كان من هدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وخُلُقه أن يستر على الناس ولا يُطلع أحداً على أخطائهم؛ وذلك لأنّ الستر يحفظ عورات المسلمين، ويُمسك عن الخوض في الأمور التي تسوؤهم، ممّا يُؤدي إلى انتشار المحبة والأخوة بينهم، والأصل في الإنسان المسلم أن يحرص على ستر أخيه المسلم ونُصحه، لا على هتك ستره وفضحه، ولذلك فقد ورد في الحديث الشريف عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ)،[١] ثمّ إن للمخطئ العاصي حقٌ على المجتمع المسلم بأنّ ينصحه ويأخذ بيده إلى طريق الصواب دون أن يفضحه، وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إذا رأى شيئاً خاطئاً من أحدٍ لمّ يُبادر بالتصريح باسم فاعله، بل كان يُلمّح إلى الأمر، ويعرّض به؛ حتى يستر على فاعله.[٢] نيل ستر الله يُحب الله -تعالى- الستر على عباده، ولذلك فإنّ من أسمائه الحسنى السّتير؛ وحتى ينال الإنسان رحمة الله -تعالى- عليه بالستر والعفو فلا بدّ له من التحلّي ببعض الآداب والشروط، وفيما يأتي بيانها:[٣] تجنّب الوقوع في الرياء، والحرص على الإخلاص لله -تعالى-. المداومة على التوبة إلى الله -عزّ وجلّ- من الذنوب والخطايا، والحرص على العودة والإنابة إليه دائماً؛ فالله -عزّ وجلّ- يقبل توبة العبد ويتجاوز عن سيئاته. الستر على النفس بعدم المجاهرة بالمعاصي والآثام، فيُندب لمن وقع في معصيةٍ ألّا يُخبر أحداً بها، بلّ يُسارع إلى التوبة والاستغفار عنها. أحوال الناس في الستر عليهم الأصل في المسلم أن يحرص على ستر أخيه المسلم، إلّا أن الناس في هذا الأمر على حالين:[٤] مستورٌ بالأصل؛ فلا يُعرف عنه وقوعه في المعاصي والمنكرات، إلّا أنّه قد يقع في هفوةٍ مُعينةٍ يوماً ما، وحينها لا يجوز للمسلم أن يكشفها أو يُحدّث الآخرين بها، فهذا يُعدّ من قبيل الغيبة المحرّمة، بل يتوجّب عليه ستره ونصحه. مشهور بمعاصيه؛ وذلك لمجاهرته بها وعدم مبالاته بفعلها، فهذا يُعدّ فاجراً مُعلناً، ومثله ليس له غيبةٌ، ويجوز أن يُبحث في أمره حتى تُقام عليه الحدود.