الحمدلله حافظ قلوب الصادقين عن كل مايشوش عليها صفو المعاملة معه، الذي يقذف خواطر الخير في قلوب المحبوبين ويلهمهم دفع خواطر الشر، الملك المعطي الكريم سبحانه عزوجل، وصلى الله على سيدنا محمد مولانا وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
قبل أن نتكلم في الموضوع أنصح نفسي وأياكم أعزاءي القراء بحفظ القلب عن ما يمكن أن يشوش عليه صفائه ونقائه وهمته في الارتقاء بالصلة بجناب الحق جل جلاله، و مجاهدة أنفسنا على صون أبصارنا و أسماعنا و أفواهنا عن مايمكن أن تظلم القلوب بسببه، كما أن هناك وافدات معنوية إضافة الى الوافدات المحسوسة التي تأتي عبر العين والأذن و الفم، تفد على القلب إما أن يرتقي القلب بسببها أو أن يتأخر والعياذ بالله ولكن قبل أن نشرع الآن في الحديث عن ميزان نميز به بين الخير والشر ثم نفرق به بين مصادر خواطر الخير ومصادر خواطر الشر والشر الذي يأتي بصورة الخير، أود أن أقول إن هذا العلم علم عمل، العلم ينادي للعمل فإن أجابه وإلا أرتحل!
والشروع في الحديث عن ميدان الخير و الشر يعني أن تنتقل من حالة ضعف لا تليق بالسائر الى الله، يكون فيها قلبه تابعا للخواطر التي تتوارد عليه تلعب به نفسه وشيطانه وهو غير منتبه، أو أن تكون قويا بالله عزوجل تقود الخواطر ولا تقودك الخواطر، تضبطها فإذا ضبطتها حلت بينها وبين أن تلعب بك، الخيار لك .. هل قررت أن تكون قائدا لتصرفاتك الى الله عزوجل وسائقا لكلياتك الى الله، أم لازلت غير مبال أن تعصف بك نفسك وخواطرها؟ هذا قرار .
أيها المريد.. إن كنت مريدا للآخرة راغبا فيما عند الله عزوجل معتني راغب في أن تكون ذا منزلة لدى الله أحضر قلبك فيما تقرءه الان ,عندما تأتي الخواطر وترد على القلب و اعلم أن الانسان قد ترد عليه أكثر من سبعين ألف خاطر في اليوم والليلة، وقته كله لا يكف عن ورود الخواطر على قلبه، أقم ميدانا تعرف به الخاطر الذي يأتي إلى القلب هذا الذي دخل إلى القلب أهو خاطر خير ترحب به ليتحول إلى إقرار وإرادة؟ أم أنه خاطر شر ينبغي أن تتخلص منه وتعمل على أن تدفعه عنك حتى لا يؤخرك عن الله عزوجل.
تمييز خاطر الشر من خاطر الخير
الأول: الخير والشر يميز بالشريعة:
أيما خاطر يخطر على قلبك اعرضه على ميزان الشريعة، أهو حسن لتحسين الشريعه أم لا؟، هل هو من باب الواجب!! استجب له وجوبا، من باب المستحب أحرص عليه، هومن باب المباح؟ ان استطعت أن تربطه بنية صالحة تحول إلى قربة تتقرب بها الى الله أسعى فيه، من باب المكروه اجتنبه أنت سائر إلى الله.
تنبيه: وهنا أريد أن أنبه على شي أذكر نفسي و انت عزيزي القارء، في كثير من الأحيان ننزل السنة والمكروه منزلة اللاشيء! فلان مارأيك أن تصلي ركعتين قبل الفجر؟ قال: هي مجرد سنة، الفريضة أنا أؤديها !!
تعرف أن كلمة مجرد سنة هذه كلمة خطيرة تضر بنا لأنها وإن لم تقصد تشعر المستمع بالإهانة إلى سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، الحق عز وجل جعل واجبا وسنة ليعينك على الترقي ومريد الآخرة السنة عنده مرتبتها عالية لا يتنازل عن أدب من آداب النبوة فضلا عن سنة وردت عن الحبيب صلى الله عليه واله وسلم، كذلك فيما يتعلق بترك المكروه، نعم فعل المكروه لا يوجب الإثم لكن هل حالك مع الله ومعاملتك مع الله مقصورة على أن تأثم أو لاتأثم؟ أم أن لك تشوق الى أن تكون قريبا إلى الله، صاحب صلة بالله، المتشوق لمراتب قرب، أيها المريد الذي يريد أن يكون صاحب منزلة لدى الله المكروه تحذر منه وتنفر منه وتفر منه وتجتنبه فضلا عن الحرام.
وقد جرت سنة الله أن الذي يحرص على تجنب المكروه يكرم بأن لايقع في الحرام، لكن الذي يستسهل الوقوع في المكروه لابد وأن يقع في الحرام في يوم من الأيام، لأن المكروه يشبه السور الذي يحيط بالحرام .
قاعدة : لايمكن لإنسان أن يقع في حرام إلا بعد أن يقع في مكروه، كل صادق حريص على أن يسير إلى الله لا يمكن أن يستدرجه الشيطان أو تستدرجه نفسه، فيقع في حرام إلا بعد أن يقع في مكروه ويستهين بوقوعه به لكن إن احتاط الإنسان لنفسه وتجنب المكروه فمن باب أولى أن الله سيحفظه من الحرام.
الخاطر هذا الذي يخطر على قلبك الكلام عن الخواطر، الشريعة قالت لك: أنه واجب أو مستحب أو مباح يمكن أن يربط بنية صالحة إذا هو حسن أقبل عليه وافعله، قالت لك الشريعة أنه مكروه أو حرام أو من فضول المباح (كمال كمال كماليات المباح التي لاتعني قربا إلى الله قط) أيضا أعرض عنه اجتنبه، أما الحرام شر مطلق، المكروه شر المباح الذي من الفضول ممكن أن يؤدي إلى الشر إذا لم تربطه بنية صالحة (هذاالميزان الأول).
