الحمد لله ولي المتقين محب التوابين والمتطهرين وناصر عباده المؤمنين و أشهد أن لا إله إلا الله الملك الولي المبين وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله النبي الامين صلى الله عليه وسلم وأصحابه الطاهرين وسلم تسليما ً كثيرا أما بعد :قال تعالى(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون))..عباد الله :أوصيكم وأوصي نفسي قبلكم بتقوى الله فإنها الحصن الحصين والسد المنيع والسراج المنير والصراط المستقيم ، طريق السالكين ودليل الناجين في الدنيا و الدين .عباد الله :أقف اليوم وإياكم مع كلمه عظيمة كلمة تطرق اسماعنا كل اسبوع بل وربما كل يوم كلمة تحمل معاني عظيمه , تجمع الخير كله وتحذر من الشر كله ما من خطيب جمعه أو واعظ أو معلم أو آمرا ً بالمعروف ناهي عن المنكر إلا ويقولها ويكررها كلمة عظيمه تكررت في كتاب الله أكثر من مره ما ذلك إلا دليلا ً على أهميه وعظم شأنها ومكانتها في الإسلام. فيا ترى ما هذه الكلمة التي تطرق اسماعنا و تحمل كل هذه المعاني ولم توعيها قلوبنا ولم تتأثر بها بخلاف اسلافنا حيث إن لواحد منهم إذا قيلت له هذه الكلمة خر صريعا ً باكيا ً خائفا ً وجلا ً منها
.أيها المسلمون :لا تعجبون مما أقول لكم فوالله لو أن كل واحدا ً منا تأملها وعمل بها لما وجدنا ما وجدنا من الفتن والمصائب والذل والهون الذي حل بالمسلمين اليوم بخلاف السلف فإيهم يرهبون العدو بالكلمة و الرسالة الواحدة ..........* لماذا هرب الروم بمجرد نية الرسول صلى الله عليه وسلم غزوهم الآ ليت شعري ماهي تلك الكلمه* ومن هو المتأمل لها والعامل بها ؟ أيها الأخوة المسلمون الموحدون :إنها كلمة التقوى نعم التقوى هي منهاج السالكين ومنار السبيل ودليل الحائرين هي مفتاح اليائسين القانطين هي منجاة المسرفين المفرطين يوم الدين هي نور الضالين هي جماع الدين وأكثر من ذلك بكثير نعم كلمة التقوى جامعة لكل خير محذرة من كل شر تحمل بين اجنابها الدين كله وما الدين إلا أمر ونهي من رب العالمين . تكررت في كتاب الله في اكثر من آية وسورة قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)) وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ))وقال: (( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ))قال: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتّقِ اللّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ))وقال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا))وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ ))وقال: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)). ألم نسمع تلك الآيات وغيرها الكثير في الصلوات والخطب والمواعظ ؟؟ آلم تطرق أسماعنا ؟؟فهل أثرت في قلوبنا؟؟ هل بكت عيوننا هل ذرفت دموعنا ؟؟هل أقشعرت جلودنا عند سماعها؟؟ إن كانت الإجابة منك أيها المسلم بنعم فهنيئا لك هذا النعيم والإيمان برب العالمين وإن كانت لا فأحسن الله عزائك على قسوة قلبك فإن كنت لم تبكي عند سماعها فبكي رحمك الله على قسوة قلبك وعزي نفسك على ذلك .أيها المؤمنون :هذه الكلمة تعني أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية ففعلوا رحمكم الله كل ما يبعدكم عن النار وعذاب الله وغضبه وسخطه في الدنيا و الآخرة فأقيموا ما أوجب الله عليكم و أحذروا عما نهاكم الله عنه فلا تجعلوا ربكم يفتقدكم حيث أمركم ويجدكم حيث نهاكم . أيها المسلم :تقوى الله تعني إفراد الله بالعبادة وحده سبحانه وتعالى وتنزيهه عن الشريك وعن الصحبة والولد تعني توحيده بالربوبية والألوهية والإيمان بالأسماء والصفات ودعائه بها وسؤاله ورجائه بها ((وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون)) تعني الإيمان بالرسل والملائكة والقدر خيره وشره حلوه ومره تعني الإيمان بالقرآن و أنه المهمين على جميع الكتب وأنه كلام الله جل