كتب: محمد المعتوق
نجاح باهر يحققه منتخب رجال اليد في التصفيات الآسيوية الثامنة عشرة التي اختتمت أعمالها بكوريا الجنوبية بمدينة أسوان والتي شهدت تاهل منتخبنا بجدارة الى نهائيات كأس العالم المزمع إقامته في ألمانيا والدنمارك في شهر يناير 2019 وشهد الحصول على مركز الوصافة الاسيوية خلف المنتخب القطري المرصع بالنجوم بعد مباراة نهائية حاسمة تحبس الانفاس، كان منتخبنا على بعد مسافة قصيرة من حمل اللقب متقدما بنتيجة الشوط الاول بفارق هدف، الا ان اخطاء مكلفة حدثت في الأوقات الصعبة للاعبينا سهلت المهمة على المنتخب القطري الذي لم يصدق نفسه بالخروج المظفر من المباراة منتصرا .
وللعلم فان فوز منتخبنا بنتيجة الشوط الاول في المباراة النهائية هي الخسارة الاولى للمنتخب القطري بين جميع الاشواط في المباريات طوال فترة التصفيات والتي كان فيها المنتخب القطري محافظا على سجله نظيفا من الخسارة في المباريات وفي الأشواط ومتقدما كالعادة بالنتيجة وبفارق كبير في مواجهة المنتخبات .
مستوى لافت
لم أكن أتوقع ان يقدم منتخبنا الوطني المستوى الفني الكبير الذي كان عليه في التصفيات، وراودني الخوف لصعوبة الموقف بعد ان اطلعت على طبيعة جدول المباريات، وفترات الراحة البينية القصيرة التي لا تسعف اللاعبين على استكمال حالة الاستشفاء، وخصوصا لمنتخبنا الوطني الذي يشارك من دون مدرب متخصص في تطوير القدارات البدنية واستعادة الشفاء المناسب ومن دون مدرب لحراس المرمى والجميع يعرف أهمية المركزين، فمدرب الحراس يوجه ويرشد ويعطي الملاحظات للحراس، ويعزز من قدرات الصد لديهم، واعتقد أن اكتفاء المدرب جودنسون بالمدرب المساعد على العنزور رغم مكانته الفنية لم يكن كافيا من وجهة نظري الشخصية فالحاجة الى المدرب المتخصص في الأحمال التدريبية ضرورة تتطلبها المرحلة الى جانب مدرب متخصصا في تدريب حراس المرمى من دون انتقاص من قدرات الحارس المتألق الأمين محمد عبد الحسين في التصفيات، ولكن كما اعتقد يمكن لمحمد عبد الحسين ان يكون اكثر حضورا وتألقا في وجود مدرب متخصص لحراس المرمى .
على العموم قدم محمد عبد الحسين عطاء رائعا في التصدى للكثير من الكرات الصعبة وقراءة مسار اللعب الى جانب إرساله الكرات الطويلة الدقيقة الى المهاجمين وتغذية مهدي سعد وحسن مدن ومحمود عبد القادر واحمد جلال وعلي عبد القادر بالكرات المباشرة في الأوقات المهمة لقلب الطاولة والتقدم بالنتيجة، ولكن تبقى أهمية وجود مدرب لحراس مرمى المنتخب ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها .
رحلات مكوكية
كنت اجد في رحلات المدرب الآيسلندي العالمي جودنسون المكوكية بين البحرين وأيسلندا، وعدم الاستقرار في البحرين كما باقي المدربين، هامشا سلبيا حيث الحاجة الى متابعة مباريات الدوري وانتقاء البعض من اللاعبين الجدد وعدم الاكتفاء بأشرطة الفيديو في الاختيار، اضافة الى الأهمية في إقامة الدورات التدريبية المتقدمة للمدربين المحليين على مستوى الكبار والصغار الى جانب المدربين المحترفين الموجودين في الساحة، بحسب نصوص العقد الموقع مع المدرب العالمي جودنسون حيث يوصي بإقامة دورات تدريبية متقدمة تحت إشراف مدربنا العالمي .