س: لدينا ميزان الشريعة لماذا نحتاج الى موازين أخرى؟ نحتاج إلى موازيين أخرى أحيانا يشكل عليك فهم ميزان الشريعة، تأتي مسألة يلتبس عليك فيها الأمر لا تجد من العلماء من تسأل في ذلك الحال هو خاطر والخاطر لحظه يخطر على القلب في تلك اللحظه تريد جوابا .
الميزان الثاني: اعرضه على ماتحفظ من سير السلف الصالح :
هل كان هذا الأمر مستحسنا عند السلف الصالح أو لا؟ ومعنى هذا: أنه سيكون لك اهتمام يامريد بقراءة سير الصالحين، لديك كتاب صفة الصفوة للإمام الحافظ ابن الجوزي، إذا قرأت فيه ورأيت سير الصالحين وماكانو عليه، أو كتب الطبقات فيتشكل عندك مع قراءة كتب الصالحين نوع من القدرة على الربط بين الخواطر التي تخطر على قلبك وبين مايستحسنه السلف وما يستقبحونه، هذا الميزان أنا أعلم أن الكثير ممن يستمعون الآن الى كلامي بالنسبة لهم هذا الميزان أصعب حتى من ميزان الشريعه لكن اجعله في ذهنك.
الميزان الثالث: اعرض هذا الخاطر على نفسك مباشرة :
إن وجدت نفسك نشيطة إلى هذا الخاطر مقبلة عليه مبادرة نحوه دون تأثر بوعظ أو بإرشاد أو تحصين شرعي هكذا هي ميالة إليه تهواه هو في الغالب سيكون من الشر، وإن وجدت نفسك مستثقلة لهذا الخاطر متأخرة عنه وعندها تثاقل للاستجابة إلى هذا الخاطر ليس بسبب أنها سمعت عالما يحث على ترك هذا الفعل أو يقبح هذا الفعل، لا المسألة من الداخل، النفس لم تهوه في الغالب يكون من الخير، الدليل على ذلك قال الله سبحانه على لسان امرأة العزيز: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) فالأصل في النفس التي لم تتزكى بعد، لم ترتقي إلى رتبة النفس المطمئنة أنها في الغالب تنتهض إلى الأمر بالسوء، ولهذا من خالف نفسه في خواطرها سلك مسلكا حسنا، حدثتك نفسك بأمر لم يتضح لك في الشرع لك الأمر، ولم يتضح لك من مسلك السلف الصالح، اعرضه على نفسك فإذا وجدت النفس مسرعة إليه هو شر اتركه الآن، وجدت النفس متأخره عنه متثاقله عنه هو خير بادر إلى نحوه واطلبه .
هذه ثلاثة درجات للتفريق بين خاطر الخير وخاطر الشر الذي يقذف في قلب الانسان، قم بوزن الخاطر الذي يخطر على قلبنا وتبين لنا انه من خواطر الشر و العياذ بالله كيف أستطيع أن أجتنب أذى هذا الخاطر؟
خاطر الشر إما أن يكون من الشيطان وماذا نسميه؟ وسوسة (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) وإما أن يكون من حديث النفس ويسمى الهوى، وإما أن يكون من الله عقوبة استدراجا والعياذ بالله (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ) كيف يأتي خاطر شر من الله مباشرة؟ نعم إذا عامل العبد ربه على نحو من الاستخفاف والاستهانه بأمره سبحانه وتعالى والاجتراء عليه يستدرجه الحق، وخواطر الشر إما أن تكون من الشيطان أو من النفس وهي الغالب و إما أن تكون عقوبة من الله عزوجل ..
س: مافائدة أن نعرف أي نوع من أنواع الشر؟ يكفي أن أعرف أنه شر وأتركه!
قلت لو كانت المسألة بهذه السهولة لانتهى الإشكال الأمر: سير الى الله عظيم جليل اعدائك فيه يشق على انفسهم ان يروك قد وصلت الى الله ,كل نوع من انواع خواطر الشرله علاج يتناسب معه بحسب مصدره، فالخاطر الذي يأتي من الشيطان له علاج , الخاطر الذي يأتي من النفس له علاج , خاطر العقوبة والاستدراج له علاج.
كيف أميز مصدر خاطر الشر ؟
الميزان الأول: الذكر: قال العلماء رحمهم الله عندما تعلم أنه خاطر شر تأمل في هذا الخاطر هل يصرفه الذكر؟ إن قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، لا إله إلا الله الملك الحق المبين، صليت على المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه ذكرت الله، إن اشتغلت بشيء من الذكر هل ينصرف هذا الخاطر عنك؟ قال العلماء إذا انصرف هذا الخاطر عنك فهو من الشيطان يقينا، لأن الشيطان يخنس أي يهرب يشرد ينفر عند ذكر الله، لا يستطيع أن يبقى وساسه لقلب صاحبه يذكر الله سبحانه وتعالى.
الميزان الثاني: نوع المعصية: هل هذا الخاطر يصر على شر أو على معصية بعينها؟ أو يمكن أن تفعل معصية اخرى في مستواها أو اكبر منها ؟
جاءك خاطر من الخواطر أن تقطع أحد الأرحام، هذا خاطر خير أو شر؟ الشريعة قالت من البداية أنه شر، مثلا: (فلان من أقاربك أو فلانة من قريباتك فعلت كذا وكذا أو في المناسبة الفلانية وجائني ولد وما هنوني به خلاص أنا لن أحضر زواجهم)، أخذت تذكر الله : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، استغفر الله العظيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ما انصرف هذا الخاطر علمنا أنه ليس من الشيطان، نتأكد أكثر اعرض على نفسك على قلبك خاطر شر أكبر منه، مثلا: نحضر للأرحام مناسبتهم لكن بعد ذلك اخرج الى السوق افعل شيء من المحرمات التي أكبر منه، ماذا يقول لك قلبك؟ إذا قال لك قلبك: احضر وبعد ذلك اذهب للمكان للمعصية الأكبر، فهذا من الشيطان.. لكن لو قال لك هذا الخاطر: أبدا!! لا، هؤلاء لن أحضر لهم، عرضت عليك معصية فيها لذة، أبدا لن أحضر لهم تعرف أنه من النفس.. لماذا؟
لأن الشيطان عدو مهمته أن تهلك أنت! لا يهمه إن هلكت بقطيعة رحم أو بفاحشة أو بشرب خمر، النهاية والمحصلة النهائية: أنت هلكت! فإذا لم يستطع أن يقنعك بفعل معين ووافقت على فعل آخر يفرح، الرؤية: يجب أن تهلك.
