أرسل الله تعالى الأنبياء والرسل ليُخرجوا الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ومن بين هؤلاء الأنبياء الذين خصّهم الله تعالى بالرسالة هو النبي عيسى -عليه السلام- الذي أرسله الله تعالى إلى بني إسرائيل، وقصة النبي عيسى تختلف عن قصص الأنبياء لتميزه عن باقي البشر بأن الله -تعالى- لم يجعل له أبًا، وولدته أمه دون زواج ودون أن يمسّها بشر، لذلك يُعرف بأنه عيسى بن مريم، وأمه هي مريم بنت عمران، وهي امرأة صالحة، وقد بشرتها الملائكة بأنّ الله اصطفاها على نساء العالمين وطهرها، حيث بشرتها الملائكة بأنّ الله -تعالى- قد وهب لها ولدّا، وأسماه المسيح عيسى بن مريم. علّم الله النبي عيسى -عليه السلام- البيان والحكمة، وأعطاه من الصفات والمعجزات التي لم ينلها أحدٌ غيره من البشر، إذ يقول الله -تعالى- في محكم التنزيل: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}[١]، ومن معجزات النبي عيسى -عليه السلام- أنّه تكلّم في المهد وهو صغير، وذلك عند مجيء أمه مريم إلى قومه وهي تحمله بين يديها بعد ولادته، فاستنكر قومها رؤيتهم لهذا الولد وهم يعلمون أن مريم ليست امرأة متزوجة، فمن أين جاءت به؟، لكن مريم لم تجبهم، وأشارت إلى النبي عيسى كي يُكلموه، فأجابهم وهو طفلٌ في المهد وأخبرهم بأنه عبد الله الذي جعله مباركًا وأوصاه بالصلاة والزكاة. أنزل الله إلى النبي عيسى -عليه السلام- الإنجيل ليكون نورًا وهدى وتصديقًا لما جاء في التوراة، وكلفه الله بدعوة بني إسرائيل ليعبدوا الله وحده لا شريك له، وأمرهم بأن يعملوا بأحكام الإنجيل، وقد بشر النبي عيسى -عليه السلام- برسولٍ يأتي من بعده وهو النبي محمد -عليه السلام-، وقد أيّد الله -تعالى- نبيه عيسى بالمعجزات، فقد كان يُحيي الموتى بقدرة الله -تعالى-، كما كان يخلق من الطين على هيئة الطير، فينفخ فيه فيصبح طيرًا بأمر الله، وكان يُبرئ الأبرص والأكمه، ويُخبر الناس بما يأكلون من طعام وما يدّخرون منه في بيوتهم، لكنّ بني إسرائيل كذبوه وعادوه واتهموا أمه مريم بالفاحشة. حاد بنو إسرائيل عن الحق، وتجاوزا حدود الله -تعالى-، ولم يؤمن مع النبي عيسى إلا الضعفاء والفقراء، واتفق بنو إسرائيل على قتله، وحرضوا الناس عليه، واتفقوا أن يصلبوه، وهذا ما ظنوه فعلًا، لكن الله -تعالى- أنقذه من الصلب ورفعه إليه، وشبه لليهود أحدًا يشبه النبي عيسى، وهو الرجل المنافق الذي وشى به لهم، فصلبوه، أما النبي عيسى -عليه السلام- فقد رفعه الله إلى السماء، وسينزل بأمر الله يوم القيامة ويتبع النبي محمد -عليه السلام-، وسيكذب اليهود الذين كذبوا حين قالوا بأنهم صلبوه