قال العلامة الإمام عبد الرحمٰن بن ناصر السعدي -رحمه الله تعالى رحمة واسعة-:
- اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺮاﻉ ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﺯﺓ :
📝 اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭاﻟﺜﻼﺛﻮﻥ: ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: "ﺃﺳﺮﻋﻮا ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﺯﺓ، ﻓﺈﻥ ﺗﻚ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻓﺨﻴﺮ ﺗﻘﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﺗﻚ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﺸﺮ ﺗﻀﻌﻮﻧﻪ ﻋﻦ ﺭﻗﺎﺑﻜﻢ" ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.
✓ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺤﺘﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺃﺻﻮﻟﻴﺔ ﻭﻓﺮﻭﻋﻴﺔ.
ﻓﻘﻮﻟﻪ ﷺ: "ﺃﺳﺮﻋﻮا ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﺯﺓ" ﻳﺸﻤﻞ اﻹﺳﺮاﻉ ﺑﺘﻐﺴﻴﻠﻬﺎ ﻭﺗﻜﻔﻴﻨﻬﺎ ﻭﺣﻤﻠﻬﺎ ﻭﺩﻓﻨﻬﺎ، ﻭﺟﻤﻴﻊ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎﺕ اﻟﺘﺠﻬﻴﺰ.
ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﺽ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ، ﻭﻳﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻹﺳﺮاﻉ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺭاﺟﺤﺔ، ﻛﺄﻥ ﻳﻤﻮﺕ ﺑﻐﺘﺔ، ﻓﻴﺘﻌﻴﻦ ﺗﺄﺧﻴﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻮﺗﻪ: ﻟﺌﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﺻﺎﺑﺘﻪ ﺳﻜﺘﺔ.
ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻳﻀﺎ - ﺗﺄﺧﻴﺮﻩ ﻟﻜﺜﺮﺓ اﻟﺠﻤﻊ، ﺃﻭ ﻟﺤﻀﻮﺭ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺣﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻭﻧﺤﻮﻩ. ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻤﻴﺖ ﻟﺘﻘﺪﻳﻤﻪ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ، ﺃﻭ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺤﻲ ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ اﻹﺑﻌﺎﺩ ﻋﻦ اﻟﺸﺮ.
ﻭﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻫﺬا ﻣﺄﻣﻮﺭا ﺑﻪ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭ ﺗﺠﻬﻴﺰﻩ، ﻓﻤﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ اﻹﺳﺮاﻉ ﻓﻲ ﺇﺑﺮاء ﺫﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺩﻳﻮﻥ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﺣﻮﺝ.
ﻭﻓﻴﻪ: اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺸﺄﻥ ﺃﺧﻴﻚ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﻴﺎ ﻭﻣﻴﺘﺎ، ﻭﺑﺎﻹﺳﺮاﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺧﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺩﻧﻴﺎﻩ.
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ: اﻟﺤﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ اﻟﺸﺮ، ﻭﻣﺒﺎﻋﺪﺓ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺘﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻤﺒﺎﺷﺮﺗﻪ.
ﻭﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ: ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻧﻌﻴﻢ اﻟﺒﺮﺯﺥ ﻭﻋﺬاﺑﻪ، ﻭﻗﺪ ﺗﻮاﺗﺮﺕ ﺑﺬﻟﻚ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻭﺃﻥ ﻣﺒﺘﺪﺃ ﺫﻟﻚ ﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ ﺇﺫا ﺗﻢ ﺩﻓﻨﻪ، ﻭﻟﻬﺬا ﻳﺸﺮﻉ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺎﻝ اﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮﻩ ﻭاﻟﺪﻋﺎء ﻟﻪ، ﻭاﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ، ﻭﺳﺆاﻝ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ اﻟﺜﺒﺎﺕ.
ﻭﻓﻲ ﻫﺬا ﺃﻳﻀﺎ: اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻧﻌﻴﻢ اﻟﺒﺮﺯﺥ ﻭﻋﺬاﺑﻪ، ﻭﺃﻥ ﺃﺳﺒﺎﺏ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﻟﺼﻼﺡ؛ ﻟﻘﻮﻟﻪ: "ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺎﻟﺤﺔ" ﻭاﻟﺼﻼﺡ ﻛﻠﻤﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺪﻳﻖ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﻃﺎﻋﺔ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﺗﺼﺪﻳﻖ اﻟﺨﺒﺮ، ﻭاﻣﺘﺜﺎﻝ اﻷﻣﺮ، ﻭاﺟﺘﻨﺎﺏ اﻟﻨﻬﻲ، ﻭﺃﻥ اﻟﻌﺬاﺏ ﺳﺒﺒﻪ اﻹﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﺼﻼﺡ: ﺇﻣﺎ ﻟﺸﻚ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ، ﺃﻭ اﺟﺘﺮاء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎﺭﻡ، ﺃﻭ ﻟﺘﺮﻙ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺒﺎﺕ ﻭاﻟﻔﺮاﺋﺾ، ﻭﺟﻤﻴﻊ اﻷﺳﺒﺎﺏ اﻟﻤﻔﺼﻠﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻭاﻵﺛﺎﺭ ﺗﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻻ ﻳﺼﻼﻫﺎ ﺇﻻ اﻷﺷﻘﻰ * اﻟﺬﻱ ﻛﺬﺏ ﻭﺗﻮﻟﻰ} [ اﻟﻠﻴﻞ:15-16] ، ﻛﺬﺏ اﻟﺨﺒﺮ، ﻭﺗﻮﻟﻰ ﻋﻦ اﻷﻣﺮ.
📚 كتاب: ((بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار)).
📜 الصفحة: ( 84 - 85 ) .