((يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ))
أي إذا حفظت اللهَ في جوارحك، إذا غضّت هذه العين عن محارم الله، وإذا استنكفت هذه الأذن أن تسمع ما يغضب اللهَ عز وجل، وإذا انطلقت هذه اليدُ فيما يرضي الله، وإذا انطلقت رجلُ الإنسان إلى مكان فيه خير، إلى مجلس علم، إلى مسجد، إلى إصلاح بين اثنين، إذا كانت هذه الجوارح من عين و أذن و لسان و يد ورجل، إذا انطلقت هذه الجوارح، إذا انطلقت هذه الجوارح إلى طاعة الله عز وجل، أي إذا حفظت أمر الله عز وجل، و لم تخترقه عندئذ تولى الله سبحانه و تعالى حفظها من التلف و العطب، لذلك هذا الذي عاش سبعا و تسعين عاما، متمتعا بأعلى درجة من الصحة، سئل مرة: ما هذه الصحة يا سيدي ؟ فقال: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها اللهُ علينا في الكِبر " من عاش تقيا عاش نقيا
((احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ))
احفظه في كسب المال، أي راعِ أمره في كسب المال يحفظ لك المال، راع أمره في اختيار الزوجة يحفظ لك سعادتك الزوجية، من تزوج المرأة لجمالها أذلّه الله، و من تزوجها لمالها أفقرها الله، ومن تزوجها لحسبها زاده لله دناءة، فعليك بذات الدين تربت يداك " إذا حفظت الله، أي حفظت أمر الله في شأن زواجك حفظ الله لك هذا الزواج من أن يتصدّع، من أن يصاب من الشقاء الزوجي، إذا حفظت الله عز وجل في كسب المال حفظ الله لك هذا المال، إذا حفظته في عينك حفظ الله لك عينك، إذا حفظته في سمعك حفظ الله لك سمعك، إذا حفظته في قوتك حفظ الله لك قوتك ومتّعك بها، حتى الموت، إذا حفظت الله في أيِّ شيء حفظك الله سبحانه و تعالى، و كان جزاء طاعته جزاء مقدَّما في الدنيا قبل الآخرة
(( احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ))
أريد معنى " احفظ الله " أي احفظ في هذا الموضوع أمر الله، لا تنس أمر الله، حتى إن بعضهم يرى من معاني البسملة في بدء كل شيء ألاّ تنس أمر الله، إذا بسملت قلت: بسم الله الرحمن الرحيم، أي تذكر أمر الله في هذا الموضوع، لكن الإنسان أحيانا يبسمل و لا يفقه معنى البسملة، يبسمل على أمر محرم، بسم الله الرحمن الرحيم، أي يجب أن تذكر أمر الله
((إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ))
وسبحان الله لما الإنسان تبقى له منافذ مفتوحة من بني البشر يكون دعاؤه فاترا، و استعانته بالله ضعيفة، فحتى تغلق جميع الأبواب الأرضية عندئذ تُفتح أبواب السماء، فالإنسان حتى يعينه ربُّنا على التوحيد يغلق له كل أبواب بني البشر، هذا يصده و هذا يعتذر وهذا يتنصل، إلى أن يقول: يا رب ليس لي إلا أنت، عندئذ يأتيه الجواب
((وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ))
هذا هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد،" لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ " أي بنو البشر، خمسة آلاف مليون لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لا يستطيعون، إلا أن يأذن الله، إذًا علاقتك مع الله، ولا ينبغي أن تكون العلاقة مع غير الله عز وجل، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