القريبون من الله
أما بعد: عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى- وطاعته، فإن تقوى الله هي المنجية من عذاب الله، وهي خير زاد ليوم المعاد، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
عباد الله: إنّ ظاهرة التأخر عن الحضور لصلاة الجمعة أصبحت منتشرة في هذا الزمان وفي جيل شباب هذه الأيام خاصة، والذي كنا نطمح أن يكون جيلاً يحمل همّ الإسلام ويحقّق آمال المسلمين لنشر الدين في جميع أنحاء الأرض، ولكنّه إذا كان جيلاً لا يُعَظِّم شعيرة الصلاة التي هي من أعظم شعائر الإسلام، فكيف يحقّق آمال الأمة بنصرها وتمكينها في الأرض.
عباد الله: إنّ كثيرًا من الناس لا يبكرون بالحضور لصلاة الجمعة، مفرطين في الأجر العظيم الذي يتسابق إليه المتسابقون، فربما ترى الإمام يحضر ولا يجد إلا القليل من المصلين وقد لا يحضر بعض الناس إلا في الركعة الثانية، أشغلتهم الدنيا عن الدين فلا حول ولا قوة إلا بالله، فلا بد من تعظيم شعائر الله التي هي من تقوى القلوب، ترهيبًا من التكاسل والإهمال، وفتور الهمة في الحضور، وترغيبًا في الأجر العظيم عند الله، ومغفرة الذنوب، وهنا نحب أن نذكر بأمور مهمة يا عباد الله وهي:
أولاً: الحضور مبكرًا لصلاة الجمعة هو عنوان تعظيم هذه الشعيرة العظيمة في قلب المؤمن، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9]؛ فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بالسعي إلى صلاة الجمعة، وترْك ما يلهي القلب عن ذِكْر الله من شواغل الدنيا، ولا يتحقق السعي الكامل للصلاة إلا بالتهيئة الكاملة لها قبل النداء بالاغتسال، وارتداء أحسن الثياب، والتطيُّب والتبكير في الحضور، إنه لقاء مع الله لا بد من تعظيمه، فعن عبدالله بن بسر -رضي الله عنه- قال: “جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “اجلس فقد آذيت وآنيت” (أخرجه أحمد وغيره).
فهذا الرجل انتهره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنه آذى المصلين بتخطِّي رقابهم وأشغلهم عن استماع الخطبة، وأخَّر المجيء إلى الصلاة.
وأخرج الشيخان عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بينما هو يخطب الناس يوم الجمعة، دخل رجل من أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فناداه عمر: أي ساعة هذه؟ وفي رواية قال: “ما بال رجال يتأخرون عن الصلاة” وفي رواية ثالثة قال: “لم تحتبسون عن الصلاة“، فقال: إني شغلت اليوم، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء، فلم أزد على أن توضأت، قال عمر: والوضوء أيضًا! وقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالغسل”!
وهذا إنكار منه -رضي الله عنه- على مَن تأخر في الحضور عن بداية الخطبة، وقد زاد استغرابه لما علم أنه ترك الغسل. أيضًا فقال له: “ألم يكفك أن فاتك فضل التبكير حتى أضفت إليه ترك الغسل المرغوب فيه؟”.
ثانيًا: علو المنزلة، ومغفرة الذنوب، وعظيم الأجر في التبكير.
يا عباد الله التبكير لحضور صلاة الجمعة فيه فضل كبير عند الله، اسمعوا لهذا الحديث العظيم الذي يبين أجور المبكرين لصلاة الجمعة على حسب سبقهم إليها.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من راح في الساعة الأولى فكأنّما قرّب بَدَنَة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة، فإذا صعد الإمام المنبر حضرت الملائكة يستمعون الذكر” (رواه البخاري 841، ومسلم 850).
