الحمد لله رب العالمين يسمع دعاء الخلائق ويجيب ..
يغفر لمن استغفره ، ويرحم من استرحمه ، و يصلح المعيب ...
نحمده تبارك وتعالى ونسأله التنظيم لأحوالنا و الترتيب ...
ونعوذ بنور وجهه الكريم من الفساد و الإفساد والتخريب ...
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المقرب والحبيب ...
خلقٌهُ نعمة ، ومبعثه رحمة ، وشمس سنته لا تغيب ...
فصلِ اللهم عليه و على آلـه و صحبه و كل من انتسب إليه من بعيد أو قريب ...
أمــاآ بعد إخوتـي و أعزاآئي أعضاء و زوار العاشق الكراآم و بالأخص قــراآء هذا الموضوع,,
اليـوم سأقدم لكم موضوع قيم ورائع
أتمنى من الله أن يُعجبـكمـ الموضوع
أتدري ما هو معيار الفوز والنجاح في الحياة؟
إنه ليس دُنيا تكسبها أو أموال تمتلكها أو حسبًا أو جاهًا أو رئاسة؛
فهذا كلُّه إلى زوالٍ وانعدامٍ واضمحلال.
وإنما الفوز الحق والفلاح الحق هو أن تُزحزَح عن النار يوم القيامة..
( فمن زحزِح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )
[آل عمران: 185]
( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين )
[الزمر: 15].
وهذا الفوز، وهو لابدَّ مرهون بمدى خوفك من النار ومدى تذكُّرك لها
في كلِّ أحوالك وأعمالك، وكذلك مدى اجتنابك لأسباب ورودها..
فَلَوْ كَانَ هَوْلُ المَوْتِ لاَ شَيءَ بعْدَهُ ... لَهَانَ عَليْنَا الأَمْرُ وَاحْتُقِرَ الأَمْرُ
وَلَكِنَّهُ حَشْرٌ وَنَشْرٌ وَجَنَّةٌ ... وَنَارٌ وَمَا قَدْ يسْتَطِيلُ بِهِ الخَبَرُ
والله جلَّ وعلا قد أنذر عباده النار وخوَّفهم منها أيما تخويف،
وبيَّن لهم أسباب النجاة منها
فما هي صفة النار؟
وما هي الأعمال الموجبة لدخولها؟
وكيف سبيل النجاة من جحيمها؟
* * *
إنَّ الحديث عن النار وعذابها وهولها وجحيمها حديث تتفطَّر له الأكباد، وتتفجَّر منه القلوب،
وتضطرب له النفوس .. فما سمع أحدٌ بِما في النار من ألوان العذاب والشقاء
وآمن به إلا ويعيش في فزعٍ وقلقٍ وخوفٍ ورهبة؛ خشيةً أن يكون من أهلها.
فنار جهنم تغلي شدَّةً وحرارة، قد ضُوعفت سبعين مرَّةً مما عليه نار الدنيا ..
وأيُّ مخلوقٍ يقوى على نار الدنيا حتى يقوى على احتمال نار الآخرة؟!
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ناركم هذه التي يُوقِد ابن آدم جزءٌ من سبعين جزءًا من حرِّ جهنم»،
قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله. قال:
« فإنها فُضِّلت عليها بتسعةٍ وستين جزءًا كلّهن مثل حرِّها » رواه البخاري ومسلم.
ولشدَّة ما عليه جهنم من الحرِّ فإنَّ أخفَّ الناس عذابًا فيها
إذا لفَحَتهُ في أقدامه غَلي دماغه من شدَّة الحرِّ والعياذ بالله.
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
« إنَّ أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل،
ما يرى أنَّ أحدًا أشدَّ منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا »!
رواه مسلم.
أما عظمها وسعتها فلا يعلم قدر ذلك إلا الله، والواقف على ما ورد في السُنة في بيان سعتها
ليقف ذاهلاً واجمًا أمام عظمة الله في خلقها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وجبة، فقال: النبي عليه الصلاة والسلام :
« أتدرون ما هذا؟ » قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:
« هذا حجرٌ أرسله الله في جهنم من سبعين خريفًا، فالآن حين انتهى إلى قعرها »
رواه البخاري.
فأيُّ قلبٍ يتذكَّر هول النار وحالها وهو مؤمن بما يتذكَّر
ثم لا يأسف ويتحسَّر على ما فرَّط في جنب الله، وجلاً من أن يكون مثواه الجحيم!
أيُّ قلب لا ينكسر إصراره ولا ينتهي عن الطاعة إدباره وقد علم أنَّ في الجحيم مقعدًا
ينتظر قدومه، فإن هو آمن وأصلح نجا منه، وإن هو جحد واتَّبع هواه دخله!
هي النار - عذابٌ من حميم، وهواء يحموم، وأغلال وسموم،
وسلاسل قد غُلَّ بها الأشقياء من أهل النار، وغشَّاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم،
طعامهم الزقُّوم، وظلّهم اليحموم ..
( كلما أرادوا أَن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ).
جِسْمِي عَلَى مُبَرَّدٍ لَيْسَ يَقْوَى ... وَلاَ عَلَى النَّارِ وَالحِجَارَة
فَكَيْفَ يَقْوَى عَلَى سَعِيرٍ ... وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَة؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
« يؤتى بأنعَم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيُصبغ في النار صبغة،
ثم يقال: يا بن آدم، هل رأيتَ خيرًا قط؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب »
رواه مسلم.
والناس في النار مُعذَّبون بحسب أعمالهم، فهم فيها على درجات،
فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى رُكبتيه،
ومنهم من تأخذه إلى حنجرته، ومنهم من تأخذه إلى عنقه.
فَيَا سَاهِيًا فِي غَمْرَةِ الجَهْلِ وَالهَوَى ... صَرِيعَ الأَمَانِي عَن قَرِيبٍ سَتَنْدَمُ
أَفِقْ قَدْ دَنَا الوَقْتُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ ... سِوَى جَنَّةٍٍ أَوْ حَرِّ نَارٍ تُضْرَمُ
أحبتي ..
فتلك بعض صفات النار، وتلك بعض أحوالها،
وهي لمن تذكَّرها خير واعظ يُحِثُّه على سبيل النجاة، ويدعوه إلى الاستفاقة قبل الفوات.
* * *
اعلم أنَّ لدخول النار أسبابًا، وهي على نوعين:
الأول- أسباب تُوجب لصاحبها الكفر:
وهي بالتالي تُوجب له دخول النار والخلود فيها،
وهذه الأسباب هي كلّ ما يُوجب وقوع الإنسان في الكُفر والشرك،
كالاعتقاد أنَّ لله شركاء في ألوهيته أو ربوبيته أو صفاته، أو الكفر بما جاء به الإسلام من الشرائع،
أو الاستهزاء بالله جلَّ وعلا، أو برسوله، أو بكتابه، أو بشيءٍ من دِينه؛
فهذه الأسباب وغيرها من نواقض الإسلام، وهي أخطر موجبات النار،
وهي لا تُوجب لصاحبها دخول النار فقط، وإنما الخلود فيها أيضًا
كما قال تعالى:
( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنّةَ ومأواه النَّار وما للظالمين من أَنصار )
[المائدة: 72].
الثاني- أسباب مفسقة:
وهي عموم الذنوب كبيرها وصغيرها التي أوعد الله فاعلها بالنار، لكن دون الخلود فيها.
وهذه الأسباب لا حصر لها؛ فهي تشمل المعاصي بكلِّ أشكالها،
ما لم تكن من النوع الذي يُوجِب لصاحبها الخروج من الملَّة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
"وجملة الكبائر التي تُدخِل العبد النار هي:
الإشراك بالله تعالى، وتكذيب الرُسل، والكفر، والحسَد، والكَذِب، والخيانة، والظُّلم، والفواحش،
والغدر، وقطيعة الرَّحم، والجُبن عن الجهاد، والبُخل، واختلاف السِّـرِّ والعلانية،
واليأس من رَوح الله، والأمن من مَكر الله، والجزع عند المصائب، والفخر، والبطر عند النعم،
وترك فرائض الله، وتعدِّي حدوده، وانتهاك حرماته، وخوف المخلوق دون الخالق،
والعمل رياءً وسمعة، ومخالفة الكتاب والسنة (أي اعتقادًا وعملاً)،
وطاعة المخلوق في معصية الخالق، والتعصُّب للباطل، والاستهزاء بآيات الله، وجحد الحقّ،
والكتمان لِما يجب إظهاره من علمٍ وشهادة، والسِّحر، وعقوق الوالدين،
وقتل النفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحقّ، وأكل مال اليتيم، والرِّبا، والفرار من الزَّحف،
وقذف المُحصنات الغافلات المؤمنات.
فتلك جُملة الأعمال التي تُوجب لصاحبها النار والعياذ بالله".
إنك إذا وقفت على كثيرٍ من أحوال أهل النار
وجدتهم دخلوها على أعمالٍ احتقروها وما اجتنبوها..