وعلا وخطابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لخلقه أصح الكتاب بيانا ًوأوضحها حلالا ً وحراما محفوظا ً من التحريف و الزيادة تعني الإيمان باليوم الآخر وأهواله تعني الإيمان بالجنة والنار والحساب والجزاء والصراط وغيرها هذه الكلمة تعني الإيمان بالرسل عليهم السلام من أولهم إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم كما أنها تعني أنه لا يمكن التقرب إلا عن طريق ما جاء في كتاب الله وسنه محمد صلى الله عليه وسلم كذلك تعني الإيمان بالقضاء والقدر والتسليم المطلق والصبر عليه واليقين لأنه من الله جل وعلا فلا سخط ولا جزع ولا اعتراض بل صبر ورضا .فإن لم يكن الموحدين لله هم المتقين فمن هم إذن ؟؟؟بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله المحمود على كل حال الحمد لله الذي لا يستحق الحمد المطلق سواه و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا ً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته واتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليما ًعباد الله :ليس ما ذكرناه فقط من توحيد الله هو معنى التقوى لا بلهو أساسها وإلا فتعني كذلك مراقبه الله عز وجل في كل حال واليقين بأن الله مطلع على كل شيء علم به فمراقبه الله في الأوقات والأعمال و الأولاد والأهل و الأموال و المأكل والمشرب والمجالس فالأوقات في استغلالها وأن الله سائلنا عنها قال عليه الصلاة والسلام }لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع… وذكر منها العمر فيما افناه الإنسان { ولاشك أن عمر الإنسان هو وقته و ساعاته بل دقائقه وثوانيه فماذا عمل فيها وبماذا استغلها هل بطاعة الله من ذكر وصلاة و أمر بالمعروف ونهي عن منكر وتعليم العلم ونشر الوعي بين الناس وإصلاح المجتمع وخدمة الضعيف وإعانة المحتاج وغير ذلك من الأعمال الصالحة .ومن التقوى أيضاً نشر السنة ومحاربة البدعة والضلالة والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد السفيه في المجتمع . و أما الأهل هل قمنا بواجبنا تجاههم بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وهل صبرنا على الأذى في ذلك أم يأس وقنوط وقال تعالى: ((وأنذر عشيرتك الأقربين )) وقال :((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )) وقال عليه الصلاة والسلام ((كلكم راع ومسئولاً عن رعيته ))الحديث و أم الأولاد : هل قمنا بتربيتهم على أتم وجه هل أنشأناهم على طاعة الله وهل علمناهم ما يرضي الله وكيف يعبدون الله أم تركناهم يعملون ما يشاؤون وينظرون إلى ما يريدون من حلال وحرام هل أتيناهم بما ينفعهم وينمي قدراتهم لينفعوا أنفسهم أولا ً ثم أسرتهم ثم مجتمعهم أم بما يضرهم ويهدم دينهم و أفكارهم هل وجهناهم لنفع إخوانهم والقيام ..........* الآخرين أم تركناهم يهيمون في الشوارع ويؤذون المسلمين لا نعلم أين ذهبوا وماذا أكلوا وماذا يفعلون ومع من يمشون.وأما الأموال فمن اين اكتسبتها وفيما انفقتها قال عليه الصلاة والسلام }لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع وذكر ..ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه { اكتسبه من حلال ام من حرام من حلال بطريقه التحايل على احكام الإسلام فالمرء خصيم نفسه ام بغير ذلك مما حرم الله من لهو وزمر وطرب ونظر للحرام وسماع له والنوم عن الطاعات والواجبات أو النوم والاكل والسهر بالاستراحات واللعب بالأوراق وتعاطي المحرمات من شيش ودخان ومخدرات ومسكرات أيها الاخوة في الله :يجب علينا جميعا ً معرفة هذا الشيء والتأمل فيه لأن هذه هي حقيقة التقوى الموصلة إلى محبه الله وليعلم أن التقوى جوانبها كثيره لا يمكن استيعابها في هذه الخطبة فالوقت مداهمنا نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتقين نسأل الله أن يجعلنا و إياكم من المتقين المفلحين.
المصدر : صيد الفوائد