ترتفع يومياً أصوات النساء اللواتي عشن ظروفاً غاية بالقسوة والإمعان في الإذلال في نينوى، مستغلات بحبوحة الحرية بعد خروجهن من مناطق "داعش" الذي خنق الحريات العامة، فكيف ترى النساء تلك التجربة القاسية؟
تصف نساء نازحات من الموصل الحياة في ظل حكم "داعش" بأنها أشبه بـ"جحيم" معتبرات خروجهن من سطوة التنظيم بمثابة بدء حياة جديدة، وثمة تحذيرات من إهمال ضحايا الاضطهاد كونه يهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي.
خوف ماثل بعد خلاص
سناء إبراهيم البالغة من العمر (27 عاما)، تقطن في مخيم حسن شام شمال شرقي الموصل مع عائلة تنتظر إيصالها إلى منطقة آمنة بعد خروجها من سيطرة تنظيم "داعش"، تحكي لـ السومرية نيوز القصة المأساوية لعائلتها تحت حكم التنظيم وهي مرتبكة وبالكاد تستطيع الكلام من هول الصدمات التي عاشتها، "حياتنا كانت أشبه بجحيم يومي تحت سيطرة داعش خلال العامين الماضيين، مضيفة بنبرة حزينة، أن "الحياة تحت سيطرة داعش كانت ظالمة ولم نتمكن حتى الخروج من بيوتنا، وبالتالي فإن الخروج من سيطرة داعش هو بمثابة بدء حياة جديدة".
وفور خروج عائلتها من سيطرة "داعش" خلعت سناء الخمار الإجباري بعد وصولها الى مخيم النزوح.
في مخيم حسن شام المقام على أرض سهلية منبسطة، (50 كم غرب أربيل)، تغص جدران المخيم بقطع الخمار والعباءات ذات أسود اللون، وهي ليست غسيلا يحتاج الى تجفيف، وإنما ترجمة يجسد شعور النسوة القاطنات في المخيم بالحرية وخلاصهن من الرداء الإجباري الخانق.
ولكن في ظل الرعب الذي عشنه تكمن معاناة النازحات، ليشكل الخلاص من الخوف مثلا وعيش حياة طبيعية تحدياً حقيقياً، كما تقول سلوى طه وهي نازحة تبلغ من العمر (32 عاما) وتقطن المخيم منذ أيام، "رغم تحررنا من داعش إلاّ أن الخوف مازال يسيطر علينا"، مضيفة "لحد الآن لم أصدق بأنني أعيش حرة بعيدة عن سيطرة داعش".
وتلفت طه الى أن "المئات من النسوة يرغبن بنزع الخمار على أوجههن بعدما وصولهم إلى مناطق آمنه"، مبينة أن "قسوة تنظيم داعش ما زالت ماثلة في أذهانهن لذلك يخشين نزع الخمار من على أوجههن حاليا".
مريم عمر نازحة أخرى تقول، "تركنا كل ممتلكاتنا بهدف التخلص من ظلم داعش الذي نفذ أبشع الممارسات اللا إنسانية بحق النساء والرجال معا"، مشيرة بالقول "نحن نعيش حاليا بآمان ونأمل إنهاء داعش بسرعة والعودة إلى منازلنا للعيش بكرامة وأمان".
ظلم منقطع النظير
بالنسبة لمسؤول علاقات شبكة منظمات المجتمع المدني في نينوى كاوة عيدو ختاري، فإن النساء والأطفال في ظل حكم "داعش" تعرضوا لأبشع أساليب الظلم والاضطهاد النفسي والاجتماعي والجسدي"، مبينا أن "هذه الممارسات ستنعكس آثارها سالبا على الحياة الاجتماعية والنفسية للنساء والأطفال مستقبلا".
ويضيف ختاري، أن "ضحايا الاضطهاد بحاجة ماسة لرعاية صحية ونفسية واجتماعية، فضلا عن التوعية في مجال ثقافة التعايش والتسامح"، محذرا من أن "إهمال هذا الجانب قد يهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي".
ويرى ختاري، أن "مرحلة ما بعد داعش بحاجة إلى إعادة البناء في مختلف المجالات وترسيخ مفاهيم التعايش والسلم الاجتماعي"، مشددا على "أهمية وضع خطط ومشاريع تهدف التماسك الاجتماعي والعيش المشترك بين جميع الديانات والفئات الاجتماعية".
وكانت وزارة الهجرة والمهجرين أعلنت في وقت سابق عن استقبالها تسعة آلاف نازح من مناطق كوكجلي وقراج بمحافظة نينوى خلال اليومين الماضيين.
وتواصل القوات الأمنية المشتركة بمساندة طيران الجيش والتحالف الدولي عملية استعادة الموصل من قبضة "داعش"، وذلك بعد إعلان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي انطلاق ساعة الصفر في (17 تشرين الأول 2016)، لتحرير نينوى.