بسم الله الرحمن الرحيم
السلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
لا تنتظر شكراً من أحد
إذا صنعت معروفاً أو اجتهدت في عمل ما فلا تنتظر الشكر من أحد، واعلم أن البشر قد قصروا في الشكر تجاه الخالق عز وجل وهو الذي رزقهم وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة،فما كان من أكثرهم إلا الجحود والنكران، فهل تنتظر أنت أيها الإنسان أن يشكرك أمثال هؤلاء البشر،
خلق الله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه،فعبد الكثير غيره،وشكر الغالب سواه،
لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس،
فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك،وأحرقوا إحسانك ،ونسوا معروفك،
بل ربما ناصبوك العداء،ورموك بالحقد الدفين،
لا لشيء إلا لأنك أحسنت إليهم (وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ)
اعمل الخير لوجه الله تعالى، واصنع المعروف لكل الناس قدر استطاعتك،لأنك الفائز على كل حال،ثم لا يضر جحود من جحده،واحمد الله لأنك المحسن،وهو المسيء واليد العليا خير من اليد السفلى،ولا تنتظر الشكر من أحد(إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً)
لا تفاجأ إذا أهديت بليداً قلماً فكتب به هجاءك،أو منحت جافياً عصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه،فشج بها رأسك،
هذا هو الأصل عند هذه البشرية الجحود مع باريها جل في علاه، فكيف بها معي ومعك,
الإحسان إلى الغير انشراح للصدر
أول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد ،يجنون ثمرته عاجلاً في نفوسهم،وأخلاقهم،وضمائرهم،
فيجدون الإنشراح والإنبساط،والهدوء والسكينة,
فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفاً
وأسد له جميلاً تجد الفرج والراحة,
أعط محروماً،انصر مظلوماً،أنقذ مكروباً،أطعم جائعاً،عد مريضاً ،أعن منكوباً،
تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك,
إن فعل الخير كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه،
وعوائد الخير النفسية ،مرت قلوبهم بالبر والإحسان,
إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم،قد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال،قال لي النبي صلى الله عليه وسلم(لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)
ولو كان هذا المعروف،أن تلقى أخاك بوجه طَلقٍ،أي،وجه ضاحك مُستبشر،وجه الانبساط،ولإحسان إليه، وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن، ودَفع الوَحشة عنه، وجبْر خاطره، وبذلك يحصل التآلف المطلوب بين المؤمنين،
لأن الظاهر عنوان الباطن،وبذلك يشعر لمحبتك له،وفرحك بلقياه،والمطلوب من المؤمنين التواد والتحاب،
إظهارك له البَشَاشَة،والبشر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة،التبسم والبِشْر من آثار أنوار القلب(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ)قال ابن عيينة،والبَشَاشَة مصيدة المودَّة،والبِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن،
قال ابن بطَّال(فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة)
فلا ينبغي لأحد أن يحتقر من المعروف شيئاً يقدّمه لإخوانه،من ابتسامة، أو إسماع كلمة طيبة،أو رفع أذية،أو قضاء حاجة، أو حلّ مشكلة، أو إدخال سرور بأي أنواع السرور،فلعل الله أن يرضى عن شيءِ من تلك الأعمال، فيسعدَ صاحبها سعادة لا شقاوة بعدها،
العمل من أجل الله عز وجل وإخلاص النية له سبحانه وتعالى،ولا ننتظر الشكر من أحد،
هناك العديد من البشر حينما يجتهدون في مكان معين وتنتهي مدة عملهم بعد جهودهم الواضحة ويتركون هذا المكان ،لا يجدون من يشكرهم ويندمون على العمر الذي ذهب وضاع منهم في خدمة هذا المكان،وكأنهم يجهلون أن رضا الناس غاية لا تدرك وعندما لم يجدوا الشكر من البشر انقلبوا على أعقابهم وامتنعوا عن خدمة الآخرين وأخذوا يعملون فقط من أجل ذواتهم وهنا تقع الكارثة ويصبح كل شخص يسعى إلى العمل من أجل مصلحته الشخصية فقط وتلك هي الأنانية، والأنانية معول يهدم أركان المجتمع إذا انتشرت بين أفراده،
مما لا شك فيه أن شكر الناس على جهودهم حتى وإن كانت قليلة واجب علينا وهو من الذوق المتعارف عليه ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله،ولماذا يقصر البعض في هذا الواجب ويتجاهلون جهود الآخرين،وافتقدنا روح الوفاء والاعتراف بالمعروف لأهل الفضل والثناء،
فأصبحنا ننكر جهود الآخرين لمجرد عدم ارتياحنا لهم أو تمكن الحسد من قلوبنا،
اجعل همتك دائماً عالية، ونظرتك ثاقبة،ونيتك خالصة، وعزيمتك صادقة، وحقق الإنجاز تلو الإنجاز،ولا تلتفت لأعداء النجاح لأنهم لا يعملون لأن قدراتهم بسيطة لا تواجهك ولا تسايرك،
لا تنتظر الشكر من أحد، ويكفي ثواب الرب الصمد،وما عليك ممن جحد وحقد وحسد.
منقول
