تبدأ فصول هذه الغزوة عندما أغار عيينة بن حصن الفزاري وهو الملقب بالأحمق المطاع في خيل من غطفان على
حدود المدينة في منطقة يقال لها الغابة ترعى فيها إبل النبي صلى الله عليه و سلّم فوجد بها ابن لأبي ذر الغفاري
وامرأته وراعي الإبل فقتلوا الغفاري وأخذوا امرأته (المصدر: قصة الإسلام و في كتاب الرحيق المختوم ذكر مصرع الغلام فقط)
فرأى ذلك غلام لعبد الرحمن بن عوف فدخل المدينة مسرعًا ليخبر النبي صلى الله عليه و سلم وكان ذلك في وقت الغلس قبل أذان الفجر فكان
أول من صادفه ابي سلمة بن الأكوع فأخبره بالأمر فقام سلمة بن الأكوع على جبل تجاه المدينة ونادى بأعلى صوته : يا صباحاه ثلاث مرات
فأسمع أهل المدينة كلهم ثم انطلق مسرعًا خلف العدو ومعه سيفه ونبله، وكان هذا الصحابي الفذ معروفا بسرعته الفائقة في الركض، و تحمله الشديد
للمسافة كيف لا و هو بطل المشاة.
هذه الغزوة تعتبر كلها للصحابي الجليل سلمة بن الأكوع الذي يعتبر بحق أسد الأسود وانظر كيف كان فعل هذا الصحابي تجاه الأمر الواقع،
انطلق سلمة وحده على قدميه خلف العدو وهم بالمئات (في كتاب الرحيق المختوم لم يذكر شيء في عددهم) ، حتى وصل خلف العدو وارتجز قائلاً:
أنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضع
وأخذ يرميهم بالسهام فإذا أرادوا الرجوع إليه فر هاربًا بسرعة لا يدركه أحد, وإذا عادوا عاد ورائهم بسرعة يرميهم بالسهام, وصعد على ثنية جبل
وهم يسقون إبلهم فرماهم بالحجارة فلقوا منه شدة ودخلهم خوف عظيم من هذا السبع الضاري حتى إنهم تخففوا من غنائمهم التي نهبوها فألقوا ثلاثين
رمحًا وثلاثين بردة حتى أمضوا في الهرب وظنوا أنهم قد نجوا منه فجلسوا يستريحون وكان الوقت ضحى فإذا بالسبع يطلع عليهم من رأس جبل مرددًا
ما قال من قبل: خذها وأنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضع
فارتاعوا لما رأوه وقال لهم عيينة بن حصن: "لولا أن هذا الرجل وراءه طلبًا ما ترككم, ليقم إليه نفر منكم", فقام إليه " أي سلمة" أربعة رجال فقال
لهم ابن الأكوع: "أتعرفونني أنا ابن الأكوع والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني"،
وفي رواية : لا أطلب منكم رجلا إلا أدركته، و لا يطلبني رجل فيدركني ... فخافوا منه ورجعوا عنه.
حين خروج هذا الصحابي الجليل من المدينة راكضا خلف بن حصن و رجاله، كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد بعث خلفه ثمانية فرسان على
أن يلحق مع المسلمين، (هو ما يعرف اليوم بالدعم العسكري) ... و ما يزال الصحابي الفذّ يلاحق خيالة بن غطفان حتى أدركه فرسان رسول الله من بين
الأشجار (كانت منطقة تسمى الغابة) منهم المقداد وأبو قتادة و الأخرم فدخوا في قتال مع رجال عيينة بن حصن الفزاري ... أي قتال ؟
إنهم فرسان رسول الله، لا يشق لهم غبار ما هي إلا لحظات حتى ولّى بنو غطفان مدبرين هاربين من صلابة الصحابة و استبسالهم ...
من كثرة جريهم أصابهم عطش شديد، فراحوا يميلون إلى شعب ذا ماء يقال له "ذا قرد" فلاحقهم سلمة بن الأكوع فأجلاهم عنه بغية إخضاعهم
قبل العشاء، حتى وصل رسول الله صلى الله عليه وسلّم و المسلمون معه...