فهل من يتصدق ببدنة كمن يتصدق ببيضة، وهو قادر على أن يتصدق بخير منها؟
إنه تفاوت في الأجور يميّز الله به بين العباد يوم القيامة، ولكن يبقى السؤال ما هو ثواب من يحضر بعد صعود الإمام على المنبر، وقد طوت الملائكة الصحف، وجلسوا يستمعون الذكر؟! إنها خسارة عظيمة لمن حُرم أجر الجمعة يا عباد الله، قال علقمة: “خرجت مع عبد الله إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد، إني سمعت رسول الله يقول: “إن الناس يجلسون من الله -عز وجل- يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة” (رواه ابن ماجه).
وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها” (رواه ابن ماجه)، وزاد “ومشى ولم يركب ودنى من الإمام فاستمع ولم يلغ” فهذا الحديث يدل على أنّ المبكِّر في الحضور يظفر بالتسجيل في قائمة الشرف والفضل، في صحف الملائكة التي تسجل الحاضرين إلى الجمعة بحسب سبقهم اليها، وأن من تأخر فقد ضيَّع نفسه من هذا الشرف، وفاته هذا الفضل العظيم. يا خسارة المُفَرِّط لهذه الأجور العظيمة؛ لأنه يوم القيامة عندما يرى المبكرين لصلاة الجمعة يحوزون الأجور العظيمة، وهو ينظر إليهم ويتحسَّر على تفريطه فيها، يقول: يا ليتني قدمت لحياتي.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من اغتسل، ثم أتى الجمعة، فصلَّى ما قُدِّرَ له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غُفِرَ له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام” (رواه مسلم).
فالمتهيئ للجمعة بالاغتسال، المبكِّر في الحضور، المتَّجِه إلى الخطبة بقلبه، يغفر الله له ذنوب عشرة أيام. وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: “فصلى ما قُدِّر له” فيفيد استحباب التنفل قبل دخول الإمام، وهذا ما يتسنَّى للمُبَكِّر يعني: أن الجمعة ليست لها سنة راتبة قبلها وإنما يجوز له التنفل كيفما شاء حتى يجيء الإمام، أضف إلى ذلك ما في التبكير من تحصيل مكان في الصفوف الأولى، ولحصول فضيلة الرباط بانتظار الصلاة، وحصول الاشتغال بذكر الله -تعالى- والدعاء، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتلاوة القرآن وخاصة سورة الكهف التي يضاء من النور لمن قرأها يوم الجمعة ما بين الجمعتين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده وأشكره على إحسانه وإنعامه وتكريمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: عباد الله: هناك بعض الأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة؛ فأحب أن أُنَبِّه إليها، ومنها: أولاً: ليس للجمعة سُنَّة راتبة قبلها، وإنما يجوز أن يتنفل المصلي بعد تحية المسجد بما شاء حتى يجيء الإمام، والأفضل أن يتوقف عن التنفل بالصلاة قبل مجيء الإمام بدقائق خروجًا من خلاف الفقهاء في مسألة وقت النهي؛ هل وقت النهي في يوم الجمعة مثل وقت النهي قبل الظهر في سائر الأيام، فللعلماء فيها تفصيل في كتب الفقه لمن أراد أن يرجع.
ثانيًا: صلاة الجمعة لا تُجْمَع مع صلاة العصر للمسافر كصلاة الظهر؛ لأنها تختلف عن الظهر في هيئتها وعدد ركعاتها، وكذلك في وقتها، وإنما إن صلى الجمعة فيؤخر العصر في وقته، إلا إذا كان صلى الظهر مع جماعة في مكان آخر حينها يجمع ويقصر الظهر والعصر ولا تحسب له ،جمعة بل صلاة ظهر؛ ففي هذه الحالة يصح الجمع.
ثالثًا: لا يصح البيع بعد أذان الجمعة الثاني، فعلى أصحاب الدكاكين والمحلات إغلاقها قبل وقت الأذان الثاني حتى يدرك الوقت قبل دخول الخطيب فينال فضل الجمعة.
رابعًا: في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، لا يوافقها عبد مسلم إلا أعطاه الله ما سأل، فاستغلوها يا عباد الله بالدعاء لكم ولإخوانكم المسلمين، وخاصة المظلومين بأن ينصرهم الله على من ظلمهم، ويدَمِّر جميع أعداء الدين إنه مجيب الدعاء.
فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى- وطاعته، فإن تقوى الله هي المنجية من عذاب الله، وهي خير زاد ليوم المعاد، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
عباد الله: إنّ ظاهرة التأخر عن الحضور لصلاة الجمعة أصبحت منتشرة في هذا الزمان وفي جيل شباب هذه الأيام خاصة، والذي كنا نطمح أن يكون جيلاً يحمل همّ الإسلام ويحقّق آمال المسلمين لنشر الدين في جميع أنحاء الأرض، ولكنّه إذا كان جيلاً لا يُعَظِّم شعيرة الصلاة التي هي من أعظم شعائر الإسلام، فكيف يحقّق آمال الأمة بنصرها وتمكينها في الأرض.
عباد الله: إنّ كثيرًا من الناس لا يبكرون بالحضور لصلاة الجمعة، مفرطين في الأجر العظيم الذي يتسابق إليه المتسابقون، فربما ترى الإمام يحضر ولا يجد إلا القليل من المصلين وقد لا يحضر بعض الناس إلا في الركعة الثانية، أشغلتهم الدنيا عن الدين فلا حول ولا قوة إلا بالله، فلا بد من تعظيم شعائر الله التي هي من تقوى القلوب، ترهيبًا من التكاسل والإهمال، وفتور الهمة في الحضور، وترغيبًا في الأجر العظيم عند الله، ومغفرة الذنوب، وهنا نحب أن نذكر بأمور مهمة يا عباد الله وهي:
أولاً: الحضور مبكرًا لصلاة الجمعة هو عنوان تعظيم هذه الشعيرة العظيمة في قلب المؤمن، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9]؛ فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بالسعي إلى صلاة الجمعة، وترْك ما يلهي القلب عن ذِكْر الله من شواغل الدنيا، ولا يتحقق السعي الكامل للصلاة إلا بالتهيئة الكاملة لها قبل النداء بالاغتسال، وارتداء أحسن الثياب، والتطيُّب والتبكير في الحضور، إنه لقاء مع الله لا بد من تعظيمه، فعن عبدالله بن بسر -رضي الله عنه- قال: “جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “اجلس فقد آذيت وآنيت” (أخرجه أحمد وغيره).
فهذا الرجل انتهره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنه آذى المصلين بتخطِّي رقابهم وأشغلهم عن استماع الخطبة، وأخَّر المجيء إلى الصلاة.
وأخرج الشيخان عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بينما هو يخطب الناس يوم الجمعة، دخل رجل من أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فناداه عمر: أي ساعة هذه؟ وفي رواية قال: “ما بال رجال يتأخرون عن الصلاة” وفي رواية ثالثة قال: “لم تحتبسون عن الصلاة“، فقال: إني شغلت اليوم، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء، فلم أزد على أن توضأت، قال عمر: والوضوء أيضًا! وقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالغسل”!
وهذا إنكار منه -رضي الله عنه- على مَن تأخر في الحضور عن بداية الخطبة، وقد زاد استغرابه لما علم أنه ترك الغسل. أيضًا فقال له: “ألم يكفك أن فاتك فضل التبكير حتى أضفت إليه ترك الغسل المرغوب فيه؟”.
ثانيًا: علو المنزلة، ومغفرة الذنوب، وعظيم الأجر في التبكير.
يا عباد الله التبكير لحضور صلاة الجمعة فيه فضل كبير عند الله، اسمعوا لهذا الحديث العظيم الذي يبين أجور المبكرين لصلاة الجمعة على حسب سبقهم إليها.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من راح في الساعة الأولى فكأنّما قرّب بَدَنَة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة، فإذا صعد الإمام المنبر حضرت الملائكة يستمعون الذكر” (رواه البخاري 841، ومسلم 850).
