اِرتَعتُ لِلزَّورِ إِذ حَيّا وَأَرَّقَني
وَلَم يُكُن دانِيا مِنّا وَلا صَدَدا
وَدونَهُ سَبسَبٌ تُنضى المَطُّي بِهِ
حَتّى تَرى العَنسَ تُلقي رَحلَها الأَجُدا
إِذا ذَكَرتُكَ فاضَت عَبرَتي دِرَراً
وَكادَ مَكتومُ قَلبي يَصدَعُ الكَبِدا
وَذاكَ مِني هَوىً قَد كانَ أَضمَرَهُ
قَلبي فَما اِزدادَ مِن نَقصٍ وَلا نَفِدا
وَقَد أَرانا وَحالُ الناسِ صالِحَةٌ
نَحتَلُّ مَربوعَةً أَدمانَ أَو بَرَدى
لَيتَ الشَبابَ وَذاكَ العَصرِ راجعَنا
فَلَم نَزَل كَالَّذي كُنّا بِهِ أَبَدا
أَيامَ أَعلَمُ كَم أَعمَلتُ نَحوِكُمُ
مِن عِرمِسٍ عاقِدٍ لَم تَرأَمِ الوَلَدا
تُصيخُ عِندَ السُرى في البيدِ سامِيَةً
سَطعاءَ تَنهَضُ في مِيتائِها صُعُدا
كَأَنَّ رَحلي عَلى حُمشٍ قَوائِمُهُ
بِرَملِ عِرنانَ أَمسى طاوِياً وَحِدا
هاجَت عَلَيه مِن الجَوزاءِ سارِيَةٌ
وَطفاءُ تَحمِلُ جَوناً مُردَفاً نَضَدا
فَأَلجأَتهُ إِلى أَرطاةِ عاتِكَةٍ
فَيحاءَ يَنهالُ مِنها تُربُ ما التَبَدا
تَخالُ عِطفَيهِ مِن جَولِ الرَذاذِ بِهِ
مُنَظَّماً بِيَدَي دارِيَّةٍ فَرَدا
حَتّى إِذا ما اِنجَلَت عَنهُ دُجُنَّتُهُ
وَكَشَّفَ الصُبحُ عَنهُ اللَيلَ فَاِطُرِدا
غَدا كَذي التاجِ حُلَّتُهُ أَساوِرَةٌ
كَأَنَّما اِجتابَ في حَرِّ الضُحى سَنَدا
لا يُبعِدُ اللَهُ إِذ وَدَّعَت أَرضَهُمُ
أَخي بَغيضاً وَلَكِن غَيرُهُ بَعُدا
لا يُبعِدُ اللَهُ مَن يُعطي الجَزيلَ وَمَن
يَحبو الخَليلَ وَما أَكدى وَما صَلَدا
وَمَن تُلاقيهِ بِالمَعروفِ مُعتَرِفاً
إِذا اِجرَهَدَّ صَفا المَذمومُ أَوصلَدا
لاقيتُهُ مُفضِلاً تَندى أَنامِلُهُ
إِن يُعطِكَ اليَومَ لا يَمنَعكَ ذاكَ غَدا
تَجِىءُ عَفواً إِذا جاءَت عَطِيَّتُهُ
وَلا تُخالِطُ تَرنيقاً وَلا زَهَدا
أَولاهُ بِالمَفخَرِ الأَعلى وَأَعظَمُهُ
خُلُقاً وَأَوسَعُهُ خَيراً وَمُنتَفَدا
إِذا تَكَلَّفَ أَقوامٌ صَنائِعَهُ
لاقَوا وَلَم يُظلَموا مِن دونِها صَعَدا
بَحرٌ إِذا نَكَسَ الأَقوامُ أَو ضَجِروا
لاقيتَ خَيرَ يَدَيهِ دائِماً رَغَدا
لا يَحسِبُ المَدحَ خَدعاً حينَ تَمدَحَهُ
وَلا يَرى البُخلَ مَنهاةً لَهُ أَبَدا
إِنّي لَرافِدُهُ وُدّي وَمَنصَرَتي
وَحافِظٌ غَيبَهُ إِن غابَ أَو شَهِدا