قصة وعبرة الشجرة وإزعاج العصافير
يروى أن فلاحاً أراد يوماً أن ينام في الظهيرة باستراحة مزرعته, فأزعجته زغزغة العصافير فوق الشجرة المجاورة للاستراحة, فاستشاط غضباً, وذهب إلى الشجرة فضرب جذعها بعصاً غليظة فطارت العصافير, ثمّ عاد إلى استراحته ليتهيأ للنوم ثانية, فعادت زغزغة العصافير ثانية هي الأخرى, فيعود الفلاح للشجرة ويضرب الجذع بالعصا فتطير العصافير, ثمّ يتكرر ذلك المشهد عدة مرات, طردٌ للعصافير ثم عودتها إلى الشجرة, وهنا زاد حنق المزارع, وبعد أن فكّر ملياً, اكتشف أن الحل الجذري لهذه المشكلة هو اقتلاع الشجرة وغرسها في مكان آخر من المزرعة بعيداً عن الاستراحة, ففعلها, وبذلك ارتاح المزارع من إزعاج العصافير فنام هانئاً في قيلولته تلك, بل وللأبد.
وحياتنا لا تخلو من المشكلات, والإنسان الواعي يتعلم من تجارب الحياة من خلال تعامله مع المواقف المختلفة, وكيفية مواجهتها وحلها بطريقة إبداعية تجعل المرء في أحسن حالاته الإنتاجية والنفسية, وذلك بمعرفته لمصدر المشكلة الرئيس وبتره, كما فعل صاحبنا الفلاح, وهذه القاعدة لو ندركها ونطبقها جيداً, لتمكنا من القضاء على المشكلات التي تقلق مضاجعنا, ولنجحنا في شق طريقنا في الحياة بأمان, ولكن الغالبية تذهب إلى البحث عن حلول مسكنة لأعراض المشكلة دون التمعن في أصل حدوثها والتعامل مع السبب الرئيس للمشكلة حتى لا نقع فيها مرة أخرى, ويأتي الإخفاق أحياناً كوننا كمن يحاول دفع الباب لفتحه, فيفشل ثمّ يحاول ثانية بالقوة وقد يتألم, ثمّ يكتشف مؤخراً أن الباب يُفتح في الاتجاه الآخر, فالعيب ليس في كوننا قد أخطأنا في اختيار الإجراء الصحيح, ولكن العيب في تكرار المحاولة وبنفس الآلية التي لم نصل عن طريقها إلى حل مناسب, فالذي لم يخطئ لم يجرب شيئاً جديداً, , فالخطأ هو الطريق إلى الصواب , يقول إنشتاين: الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة, وفي الحديث: ” لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين” (البخاري: 3983).
الشجرة وإزعاج العصافير
ومن المعلوم أن الفشل في حل المشكلة ينتج من عدم اتباعنا لمنهجية علمية, كإساءة تفسر أسباب المشكلة, أو عدم كفاية المعلومات التي تم جمعها, أو عدم صحتها, وينتج الفشل أيضاً نتيجة التسرع في حل المشكلة دون بذل أدنى مجهود لدراستها, أو لتجاهل الأخذ بمشورة أهل الخبرة نتيجة توقعنا الخاطئ أحياناً بأن ما نراه هو الصحيح, ولعل مما يضعف التعامل مع المشكلات ويؤخر الحل أو يزيد من تفاقم الخسائر, هو التردد والتأجيل وكذا الهروب من مواجهة الموقف عندما يكون فيه صعوبة أو غير مألوف, فالابتعاد عن مواجهة المشكلات يزيدها تعقيداً, ولكن لا يعني ذلك الدعوة إلى التهور والدخول في مواجهات غير متكافئة, وفي المقابل يأتي النجاح عندما نصنعه بأنفسنا, دون أن نعتمد على الغير, لأن من يعتمد على غير ه يبقى نجاحه مرهوناً بهم, كما هو الحال في قاعدة العلاقات الاجتماعية (T ,H): حيث H علاقة تبادلية للمنافع, أكسب وتكسب, بينما T علاقة اتكالية على الغير, ثمّ يأتي الانهيار بمجرد تخلي الغير عنا.
ونحتاج للتعامل مع المشكلات إلى الحزم والعزم بعد فهم الواقع الذي هو الوسيلة الوحيدة لتجاوز الموقف حتى وإن كانت النتائج قاسية علينا قليلاً, كما نحتاج إلى الجرأة وعدم التردد, فالذين يتمتعون بالجرأة والإقدام يكون لديهم كمية أكبر من الطاقة, أما الذين تعودوا على السعي وراء ما هو آمن ومضمون فإنهم لا يحصلون على المتعة والمكافأة التي تنتج عن خوض المغامرات, يقول الشاعر: إذا كنت ذا عزم فأنفذه عاجلاً …. فإن فساد العزم أن يتقيدا
ويجب أن نتنبه إلى أنه كلما كان لدينا عدد أكبر من الأفكار والحلول كانت فرصة الوصول للحل أسرع وآكد, كما أن تعلم حل المشكلات والتدرب على كيفية التعامل معها يخلق الثقة لدى الفرد, ويزيد من قدرته على التعامل مع المشكلات بشكل صحيح وبالدقة والسرعة المناسبة.
