صيام رمضان وبعض أحكامه يعرف الصيام بأنّه التعبّد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن جميع المُفطرات من طلوع الفجر إلى حين غروب الشمس، وصوم رمضان هو أحد أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده، وللصيام ركنان رئيسيان، أولهما ركن النية، وليس من الواجب التلفظ بها فمحلّها الأصليّ هو القلب، ولا يلزم تجديدها في كلّ ليلة من ليالي رمضان، بل يكفي الإنسان نيّته التي عقدها في بداية الشهر على صيامه، أمّا الركن الثاني للصيام فهو الإمساك عن المفطرات، فيجب على الصائم ترك المفطرات طيلة فترة الصيام أي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والمفطرات هي مفسدات الصيام، وأصولها ثلاثة؛ الأكل والشرب والشهوة، وتتفرع من خلالها إلى سبعة أنواع هي الجماع، والطعام، والشراب، وإنزال المني بشهوة، وما كان كافياً للإنسان عن الأكل والشرب كالإبر المغذية أو حقن الدم، وإخراج القيء بشكل متعمد، وخروج الدم بالحجامة أو بالحيض والنفاس عند المرأة، فإذا وقع الإنسان بشيءٍ من هذه الأمور متعمداً وهو متذكر لصومه وعالم بالحكم فسد صيامه.[١][٢] وللصيام مكروهات أيضاً، منها جمع الريق ثم ابتلاعه، ومنها تذوق الطعام لغير حاجة، والقُبلة التي تحرّك الشهوة، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق، كما يكره في الصيام مخالفة بعض المندوبات، فلا يجدر بالصائم أن يتعمّد تأخير الإفطار، أو أن يواصل الصوم دون أكلة السحور، أو التلفظ بالهجر من الكلام عند الغضب، أو إضاعة الوقت بمشاهدة التلفاز، وزاد المالكية على هذه المكروهات شمّ الطيب خلال الصيام، والإكثار من النوم أثناءه، وفضول القول والعمل، ويسنّ للمسلم في رمضان فعل بعض الأمور، كالإكثار من تلاوة القرآن الكريم ومدارسته، والاجتهاد في الدعاء، والحرص على إخراج الصدقات، والمداومة على صلوات النوافل التي تجبر نقص الفريضة، ويكون ذلك من خلال صلاة الضحى والسنن الرواتب، ويسنّ للمسلم أيضاً أن يعجّل في إفطاره عند المغرب، ويحرص على الدعاء عند الإفطار مع البدء بالتمر إن كان متوفراً وإلا فبالماء، ويسنّ له كذلك أن يفطّر الصائمين ويعتكف في العشر الأواخر من رمضان، مع الحرص على قيام لياليه كلّها.[٢] الاستعداد لاستقبال شهر رمضان ينبغي لالمسلم أن يستثمر مواسم الطاعات، وأن يحرص على السبق والمنافسة فيها، وحتى يتمكن من الاستفادة من رمضان فلا بدّ له من الاستعداد لاستقباله، وفيما يأتي بيان بعض الوسائل المعينة على ذلك:[٣] الإلحاح على الله سبحانه وتعالى بالدعاء أن يبلغ الإنسان شهر رمضان وهو في صحةٍ وعافية، حتى يكون نشيطاً على العبادة فيه، فقد كان السلف رضي الله عنهم يدعون الله سبحانه وتعالى أن يُبلّغهم رمضان، حتى إذا بلغوه وانقضى دعوا الله عز وجل أن يتقبله منهم. حمد الله سبحانه وتعالى وشكره على نعمة بلوغ رمضان عند دخوله، فإنّ من أكبر نعم الله على العبد أن يعينه على طاعته ويوفقه إلى عبادته، فمجرد دخول شهر رمضان على الإنسان وهو بصحة وعافية نعمةٌ كبيرة تستحق الشكر. استقبال رمضان بالفرح