي تؤدّى فيه عبادة الصّيام، وقيل في سبب تسميته أنّه عندما تمّ نقل أسماء الشّهور من اللّغة المستعملة في القدم، سمّوها بالزّمان الّتي وقعت فيها، فكان رمضان موافقاً لأيّام رمض الحرّ، وبناءً على ذلك سميّ برمضان،[١] وقد خصّ الله -تعالى- شهر رمضان بعدّة ميّزاتٍ وخصائص منها:[٢] نزول القرآن الكريم في رمضان، في ليلة القدر، فقد قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ).[٣] أوجب الله -تعالى- صيامه، وجعله الرّكن الرابع من أركان الإسلام. إخراج الصّدقات في رمضان أفضل، وأعظم من إخراجها في الشّهور الأخرى. ليلة القدر التي تكون في رمضان، وتعدّ العبادة فيها خيرٌ من العبادة في ألف شهر. كيفيّة استقبال شهر رمضان شهر رمضان هو شهر الخيرات والبركات، لذلك على المسلم أن يحسن استقباله، وأن يستعدّ لقدومه، ويقوم بتجهيز نفسه لذلك، وهناك عددٌ من الوسائل التي يمكن للمسلم أن يقوم بها استعداداً واستقبالاً لهذا الشّهر العظيم، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضها:[٤][٥] التّوجه إلى الله -تعالى- بالدّعاء، والإلحاح في الطّلب، وسؤاله العون، والرّحمة، والمغفرة، وأن يوفقّه الله لبلوغ هذا الشّهر الفضيل، وهو بصحّةٍ جيّدةٍ، وأن يرزقه القوّة، والإرادة، والعزيمة حتّى تكون له المقدرة على القيام بالعبادات والأعمال الصّالحة فيه على أكمل وجه، وأن يبلّغه ليلة القدر، فرمضان شهر الدّعاء. إخلاص النّية لله -تعالى- في هذا الشّهر، فيسعى المسلم أن تكون نيّته صافيةً، لا تلوّثها شوائب الرّياء، ويعقد العزم بأن يستثمر أوقات رمضان بما يرضي الله تعالى، وأن يبتعد عن ما نهى الله -تعالى- عنه. التّحلي بالأخلاق الحسنة، وذلك في التّعامل مع كلّ النّاس. الحرص على تعلّم الأحكام الخاصّة بشهر رمضان، وقراءة ما يتعلّق به من الفضائل التي خصّه الله -تعالى- بها، ومن الآثار التي تعود على المسلم بالخير، والأجور التي سينالها؛ حتّى يقوى على فعل الطّاعات، ويكثر منها، فكلّما كان المسلم أعلم زاد عمله. التّوجه إلى الله -تعالى- بالتّوبة الصّادقة النّصوح، والاستغفار، ليبدأ رمضان بشكلٍ فريدٍ، فيقلع المسلم عن ارتكاب الذّنوب والمعاصي، وكلّ ما نهى الله -تعالى- عنه، ويتحلّى بما أمر به وحثّ عليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّه ليغان على قلبي، وإنِّي لأستغفر اللَّه، في اليوم مئة مرةٍ).[٦] الحرص على عدم إضاعة الوقت بالنّوم والسّهر، وذلك حتّى يقوم المسلم بالعبادات وهو في كامل قوّته ونشاطه. القيام بإنشاء خطّةٍ وجدولٍ يتّصف بالعمليّة؛ حتّى يحقّق الاستفادة من كلّ دقائق رمضان، ومن الأمور التي يمكن أن يضعها المسلم في جدوله ما يأتي: الحرص على سلامة القلوب، وصفائها، ونقائها، وخلوّها من الأحقاد والأضغان تجاه أيٍّ كان، والعمل على المصالحة، والمسامحة، والعفو مع من كان هنالك أيّ مشاكلٍ معه. القيام بتحديد المسجد الذي سيقوم بأداء الصّلوات فيه. تعيين الأوقات التي سيقوم فيها بتلاوة القرآن الكريم، وأن يكثر من التّلاوة، والتدّبر، وفهم معاني الآيات. تنظيم إفطارٍ للصائمين، جماعيّ أو فرديّ، وذلك حسب استطاعته، ولو اقتصر على الماء والتّمر فلا بأس في ذلك. القيام بترتيب المساجد وتجهيزها، من حيث الإضاءة، وقوّة الصّوت، ونظافة السّجاد، ودورات المياه، وترتيب أماكن المصاحف، والكتيّبات الهادفة. إنشاء جدولاً يتضمّن تحديد أيّام زيارة الأهل، والأقارب، والجيران، وذلك حتّى يتفقّدهم، ويطمئنّ عليهم، ويساعدهم على قضاء حوائجهم. الذّهاب لأداء مناسك العمرة إن كان بمقدوره ذلك، فالعمرة في رمضان تعدل حجّة. سيرة الرّسول عليه السلام في رمضان كان حال الرّسول -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان مختلفاً عن حاله في بقيّة الشّهور؛ وذلك لمعرفته بفضائل هذا الشّهر العظيم، والأجر المترتّب