ويتم تعامل الناس مع المشكلات عبر مسارين:
الأول: الوقاية: وهو العمل على تلافى الوقوع في المشكلة قبل حدوثها, وقد قيل درهم وقاية خير من قنطار علاج, وتأتي الوقاية على ثلاث مراحل: الوقاية الأولية وهي تجنب الوقوع في المشكلة كتلقي التطعيمات الصحية مثلاً, والوقاية الثانوية وهي الاكتشاف المبكر للمشكلة والتعامل معها جيداً للقضاء عليها في مهدها, ثمّ الوقاية الثانوية وهذه تعني الحد من الآثار السلبية للمشكلة.
والثاني: العلاج: ويكون باستخدام الطرق العلمية للتعامل مع المشكلة, وإزالة الأسباب الفعلية المسببة للمشكلة, لتعود الحياة إلى سابق عهدها إن أمكن, أو على الأقل تحسين الوضع وقبوله لتسير الحياة في وفاق ووئام نفسي, فإذا ما وقع الفأس في الرأس, وحصل ما نخشاه, ولم تعد لنا حيلة لتدارك ما فات, فلننظر للوجه الآخر للعملة ففيه من الجمال والفائدة مثل ما في الوجه الأول, أما البكاء على اللبن المسكوب فهو طبع الجبناء والسلبيين الذين هم زائدون على الحياة كما جاء في قول الرافعي, وفي الحديث الشريف الذي رواه صهيب رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: ” عجباً لأمر المؤمن, إن أمره كله خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له” (مسلم: 2999), ولهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يرون القتل في سبيل الله في الفتوحات الإسلامية فوزاً, فإذا ما تعرض أحدهم للقتل من الأعداء, تراه يقول: فزت ورب الكعبة.
ويجب أن نتنبه إلى أنه كلما كان لدينا عدد أكبر من الأفكار والحلول كانت فرصة الوصول للحل أسرع وآكد, كما أن تعلم حل المشكلات والتدرب على كيفية التعامل معها يخلق الثقة لدى الفرد, ويزيد من قدرته على التعامل مع المشكلات بشكل صحيح وبالدقة والسرعة المناسبة.
همسة : لا تتمنى أن تحصل على مشاكل أقل, بل تمنى أن تحصل على مهارات أكثر.
يروى أن فلاحاً أراد يوماً أن ينام في الظهيرة باستراحة مزرعته, فأزعجته زغزغة العصافير فوق الشجرة المجاورة للاستراحة, فاستشاط غضباً, وذهب إلى الشجرة فضرب جذعها بعصاً غليظة فطارت العصافير, ثمّ عاد إلى استراحته ليتهيأ للنوم ثانية, فعادت زغزغة العصافير ثانية هي الأخرى, فيعود الفلاح للشجرة ويضرب الجذع بالعصا فتطير العصافير, ثمّ يتكرر ذلك المشهد عدة مرات, طردٌ للعصافير ثم عودتها إلى الشجرة, وهنا زاد حنق المزارع, وبعد أن فكّر ملياً, اكتشف أن الحل الجذري لهذه المشكلة هو اقتلاع الشجرة وغرسها في مكان آخر من المزرعة بعيداً عن الاستراحة, ففعلها, وبذلك ارتاح المزارع من إزعاج العصافير فنام هانئاً في قيلولته تلك, بل وللأبد.
وحياتنا لا تخلو من المشكلات, والإنسان الواعي يتعلم من تجارب الحياة من خلال تعامله مع المواقف المختلفة, وكيفية مواجهتها وحلها بطريقة إبداعية تجعل المرء في أحسن حالاته الإنتاجية والنفسية, وذلك بمعرفته لمصدر المشكلة الرئيس وبتره, كما فعل صاحبنا الفلاح, وهذه القاعدة لو ندركها ونطبقها جيداً, لتمكنا من القضاء على المشكلات التي تقلق مضاجعنا, ولنجحنا في شق طريقنا في الحياة بأمان, ولكن الغالبية تذهب إلى البحث عن حلول مسكنة لأعراض المشكلة دون التمعن في أصل حدوثها والتعامل مع السبب الرئيس للمشكلة حتى لا نقع فيها مرة أخرى, ويأتي الإخفاق أحياناً كوننا كمن يحاول دفع الباب لفتحه, فيفشل ثمّ يحاول ثانية بالقوة وقد يتألم, ثمّ يكتشف مؤخراً أن الباب يُفتح في الاتجاه الآخر, فالعيب ليس في كوننا قد أخطأنا في اختيار الإجراء الصحيح, ولكن العيب في تكرار المحاولة وبنفس الآلية التي لم نصل عن طريقها إلى حل مناسب, فالذي لم يخطئ لم يجرب شيئاً جديداً, , فالخطأ هو الطريق إلى الصواب , يقول إنشتاين: الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة, وفي الحديث: ” لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين” (البخاري: 3983).