نظرة إيجابية
بعد متابعتي لنتائج المنتخب في المباريات الودية الدولية التجريبية وظهور لاعبينا في المنتخب بالمستوى المتقدم، والنتائج الايجابية التي تتحقق بين بطولة واُخرى، أزاح من تفكيري أهمية تواجد المدرب الدائم مع المنتخب في البحرين، وان المحطات التدريبية بالمشاركة في بطولات دولية ودية مصغرة هي الأفضل بالنسبة للاعبي المنتخب لابعاد الاصابات والملل عن اللاعبين، وإن إعطاء جرعات منشطة من التدريبات المركزة والمكثفة والمشاركة في بطولات قصيرة هي الانسب للاعبي منتخبنا من المعسكرات الطويلة المرهقة وتلافي تغلغل الملل الى النفوس، كما ان اختيار مجموعة من اللاعبين الشباب وضمهم الى المنتخب ساعد كثيرا في الحفاظ على معدلات اللياقة البدنية المرتفعة وإشعال في النفوس حماس متقد لا ينطفئ ورغبة حقيقية في الانتصار.
واعتقد ان احمد جلال ومهدي سعد وحسن مدن ومحمد ميرزا علامة فارقة في منتخبنا الوطني لوفرة العطاء والتأثير على ميزان القوى لقلب الطاولات بتحسين الجوانب الدفاعية والهجومية، وللعلم فان معدل إعمار اللاعبين في المنتخب الوطني بين (26-27) سنة وهذا السن مناسب للاعب الذي يمتلك الخبرة والقوة البدنية المطلوبة للمباريات الدولية الصعبة ويمهد الطريق لمستقبل باهر تمتزج معه الخبرة الميدانية بالطموح لتحقيق الإنجاز الاسيوي وخطف البطولات بالسواعد البحرينية.
إنجازات كبيرة تستحق التأمل خلال عام
الإنجازات التي حققها اتحاد كرة اليد في الفترة الزمنية القصيرة وفي اقل من عام إنجازات كبيرة بدأت بحصول الاتحاد البحريني لكرة اليد على جائزة افضل اتحاد آسيوي للسنوات الأربع الماضية خلال اجتماعات الكونغرس الآسيوي الاخير وحصول رئيس الاتحاد علي محمد عيسى اسحاقي على منصب نائب الرئيس للاتحاد الآسيوي وهو منصب شرفي يستحقه أباً عيسى بجدارة، وأخيرا حصول منتخبنا الوطني على المركز الثاني على مستوى القارة الاسيوية واختيار حسين الصياد ومهدي سعد ضمن افضل سبعة لاعبين في القارة الآسيوية مع انتهاء التصفيات وعلى مستوى الاندية حصول نادي النجمة على كأس السوبر الخليجي .
حسين الصياد امتداد لوجوه قائدة الوجه شرفت كرة اليد البحرينية
حسين الصياد من الأشخاص الذين توالوا على قيادة المنتخب بدءا من احمد سيف لاعب الرفاع وقائد نادي الوحدة والمنتخب الوطني ابان تأسيس اللعبة واحمد سيف شخصية تربوية متعاونة خلوق بطبعه يمتلك روح الإيثار وضبط النفس، وجاء الجنرال نبيل طه قائدا للمنتخب خلفا لاحمد سيف وكان طه نموذجا للجيل الصاعد من اللاعبين بنادي اليرموك ومن بعده الوحدة، يمتلك الكابتن نبيل الشخصية القوية والعلاقات الوطيدة مع اللاعبين يتصف بالإيثار والرغبة في تشجيع اللاعبين الصغار في المنتخب، وجاء بعد الجنرال اللاعب الشامل بدر ميرزا الذي يجيد اللعب في جميع المراكز، حيث يمتلك البدر القدرة على إدارة اللعبة وتصحيح المسار وتحقيق الإنجازات كما طه في النادي والمنتخب وجاء سعيد جوهر سلفا لخير خلف شخصية قوية يلعب بحماس شديد وفكر متقد مارس اللعبة منذ الصغر ومثل المنتخبات الصغيرة والكبيرة وحقق الإنجازات الباهرة وكانت حكاية الوصول الى نهائيات كاس العالم لأول مرة تكتب بيده عندما خطف كرة مرتدة من الحارس محمد احمد ولعبها بذكاء شديد في المرمى السعودي مستغلا خروج الحارس السعودي مناف من مرماه، وقد اختير الهدف الاجمل في ارشيف الاتحاد الاسيوي ومرت على المنتخب الوطني شخصيات كبيرة ومؤثرة ولكني أتوقف كثيرا عند اللاعب حسين الصياد الذي قاد منتخبنا ببراعة المفكر الى العالمية والصياد في التسعينات من اللاعبين الصغار الذين استهوتهم اللعبة، تجد الصياد عندما كان صبيا دائما ما يكون خلف الأسوار قريبا من اللعبة واللاعبين يشاهد ويتابع ويتأمل، وعلى مستوى مباريات الصغار كان الصياد لاعبا متمردا يعشق الانتصار والخروج عن النص احيانا، يتابع المباريات وقوفا خلف السياج الذي يحيط بالملعب المركزي وفي عيونه نظرة بناء المستقبل برز في نادي الديه وقدم نفسه لاعبا مستقبليا يحسب له الف حساب، وبالفعل كان اللاعب القوي والذكي في دوري الفئات العمرية، وكان خليل ابراهيم رئيس لعبة كرة اليد بنادي الديه احد الركائز الداعمة لتألق الصياد، اضافة الى الباقي من اللاعبين بالنادي غسان أمير وحسين مكي علي المطوع وقد وجد نادي الديه في الصياد طريقا لاصطياد البطولات، ثم جاء نادي الشباب بعد اندماج الديه وجدحفص وسنابس وغيرها من الاندية ومن هناك بدأ الصياد رحلاته الاحترافية الخارجية، وكان أكثرها تأثيرا وبروزا للصياد في الدوري السعودي وحقق الصياد هناك جمل من الإنجازات والبطولات المحلية والخارجية . وأصبح اللاعب الصغير الذكي القوي المنطلق اللاعب رقم واحد في الدوري السعودي، بما يشمله ذلك الدوري الصعب من لاعبين عرب محترفين الا ان الصياد دائم الحصول على جوائز افضل لاعب في الكثير من المباريات.
وبرز نجم الصياد في ساحة كرة اليد المحلية والخارجية وأصبح مطلوبا في الفرق الكبيرة التي تنشد التغيير وخطف البطولات .
عودة الصياد الى البحرين بعد سنوات من الغربة الصعبة الغنية بالانجاز وتشكيل الشخصية وبناء الذات قرار جريء ومدروس يهدف الى الاستقرار، وقد ساعدت العودة بلا شك اللعبة في البحرين على الارتقاء محليا ودوليا، وإعطاء نادي النجمة دفعة قوية للمنافسة على حصد البطولات المحلية والخارجية، وكان اول غيث نادي النجمة بالحصول على كأس السوبر البحريني الاماراتي الاول وخطف السوبر البحريني بالفوز الأهلي والنجمة مستمر على خط الانتصارات الكبيرة المتتالية في الدور التمهيدي المحلي في الطريق الى المنافسة على بطولة الدوري والكأس المحليين.
وكان لانتقال مهدي سعد الى النجمة برفقة الصياد رفيق عمره تحول خطير في ميزان القوى اذا أضفنا الى القائمة محمد ميرزا وعلي ميرزا ومحمود الونة ومحمد رضا وعلي عيد وحسن محمود وبلال بشام وعلي طه وحسن شهاب وكميل محفوظ والحارس الكبير محمد عبد الحسين والقائمة تطول والتي تشكل مصدر رعب للفرق المنافسة وتمثل شخصية حسين الصياد بيضة القبان في مستوى النجمة وحصد البطولات .
