مكان وفاة إدريس عليه السّلام ذكر الله -تعالى- نبيه إدريس في القرآن الكريم، وأثنى عليه فيه، وأجلّ مكانته وصفاته، قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا*وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)،[١] وانقسمت تفسيرات العلماء للمكان العليّ الذي خُصّ به إدريس -عليه السّلام- إلى أحد أمرين؛ إمّا أنّ العلو والرفعة معنويّةٌ، بأن رفعه الله -تعالى- منزلةً عليّةً بين الناس في الدنيا وفي الجنّة يوم القيامة، وأنّ هذا العلوّ إنّما هو شرف النبوّة، وأمّا التفسير الآخر؛ بأنّ هذا العلوّ إنّما هو علوٌّ حقيقيٌّ؛ بمعنى أنّ الله -تعالى- رفعه بجسده إلى السماء، وأنّه لم يمت في الأرض أصلاً، ويداخل هذه التفسير بعض الإسرائيليّات التي لم تثبت صحّتها قطعاً، ولكنّ من العلماء من نقلها كما جاءت، وخلاصة الأقوال أنّ نبيّ الله إدريس قد قبض ملك الموت روحَه في السماء السادسة، وقيل في السماء الرابعة؛ وهو المكان الذي رآه فيه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في رحلة الإسراء والمعراج.[٢][٣] نبيّ الله إدريس اختلف كلام العلماء في نسب نبيّ الله إدريس عليه السّلام، لكنّ المتّفق عليه أنّه متّصلٌ في نسبه إلى شيث، ثمّ إلى نبيّ الله آدم عليهما السلام، وقيل إنّ أصل اسمه مأخوذٌ من الدراسة؛ وذلك لكثرة ما درس إدريس -عليه السّلام- للصحف التي أنزلت على آدم وابنه شيث عليهما السّلام، وكان نبيّ الله إدريس -عليه السّلام- أوّل من خطّ بالقلم فخطّ هذه الصحف، وأوّل من خاط الثياب وقطّعها كذلك، قيل إنّ إدريس ولد في مصر، وقيل في بابل وهو أرجح الأقوال وأقربها إلى الصواب، ونشأ في بابل، ودعا قومه إلى شريعة الله -تعالى- المتمثّلة بتوحيده سبحانه، وتنزيهه عن كلّ معبودٍ سواه، وكان من قومه أن قبلوا دعوته، ووحّدوا ربّهم عزّ وجلّ، وبقي حال الناس كذلك حتّى بثّ إبليس ضلالاته في الأقوام، فعبدوا الرجال الصالحين من دون الله -سبحانه- وجعلوا له شركاء.[٤] العلوم التي تعلّمها النبيّ إدريس قيل إنّ إدريس -عليه السّلام- كان يتكلّم اثنتين وسبعين لغةً، يتحدّث بها مع الأقوام التي بُعث إليهم، وقيل إنّه تعلّم العلوم وعلّمها لقومه، ومنها أخذ الحكمة، وعرف علم النجوم؛ ففهّمه الله -تعالى- أسرار النجوم ومواقعها، وعلّمه الفلك عامّةً، والأرقام، وعدد السنين، وطرق الحساب، وهو أوّل من فهم علم الطبّ، وأوّل من أنذر بقرب الطوفان، وأوّل من رسم قواعد تمدين المدن.[٤] أخلاق إدريس وعبادته ودعوته إضافةً إلى كلّ العلوم التي فهمها إدريس وتعلّمها، وعلّمها للناس من حوله، فقد حمل خصال الخير والأخلاق الفضيلة بعمومها، فكان إدريس -عليه السّلام- زاهداً في الدنيا الفانية، آمراً قومه بالعدل وتجنّب الظلم، وأمرهم بالصلاة، والصيام، والصدقة، وجاء بالطهارة من الجنابة، والانتهاء عن شرب الخمر