على القيام بالطّاعات فيه، وعلى المسلم أن يحرص على اتّباع هديه؛ لأنّه قدوةٌ للمسلمين، ومن الأمور العطرة والأفعال العظيمة في سيرته في رمضان ما يأتي:[٧] الإكثار من أداء شتّى أنواع العبادات ومنها؛ الصّلاة، والاعتكاف، وذكر الله تعالى، وقراءة القرآن الكريم، وإخراج الصّدقات، والإحسان إلى النّاس، وتقديم الخير لهم. مدارسة جبريل -عليه السّلام- للرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن الكريم. مواصلة الصّيام ليومين أو ثلاث؛ للتمكّن من التّفرغ للعبادة، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد نهى أصحابه أن يواصلوا الصيام مثله، وهذا بيّنٌ في الحديث الشّريف الآتي: (نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الوصال، قالوا: إنَّك تُواصل، قال: إنَّكم لستم كهيئتي، إنَّ الله حبـي يطعمني ويسقين، وقال يزيدُ: إنِّي أبيتُ يُطعمني ربِّي ويسقيني).[٨] المسارعة في الإفطار، وتعجيله، فكان يفطر بعد أن تغرب الشّمس، وقبل أن يؤدّي صلاة المغرب، وكان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يفطر على رطبٍ، فإن لم يجد فعلى تمرٍ، فإن لم يجد فيحسوا من الماء حسوات، وهديه الآخر أنّه كان يؤخرّ السّحور، فيحرص أن يكون ما بين سحوره وصلاة الفجر وقتٌ قليل، وهو بمقدار قراءة الرّجل خمسين آية. الدّعاء عند الإفطار بالخير في الدّنيا والآخرة. إظهار العاطفة تجاه زوجاته. مواصلة الجهاد في رمضان، لذلك أطلق على رمضان شهر الجهاد، فهناك عددٌ من المعارك التي حدثت فيه، ومنها: معركة بدر، وفتح مكّة. الحرص على دعوة أهله لإحياء ليالي العشر الأواخر، فكان يحيي اللّيل، ويوقظ أهله، ويشدّ مئزره، وكان في العام الذي توفي به رسول الله قد اعتكف عشرين يوماً. نصائح للمسلم في شهر رمضان تتعدّد وتتنوّع النّصائح والإرشادات الهامّة التي تقوّي صيام المسلم، وتعينه على أن يكون صحيحاً، كما يحبّه الله -تعالى- ويرضاه، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الإرشادات:[٩] محاسبة النّفس إن قصّرت، ومراجعة الأخطاء التي قد وقع المسلم في ارتكابها؛ حتّى يعمل على تصحيحها. المداومة قدر المستطاع على أداء صلاة التّراويح في جماعةٍ؛ وذلك حتّى يُكتب للمسلم قيام ليلة. الانتباه إلى عدم الإسراف، سواء كان ذلك في المال أو غيره. العزم والإرادة على أن يبقى المسلم بعد رمضان كما كان فيه. تذكر أنّ العمر يمضي بسرعة، وأنّ المسلم لا يعرف متى يحين أجله. معرفة أنّ شهر رمضان شرع لعبادة الله تعالى، وأداء العبادات، وليس للرّاحة، وإطالة النّوم، والتّكاسل. تعويد المسلم لسانه على ذكر الله تعالى. الحرص على القيام بالعمل المطلوب بإتقانٍ، فهو أمانةٌ سيُسأل عنها. المسارعة إلى الاعتذار عمّن أخطأ الإنسان بحقّه، وطلب المسامحة منه. الحرص على تعلّم القرآن الكريم بشكلٍ مختلفٍ، فيسعى المسلم لتدبّره أكثر، ومعرفة تفسيره. عدم الاقتراب من رفقاء السّوء، والحرص الصّحبة الصّالحة النّافعة. الذّهاب مبكرّاً إلى المسجد. أسباب خسارة المسلم في رمضان ينقسم النّاس في رمضان إلى قسمين: قسمٌ قد فاز وأفلح، وقسمٌ قد خاب وخسر، وهذا القسم تعود خسارته لعدّة أسبابٍ منها:[١٠] عدم إخلاص النّية في الصّيام، فيصومون رياءً وشهرةً، ولا يصومون من أجل قوّة الإيمان، وإرادة مغفرة الذّنوب. عدم اغتنام الأوقات الفضيلة، ومنها وقت قيام اللّيل، فينشغلون عنه، ويتركونه من شدّة تكاسلهم وتثاقلهم عن أداء الطّاعات، فبذلك يُحرموا من الأجر الكبير. عدم التّحلي بالأخلاق الحسنة، والإكثار من ارتكاب المعاصي والذّنوب، والتّلفظ بالأقوال القبيحة. إضاعة الصّلاة، وعدم أدائها جماعة في المساجد، وهجر القرآن الكريم، بعد تلاوته، أو تدبرّه. عدم الإنفاق على الفقراء والمساكين من حيث تفطيرهم أو كسوتهم. عدم الإقبال على أعمال الخير، وهجر القرآن الكريم