فروى سلمة بن الأكوع ذلك لرسول الله، و أعقب قائلا : "يا رسول الله لو سرحتني في مائة رجل لاستنفذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم"،
فقال له الرسول الأعظم الأمين : "ملكت فأسجح، إنهم الآن ليغبقون في غطفان"، أي يتعشون، وعاد النبي مع القوم وقد قال في هذه المعركة وقدّم وسام
تكريم لبطلي المعركة: "خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة"، وأعطى سلمة سهم الفارس والراجل جميعًا، وأردفه خلفه على بعيره
عند الدخول للمدينة.
نِعْمَ التشريف الذي حضيت به يا أسد الأسود، وسام من رسول الله يضاهي الدنيا وما فيها رغم أنك أعطيت الدنيا قليلا لتحضى بالآخرة ...
ويوم قتل عثمان، رضي الله عنه، أدرك المجاهد الشجاع أن أبواب الفتنة قد فتحت على المسلمين، وما كان له وهو الذي قضى عمره يقاتل بين
اخوانه أن يتحول الى مقاتل ضد اخوانه. أجل ان الرجل الذي حيّا الرسول مهارته في قتال المشركين، ليس من حقه أن يقاتل بهذه المهارة مسلما،
ومن ثمّ، فقد حمل متاعه وغادر المدينة الى الربدة.. نفس المكان الذي اختاره أبو ذر من قبل مهاجرا له ومصيرا، وفي الرّبدة عاش سلمة
بقية حياته، حتى كان يوم عام أربعة وسبعين من الهجرة، فأخذه الشوق الى المدينة فسافر اليها زائرا، وقضى بها أياما و مات بها.
وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمّه تحت جوانحه ويؤويه مع من آوى قبله من الرفاق المباركين، والشهداء الصالحين.
رضي الله عنك و أرضاك يا سلمة بن الأكوع
المصدر : -كتاب الرّحيق المختوم باب النشاط العسكري: غزوة ذي قرد أو غزوة الغابة ص 362.363
-موقع قصة الإسلام
أرجو الفائدة للجميع ... لا تبخلوا بصالح دعائكم
حدود المدينة في منطقة يقال لها الغابة ترعى فيها إبل النبي صلى الله عليه و سلّم فوجد بها ابن لأبي ذر الغفاري
وامرأته وراعي الإبل فقتلوا الغفاري وأخذوا امرأته (المصدر: قصة الإسلام و في كتاب الرحيق المختوم ذكر مصرع الغلام فقط)
فرأى ذلك غلام لعبد الرحمن بن عوف فدخل المدينة مسرعًا ليخبر النبي صلى الله عليه و سلم وكان ذلك في وقت الغلس قبل أذان الفجر فكان
أول من صادفه ابي سلمة بن الأكوع فأخبره بالأمر فقام سلمة بن الأكوع على جبل تجاه المدينة ونادى بأعلى صوته : يا صباحاه ثلاث مرات
فأسمع أهل المدينة كلهم ثم انطلق مسرعًا خلف العدو ومعه سيفه ونبله، وكان هذا الصحابي الفذ معروفا بسرعته الفائقة في الركض، و تحمله الشديد
للمسافة كيف لا و هو بطل المشاة.
هذه الغزوة تعتبر كلها للصحابي الجليل سلمة بن الأكوع الذي يعتبر بحق أسد الأسود وانظر كيف كان فعل هذا الصحابي تجاه الأمر الواقع،
انطلق سلمة وحده على قدميه خلف العدو وهم بالمئات (في كتاب الرحيق المختوم لم يذكر شيء في عددهم) ، حتى وصل خلف العدو وارتجز قائلاً:
أنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضع
وأخذ يرميهم بالسهام فإذا أرادوا الرجوع إليه فر هاربًا بسرعة لا يدركه أحد, وإذا عادوا عاد ورائهم بسرعة يرميهم بالسهام, وصعد على ثنية جبل
وهم يسقون إبلهم فرماهم بالحجارة فلقوا منه شدة ودخلهم خوف عظيم من هذا السبع الضاري حتى إنهم تخففوا من غنائمهم التي نهبوها فألقوا ثلاثين
رمحًا وثلاثين بردة حتى أمضوا في الهرب وظنوا أنهم قد نجوا منه فجلسوا يستريحون وكان الوقت ضحى فإذا بالسبع يطلع عليهم من رأس جبل مرددًا
ما قال من قبل: خذها وأنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضع
فارتاعوا لما رأوه وقال لهم عيينة بن حصن: "لولا أن هذا الرجل وراءه طلبًا ما ترككم, ليقم إليه نفر منكم", فقام إليه " أي سلمة" أربعة رجال فقال
لهم ابن الأكوع: "أتعرفونني أنا ابن الأكوع والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني"،
وفي رواية : لا أطلب منكم رجلا إلا أدركته، و لا يطلبني رجل فيدركني ... فخافوا منه ورجعوا عنه.
