يتعلّق الركن السادس من أركان الإيمان بالقضاء والقدر، أما القضاء فهو الإحكام والإتقان وإتمام الأمر الإلهي، وأما القدر: هو تقدير الله تعالى الأشياء في القدم، وعلمُه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، وكتابتُه سبحانه لذلك، ومشيئته لها، ووقوعها على حسب ما قدّرها، وخلقُه لها.
وبالنظر إلى طبيعة التقدير الإلهي كفعل من الأفعال المتعلّقة بالله جلّ وعلا، فإننا نجد أن تقدير الله للكائنات ومشيئته لها يمكن أن ينتظم تحت الأنواع التالية:
أولاً: التقدير العام، ويسمّيه بعض العلماء بالتقدير الأزلي، وهو ما يُقدّره الله عز وجل لجميع المخلوقات بما يتضمّن مراتب القدر الأربعة المعروفة، بمعنى علمه بها، وكتابته لها، ومشيئته لها وإرادتها، وخلقه لها.
وهذا النوع بشموله قد دلّت عليه النصوص الكثيرة وتعلّقت به، ونذكر في هذا السياق قوله تعالى: { واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم } (البقرة:41)، ومنها قوله سبحانه: { عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (سبأ:3)، وقول الله عز وجل: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} (الحديد:22)، وقوله سبحانه: { لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين} (التكوير:28-29)، وقوله سبحانه: { والله خلقكم وما تعملون} (الصافات:96).
ومن الأحاديث ما جاء في في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان وعرشه على الماء).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. فقال: ربِّ، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من مات على غير هذا فليس مني) رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
ثانياً: التقدير المتعلّق بالبشريّة، وهو التقدير الحاصل حينما أخذ الله عز وجل الميثاق على ذرية آدم، فاستخرجهم من ظهره، وأشهدهم على أنفسهم، وقرّرهم بإثبات ربوبيته، بما أودعه في فطرهم من الإقرار، بأنه ربهم وخالقهم ومليكهم، وهذا العهد والميثاق وما يتضمّنه من التقدير البشري، حين كانوا في عالم كالذر، فلذلك لا يذكره أحد، وإنما الشأن فيما أودعه الله في الفطر بما يمكن من خلاله التمييز بين الحق والباطل على وجه العموم.
ويدل على هذا التقدير قوله سبحانه: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون} (الأعراف:172-174).
وعن هشام بن حكيم رضي الله عنهما قال: أتى رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أتُبدأ الأعمال، أم قد قُضي القضاء؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه، ثم قال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار. فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار) رواه الطبراني.
ثالثا: التقدير العمري، وهو تقدير شقاوة العبد وسعادته، ورزقه وأجله وعمله، وسائر ما يلقاه من أحداثٍ وأقدار منذ أوّل لحظةٍ من عمره، وحتى نهاية أجله، وهذا التقدير حاصلٌ للعبد حينما يكون في رحم أمّه في الظلمات الثلاث، فيُقدّر مصير العبد وسجلّ حياته الحافل في تلك المرحلة.
وفي هذا السياق وردت الكثير من الأحاديث وإن كانت مختلفةَ الألفاظ إلا أن مضمونها واحد، ونكتفي هنا بذكر حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق، قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيُؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع، فيسبق عليه كتابه، فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة) رواه البخاري ومسلم.
وعنه رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا إنما الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وُعظ بغيره) رواه ابن ماجة وأصله في مسلم.
رابعاً: التقدير السنوي، وهو الذي يكون في ليلة القدر من كل سنة، وقد ورد في شأن هذا التقدير قوله تعالى: { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم * أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين} (الدخان:3-5)، وفيها يقضي الله كل أجلٍ وعملٍ ورزق، وما يكون في السنة من موت وحياة ومطر، حتى الحجّاج يُقال: يحج فلان، ويحج فلان، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما.
خامساً: التقدير اليومي، وهو الوارد في قوله سبحانه وتعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن} (الرحمن:29)، فكل يومٍ يُجري سبحانه وتعالى أحكامه القدريّة التي قدّرها في الأزل، فيُغني فقيراً، ويُسعد حزيناً، ويُطعم جائعاً، ويّذلً عزيزاً، ويرفع أقواماً ويضع آخرين، ولا يشغله سبحانه في ذلك شأنٌ عن شأن، فتبارك الله رب العالمين.
فهذا -كما يقول الإمام ابن القيم- تقديرٌ يومي، والذي قبله تقدير حولي سنويّ، والذي قبله تقدير عمري عند نشأة الحياة بالنسبة لكل فرد، والذي قبله تقديرٌ عامّ جرى للخليقة عندما كانوا في عالم الذرّ، والذي قبله تقدير عامّ جرى قبل خلق الكائنات، وكل واحد من هذه التقادير كالتفصيل للتقدير السابق له، وفي ذلك دليل على كمال علم الرب وقدرته وحكمته.