والسرور والابتهاج، فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبشّر أصحابه رضي الله عنهم عند دخول شهر رمضان، وكان الصحابة كذلك يستقبلون هذا الشهر العظيم بالفرح والسرور. التخطيط المسبق لرمضان، والعزم على الاستفادة منه والاستكثار من الخير فيه، ويكون ذلك بوضع برنامج عملي لاغتنام لحظات رمضان كلها بأيامه ولياليه في طاعة الله عز وجل. عقد النية والصدق مع الله سبحانه وتعالى فيها بأن يغتنم الإنسان ذلك الشهر ويجتهد فيه أيّما اجتهاد، لأنّ من يصدق الله العزيمة يصدقه الله تعالى فيعينه ويوفقه وييسر له سبل الخير. تعلّم أحكام الصيام وقراءة فقهه وما يتعلق به من أمور شرعية، فالواجب على المؤمن أن يعبد الله سبحانه وتعالى على بصيرة، ولا يعذر بجهله في الفرائض التي أمره الله تعالى بأدائها، لذلك فعليه أن يجتهد في تعلم أحكام الصيام ومسائله قبل دخول رمضان. معاهدة النفس على ترك المعاصي والآثام والذنوب، والإقلاع عنها مباشرة مع العزم على عدم العودة إليها، فرمضان شهر التوبة، ولا بدّ للمسلم أن يتوب فيه إلى الله تعالى توبة صادقة. تهيئة النفس والروح لاستقبال شهر رمضان، ويكون ذلك من خلال قراءة بعض الكتب وسماع بعض المحاضرات التي تبيّن مكانة الصوم وفضله، وبذلك تستعد النفس للقيام بالطاعات. الإعداد للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في شهر رمضان، ويكون ذلك بتحضير بعض الدروس والكلمات لإلقائها في المساجد ونحوها، وتحضير بعض الكتيبات النافعة من أجل توزيعها على الناس، كما يمكن إعداد هدية خاصة بشهر رمضان تحتوي على بعض الكتيبات لإعطائها لأهل الحيّ والمسجد، ومن المهمّ كذلك التذكير بالفقراء والمساكين، والحرص على تقديم الصدقات لهم وإعانتهم. فتح صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى بالتوبة، ومع الرسول صلى الله عليه وسلم بالاتباع والاقتداء بأوامره ونواهيه، ومع الوالدين والأقارب والزوجة والأولاد وجميع الأرحام بالبرّ بهم وصلتهم، ومع المجتمع بأكمله بحيث يكون فيه الإنسان صالحاً مصلحاً نافعاً لغيره. الأعذار المبيحة للفطر في رمضان يعدّ صيام رمضان واجباً على كلّ مُكلّف عاقل بالغ، إلّا أن هناك بعض الأعذار التي قد تطرأ على الإنسان فتصرف عنه الأمر بوجوب الصيام، وتبيح له الفطر، وفيما يأتي بيان هذه الأعذار:[٤] المرض، وضابطه أن يكون المرض ممّا يخاف مع الصيام فيه حصول الضرر والهلاك للإنسان، أو حصول مشقة شديدة له تزيد في مرضه، أو تؤدي إلى تأخر شفائه. الكبر والهرم، فالمرأة الكبيرة والشيخ العجوز غير قادران على الصيام في رمضان، فيُباح لهما الإفطار فيه لذلك. الحمل والرضاعة للمرأة، فقد اتفق الفقهاء على جواز إفطار المرأة الحامل أو المرضع إذا خشيت على نفسها أو ولدها التضرر بذلك. السفر، شريطة أن لا يقصد الإنسان التحايل على الصيام من خلال السفر، والسفر المبيح للفطر هو السفر الطويل الذي تقصر فيه الصلاة. دفع الضرورة الحاصلة، كإنقاذ غريق مثلاُ، أو إخماد حريق، فإن لم يتمكن الإنسان من دفع الضرورة وهو صائم يرخص له في الفطر