نثبت لله سبحانه ما أثبته لنفسِه، وما أثبتَه له رسولُه صلى الله عليه وسلـم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ويدخل في جملة ذلك: إثبات صفة (القرب) لله جل وعلا قرباً خاصاً، وأنه يدنو من عباده على وجه الحقيقة، مع ثبوت (الفوقيّة) الله تعالى و(استوائه) على عرشِه. و(القربُ) صفةٌ إلهيّةٌ، اتفقت كلمةُ أهل السنة والجماعة على الاعتقاد بها وإثباتها، كما يستبين ذلك من كلامهم.
والنصوص المثبتةُ لأصل هذه الصفة ولوازِمها كثيرة جداً، تبين قربه سبحانه وتعالى من عبادِه، ونصرته لأوليائه، دون أن يكون كلّ قربٍ مذكورٍ فيها يعني القربَ الحقيقي، بل قد يُراد به قربه سبحانه بنفسِه، وقد يكون غير ذلك، كقربِ ملائكته، كما أشار علماء أهل السنة في معرض الحديث عن بعض النصوص.
وفي مقامنا هذا نقتصر على الأدلة القرآنية التي استند إليها علماء السلف في إثبات هذه الصفة الإلهيّة، على أن نذكر الأدلة من السنة في مقام تالٍ، فأما الأدلة القرآنية فهي كالآتي:
أدلة القرآن الكريـم
ثمة آياتٌ كريمة تتحدث عن إثبات صفة (القرب) لله جل وعلا على وجه الحقيقة، على ما يليق بجلاله وعظمته، وأهمها:
- قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} (البقرة:186).
وقد روي في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال يهود أهل المدينة: يا محمد! كيف يسمع ربنا دعاءَنا، وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام, وإن غِلْظ كل سماء مثل ذلك. فنزلت هذه الآية، وقال الضحاك: سأل بعض الصحابة النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
- قول الله تعالى: {فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} (هود:61)، وهذا خطابٌ من نبي الله هود عليه السلام إلى قومِه، يدعوهم إلى التوبة، ويبشّرهم بقبولها؛ استدلالاً بقرب الله تعالى من عبادِه، ونرى في السياق اقترانٌ واضح بين القرب الإلهي وبين إجابة دعوة الداعي؛ فلقربِه سبحانه لا يرد سؤال سائل حين يسأله.
- قول الله تعالى: { قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب} (سبأ:50)، يقول الطبري فيها: " إن ربي سميع لما أقول لكم، حافظ له، وهو المجازي لي على صدقي في ذلك، وذلك مني غير بعيد، فيتعذر عليه سماع ما أقول لكم، وما تقولون، وما يقوله غيرنا، ولكنه قريب من كل متكلم، يسمع كل ما ينطق به، أقرب إليه من حبل الوريد".
- قول الله تعالى: {وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين} (الأعراف:56 )، نلحظ هنا نسبة (القرب) إلى الرحمة لا إلى الله، ومع ذلك: لم يتم إضافة التاء إلى قوله: {قريب} فكيف يمكن الاستدلال بهذه الآية على قرب الله تعالى؟ يجيب ابن القيم بقوله: "..ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة، وأن الله تعالى قريب من المحسنين، وذلك يستلزم القربين: قربه وقرب رحمته، ولو قال: إن رحمة الله قريبة من المحسنين، لم يدل على قربه تعالى منهم؛ لأن قربَه تعالى أخص من قرب رحمتِه، والأعم لا يستلزم الأخص بخلاف قربِه".
هذه هي أهم الأدلة الخاصة بصفة (القرب) الإلهي الواردة في الكتاب العزيز. ولنا وقفة قادمة عن الأدلة من السنة الشريفة.
والنصوص المثبتةُ لأصل هذه الصفة ولوازِمها كثيرة جداً، تبين قربه سبحانه وتعالى من عبادِه، ونصرته لأوليائه، دون أن يكون كلّ قربٍ مذكورٍ فيها يعني القربَ الحقيقي، بل قد يُراد به قربه سبحانه بنفسِه، وقد يكون غير ذلك، كقربِ ملائكته، كما أشار علماء أهل السنة في معرض الحديث عن بعض النصوص.
وفي مقامنا هذا نقتصر على الأدلة القرآنية التي استند إليها علماء السلف في إثبات هذه الصفة الإلهيّة، على أن نذكر الأدلة من السنة في مقام تالٍ، فأما الأدلة القرآنية فهي كالآتي:
أدلة القرآن الكريـم
ثمة آياتٌ كريمة تتحدث عن إثبات صفة (القرب) لله جل وعلا على وجه الحقيقة، على ما يليق بجلاله وعظمته، وأهمها:
- قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} (البقرة:186).
وقد روي في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال يهود أهل المدينة: يا محمد! كيف يسمع ربنا دعاءَنا، وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام, وإن غِلْظ كل سماء مثل ذلك. فنزلت هذه الآية، وقال الضحاك: سأل بعض الصحابة النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
- قول الله تعالى: {فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} (هود:61)، وهذا خطابٌ من نبي الله هود عليه السلام إلى قومِه، يدعوهم إلى التوبة، ويبشّرهم بقبولها؛ استدلالاً بقرب الله تعالى من عبادِه، ونرى في السياق اقترانٌ واضح بين القرب الإلهي وبين إجابة دعوة الداعي؛ فلقربِه سبحانه لا يرد سؤال سائل حين يسأله.
- قول الله تعالى: { قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب} (سبأ:50)، يقول الطبري فيها: " إن ربي سميع لما أقول لكم، حافظ له، وهو المجازي لي على صدقي في ذلك، وذلك مني غير بعيد، فيتعذر عليه سماع ما أقول لكم، وما تقولون، وما يقوله غيرنا، ولكنه قريب من كل متكلم، يسمع كل ما ينطق به، أقرب إليه من حبل الوريد".
- قول الله تعالى: {وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين} (الأعراف:56 )، نلحظ هنا نسبة (القرب) إلى الرحمة لا إلى الله، ومع ذلك: لم يتم إضافة التاء إلى قوله: {قريب} فكيف يمكن الاستدلال بهذه الآية على قرب الله تعالى؟ يجيب ابن القيم بقوله: "..ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة، وأن الله تعالى قريب من المحسنين، وذلك يستلزم القربين: قربه وقرب رحمته، ولو قال: إن رحمة الله قريبة من المحسنين، لم يدل على قربه تعالى منهم؛ لأن قربَه تعالى أخص من قرب رحمتِه، والأعم لا يستلزم الأخص بخلاف قربِه".
هذه هي أهم الأدلة الخاصة بصفة (القرب) الإلهي الواردة في الكتاب العزيز. ولنا وقفة قادمة عن الأدلة من السنة الشريفة.