التاريخ وعلاقته بالمأثورات الثقافية
جميعنا يعلم بأن التاريخ بمثابة اثبات للشخصية الجماعية لمجتمع ما ، بل وعليه تعرف مكانة اي حضارة
في العالم ، ومنه ضظهر المؤرخون وهم اولئك الأشخاص الذين يسعون لحفظ الأحداث وتدوينهـــــا ومنه
ظهر تخصص التاريخ بالدراسات العليا ، فالتاريخ اذا ليس مجرد اوراق تحفظ أو تجدد ، بل ظاهرة لــها
عروقها وعلاقاتها مع بقية الظواهر الاجتماعية...
فيا ترى ما علاقة التاريخ بالظاهرة التراثية ؟!
كما سبق وان اشرنا فإن التاريخ يمتاز بخاصية التدوين وهي اسلوب لحفظ الأحداث ، ولو نعمق في نظرتنا
اكثر سنجد أن هذه التفاصيل والأحداث التي يسعى التاريخ للحفاظ عليها وتدوينها مجرد سلوكات حدثت في
المجتمع المعني ، بل ويمكن ان تتكرر متى تكررت نفس الأسباب والظروف ، مما يعطي للتاريخ هـــنا دور
السيد الأمين ، وظيفته حفظ تراث الأمة والذي تجسد كما قلنا في احداثها ..
بيد أن فعالية العنصر التاريخي في الحفاظ على هذا التراث لما تصبح اليوم كما عهدناه عنها سابقا ،والسبب
ظهور ما يعرف بتحريف الوقائع اضافة الى انتشار الشائعات والتي سرعان ما تدخل عن قصد او خطأ ضمن
الصفحات المدونة للتاريخ مما يجعلها جزء طفيليا من التراث وفي الاصل لا ينتمي له !!
هذا كله يشير الى ان طبيعة التدوين التاريخي هي التي تحدد علاقة التاريخ بالتراث فإن صلح في تدوينه وامتاز
بموضوعيته وابتعد عن الشائعات فسيساهم بشكل كبير في الحفاظ على تراث الأمة أما اذا جرى وراء الزيــف
والتحريف فسيكون طرفا سلبيا في تراث الامة والاسوأ ان لم يتم تدارك الامر ...
من جهة اخرى نجد التراث لا يقف صامتا في هذا التفاعل ، فالمأثورات هي الاخرى له دور بالغ الاهمية في
تأصيل التاريخ بكل احداثه فالمجتمع بتداوله لمختلف الأحداث التاريخية لا سيما اذا كررها يثبت في كل مرة
صحة هذا التاريخ مما يعطيه نوعا من التجديد والاستمرارية ... مما يجعلنا نحكم بأن العلاقة بين التاريخ
والمأثور الثقافي تكاملية خالصة اساسها الحفظ وداءها الضياع !!