من عوامل الثبات على الدين
السؤال : ما هي الوسائل التي تؤدي إلى الثبات على الدين ؟ خصوصا وأنا حولي كثير من الفتن والشهوات والشبهات . كلما أسير في الطريق أسمع غناء ، وأنا في بيتي كذلك يصل إلينا صوت الغناء من الشارع ، وغيرها الكثير والكثير من الفتن . وأسألك شيخنا الدعاء لي بالثبات والهداية .
الجواب :
الحمد لله
الوسائل التي تعين على الثبات على الدين خاصة زمن الفتن نوعان :
الأولى :
وسائل تزيد من الإيمان واليقين ، وهي التي تحض على الطاعة ، وتدفع إلى العمل الصالح ، وبها يتذوق العبد طعم الإيمان .
ومنها : طلب الهداية إلى صراط الله المستقيم ، والمسلم في كل صلاة لا بد أن يدعو فيها : (اهدنا الصراط المستقيم) .
وروى الطبراني في "الكبير" (7135) عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه سلم : ( يا شداد بن أوس إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة فاكنز هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، وأسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ... ) الحديث وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (3228) .
ومنها : الاستقامة على دين الله تعالى ، وعدم التفريط في شيء منه ، قال الله تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام / 153.
وقال تعالى : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) إبراهيم/27
قال قتادة : " أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، ( وَفِي الآخِرَةِ ) في القبر " . "تفسير ابن كثير" (4 / 502)
ومنها : التمسك بالسنة ، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رواه أبو داود (4607) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ومنها : كثرة ذكر الله .
قال ابن عباس رضي الله عنه : " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها ، وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس " .
راجع : "تفسير الطبري" (24 / 709-710)
النوع الثاني :
وسائل تعصم من الوقوع في الفتن .
منها : الصبر على أمر الله ، فروى أبو دود (4341) عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيه مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله) قيل : يا رسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال : (أجر خمسين منكم) . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
ومنها : الاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه عند مسلم (2867) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن) فقالوا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
ومنها : مراقبة الله عز وجل وحفظه .
روى الترمذي (2516) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"(احفظ الله يحفظك) جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله .
ولكن حفظه في ماذا ؟ حفظه في بدنه ، وحفظه في ماله ، وأهله ، وفي دينه ، وهذا أهم الأشياء وهو أن يسلمك من الزيغ والضلال ، لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا " انتهى .
"شرح رياض الصالحين" (ص 70) .
ومنها : مصاحبة الصالحين من المؤمنين ، وترك مصاحبة من عداهم من المفتونين .
وقد روى أبو داود (4918) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (المؤمن مرآة المؤمن ، والمؤمن أخو المؤمن ، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
(يكف عليه ضيعته) أي : يمنع خسارته .
(ويحوطه من ورائه) أي : يحفظه ويصونه ، ويدافع عنه بقدر استطاعته .
وروى أيضا (4833) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
ومن أعظم ما يُنتفع به من عوامل الثبات على الدين : عدم التعرض للفتن ، والسعي في توقّيها بالبعد عنها وعن أسبابها ، فيصفو الحال للقلب ، فيتذوق طعم الإيمان ، وقد جاء في حديث الدجال قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ) رواه أبو داود (4319) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الثبات على دينه ، والعصمة من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
والله أعلم
السؤال : ما هي الوسائل التي تؤدي إلى الثبات على الدين ؟ خصوصا وأنا حولي كثير من الفتن والشهوات والشبهات . كلما أسير في الطريق أسمع غناء ، وأنا في بيتي كذلك يصل إلينا صوت الغناء من الشارع ، وغيرها الكثير والكثير من الفتن . وأسألك شيخنا الدعاء لي بالثبات والهداية .
الجواب :
الحمد لله
الوسائل التي تعين على الثبات على الدين خاصة زمن الفتن نوعان :
الأولى :
وسائل تزيد من الإيمان واليقين ، وهي التي تحض على الطاعة ، وتدفع إلى العمل الصالح ، وبها يتذوق العبد طعم الإيمان .
ومنها : طلب الهداية إلى صراط الله المستقيم ، والمسلم في كل صلاة لا بد أن يدعو فيها : (اهدنا الصراط المستقيم) .
وروى الطبراني في "الكبير" (7135) عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه سلم : ( يا شداد بن أوس إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة فاكنز هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، وأسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ... ) الحديث وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (3228) .
ومنها : الاستقامة على دين الله تعالى ، وعدم التفريط في شيء منه ، قال الله تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام / 153.
وقال تعالى : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) إبراهيم/27
قال قتادة : " أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، ( وَفِي الآخِرَةِ ) في القبر " . "تفسير ابن كثير" (4 / 502)
ومنها : التمسك بالسنة ، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رواه أبو داود (4607) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ومنها : كثرة ذكر الله .
قال ابن عباس رضي الله عنه : " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها ، وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس " .
راجع : "تفسير الطبري" (24 / 709-710)
النوع الثاني :
وسائل تعصم من الوقوع في الفتن .
منها : الصبر على أمر الله ، فروى أبو دود (4341) عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيه مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله) قيل : يا رسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال : (أجر خمسين منكم) . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
ومنها : الاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه عند مسلم (2867) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن) فقالوا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
ومنها : مراقبة الله عز وجل وحفظه .
روى الترمذي (2516) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"(احفظ الله يحفظك) جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله .
ولكن حفظه في ماذا ؟ حفظه في بدنه ، وحفظه في ماله ، وأهله ، وفي دينه ، وهذا أهم الأشياء وهو أن يسلمك من الزيغ والضلال ، لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا " انتهى .
"شرح رياض الصالحين" (ص 70) .
ومنها : مصاحبة الصالحين من المؤمنين ، وترك مصاحبة من عداهم من المفتونين .
وقد روى أبو داود (4918) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (المؤمن مرآة المؤمن ، والمؤمن أخو المؤمن ، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
(يكف عليه ضيعته) أي : يمنع خسارته .
(ويحوطه من ورائه) أي : يحفظه ويصونه ، ويدافع عنه بقدر استطاعته .
وروى أيضا (4833) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
ومن أعظم ما يُنتفع به من عوامل الثبات على الدين : عدم التعرض للفتن ، والسعي في توقّيها بالبعد عنها وعن أسبابها ، فيصفو الحال للقلب ، فيتذوق طعم الإيمان ، وقد جاء في حديث الدجال قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ) رواه أبو داود (4319) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الثبات على دينه ، والعصمة من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
والله أعلم