اعمل خيراً ولا تنتظر ثناءً
اعمل الخير وارمه في البحر.. كما تقول العامة في أمثالها الشعبية الحكيمة.. فهذا مثل يدعوك بالطبع إلى أن تبذل الخيـر والمعـروف للآخرين، والمساهمة الفاعلة في تخفيف الآلام وتفريج الكربات ومساعدة المحتاجين، من دون أن يكون انتظارك لكلمة شكر أو ثناء من البشر، عائقاً في سبيل تقديم المزيد.
الأصل الذي أريد الوقوف عنده بل والدعوة إليه، أن يقوم أحدنا بعمل الخير والصالح من الأعمال مع الآخرين لهدف واحد لا يجب أن يشاركه هدف آخر، هو إرضاء الله عز وجل، وأن نأمل ونتمنى فيما يأتي من بعد رضا الله علينا، والمتمثل في ثنائه علينا عند الملأ الأعلى، وتغاضيه عن ذنوبنا، وبالتالي دخول الجنة والنجاة من النار، وهل هناك أروع من هذه الجائزة أو النتيجة؟
هذا الكلام بالطبع صالح ومقبول لمن يوقن بالآخرة وبالبعث والحساب وقلبه مطمئن بالإيمان. لكنّ ماذا عن آخرين مختلفين، ربما قد لا يقنعهم مثل هذا الحديث؟ أعني أنهم ربما إلى الحياة المادية أقرب، وتريد إقناعهم بالاستمرار على تقديم الخير والبذل والعطاء بأمور محسوسة غير تلك الغيبية.. الأمر هنا يحتاج إلى بذل جهد غير قليل في سبيل الاقناع..
أقول بشكل عام، إن انتظار الشكر والمديح والثناء من الذي تقدم له معروفاً أو خيراً، يكون سبباً رئيسياً في أحيان كثيرة في التوقف واليأس أو الشعـور بعدم جدوى ما تقوم به، وخصوصاً أن النفس الأمارة بالسوء مع القرين السيئ، يدخلان من هذا الباب، ويعملان عملهما في دفعك إلى عدم السعي في هذا الطريق مجدداً!
أنت في حياتك لابد أن تثق تماماً في أن ما تقوم به من الخير والسعي في حاجة الآخرين، إنما هو إشباع لرغبة داخلية أصيلة فيك كإنسان، متمثلة تلك الرغبة في الإحساس بالسعادة، التي تكون حين يسعد الآخرون. نعم قد لا تشعر بهذه الرغبة بشكل فوري مباشر، ولكنها موجودة متأصلة فيك، ولا تشعر بها إلا حين تبدأ فعلياً في ممارسة أمور هي بمثابة المحركات والدافعات للإحساس بالسعادة الكامنة فيك، والمتمثلة في أعمال الخير.
لهذا افعل الخير قدر المستطاع ولا تنتظر الثناء والشكر من أحد، فالسعادة الحقيقية هي في عمل الخير بنفس راضية. جرّب وأسعد نفسك ومن حولك..