شهر رمضان المبارك كلمة رمضان مشتقة من الرمض؛ وهو شدّة وقوع الشمس على الرمل، ويعرّف شهر رمضان بأنّه الشهر التاسع من شهور السّنة الهجرية، حيث يأتي بعد شهر شعبان وقبل شهر شوال،[١] ومن الجدير بالذكر أنّ شهر رمضان أعظم الشّهور في الإسلام، إذ إنّ الله -تعالى- ميّزه عن سائر أشهر السّنة بالعديد من الخصائص؛ منها أنّه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).[٢][٣] وقد فرض الله -تعالى- صيام رمضان على المسلمين، وجعله ركناً من أركان الإسلام، وجعل فيه ليلة القدر التي تفضُلُ ألف شهراً بالأجر، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)،[٤] بالإضافة إلى أنّ صيام شهر رمضان وقيامه سببٌ من أسباب مغفرة الذّنوب، وفيه تصفّد الشّياطين، وتُفتح أبوب الجنّة، وتُغلق أبواب النّيران، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (إذا جاء رمضان فُتِّحت أبوابُ الجنَّة، وغُلقَت أبوابُ النَّارِ، وصُفدت الشَّياطين).[٥][٣] أفضل الأعمال في شهر رمضان هناك العديد من الأعمال التي يترتب على القيام بها في شهر رمضان أجرٌ عظيمٌ، منها:[٦] قراءة القرآن الكريم: من أفضل الأعمال في رمضان قراءة القرآن الكريم بتدبرٍ وخشوعٍ، وقد دل على ذلك مدارسة جبريل -عليه السلام - القرآن الكريم للنبي -عليه الصلاة والسلام- في رمضان، بالإضافة إلى حرص الصّحابة والسّلف الصالح -رضي الله عنهم- على قراءة القرآن الكريم في رمضان، حيث رُوي أنّ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان يختم كتاب الله في كل يوم مرةً، وكان الشافعي -رحمه الله- يختم القرآن الكريم ستين مرةً في رمضان. الصدقة: تعد الصدقة في رمضان من الأعمال العظيمة، فقد رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيّ الصدقة أفضل؟ فقال: (صدقةٌ في رمضان)،[٧] وكان النّبي -عليه الصلاة والسلام- أجود النّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وللصدقة في رمضان صورٌ عديدةٌ منها إطعام الطعام، حيث كان السلف الصالح -رحمهم الله- يحرصون على إطعام الطعام، ويقدّمونه على غيره من العبادات، امتثالاً لقول الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)،[٨] ومنها أيضاً تفطير الصّائمين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فطَّر صائماً كان له مثلُ أجرِه).[٩] الصّيام: يُعدّ صيام شهر رمضان المبارك من الواجبات التي فرضها الله -تعالى- على المسلمين، كما أنّه ركنٌ من أركان الإسلام، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (بُني الإسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحمَّداً رسولُ اللَّه، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة، والحجِّ، وصوم رمضان).[١٠] حيث إنّ الصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل ينبغي على الصائم اجتناب كل ما حرّم الله -تعالى- من الأقوال والأعمال، لأنّ المقصود من الصّيام تعظيم حرمات الله تعالى، وطاعته عزّ وجلّ، وجهاد النفس على ترك أهوائها ورغباتها في سبيل مرضاة ربها، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (الصِّيام جُنَّةٌ، وإذا كان يومُ صوْمِ أحدكم فلا يرفُث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله، فليقل إنِّي امرؤٌ صائمٌ)،[١١] فإذا أخلص المسلم نيته في الصوم لله تعالى، واجتنب ما نهى عنه، والتزم ما أمر به، نال المغفرة والعتق من النّار، وقُبل صيامه.[١٢] صلاة التراويح: تعد صلاة التروايح من أفضل الأعمال في رمضان، وقد بيّن العلماء أنّها شعيرة من أهم شعائر الإسلام، فقد سنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة التراويح لأمة الإسلام، وحثّهم عليها، مصداقاً لما رُوي عنه أنّه قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر لهُ ما تقدَّم من ذنبه)،[١٣] وقد بيّنت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أقام صلاة التراويح في جماعة فترة من الزمن، ثمّ توقف عن أدائها في جماعة؛ خشية أن تُفرض على الأمة، وثبت أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي التراويح أحد عشرة ركعةً، واستمر المسلمون في أدائها بشلكٍ منفردٍ، أوفي جماعاتٍ متفرقةٍ، إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على إمامٍ واحدٍ، وهو أبي بن كعب رضي الله عنه.[١٤] ثبوت دخول شهر رمضان وخروجه بيّن أهل العلم أنّ دخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين، وفيما يأتي بيانهما:[١٥] رؤية الهلال: حيث استدل أهل العلم على ثبوت دخول شهر رمضان برؤية الهلال بقول الله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)،[١٦] بالإضافة إلى ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إذا رأيتُمُوهُ فصُومُوا، وإذا رأيتُمُوهُ فأفطرُوا، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له)،[١٧] حيث إنّ رؤية الهلال تثبت بشهادة رجل واحد عدل عند أغلب العلماء، كالإمام الشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وقال ابن قدامة المقدسي -رحمه الله- أنّه قول عمر، وعلي، وابن المبارك، وابن عمر رضي الله عنهم، واستدل العلماء على هذا القول بما رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (تراءى النَّاسُ الهلال فرأَيته فأخبرتُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فصام وأمر النَّاس بصيامه)،[١٨] أمّا خروج شهر رمضان فيثبت برؤية هلال شوال، ولكن لا تثبت الرؤيا إلا بشاهدين عدلين بإجماع الأئمة الأربعة. إكمال عدّة شعبان ثلاثين يوماً: حيث يجب إتمام عدّة شعبان ثلاثين يوماً في حال لم تثبت رؤية الهلال في التاسع والعشرين من شعبان، إذ إن الشهر الهجري لا يزيد عن ثلاثين يوماً، ولا يقل عن تسعةٍ وعشرين، وفي حال عدم رؤية الهلال في ثلاثين من شعبان، يُتمّ المسلمون شعبان ثلاثين يوماً، ويكون اليوم التالي أول أيام شهر رمضان، أما خروج شهر رمضان فيثبت بإتمام عدّة رمضان ثلاثين يوماً في حال عدم رؤية هلال شوال