أفعال الخير لا تقتصر علي المال
يظن بعض الناس أن فعل الخير يتوقف عند حدود المال فقط.. وهذا فهم خاطئ لتعاليم الإسلام.. فأبواب الخير ليس لها حدود.. والصدقات ليس لها نهاية.. فالكلمة الطيبة صدقة والابتسامة صدقة.. والتهليل والتكبير والتحميد والتسبيح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة، وإعانة الملهوف وقضاء حوائج الناس وإنظار المعسر وإماطة الأذي عن الطرق صدقة حتي النخامة في المسجد تدفنها صدقة.
وعنها يقول الشيخ عماد مالك إمام وخطيب بالأوقاف: قد يظن المرء منا أن فعل الخير مقصور علي الأغنياء فمن كان معه المال أنفق وتصدق علي الفقراء وفعل من الخير الكثير ونال من الأجر الكثير والحسنات العظام.. وقد يظن الفقراء أنهم لا يفعلوا شيئا طالما أنهم ليس لديهم المال.. وهؤلاء نقول لهم الأمر ليس مجرد مال.. فإن الإنسان يمتلك قوي كثيرة كما يمتلك المال.. فهو يمتلك العلم ويمتلك الصحة ويمتلك سعة الصدر ويمتلك حسن الخلق ويمتلك بسمة الوجه ويمتلك الخير لكل الناس.. كل ذلك يؤديه الفقير والغني وقد يكون عند الناس أفضل من إنفاق المال الكثير.. فقد روي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله- صلي الله عليه وسلم- فقالوا ذهب أهل الدثور بالدرجات العلي والنعيم المقيم. فقال( وما ذاك). قالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم( أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم). قالوا بلي يا رسول الله. قال( تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة).. فالنبي صلي الله عليه وسلم يعلمنا أن وجوه الخير كثيرة جدا ولا تتوقف علي المال لذا قال النبي صلي الله عليه وسلم:( أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة).. فوجوه الخير إذا قصرناها علي المال فقد ضيقنا واسع.
ويضيف: من أبواب الخير كما علمنا النبي صلي الله عليه وسلم.. بسط الوجه للناس فلا يكن المرء عبوسا وإنما المؤمن يتبسم ويألفه الناس ويدخل السرور عليهم بالبسمة ويؤجر علي ذلك.. فللابتسامة أكبر الأثر في قلوب الناس.. والابتسامة شيء سهل لا يكلفنا عناء كثير وبالرغم من ذلك فإن كثيرا من الناس يبخلون علي إخوانهم بالبسمة.. قال صلي الله عليه وسلم:( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة).
وأشار إلي أن الإحسان إلي الناس من أعظم الخيرات التي يفعلها العبد المؤمن فقد وصانا رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم فقال:( وخالق الناس بخلق حسن).. وقال صلي الله عليه وسلم:( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم, ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق).. فيجب علي الإنسان أن يحسن إلي من أساء إليه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه.. تلكم هي مكارم الأخلاق التي بعث بها النبي صلي الله عليه وسلم.
وأوضح أن تعليم الناس وإعانتهم علي هذه الدنيا من أبواب الخير العظيمة.. فيجب علي المسلم أن يعلم الناس قدر استطاعته أو يعلم أخاه حرفه يقتات منها فإن الله يؤجره علي ذلك.. وجماع ذلك كله في الحديث الذي روي عن أبي ذر قال: ماذا ينجي العبد من النار قال: الإيمان بالله قلت يا نبي الله مع الإيمان عمل ؟ قال: أن ترضخ مما خولك الله وترضخ مما رزقك الله قلت يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ قال يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر قلت إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف ولا ينهي عن المنكر قال فليعن الأخرق ـــ يعلمه صنعه ـــ قلت يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع قال فليعن مظلوما قلت يا نبي الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما قال ما تريد أن تترك لصاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس قلت يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخله الجنة ؟ قال: ما من عبد مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتي تدخله الجنة).