فهل من يتصدق ببدنة كمن يتصدق ببيضة، وهو قادر على أن يتصدق بخير منها؟
إنه تفاوت في الأجور يميّز الله به بين العباد يوم القيامة، ولكن يبقى السؤال ما هو ثواب من يحضر بعد صعود الإمام على المنبر، وقد طوت الملائكة الصحف، وجلسوا يستمعون الذكر؟! إنها خسارة عظيمة لمن حُرم أجر الجمعة يا عباد الله، قال علقمة: “خرجت مع عبد الله إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد، إني سمعت رسول الله يقول: “إن الناس يجلسون من الله -عز وجل- يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة” (رواه ابن ماجه).
وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها” (رواه ابن ماجه)، وزاد “ومشى ولم يركب ودنى من الإمام فاستمع ولم يلغ” فهذا الحديث يدل على أنّ المبكِّر في الحضور يظفر بالتسجيل في قائمة الشرف والفضل، في صحف الملائكة التي تسجل الحاضرين إلى الجمعة بحسب سبقهم اليها، وأن من تأخر فقد ضيَّع نفسه من هذا الشرف، وفاته هذا الفضل العظيم. يا خسارة المُفَرِّط لهذه الأجور العظيمة؛ لأنه يوم القيامة عندما يرى المبكرين لصلاة الجمعة يحوزون الأجور العظيمة، وهو ينظر إليهم ويتحسَّر على تفريطه فيها، يقول: يا ليتني قدمت لحياتي.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من اغتسل، ثم أتى الجمعة، فصلَّى ما قُدِّرَ له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غُفِرَ له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام” (رواه مسلم).
فالمتهيئ للجمعة بالاغتسال، المبكِّر في الحضور، المتَّجِه إلى الخطبة بقلبه، يغفر الله له ذنوب عشرة أيام. وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: “فصلى ما قُدِّر له” فيفيد استحباب التنفل قبل دخول الإمام، وهذا ما يتسنَّى للمُبَكِّر يعني: أن الجمعة ليست لها سنة راتبة قبلها وإنما يجوز له التنفل كيفما شاء حتى يجيء الإمام، أضف إلى ذلك ما في التبكير من تحصيل مكان في الصفوف الأولى، ولحصول فضيلة الرباط بانتظار الصلاة، وحصول الاشتغال بذكر الله -تعالى- والدعاء، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتلاوة القرآن وخاصة سورة الكهف التي يضاء من النور لمن قرأها يوم الجمعة ما بين الجمعتين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده وأشكره على إحسانه وإنعامه وتكريمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: عباد الله: هناك بعض الأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة؛ فأحب أن أُنَبِّه إليها، ومنها: أولاً: ليس للجمعة سُنَّة راتبة قبلها، وإنما يجوز أن يتنفل المصلي بعد تحية المسجد بما شاء حتى يجيء الإمام، والأفضل أن يتوقف عن التنفل بالصلاة قبل مجيء الإمام بدقائق خروجًا من خلاف الفقهاء في مسألة وقت النهي؛ هل وقت النهي في يوم الجمعة مثل وقت النهي قبل الظهر في سائر الأيام، فللعلماء فيها تفصيل في كتب الفقه لمن أراد أن يرجع.
ثانيًا: صلاة الجمعة لا تُجْمَع مع صلاة العصر للمسافر كصلاة الظهر؛ لأنها تختلف عن الظهر في هيئتها وعدد ركعاتها، وكذلك في وقتها، وإنما إن صلى الجمعة فيؤخر العصر في وقته، إلا إذا كان صلى الظهر مع جماعة في مكان آخر حينها يجمع ويقصر الظهر والعصر ولا تحسب له ،جمعة بل صلاة ظهر؛ ففي هذه الحالة يصح الجمع.
ثالثًا: لا يصح البيع بعد أذان الجمعة الثاني، فعلى أصحاب الدكاكين والمحلات إغلاقها قبل وقت الأذان الثاني حتى يدرك الوقت قبل دخول الخطيب فينال فضل الجمعة.
رابعًا: في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، لا يوافقها عبد مسلم إلا أعطاه الله ما سأل، فاستغلوها يا عباد الله بالدعاء لكم ولإخوانكم المسلمين، وخاصة المظلومين بأن ينصرهم الله على من ظلمهم، ويدَمِّر جميع أعداء الدين إنه مجيب الدعاء.
فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.