فهذه امرأةٌ دخلت النار في قطَّة حبستها، لا هي أطعمتها،
ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض..
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرُّ بقبرَين فيقول:
« إنهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان لا يستبرئ من البول،
وأمَّا الآخر فكان يمشي بالنميمة»
رواه البخاري ومسلم.
فكيف بمن يُضيِّع الصلوات ويهتك الحرمات ويُجاهر بالمعاصي والسيئات
ويُصبح ويُمسي على الخطيئات؟.. لا شكَّ أنَّ خوفه على نفسه أوكد وأولى،
وحاجته إلى عتق نفسه أحقُّ وأوجب.
تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا ... مِنَ الحَرَامِ وَيَبْقَى الإثْمُ وَالعَارُ
تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا ... لاَ خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِن بَعْدِهَا النَّارُ
تحلَّل من مظالمك اليوم قبل أن يُباغتك موت ويحبسك عن التوبة فوت
فتقول: «رب ارجعون، لعلِّي أعمل صالحًا فيما تركت»،
فيقال:
( أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكَّر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )
[فاطر: 37].
يَا آمِنًا مِن قُبحِ الفِعْلِ مِنهُ أَهَل ... أَتَاكَ تَوْقِيعُ أَمْنٍ أَنْتَ تَمْلِكُهُ؟
جَمَعْتَ شَيْئَيْنِ أَمنًا وَاتِّبَاعِ هَوًى ... هَذَا وَإحْدَاهُمَا فِي المَرْءِ تَهْلِكُه
وَالمُحْسِنُونَ عَلَى درْبِ المَخَاوِفِ ... سَارُوا وَذَلِكَ دَرْبٌ لَسْتَ تَسْلُكُهُ
فَرِحْتَ فِي الزَّرْعِ وَقْتَ البَدْرِ فِي سَفَهٍ ... فَكَيْفَ عِندَ حَصَادِ النَّاسِ تُدْرِكُهُ؟
* * *
إنَّ من رحمة الله جلَّ وعلا أن يسَّر على عباده الطريق الذي يُنجِّيهم من النار وأهوالها،
وهو الطريق المستقيم الذي بيَّنه في كتابه وسُنة نبيه، وممَّا يُحفِّزهم عليه:
1- الخوف من الله:
فهو أعظم أسباب النجاة، به استمسك العارفون، وبه اعتصم المؤمنون ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنـزل».
قال يحيى بن معاذ: "مسكين ابن آدم؛ لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة".
وقال محمد بن واسع: "إذا رأيت في الجنة رجلاً يبكي ألستَ تعجب من بكائه؟
قيل: بلى..
قال: فالذي يضحك في الدنيا ولا يدري إلى ماذا يصير هو أعجب منه.
إنَّ للهِ رِجَالاً فِطَنَا ... طَلَّقُوا الدُّنيَا وَخَافُوا الفِتَنَا
نَظَرُوا فِيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ... أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا
جَعَلُوهَا لُجَّةً وَاتَّخَذُوا ... صَالِحَ الأَعْمَالِ فِيهَا سُفُنَا
وكان طاوس يفرش فراشه ويضطجع عليه فيتقلَّى كما تتقلَّى الحبَّة في المقلاة،
ثم يقوم فيطويه ويُصلِّي إلى الصبح ويقول: :"طيَّر ذِكر جهنمَ نوم الخائفين".
ولله درّ مضاء بن عيسى إذا قال: "من رجا شيئًا طلبه، ومن خاف شيئًا هرب منه،
ومن أحبَّ شيئًا آثره على غيره.
وكيف لا يخاف النار من آمن بها وعلم أحوالها ورأى من نفسه تقصيرًا في بذل أسباب النجاة منها؟..
فإنها خُلِقت محفوفةً بالشهوات، وخُلِقت النفوس ميَّالة للشهوات،
وكلَّما وقع المؤمن الصادق في نزعة من نزعات نفسه وبادره داعي الإيمان
بتذكُّر النيران أصابه القلق والفزع، خشيةً من ألاَّ يتقبَّل الله عمله وتوبته،
وأن يحاسبه على تلك النـزعات.
2- جعل الهم في المعاد:
فإنَّ من جعل همَّه في المعاد، وخاف من جهنم يوم يحشر الله العباد، وجاهد نفسه حق الجهاد؛
وقاه الله سوء المنقلب، وأمنه يوم يخاف الناس؛ فإنَّ الله جلَّ وعلا لا يجمع على عبده أَمنَين،
ولا يجمع عليه خوفَين، فإنه إن أخافه في الدنيا، أمنه في الآخرة،
وإن أمنه في الدنيا أخافه في الآخرة.
وهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله يعظ أصحابه في خطبة بليغة فيقول:
"يا أيها الناس، إنكم خُلِقتم لأمر، إن كنتم تُصدِّقون به فإنكم حمقى،
وإن كنتم تُكذِّبون به فإنكم هلكى، إنما خُلقتم للأبد، ولكنكم من دارٍ إلى دارٍ تنتقلون..
عباد الله، إنكم في دارٍ لكم فيها من طعامكم غُصص، ومن شرابكم شرف،
لا تصفو لكم نعمة تسرّون بها إلاَّ بفراق أخرى تكرهون فراقها،
فاعملوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه".
ثم غلبه البكاء.
إنْ كُنْتَ نِلتَ مِنَ الحَيَاةِ وَطِيبِهَا ... مِنْ حُسْنِ وَجْهِكَ عِفَّةً وَشَبَابَا
فَاحْذَرْ لِنَفْسِكَ أَنْ تَرَى مُتَمَنِّيًا ... يَومَ القِيَامَةِ أَنْ تَكُونَ تُرَابَا
3- محاسبة النفس:
قال تعالى:
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )
[الحشر: 18].
فمن حاسب نفسه فيوشك أن يعد أخطاءها ويعالج أهواءها ويستبدل حسناتها بالسيئات،
ليفوز يوم العرض على ربِّ السموات.
قال الحسن:
"إنَّ أيسر الناس حسابًا يوم القيامة الذين حاسبوا أنفسهم لله في الدنيا،
فوقفوا عند همومهم وأعمالهم، فإن كان الذي همُّوا به لله مضَوا فيه، وإن كان عليها أمسكوا ..
وإنما يثقل الحساب يوم القيامة على الذين جازفوا الأمور في الدنيا،
أخذوها على غير محاسبة، فوجدوا الله قد أحصى عليهم مثاقيل الذر"..
ثم قرأ:
( يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها
ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ) [الكهف: 49].
4- العمل الصالح:
فإنَّ الله جلَّ وعلا جعله وقايةً من النار ونجاةً من الخسار،
فقال تعالى:
( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )
[العصر: 1-3].
* * *
تذكَّر أنك ما خُلقت إلاَّ للابتلاء، وأنَّ النار هي مثوى من خاب في ذلك الابتلاء،
ولا ينجو منها إلاَّ من حسن عمله ..
قال تعالى:
( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولَ يشرِك بعبادة ربه أحدًا )
[الكهف: 110].
وقال سبحانه:
( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا وهو العزيز الغفور )
[الملك: 2].
ولإبراهيم التيمي رحمه الله تمثيل بليغ واعظ إذ يقول:
"مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها،
ثم مثلت نفسي في النار آكل من زقُّومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها،
فقلت لنفسي: أيُّ شيءٍ تريدين؟ قالت: أريد أن أُرَدَّ إلى الدنيا فأعمل صالحًا..
قال:
فقلت: فأنت في الأمنية؛ فاعملي".
فَقَدِّمْ فَدَتْكَ النَّفْسَ نَفْسُكَ إنَّهَا ... هِيَ الثَّمَنُ المَبْذُولُ حِينَ تَسلَمُ
فما ظفرت بالوصل نفسٌ مهينة، ولا فاز عبدٌ بالباطل يُنعَّمُ.
ومن مواعظ أبي بن كعب رضي الله عنه :
قال: لا تغبط الحيَّ إلا بما تغبط به الميت.
قالوا: وبماذا نغبط الميت؟
قال: إنه العمل الصالح وحُسن الذِّكر وطول العبادة.
وكيف لا يُغبط الميت بعمله الصالح وهو عنوانه بنجاته وغُنمه في قبره،
وهذا رسول الله عليه الصلاة و السلام يخبر أنَّ العمل هو ما يصحب المسلم إلى قبره،
وبحسبه سيكون مصيره،
قال صلى الله عليه وسلم :
« يتبع الميت ثلاثة: أهله، وماله، وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد: يرجع أهله وماله، ويبقى عمله»
رواه البخاري ومسلم.
* * *
و في الختام
أسأل الله أن يغفر لنا ما سلف وكان, وأن يجعلنا ممن إذا ذُكر تذكر,
وإذا أذنب استغفر.
المصدر
islamhouse