لكن النفس هواها عنيد، الأمارية بالسوء في النفس تصر على صاحبها، فإذا وجدت هذا الخاطر يصر على هذا النوع من الشر ولايقبل أنواعا أخرى من الشر، علمت أنه ممن؟ من النفس .
الثالث :بعد ماذا كان؟؟ جاءك هذا الخاطر وعرفت أنه من الشر، هل جاءك هذا الخاطر فجأة أو جاءك بعد معصية لم تتب منها، المعصية كلنا نقع في المعاصي أجارنا الله وإياكم منها، لكن المصيبة الكبيرة هي أن يقع الإنسان في المعصية ولا يتدارك ولا يتوب لا يستغفر، جاء في بعض الروايات: أن الملك يستعجل الله في كتابة المعصية فيقول له : تمهل لعل عبدي أن يتوب لعل عبدي أن يرجع و يتوب إلي، فيبقى الملك مدة لا يكتب هذا على العبد.. الشاهد من هذا الكلام: أن العبد إذا استهان بأمر المعصية وقع في المعصية، بدلا من أن يستغفر ويرجع ويتوب ويطلب من الله الرحمه والمغفرة والعفو، يضحك وربما والعياذ بالله يتفاخر، هذه مصيبة أكبر يأتي لأصحابه، فعلت كذا بالأمس يسترك الله وتهتك ستر الله عليك هذا والعياذ بالله يعاقب بأن يقذف في قلبه رغبة في معصية ثانية ,لماذا؟ لانه استسهل امر المخالفة .
* قال الإمام حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: إذا وجدت خاطر الشر مصرا على فعل الشر، وقد جاءك بُعَد معصية لم تتب إلى الله منها، فاعلم أنه استدراج من الله، وهو من أخطر أنواع الخواطر، فعد إلى الله تعالى واستغفر واطلب المغفرة.
العلاج - نظرة توسع في الموازين الثلاثة
1. خواطر الشيطان :
إذا علمت أن هذا الخاطر يأتي من الشيطان ماعلاج الشيطان؟ الذكر، أصغر خواطر السوء وأضعفها الشيطان والدليل على ذلك: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} انظر كيف ظهر لنا الآن أنه ضعيف، أضعف أنواع خواطر الشر التي تختطر على قلب الانسان خاطر الشيطان , ونحن نعلق كل شيء على الشيطان!!
أضعف خواطر الشر خواطر الشيطان، وأصعب خواطر الشر خواطر النفس، وأخطر خواطر الشر الاستدراج الذي يأتي من الله، الفرق بين أخطر وأصعب في كيفية المعالجة، أخطر لأن الحق غاضب عليك والعياذ بالله تعالى, لكن هذا أصعب يحتاج إلى جهد .
2. خواطر النفس:
قال العلماء النفس مثالها مثال الدابة، الدابة التي يركبها الإنسان أحيانا تعاند وبالذات الحمار إذا عَنِدَ وقف في الطريق تضربه، لا يتحرك تسحبه، لا يتحرك تدفعه لايتحرك حتى يروق باله، حمار!! سامحوني في الذي سأقوله : النفس الأمارة مثل الحمار، إلا أن الحمار غير مكلف وهي مكلفه فوضعها أصعب، فهي أحيانا تعند ماتريد، الذين يروضون الدابة يعلمون أن الدابة التي يكثر منها العند يكثر منها هذا الفعل يروضونها بأمرين :
الأمر الأول: يقللون العلف عليها والأمر الثاني : يكثرون العمل عليها، لأنك لو قللت العلف قللت من قوة العند الذي في النفس، وإذا أكثرت العمل أرهقت وإذا أرهقت بدأت تنصاع بدأت تتروض.
قال والنفس الأمارة بالسوء هكذا , قلل العلف ماهو العلف؟ الرز واللحم و الخبز و الشحم و السمك علف ! لكن علف شوي راقي خمس نجوم للبشر.
* مراتب تقليل الطعام :
1. قم ونفسك لا تزال تشتهي لقمة، ليس معناه تغرفها في الصحن وترميها في الزبالة، لا!! لا يجوز إلقاء النعمة في غير محلها، لكن قم ولا تزال نفسك تشتهي لقمة واحدة اتركها من أجل الله.. كيف من اجل الله؟ "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع واذا اكلنا لا نشبع”، أي نقوم وأنفسنا لا تزال تشتهي ، قال واحد سمع وإذا أكلنا لا نشبع، قال خلاص لا نشبع مهما أكلنا، هذا الفهم المعكوس . واذا اكلنا لا نشبع اي قم ونفسك لاتزال تشتهي شيء..
2. هذبها بالصيام، استطعت أن تصوم الإثنين والخميس ولو حتى صمت ثلاثة أيام في الشهر الأيام البيض التي يكتمل فيها القمر، استطعت تصوم أكثر صم الاثنين استطعت أكثر الإثنين والخميس، قويت أكثر صم صيام داوود بعض الأحيان إذا عندك همة .
وصم صيام حقيقي، فلا تصوم من الفجر إلى المغرب وعند الإفطار تقبل على الطعام وتلغي ما كان من أثر بأضعاف أضعاف الطعام الذي تأكله !! صوم حقيقي، بمعنى تأكل ماتيسر عند الإفطار بالراحة تقليل العلف، تقليل المشتهيات في فترة المجاهدة للنفس فيه قوة، حتى اليوم العلم الحديث أثبت ذلك تأثيره على نفس الإنسان، ما أدري هل نحن بحاجة أن نقول بأن العلم الحديث أثبت أم أنا نثق بما جاء في الحديث من هديهه صلى الله عليه وسلم، مادام قد قال فقد صدق عليه الصلاة والسلام.
3. تقليل الطعام مع الجهد، كلما رأيت النفس مصرة على خاطر سوء، تقول الليلة عليك قيام الليل ساعه ونصف قيام، تقرأين سورة البقرة في ركعتين أو في الإحدى عشر ركعة التي ستكون في الوتر، وستذهبين في الصباح للشغل، ماهو طول الليل كنت قائم ساعة ونصف أقوم ليلي معذور من شغلي تذهبين إلى العمل باجتهاد إلى العمل، وبعد ذلك صيام وبعد الإفطار قليل من الطعام، جرب هذا ثلاثة أربعة أيام مع نفسك انظر كيف تخضع النفس مباشرة .
تشبيه : أحد منكم رأى منظر ترويض الخيل؟ الخيل البري - ترونه في التلفاز- الخيل الذي لم يروض ماذا يفعل ؟ يحاول أن يلقي بصاحبه من على ظهره، هذه نفسك في السير إلى الله تحاول أن تلقي بك من على ظهرها، لتعرض عن مسألة السير يسهل عليها في البداية، لكن المروض ماذا يفعل؟ يصر على ترويض الخيل، وإذا سقط يكتفي أنه سقط ويقول أن هذا الخيل لا يصلح للترويض أم يعود مرة ثانية؟! إن اكتفى، لن يتروض الخيل، لكن يعود مرة ثانية وثالثة ورابعة في كل مرة يعود ماذا يحصل للخيل؟ يهدأ قليلا، ييأس قليلا، حتى يتهذب، كذلك نفسك فإذا وجدت أن هذا الخاطر قد جاءك من نفسك وتأكدت أنه من النفس علاجه قلل العلف وكثر العمل .
3. الاستدراج من الله:
علاجه التوبة والرجوع في الحال، أما إذا جاءك هذا الخاطر مباشرة بعد معصية، أسأت الأدب مع الله بأن عصيت ثم أسأت الأدب مع الله أكثر بأنك ما اعتذرت إليه، عصيت وخرجت تضحك بملء فمك مستهتر لا تشعر!
يا إخواني أحدنا لو قطع الإشارة ثم التفت ولاحظ أن عسكري المرور قد سجل عليه المخالفة، أو في بعض البلدان لاحظ أن آلة التصوير صورت سيارته، أما يحصل قليل من القلق في داخله أما يشعر بشيء حس في داخله: ضبطت!! هذا عسكري مرور!
عندما تخالف جبار السموات والأرض، أما تشعر في داخلك بمراجعه لنفسك؟ كان بعض الصالحين: إذا حصلت منه هفوة صغيرة يخشى أن السماء تنطبق عليه! يخشى أن تخسف به الأرض! ليس لأن الله لايرحم، الله غفور رحيم، ولكن لعظمة الحق عزوجل في قلبه، فالذي يعصي ولايشعر بتأثر في داخله هذا مستهتر بعظمة من نظر إليه سبحانه وتعالى .
ولهذا إذا حصلت من الانسان معصية واستهتر بها، فيجد أن خاطرا آخر يقذف في قلبه لمعصية ثانية ثم ثالثة ثم رابعة حتى والعياذ بالله يموت على غير الإسلام إذا لم يتنبه والعياذ بالله من ذلك .
فإذا شعر الانسان بأن خاطر الشر جاءه بعد معصية لم يسارع بالتوبة إليها، فعلاج ذلك سرعة الرجوع إلى الله، أستغفرك، غفرانك، رب اغفر لي وتب علي، قم وصلي ركعتين سنة التوبه , ممكن يكون عبدك بس رجع اليك يارب لاتفتني في ديني يارب ردني اليك مردا جميلا ,انظر الى قلبك ستجد ان خاطر الشر هذا قد انصرف من قلبك.
ينتهي بنا الحديث عند التميز بين خاطر الخير وخاطر الشر، على اعتبار أن خاطر الخير وخاطر الشر يميز بينهما إما بالشريعة، ماتقوله لي أن يكون هناك حكم شرعي واضح في الأمر كان يكون مباحا صرفا استحسان السلف، فإن لم يتضح لي أعرضه على نفسي، أخالف نفسي بما تجيب به إلا إذا كانت إجابتها متأثرة بوعظ، ثم إذا ميزت بين خاطرين خاطر خير خاطر شر، ابحث من أي مصادر الشر قد جائني: إن كان من الشيطان اصرفه بالذكر، إن كان من النفس اصرفه بماذا؟ قلل العلف و كثر العمل، وان كان من باب الاستدراج والعياذ بالله سرعة الرجوع الى الله و الاستغفار و التوبه.
وكيف اميز بين هذه الثلاثة؟ إذا صرفه الذكر فهو من الشيطان، وإذا أصر على نوع من معصية بعينها ولم يقبل حتى بأشياء أكبر منها فهو من النفس وإلا فهو من الشيطان، وإذا كان جاء بعد معصية مباشرة فهو من قبيل الاستدراج و العياذ بالله..
إذا تنبهنا إلى مثل هذا الأمر أصبح عندنا ميزان نعرف به، مع الاستعانة بالله كيف نعالج دفع خواطر الشر عن قلوبنا، كم من خواطر الشر ستدفعها من يومنا هذا؟ هذا اليوم أقم ميزان المحاسبة، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، اليوم بعد أن تغلق النت، بعد أن تنتهي من قراءة هذا الموضوع، فكر وأنت في الطريق قبل أن تضع رأسك على المخدة، أنتِ قبل أن تنامي، أول خاطر من الخواطر قد يخطر على قلبك خذه واعمل الميزان فيه، وابدأ بعد ذلك درب نفسك..
وسيأتي الحديث إن شاء الله تعالى عز وجل في المجلس القادم عن تمييز خواطر الخير، لنعرف كيف نتعامل معها نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم كمال التوفيق، اللهم يا من وفقت أهل الخير للخير واعانهم عليه وفقنا للخير واعنا عليه ولا تحرمنا ما عندك بشر ماعندنا فضلا
قبل أن نتكلم في الموضوع أنصح نفسي وأياكم أعزاءي القراء بحفظ القلب عن ما يمكن أن يشوش عليه صفائه ونقائه وهمته في الارتقاء بالصلة بجناب الحق جل جلاله، و مجاهدة أنفسنا على صون أبصارنا و أسماعنا و أفواهنا عن مايمكن أن تظلم القلوب بسببه، كما أن هناك وافدات معنوية إضافة الى الوافدات المحسوسة التي تأتي عبر العين والأذن و الفم، تفد على القلب إما أن يرتقي القلب بسببها أو أن يتأخر والعياذ بالله ولكن قبل أن نشرع الآن في الحديث عن ميزان نميز به بين الخير والشر ثم نفرق به بين مصادر خواطر الخير ومصادر خواطر الشر والشر الذي يأتي بصورة الخير، أود أن أقول إن هذا العلم علم عمل، العلم ينادي للعمل فإن أجابه وإلا أرتحل!
والشروع في الحديث عن ميدان الخير و الشر يعني أن تنتقل من حالة ضعف لا تليق بالسائر الى الله، يكون فيها قلبه تابعا للخواطر التي تتوارد عليه تلعب به نفسه وشيطانه وهو غير منتبه، أو أن تكون قويا بالله عزوجل تقود الخواطر ولا تقودك الخواطر، تضبطها فإذا ضبطتها حلت بينها وبين أن تلعب بك، الخيار لك .. هل قررت أن تكون قائدا لتصرفاتك الى الله عزوجل وسائقا لكلياتك الى الله، أم لازلت غير مبال أن تعصف بك نفسك وخواطرها؟ هذا قرار .
أيها المريد.. إن كنت مريدا للآخرة راغبا فيما عند الله عزوجل معتني راغب في أن تكون ذا منزلة لدى الله أحضر قلبك فيما تقرءه الان ,عندما تأتي الخواطر وترد على القلب و اعلم أن الانسان قد ترد عليه أكثر من سبعين ألف خاطر في اليوم والليلة، وقته كله لا يكف عن ورود الخواطر على قلبه، أقم ميدانا تعرف به الخاطر الذي يأتي إلى القلب هذا الذي دخل إلى القلب أهو خاطر خير ترحب به ليتحول إلى إقرار وإرادة؟ أم أنه خاطر شر ينبغي أن تتخلص منه وتعمل على أن تدفعه عنك حتى لا يؤخرك عن الله عزوجل.
تمييز خاطر الشر من خاطر الخير
الأول: الخير والشر يميز بالشريعة:
أيما خاطر يخطر على قلبك اعرضه على ميزان الشريعة، أهو حسن لتحسين الشريعه أم لا؟، هل هو من باب الواجب!! استجب له وجوبا، من باب المستحب أحرص عليه، هومن باب المباح؟ ان استطعت أن تربطه بنية صالحة تحول إلى قربة تتقرب بها الى الله أسعى فيه، من باب المكروه اجتنبه أنت سائر إلى الله.
تنبيه: وهنا أريد أن أنبه على شي أذكر نفسي و انت عزيزي القارء، في كثير من الأحيان ننزل السنة والمكروه منزلة اللاشيء! فلان مارأيك أن تصلي ركعتين قبل الفجر؟ قال: هي مجرد سنة، الفريضة أنا أؤديها !!
تعرف أن كلمة مجرد سنة هذه كلمة خطيرة تضر بنا لأنها وإن لم تقصد تشعر المستمع بالإهانة إلى سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، الحق عز وجل جعل واجبا وسنة ليعينك على الترقي ومريد الآخرة السنة عنده مرتبتها عالية لا يتنازل عن أدب من آداب النبوة فضلا عن سنة وردت عن الحبيب صلى الله عليه واله وسلم، كذلك فيما يتعلق بترك المكروه، نعم فعل المكروه لا يوجب الإثم لكن هل حالك مع الله ومعاملتك مع الله مقصورة على أن تأثم أو لاتأثم؟ أم أن لك تشوق الى أن تكون قريبا إلى الله، صاحب صلة بالله، المتشوق لمراتب قرب، أيها المريد الذي يريد أن يكون صاحب منزلة لدى الله المكروه تحذر منه وتنفر منه وتفر منه وتجتنبه فضلا عن الحرام.
وقد جرت سنة الله أن الذي يحرص على تجنب المكروه يكرم بأن لايقع في الحرام، لكن الذي يستسهل الوقوع في المكروه لابد وأن يقع في الحرام في يوم من الأيام، لأن المكروه يشبه السور الذي يحيط بالحرام .
قاعدة : لايمكن لإنسان أن يقع في حرام إلا بعد أن يقع في مكروه، كل صادق حريص على أن يسير إلى الله لا يمكن أن يستدرجه الشيطان أو تستدرجه نفسه، فيقع في حرام إلا بعد أن يقع في مكروه ويستهين بوقوعه به لكن إن احتاط الإنسان لنفسه وتجنب المكروه فمن باب أولى أن الله سيحفظه من الحرام.
الخاطر هذا الذي يخطر على قلبك الكلام عن الخواطر، الشريعة قالت لك: أنه واجب أو مستحب أو مباح يمكن أن يربط بنية صالحة إذا هو حسن أقبل عليه وافعله، قالت لك الشريعة أنه مكروه أو حرام أو من فضول المباح (كمال كمال كماليات المباح التي لاتعني قربا إلى الله قط) أيضا أعرض عنه اجتنبه، أما الحرام شر مطلق، المكروه شر المباح الذي من الفضول ممكن أن يؤدي إلى الشر إذا لم تربطه بنية صالحة (هذاالميزان الأول).
س: لدينا ميزان الشريعة لماذا نحتاج الى موازين أخرى؟ نحتاج إلى موازيين أخرى أحيانا يشكل عليك فهم ميزان الشريعة، تأتي مسألة يلتبس عليك فيها الأمر لا تجد من العلماء من تسأل في ذلك الحال هو خاطر والخاطر لحظه يخطر على القلب في تلك اللحظه تريد جوابا .
الميزان الثاني: اعرضه على ماتحفظ من سير السلف الصالح :
هل كان هذا الأمر مستحسنا عند السلف الصالح أو لا؟ ومعنى هذا: أنه سيكون لك اهتمام يامريد بقراءة سير الصالحين، لديك كتاب صفة الصفوة للإمام الحافظ ابن الجوزي، إذا قرأت فيه ورأيت سير الصالحين وماكانو عليه، أو كتب الطبقات فيتشكل عندك مع قراءة كتب الصالحين نوع من القدرة على الربط بين الخواطر التي تخطر على قلبك وبين مايستحسنه السلف وما يستقبحونه، هذا الميزان أنا أعلم أن الكثير ممن يستمعون الآن الى كلامي بالنسبة لهم هذا الميزان أصعب حتى من ميزان الشريعه لكن اجعله في ذهنك.
الميزان الثالث: اعرض هذا الخاطر على نفسك مباشرة :
إن وجدت نفسك نشيطة إلى هذا الخاطر مقبلة عليه مبادرة نحوه دون تأثر بوعظ أو بإرشاد أو تحصين شرعي هكذا هي ميالة إليه تهواه هو في الغالب سيكون من الشر، وإن وجدت نفسك مستثقلة لهذا الخاطر متأخرة عنه وعندها تثاقل للاستجابة إلى هذا الخاطر ليس بسبب أنها سمعت عالما يحث على ترك هذا الفعل أو يقبح هذا الفعل، لا المسألة من الداخل، النفس لم تهوه في الغالب يكون من الخير، الدليل على ذلك قال الله سبحانه على لسان امرأة العزيز: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) فالأصل في النفس التي لم تتزكى بعد، لم ترتقي إلى رتبة النفس المطمئنة أنها في الغالب تنتهض إلى الأمر بالسوء، ولهذا من خالف نفسه في خواطرها سلك مسلكا حسنا، حدثتك نفسك بأمر لم يتضح لك في الشرع لك الأمر، ولم يتضح لك من مسلك السلف الصالح، اعرضه على نفسك فإذا وجدت النفس مسرعة إليه هو شر اتركه الآن، وجدت النفس متأخره عنه متثاقله عنه هو خير بادر إلى نحوه واطلبه .
هذه ثلاثة درجات للتفريق بين خاطر الخير وخاطر الشر الذي يقذف في قلب الانسان، قم بوزن الخاطر الذي يخطر على قلبنا وتبين لنا انه من خواطر الشر و العياذ بالله كيف أستطيع أن أجتنب أذى هذا الخاطر؟
خاطر الشر إما أن يكون من الشيطان وماذا نسميه؟ وسوسة (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) وإما أن يكون من حديث النفس ويسمى الهوى، وإما أن يكون من الله عقوبة استدراجا والعياذ بالله (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ) كيف يأتي خاطر شر من الله مباشرة؟ نعم إذا عامل العبد ربه على نحو من الاستخفاف والاستهانه بأمره سبحانه وتعالى والاجتراء عليه يستدرجه الحق، وخواطر الشر إما أن تكون من الشيطان أو من النفس وهي الغالب و إما أن تكون عقوبة من الله عزوجل ..
س: مافائدة أن نعرف أي نوع من أنواع الشر؟ يكفي أن أعرف أنه شر وأتركه!
قلت لو كانت المسألة بهذه السهولة لانتهى الإشكال الأمر: سير الى الله عظيم جليل اعدائك فيه يشق على انفسهم ان يروك قد وصلت الى الله ,كل نوع من انواع خواطر الشرله علاج يتناسب معه بحسب مصدره، فالخاطر الذي يأتي من الشيطان له علاج , الخاطر الذي يأتي من النفس له علاج , خاطر العقوبة والاستدراج له علاج.
كيف أميز مصدر خاطر الشر ؟
الميزان الأول: الذكر: قال العلماء رحمهم الله عندما تعلم أنه خاطر شر تأمل في هذا الخاطر هل يصرفه الذكر؟ إن قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، لا إله إلا الله الملك الحق المبين، صليت على المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه ذكرت الله، إن اشتغلت بشيء من الذكر هل ينصرف هذا الخاطر عنك؟ قال العلماء إذا انصرف هذا الخاطر عنك فهو من الشيطان يقينا، لأن الشيطان يخنس أي يهرب يشرد ينفر عند ذكر الله، لا يستطيع أن يبقى وساسه لقلب صاحبه يذكر الله سبحانه وتعالى.
الميزان الثاني: نوع المعصية: هل هذا الخاطر يصر على شر أو على معصية بعينها؟ أو يمكن أن تفعل معصية اخرى في مستواها أو اكبر منها ؟
جاءك خاطر من الخواطر أن تقطع أحد الأرحام، هذا خاطر خير أو شر؟ الشريعة قالت من البداية أنه شر، مثلا: (فلان من أقاربك أو فلانة من قريباتك فعلت كذا وكذا أو في المناسبة الفلانية وجائني ولد وما هنوني به خلاص أنا لن أحضر زواجهم)، أخذت تذكر الله : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، استغفر الله العظيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ما انصرف هذا الخاطر علمنا أنه ليس من الشيطان، نتأكد أكثر اعرض على نفسك على قلبك خاطر شر أكبر منه، مثلا: نحضر للأرحام مناسبتهم لكن بعد ذلك اخرج الى السوق افعل شيء من المحرمات التي أكبر منه، ماذا يقول لك قلبك؟ إذا قال لك قلبك: احضر وبعد ذلك اذهب للمكان للمعصية الأكبر، فهذا من الشيطان.. لكن لو قال لك هذا الخاطر: أبدا!! لا، هؤلاء لن أحضر لهم، عرضت عليك معصية فيها لذة، أبدا لن أحضر لهم تعرف أنه من النفس.. لماذا؟
لأن الشيطان عدو مهمته أن تهلك أنت! لا يهمه إن هلكت بقطيعة رحم أو بفاحشة أو بشرب خمر، النهاية والمحصلة النهائية: أنت هلكت! فإذا لم يستطع أن يقنعك بفعل معين ووافقت على فعل آخر يفرح، الرؤية: يجب أن تهلك.
لكن النفس هواها عنيد، الأمارية بالسوء في النفس تصر على صاحبها، فإذا وجدت هذا الخاطر يصر على هذا النوع من الشر ولايقبل أنواعا أخرى من الشر، علمت أنه ممن؟ من النفس .
الثالث :بعد ماذا كان؟؟ جاءك هذا الخاطر وعرفت أنه من الشر، هل جاءك هذا الخاطر فجأة أو جاءك بعد معصية لم تتب منها، المعصية كلنا نقع في المعاصي أجارنا الله وإياكم منها، لكن المصيبة الكبيرة هي أن يقع الإنسان في المعصية ولا يتدارك ولا يتوب لا يستغفر، جاء في بعض الروايات: أن الملك يستعجل الله في كتابة المعصية فيقول له : تمهل لعل عبدي أن يتوب لعل عبدي أن يرجع و يتوب إلي، فيبقى الملك مدة لا يكتب هذا على العبد.. الشاهد من هذا الكلام: أن العبد إذا استهان بأمر المعصية وقع في المعصية، بدلا من أن يستغفر ويرجع ويتوب ويطلب من الله الرحمه والمغفرة والعفو، يضحك وربما والعياذ بالله يتفاخر، هذه مصيبة أكبر يأتي لأصحابه، فعلت كذا بالأمس يسترك الله وتهتك ستر الله عليك هذا والعياذ بالله يعاقب بأن يقذف في قلبه رغبة في معصية ثانية ,لماذا؟ لانه استسهل امر المخالفة .
* قال الإمام حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: إذا وجدت خاطر الشر مصرا على فعل الشر، وقد جاءك بُعَد معصية لم تتب إلى الله منها، فاعلم أنه استدراج من الله، وهو من أخطر أنواع الخواطر، فعد إلى الله تعالى واستغفر واطلب المغفرة.
العلاج - نظرة توسع في الموازين الثلاثة
1. خواطر الشيطان :
إذا علمت أن هذا الخاطر يأتي من الشيطان ماعلاج الشيطان؟ الذكر، أصغر خواطر السوء وأضعفها الشيطان والدليل على ذلك: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} انظر كيف ظهر لنا الآن أنه ضعيف، أضعف أنواع خواطر الشر التي تختطر على قلب الانسان خاطر الشيطان , ونحن نعلق كل شيء على الشيطان!!
أضعف خواطر الشر خواطر الشيطان، وأصعب خواطر الشر خواطر النفس، وأخطر خواطر الشر الاستدراج الذي يأتي من الله، الفرق بين أخطر وأصعب في كيفية المعالجة، أخطر لأن الحق غاضب عليك والعياذ بالله تعالى, لكن هذا أصعب يحتاج إلى جهد .
2. خواطر النفس:
قال العلماء النفس مثالها مثال الدابة، الدابة التي يركبها الإنسان أحيانا تعاند وبالذات الحمار إذا عَنِدَ وقف في الطريق تضربه، لا يتحرك تسحبه، لا يتحرك تدفعه لايتحرك حتى يروق باله، حمار!! سامحوني في الذي سأقوله : النفس الأمارة مثل الحمار، إلا أن الحمار غير مكلف وهي مكلفه فوضعها أصعب، فهي أحيانا تعند ماتريد، الذين يروضون الدابة يعلمون أن الدابة التي يكثر منها العند يكثر منها هذا الفعل يروضونها بأمرين :
الأمر الأول: يقللون العلف عليها والأمر الثاني : يكثرون العمل عليها، لأنك لو قللت العلف قللت من قوة العند الذي في النفس، وإذا أكثرت العمل أرهقت وإذا أرهقت بدأت تنصاع بدأت تتروض.
قال والنفس الأمارة بالسوء هكذا , قلل العلف ماهو العلف؟ الرز واللحم و الخبز و الشحم و السمك علف ! لكن علف شوي راقي خمس نجوم للبشر.
* مراتب تقليل الطعام :
1. قم ونفسك لا تزال تشتهي لقمة، ليس معناه تغرفها في الصحن وترميها في الزبالة، لا!! لا يجوز إلقاء النعمة في غير محلها، لكن قم ولا تزال نفسك تشتهي لقمة واحدة اتركها من أجل الله.. كيف من اجل الله؟ "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع واذا اكلنا لا نشبع”، أي نقوم وأنفسنا لا تزال تشتهي ، قال واحد سمع وإذا أكلنا لا نشبع، قال خلاص لا نشبع مهما أكلنا، هذا الفهم المعكوس . واذا اكلنا لا نشبع اي قم ونفسك لاتزال تشتهي شيء..
2. هذبها بالصيام، استطعت أن تصوم الإثنين والخميس ولو حتى صمت ثلاثة أيام في الشهر الأيام البيض التي يكتمل فيها القمر، استطعت تصوم أكثر صم الاثنين استطعت أكثر الإثنين والخميس، قويت أكثر صم صيام داوود بعض الأحيان إذا عندك همة .
وصم صيام حقيقي، فلا تصوم من الفجر إلى المغرب وعند الإفطار تقبل على الطعام وتلغي ما كان من أثر بأضعاف أضعاف الطعام الذي تأكله !! صوم حقيقي، بمعنى تأكل ماتيسر عند الإفطار بالراحة تقليل العلف، تقليل المشتهيات في فترة المجاهدة للنفس فيه قوة، حتى اليوم العلم الحديث أثبت ذلك تأثيره على نفس الإنسان، ما أدري هل نحن بحاجة أن نقول بأن العلم الحديث أثبت أم أنا نثق بما جاء في الحديث من هديهه صلى الله عليه وسلم، مادام قد قال فقد صدق عليه الصلاة والسلام.