وبالنظر إلى طبيعة التقدير الإلهي كفعل من الأفعال المتعلّقة بالله جلّ وعلا، فإننا نجد أن تقدير الله للكائنات ومشيئته لها يمكن أن ينتظم تحت الأنواع التالية:
أولاً: التقدير العام، ويسمّيه بعض العلماء بالتقدير الأزلي، وهو ما يُقدّره الله عز وجل لجميع المخلوقات بما يتضمّن مراتب القدر الأربعة المعروفة، بمعنى علمه بها، وكتابته لها، ومشيئته لها وإرادتها، وخلقه لها.
وهذا النوع بشموله قد دلّت عليه النصوص الكثيرة وتعلّقت به، ونذكر في هذا السياق قوله تعالى: { واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم } (البقرة:41)، ومنها قوله سبحانه: { عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (سبأ:3)، وقول الله عز وجل: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} (الحديد:22)، وقوله سبحانه: { لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين} (التكوير:28-29)، وقوله سبحانه: { والله خلقكم وما تعملون} (الصافات:96).
ومن الأحاديث ما جاء في في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان وعرشه على الماء).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. فقال: ربِّ، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من مات على غير هذا فليس مني) رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
ثانياً: التقدير المتعلّق بالبشريّة، وهو التقدير الحاصل حينما أخذ الله عز وجل الميثاق على ذرية آدم، فاستخرجهم من ظهره، وأشهدهم على أنفسهم، وقرّرهم بإثبات ربوبيته، بما أودعه في فطرهم من الإقرار، بأنه ربهم وخالقهم ومليكهم، وهذا العهد والميثاق وما يتضمّنه من التقدير البشري، حين كانوا في عالم كالذر، فلذلك لا يذكره أحد، وإنما الشأن فيما أودعه الله في الفطر بما يمكن من خلاله التمييز بين الحق والباطل على وجه العموم.
ويدل على هذا التقدير قوله سبحانه: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون} (الأعراف:172-174).
وعن هشام بن حكيم رضي الله عنهما قال: أتى رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أتُبدأ الأعمال، أم قد قُضي القضاء؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه، ثم قال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار. فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار) رواه الطبراني.
ثالثا: التقدير العمري، وهو تقدير شقاوة العبد وسعادته، ورزقه وأجله وعمله، وسائر ما يلقاه من أحداثٍ وأقدار منذ أوّل لحظةٍ من عمره، وحتى نهاية أجله، وهذا التقدير حاصلٌ للعبد حينما يكون في رحم أمّه في الظلمات الثلاث، فيُقدّر مصير العبد وسجلّ حياته الحافل في تلك المرحلة.
وفي هذا السياق وردت الكثير من الأحاديث وإن كانت مختلفةَ الألفاظ إلا أن مضمونها واحد، ونكتفي هنا بذكر حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق، قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيُؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع، فيسبق عليه كتابه، فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة) رواه البخاري ومسلم.
وعنه رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا إنما الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وُعظ بغيره) رواه ابن ماجة وأصله في مسلم.
رابعاً: التقدير السنوي، وهو الذي يكون في ليلة القدر من كل سنة، وقد ورد في شأن هذا التقدير قوله تعالى: { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم * أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين} (الدخان:3-5)، وفيها يقضي الله كل أجلٍ وعملٍ ورزق، وما يكون في السنة من موت وحياة ومطر، حتى الحجّاج يُقال: يحج فلان، ويحج فلان، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما.
خامساً: التقدير اليومي، وهو الوارد في قوله سبحانه وتعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن} (الرحمن:29)، فكل يومٍ يُجري سبحانه وتعالى أحكامه القدريّة التي قدّرها في الأزل، فيُغني فقيراً، ويُسعد حزيناً، ويُطعم جائعاً، ويّذلً عزيزاً، ويرفع أقواماً ويضع آخرين، ولا يشغله سبحانه في ذلك شأنٌ عن شأن، فتبارك الله رب العالمين.
فهذا -كما يقول الإمام ابن القيم- تقديرٌ يومي، والذي قبله تقدير حولي سنويّ، والذي قبله تقدير عمري عند نشأة الحياة بالنسبة لكل فرد، والذي قبله تقديرٌ عامّ جرى للخليقة عندما كانوا في عالم الذرّ، والذي قبله تقدير عامّ جرى قبل خلق الكائنات، وكل واحد من هذه التقادير كالتفصيل للتقدير السابق له، وفي ذلك دليل على كمال علم الرب وقدرته وحكمته.