الشجرة وإزعاج العصافير
ومن المعلوم أن الفشل في حل المشكلة ينتج من عدم اتباعنا لمنهجية علمية, كإساءة تفسر أسباب المشكلة, أو عدم كفاية المعلومات التي تم جمعها, أو عدم صحتها, وينتج الفشل أيضاً نتيجة التسرع في حل المشكلة دون بذل أدنى مجهود لدراستها, أو لتجاهل الأخذ بمشورة أهل الخبرة نتيجة توقعنا الخاطئ أحياناً بأن ما نراه هو الصحيح, ولعل مما يضعف التعامل مع المشكلات ويؤخر الحل أو يزيد من تفاقم الخسائر, هو التردد والتأجيل وكذا الهروب من مواجهة الموقف عندما يكون فيه صعوبة أو غير مألوف, فالابتعاد عن مواجهة المشكلات يزيدها تعقيداً, ولكن لا يعني ذلك الدعوة إلى التهور والدخول في مواجهات غير متكافئة, وفي المقابل يأتي النجاح عندما نصنعه بأنفسنا, دون أن نعتمد على الغير, لأن من يعتمد على غير ه يبقى نجاحه مرهوناً بهم, كما هو الحال في قاعدة العلاقات الاجتماعية (T ,H): حيث H علاقة تبادلية للمنافع, أكسب وتكسب, بينما T علاقة اتكالية على الغير, ثمّ يأتي الانهيار بمجرد تخلي الغير عنا.
ونحتاج للتعامل مع المشكلات إلى الحزم والعزم بعد فهم الواقع الذي هو الوسيلة الوحيدة لتجاوز الموقف حتى وإن كانت النتائج قاسية علينا قليلاً, كما نحتاج إلى الجرأة وعدم التردد, فالذين يتمتعون بالجرأة والإقدام يكون لديهم كمية أكبر من الطاقة, أما الذين تعودوا على السعي وراء ما هو آمن ومضمون فإنهم لا يحصلون على المتعة والمكافأة التي تنتج عن خوض المغامرات, يقول الشاعر: إذا كنت ذا عزم فأنفذه عاجلاً …. فإن فساد العزم أن يتقيدا
ويجب أن نتنبه إلى أنه كلما كان لدينا عدد أكبر من الأفكار والحلول كانت فرصة الوصول للحل أسرع وآكد, كما أن تعلم حل المشكلات والتدرب على كيفية التعامل معها يخلق الثقة لدى الفرد, ويزيد من قدرته على التعامل مع المشكلات بشكل صحيح وبالدقة والسرعة المناسبة.
ويتم تعامل الناس مع المشكلات عبر مسارين:
الأول: الوقاية: وهو العمل على تلافى الوقوع في المشكلة قبل حدوثها, وقد قيل درهم وقاية خير من قنطار علاج, وتأتي الوقاية على ثلاث مراحل: الوقاية الأولية وهي تجنب الوقوع في المشكلة كتلقي التطعيمات الصحية مثلاً, والوقاية الثانوية وهي الاكتشاف المبكر للمشكلة والتعامل معها جيداً للقضاء عليها في مهدها, ثمّ الوقاية الثانوية وهذه تعني الحد من الآثار السلبية للمشكلة.
والثاني: العلاج: ويكون باستخدام الطرق العلمية للتعامل مع المشكلة, وإزالة الأسباب الفعلية المسببة للمشكلة, لتعود الحياة إلى سابق عهدها إن أمكن, أو على الأقل تحسين الوضع وقبوله لتسير الحياة في وفاق ووئام نفسي, فإذا ما وقع الفأس في الرأس, وحصل ما نخشاه, ولم تعد لنا حيلة لتدارك ما فات, فلننظر للوجه الآخر للعملة ففيه من الجمال والفائدة مثل ما في الوجه الأول, أما البكاء على اللبن المسكوب فهو طبع الجبناء والسلبيين الذين هم زائدون على الحياة كما جاء في قول الرافعي, وفي الحديث الشريف الذي رواه صهيب رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: ” عجباً لأمر المؤمن, إن أمره كله خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له” (مسلم: 2999), ولهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يرون القتل في سبيل الله في الفتوحات الإسلامية فوزاً, فإذا ما تعرض أحدهم للقتل من الأعداء, تراه يقول: فزت ورب الكعبة.
ويجب أن نتنبه إلى أنه كلما كان لدينا عدد أكبر من الأفكار والحلول كانت فرصة الوصول للحل أسرع وآكد, كما أن تعلم حل المشكلات والتدرب على كيفية التعامل معها يخلق الثقة لدى الفرد, ويزيد من قدرته على التعامل مع المشكلات بشكل صحيح وبالدقة والسرعة المناسبة.
همسة : لا تتمنى أن تحصل على مشاكل أقل, بل تمنى أن تحصل على مهارات أكثر.