3. تقليل الطعام مع الجهد، كلما رأيت النفس مصرة على خاطر سوء، تقول الليلة عليك قيام الليل ساعه ونصف قيام، تقرأين سورة البقرة في ركعتين أو في الإحدى عشر ركعة التي ستكون في الوتر، وستذهبين في الصباح للشغل، ماهو طول الليل كنت قائم ساعة ونصف أقوم ليلي معذور من شغلي تذهبين إلى العمل باجتهاد إلى العمل، وبعد ذلك صيام وبعد الإفطار قليل من الطعام، جرب هذا ثلاثة أربعة أيام مع نفسك انظر كيف تخضع النفس مباشرة .
تشبيه : أحد منكم رأى منظر ترويض الخيل؟ الخيل البري - ترونه في التلفاز- الخيل الذي لم يروض ماذا يفعل ؟ يحاول أن يلقي بصاحبه من على ظهره، هذه نفسك في السير إلى الله تحاول أن تلقي بك من على ظهرها، لتعرض عن مسألة السير يسهل عليها في البداية، لكن المروض ماذا يفعل؟ يصر على ترويض الخيل، وإذا سقط يكتفي أنه سقط ويقول أن هذا الخيل لا يصلح للترويض أم يعود مرة ثانية؟! إن اكتفى، لن يتروض الخيل، لكن يعود مرة ثانية وثالثة ورابعة في كل مرة يعود ماذا يحصل للخيل؟ يهدأ قليلا، ييأس قليلا، حتى يتهذب، كذلك نفسك فإذا وجدت أن هذا الخاطر قد جاءك من نفسك وتأكدت أنه من النفس علاجه قلل العلف وكثر العمل .
3. الاستدراج من الله:
علاجه التوبة والرجوع في الحال، أما إذا جاءك هذا الخاطر مباشرة بعد معصية، أسأت الأدب مع الله بأن عصيت ثم أسأت الأدب مع الله أكثر بأنك ما اعتذرت إليه، عصيت وخرجت تضحك بملء فمك مستهتر لا تشعر!
يا إخواني أحدنا لو قطع الإشارة ثم التفت ولاحظ أن عسكري المرور قد سجل عليه المخالفة، أو في بعض البلدان لاحظ أن آلة التصوير صورت سيارته، أما يحصل قليل من القلق في داخله أما يشعر بشيء حس في داخله: ضبطت!! هذا عسكري مرور!
عندما تخالف جبار السموات والأرض، أما تشعر في داخلك بمراجعه لنفسك؟ كان بعض الصالحين: إذا حصلت منه هفوة صغيرة يخشى أن السماء تنطبق عليه! يخشى أن تخسف به الأرض! ليس لأن الله لايرحم، الله غفور رحيم، ولكن لعظمة الحق عزوجل في قلبه، فالذي يعصي ولايشعر بتأثر في داخله هذا مستهتر بعظمة من نظر إليه سبحانه وتعالى .
ولهذا إذا حصلت من الانسان معصية واستهتر بها، فيجد أن خاطرا آخر يقذف في قلبه لمعصية ثانية ثم ثالثة ثم رابعة حتى والعياذ بالله يموت على غير الإسلام إذا لم يتنبه والعياذ بالله من ذلك .
فإذا شعر الانسان بأن خاطر الشر جاءه بعد معصية لم يسارع بالتوبة إليها، فعلاج ذلك سرعة الرجوع إلى الله، أستغفرك، غفرانك، رب اغفر لي وتب علي، قم وصلي ركعتين سنة التوبه , ممكن يكون عبدك بس رجع اليك يارب لاتفتني في ديني يارب ردني اليك مردا جميلا ,انظر الى قلبك ستجد ان خاطر الشر هذا قد انصرف من قلبك.
ينتهي بنا الحديث عند التميز بين خاطر الخير وخاطر الشر، على اعتبار أن خاطر الخير وخاطر الشر يميز بينهما إما بالشريعة، ماتقوله لي أن يكون هناك حكم شرعي واضح في الأمر كان يكون مباحا صرفا استحسان السلف، فإن لم يتضح لي أعرضه على نفسي، أخالف نفسي بما تجيب به إلا إذا كانت إجابتها متأثرة بوعظ، ثم إذا ميزت بين خاطرين خاطر خير خاطر شر، ابحث من أي مصادر الشر قد جائني: إن كان من الشيطان اصرفه بالذكر، إن كان من النفس اصرفه بماذا؟ قلل العلف و كثر العمل، وان كان من باب الاستدراج والعياذ بالله سرعة الرجوع الى الله و الاستغفار و التوبه.
وكيف اميز بين هذه الثلاثة؟ إذا صرفه الذكر فهو من الشيطان، وإذا أصر على نوع من معصية بعينها ولم يقبل حتى بأشياء أكبر منها فهو من النفس وإلا فهو من الشيطان، وإذا كان جاء بعد معصية مباشرة فهو من قبيل الاستدراج و العياذ بالله..
إذا تنبهنا إلى مثل هذا الأمر أصبح عندنا ميزان نعرف به، مع الاستعانة بالله كيف نعالج دفع خواطر الشر عن قلوبنا، كم من خواطر الشر ستدفعها من يومنا هذا؟ هذا اليوم أقم ميزان المحاسبة، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، اليوم بعد أن تغلق النت، بعد أن تنتهي من قراءة هذا الموضوع، فكر وأنت في الطريق قبل أن تضع رأسك على المخدة، أنتِ قبل أن تنامي، أول خاطر من الخواطر قد يخطر على قلبك خذه واعمل الميزان فيه، وابدأ بعد ذلك درب نفسك..
وسيأتي الحديث إن شاء الله تعالى عز وجل في المجلس القادم عن تمييز خواطر الخير، لنعرف كيف نتعامل معها نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم كمال التوفيق، اللهم يا من وفقت أهل الخير للخير واعانهم عليه وفقنا للخير واعنا عليه ولا تحرمنا ما عندك بشر ماعندنا فضلا