عندما ما دخل عبد الله بن علي العباسي دمشق قتل في ساعة واحدة ستة وثلاثين ألفًا من الامويين ومواليهم وأدخل بغاله وخيوله في المسجد الأموي الكبير !!
ثم جلس للناس وقال للوزراء من ينكر علي فيما أفعل؟
قالوا لا نعلم أحدًا غير الإمام الأوزاعي!
فأرسل من يستدعيه فذهب الجنود للأوزاعي فما تحرك من مكانه
قالوا يريدك عبد الله بن علي.
قال حسبنا الله ونعم الوكيل انتظروني قليلاً فذهب واغتسل ولبس أكفانه وتجهز للموت ثم قال في نفسه قد آن لك يا أوزاعي أن تقول كلمة
الحق لا تخشى في الله لومة لائم
ولبس ثيابه على كفنه ثم أخذ عصاه في يده ثم اتجه إلى من حفظه في وقت الرخاء فقال يا ذا العزة التي لا تضام والركن الذي لا يرام يا من لا يهزم جنده ولا يغلب أولياؤهُ أنت حسبي ومن كنت حسبه فقد كفيته حسبي الله ونعم الوكيل.
قال الأوزاعي وهو يصف القصة
دخلت عليه والمسودة عن يمينه وشماله ومعهم السيوف مصلتة فسلمت عليه فلم يرد ونكت بتلك الخيزرانة التي في يده
ثم قال فانعقد جبين هذا الرجل من الغضب ثم قال له أأنت الأوزاعي ؟
قال يقول الناس أني الأوزاعي!
قال فرفع بصره وقد ظهر عليه الغضب
ثم قال يا أوزاعي ما تقول في دماء بني أمية التي أرقناها؟
قال حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن جدك ابن عباس وعن ابن مسعود وعن أنس وعن أبي هريرة وعن عائشة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفسِ والتارك لدينه المفارق للجماعة.
فإن كان من قتلتهم من هؤلاء فقد أصبت وإن لم يكونوا منهم
فدماؤهم في عنقك.
قال فتلمظ كما تتلمظ الحية فنكت بالخيزران ورفعت عمامتي أنتظر السيف !!
ورأيت الوزراء يستجمعون ثيابهم ويرفعونها حتى لا يصيبها الدم.
ثم قال ما تقول في أموالهم؟
فقال الأوزاعي إن كانت لهم حرامًا فهي عليك حرام وإن كانت لهم حلالاً فما أحلها الله لك إلا بحقها فأعاد الضرب بالخيزرانة وأطرق ملياً ثم رفع رأسه
فقال يا أوزاعي هممت أن أوليك القضاء
فقال أصلح الله الأمير وقد كان انقطاعي إلى سلفك ومن مضى من أهل بيتك وكانوا بحقي عارفين فإن رأى الأمير أن يستتم ما ابتدأه آباؤه فليفعل
فقال كأنك تريد الإذن
فقال إن ورائي لحرم بهم حاجة إلى قيامي بهم وستري لهم
فقال فذاك لك.
فأمرني بالانصراف وقال خذ هذه الجائزة كيس مملوء ذهبًا
قال الأوزاعي لا أريد المال.
قال فغمزني أحد الوزراء يعني خذها فأخذ الأوزاعي الكيس ووزعه على علي الناس حتى لم يبق فيه شيء ثم رمى به وخرج.
يقول الامام الذهبي في السير
كان عبد الله بن علي ملكا جبارا سفاكا للدماء صعب المراس ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمر الحق كما ترى لا كخلق من علماء السوء الذين يحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف ويقلبون لهم الباطل حقا قاتلهم الله أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق .