معلومات ثقافية حول حياة خالد بن يزيد الاموي رائد الكيمياء الاسلامية منقولة
بقلم يحيي بشير حاج يحيي رائد الكيمياء الاسلامية
هو خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان عاش مابین ۱۳ – ۹۰ للهجرة، وقد آثر العلم على الحكم، وزهد بالمال والجاه. فانصرف الى الاشتغال بالبحث والتأليف .. كان خالد ذا خلق رفيع، وهمة عالية وسلوك سليم، فلم يعرف عنه ميل الي اللهو والترف، ولم يفتر بكثرة المال وشرف الاصل ورفعة المكانة الدنيوية، لأنه عرف قدر نفسه وقيمة الدنيا فاتخذها سبيلا الى الآخرة. وفي اخلاقه صفات الصالحين الذين عرفوا كيف يوفقون بين دنياهم و أخرتهم. يقول في شعره: اعمل لما بعد الحياة ولاتكن عن حظ نفسك في حياتك غافلا واضعا نصب عينيه قول الله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) صدق الله العظيم .
كما كان له اهتمام بسيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – يقرؤها لنفسه، وينقلها للاخرين، مستفيدا منها في أخلاقه وسلوكه وقد حفظ القرآن الكريم فنشأ فصيحا بليغا، وكان الى جانب ذلك جوادا ?ریما، يروى أن رجلا قال له لقد قلت فيك بيتين من الشعر ولست اقولهما حتي تعدني بانك تعطيني ما اريد، فقال خالد : قل ولك ما تريد فأعطاه مائة الف درهم.
واما ذكاؤه وفطنته فتكشف عنهما هذه الحادثة التي جرت له مع احد الرهبان اذ خرج ذات يوم متنكراً فتقابل مع راهب فسأله الراهب : انت من امة محمد ؟ فقال خالد : نعم ، فقال الراهب : امن علمائهم او من جهالهم، قال خالد : لست من علمائهم ولا جهالهم، فقال الراهب : ألستم تزعمون في كتابكم ان اهل الجنة ياكلون ويشربون ولا يبولون، وقد اراد الراهب احراج خالد بهذا السؤال ظناً منه انه لا يجد له جواباً مقنعاً .
ولكن خالد كان فيه من الذكاء ولديه من العلم ما يسكت هذا الراهب فقال له مقرباً الامر بمثال مشاهد : مثل هؤلاء في الجنة كمثل الصبي في بطن امه، يأتيه رزق الرحمن بكرة وعشيا صباحا ومساء لايبول، ولايتغوط، فأدرك الراهب انه خاطب عالما فقال لخالد : ألست تزعم أنك لست من علمائهم؟؟ فأجابه خالد بتواضع: بلى ! ما أنا من علمائهم، ولامن جهالهم.
وكان لخالد اهتمام بالاطلاع على ما للأمم الأخرى من العلوم والمعارف المختلفة، فأحضر العلماء ليترجموا له العلوم الكيميائية من اللغة اليونانية والقبطية الى اللغة العربية، كما اهتم بالطب، وربطه بالكيمياء لاختراع العقاقير التي تخفف عن الناس ألامهم. والى جانب ذلك اهتم بعلم الفلك وكتبه ولم يكتف بالدراسة النظرية، بل عمل على اجراء التجارب والتطبيقات ويروی آن مجلسا ضم الخليفة عبد الملك بن مروان وعددا من اصحابه، فجرى الحديث حول الماء وامكانية تحليته، فقال خالد: ان شئت أعذبت لكم ماء البحر (جعلته عذبا صالحة للشرب) ولم يكن هذا مجرد ادعاء منه، بل احضر الأواني، وشرح للحاضرين الطريقة التي يتبعها في ذلك، فكبر في أعينهم، وازدادوا به إعجابا و تقديرا.
واذا كان خالد قد احضر المترجمين ليترجموا له فإنه لم يكتف بذلك بل كتف والف وبذل الجهد في ميدان العلم وله عدد من المؤلفات منها كتاب الرحمة في الكيمياء وكتاب الحرارات وكتاب الصحيفة الكبير وغيرها، فهو اول من اهتم بالحركة العلمية في بداية الدولة الاسلامية في عهد بني امية، وحياته تدل علي همة عالية وادب وافر، وانه عرف قيمة الوقت فلم يرض لعمره ان يضيع دون فائدة، ولشبابه ان يفني من غير جدوي فانشغل بما يترك الذكر الحميد والاثر الطيب فنقش اسمه في سجل العلماء العظماء.