حسين الصياد من الشخصيات التي تمتلك الإيثار بعيدا عن الانانية وحب الذات وقد كان سخيا عندما شارك محمد عبد الحسين حارس المنتخب ونادي النجمة في جائزة افضل لاعب في المباراة التي حصل عليها في مواجهة المنتخب السعودي وفي الخطوة هذه إيثار وتقدير للحارس الأمين محمد عبد الحسين وفي تلك الخطوة كرم من الصياد وحسن خلق وايمان بروح الفريق الواحد .
منتخب لا يعرف الياس
قدم منتخبنا مستويات كبيرة وبرز بشكل لافت وحظى باهتمام الصحافة الكورية والعربية وشرف مملكة البحرين وكان منتخبنا محط أنظار ومتابعة القيادة الرشيدة وسمو الشيخ ناصر بن حمد ودعم اللجنة الأولمبية ومتابعة جماهيرية واسعة.
القطان معجب بشخصية الصياد
اعرب رئيس نادي النجمة القائد عيسى القطان في حديث حول انتقال الصياد في وقت مبكّر لنادي النجمة عن اعجابه بشخصية الصياد وقال: الصياد عندما يتحدث لي عن احتياجات اللاعبين لا يتحدث عن نفسه وإنما يتحدث فيما يخص مصلحة اللاعبين واضاف : لا اتذكر مرة كان الصياد فيها يتحدث عن ذاته او مصلحته الشخصية أبدا .
واختيار الصياد ضمن افضل سبعة لاعبين مكسب كبير لمنتخبنا الوطني ولنادي النجمة.
جودنسون المدرب الآيسلندي العالمي
اختيار المدرب الآيسلندي لقيادة منتخبنا الوطني كان اختيارا دقيقا ينم عن ذكاء شديد وانتقاء لا يعرف التأويل يمتلك المدرب الخبرات الكبيرة والسجل المرصع بالبطولات الأولمبية والعالمية في قيادته للمنتخبات الكبيرة وقبول المدرب الآيسلندي جودنسون كان من اختياره الشخصي وقد صرح في مؤتمر صحفي بان حضورا الى البحرين وتدريب منتخب الكبار ليس يهدف الى رفع الضغط عن كاحله في تدريب المنتخبات العالمية كالمنتخب الدنمركي ولكن عشقه لتحدي ومشاهدته للمنتخب البحريني وجد ان هناك فرصة للتجربة لتقديم منتخب جديد الى العالمية بأسلوب وطرق فنية راقية .
اللعب الجماعي ما يميز منتخبنا عن غيره من المنتخبات
يلعب منتخبنا الوطني بصورة جماعية وكل من اللاعبين قد وجد فرصته في تقديم نفسه بالطريقة التي تليق لذلك وجدنا مشاركة جماعية والكل من اللاعبين في المجموعة قد أخذ الفرصة الكافية في الجانب الدفاعي او الجانب الهجومي كما ان روح الفريق الواحد تجسد العمل الجماعي على مدى سنوات ويعكس الروح الأخوية والاخلاص في تمثيل الوطن .
مكافآت في الوقت المناسب
توجيهات سمو الشيخ ناصر بن حمد ممثل جلالة الملك للاعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية بمنح اللاعبين مكافأت الفوز مباشرة أعطت اللاعبين والمدربين والاداريين دفعة قوية من التحفيز الذهني ومضاعفة الإصرار على الفوز في المواجهات القادمة .
كما ان تصريحات رئيس الاتحاد علي محمد عيسى الايجابية ونقل تحيات اللاعبين والمدربين والاداريين المشاركين في التصفيات الى القيادة الرشيدة زادت من حماس اللاعبين وأثلجت صدورهم وضاعفت من مجهودهم في مباريات الدور قبل النهائي والدور النهائي.