حين خروج هذا الصحابي الجليل من المدينة راكضا خلف بن حصن و رجاله، كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد بعث خلفه ثمانية فرسان على
أن يلحق مع المسلمين، (هو ما يعرف اليوم بالدعم العسكري) ... و ما يزال الصحابي الفذّ يلاحق خيالة بن غطفان حتى أدركه فرسان رسول الله من بين
الأشجار (كانت منطقة تسمى الغابة) منهم المقداد وأبو قتادة و الأخرم فدخوا في قتال مع رجال عيينة بن حصن الفزاري ... أي قتال ؟
إنهم فرسان رسول الله، لا يشق لهم غبار ما هي إلا لحظات حتى ولّى بنو غطفان مدبرين هاربين من صلابة الصحابة و استبسالهم ...
من كثرة جريهم أصابهم عطش شديد، فراحوا يميلون إلى شعب ذا ماء يقال له "ذا قرد" فلاحقهم سلمة بن الأكوع فأجلاهم عنه بغية إخضاعهم
قبل العشاء، حتى وصل رسول الله صلى الله عليه وسلّم و المسلمون معه...
فروى سلمة بن الأكوع ذلك لرسول الله، و أعقب قائلا : "يا رسول الله لو سرحتني في مائة رجل لاستنفذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم"،
فقال له الرسول الأعظم الأمين : "ملكت فأسجح، إنهم الآن ليغبقون في غطفان"، أي يتعشون، وعاد النبي مع القوم وقد قال في هذه المعركة وقدّم وسام
تكريم لبطلي المعركة: "خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة"، وأعطى سلمة سهم الفارس والراجل جميعًا، وأردفه خلفه على بعيره
عند الدخول للمدينة.
نِعْمَ التشريف الذي حضيت به يا أسد الأسود، وسام من رسول الله يضاهي الدنيا وما فيها رغم أنك أعطيت الدنيا قليلا لتحضى بالآخرة ...
ويوم قتل عثمان، رضي الله عنه، أدرك المجاهد الشجاع أن أبواب الفتنة قد فتحت على المسلمين، وما كان له وهو الذي قضى عمره يقاتل بين
اخوانه أن يتحول الى مقاتل ضد اخوانه. أجل ان الرجل الذي حيّا الرسول مهارته في قتال المشركين، ليس من حقه أن يقاتل بهذه المهارة مسلما،
ومن ثمّ، فقد حمل متاعه وغادر المدينة الى الربدة.. نفس المكان الذي اختاره أبو ذر من قبل مهاجرا له ومصيرا، وفي الرّبدة عاش سلمة
بقية حياته، حتى كان يوم عام أربعة وسبعين من الهجرة، فأخذه الشوق الى المدينة فسافر اليها زائرا، وقضى بها أياما و مات بها.
وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمّه تحت جوانحه ويؤويه مع من آوى قبله من الرفاق المباركين، والشهداء الصالحين.
رضي الله عنك و أرضاك يا سلمة بن الأكوع
المصدر : -كتاب الرّحيق المختوم باب النشاط العسكري: غزوة ذي قرد أو غزوة الغابة ص 362.363
-موقع قصة الإسلام
أرجو الفائدة للجميع ... لا تبخلوا بصالح دعائكم