1 |
عَيْنَاكِ.. آخِرُ مركبيْن يُسافرانِ |
فهل هنالكَ من مكانْ؟ |
إنّي تعبتُ من التسكّعِ في محطّاتِ الجنونِ |
وما وصلتُ إلى مكانْ.. |
عَيْنَاكِ آخرُ فرصتين مُتاحَتَيْنِ |
لمَنْ يفكّرُ بالهروب.. |
وأنا.. أفكّرُ بالهروبْ.. |
عَيْنَاكِ آخرُ ما تبقَّى من عصافير الجنوبْ |
عَيْنَاكِ آخرُ ما تبقّى من حشيش البحرِ، |
آخرُ ما تبقّى من حُقُول التَبْغِ، |
آخرُ ما تبقّى من دُمُوع الأُقحوانْ |
عيناكِ.. آخرُ زَفَّةٍ شعبيّةٍ تجري |
وآخرُ مهرجانْ.. |
آخرُ ما تبقّى من مكاتيب الغَرَامْ |
ويَدَاكِ.. آخرُ دفتريْنِ من الحرير.. |
عليهما.. |
سَجَّلتُ أحلى ما لديَّ من الكلامْ |
العِشْقُ يكويني، كلوح التُوتياءِ، |
ولا أذُوبْ.. |
والشعرُ يطعنُني بخنجرِهِ.. |
وأرفضُ أن أَتُوبْ.. |
إنّي أُحِبّكِ.. |
ظلّي معي.. |
ويبقى وجهُ فاطمةٍ |
يُحلّق كالحمامةِ تحت أضواء الغروبْ |
ظلّي معي.. فلربّما يأتي الحسينُ |
وفي عباءته الحمائمُ، والمباخرُ، والطيوبْ |
ووراءَهُ تمشي المآذنُ، والرُبى |
وجميعُ ثوّار الجنوبْ.. |
3 |
عَيْنَاكِ آخرُ ساحليْنِ من البَنَفْسَجِ |
فكرتُ أن الشعرَ يُنْقذُني.. |
ولكنَّ القصائدَ أغْرَقَتْني.. |
ولكنَّ النساءَ تقاسَمَتْني.. |
أحبيبتي: |
أعجوبةٌ أن ألتقي امرأةً بهذا الليلِ، |
ترضى أن تُرافِقَني.. |
أُعجوبةٌ أن يكتبَ الشعراءُ في هذا الزمانْ. |
أُعجوبةٌ أنّ القصيدةَ لا تزالُ |
تمرُّ من بين الحَرَائقِ والدُخَانْ |
تنطُّ من فوق الحواجزِ، والمخافرِ، والهزائمِ، |
كالحصانْ |
أُعجوبةٌ.. أنّ الكتابة لا تزالُ.. |
برغم شَمْشَمَة الكلابِ.. |
ورغْمَ أقبية المباحثِ، |
مصدراً للعُنْفُوانْ... |
4 |
الماءُ في عينيْكِ زيتيٌّ.. |
رَمَاديٌّ.. |
نبيذيٌّ.. |
وأنا على سطح السفينةِ، |
مثلَ عُصْفُورٍ يتيمٍ |
لا يفكّرُ بالرجوع.. |
بيروتُ أرملةُ العروبةِ |
والطَوَائِفِ، |
والجريمةِ، والجُنُونْ.. |
بيروتَ تُذْبَحُ في سرير زفافها |
والناسُ حول سريرها متفرّجونْ |
بيروتُ.. |
تَنْزِفُ كالدَجَاجَة في الطريقِ، |
فأينَ فرَّ العاشقونْ؟ |
بيروتُ تبحثُ عن حقيقتِها، |
وتبحثُ عن قبيلتِها.. |
وتبحثُ عن أقاربها.. |
ولكنَّ الجميعَ منافقُونْْ.. |
5 |
عَيْْنَاكِ.. آخرُ رحلةٍ ليليّةٍ |
وحقائبي في الأرض تنتظرُ الهبوبْ |
تَتَوسَّلُ الأشجارُ باكيةً لآخذَها معي |
أرأيتُمُ شجراً يفكّرُ بالهروبْ؟ |
والخيانةِ، والذنوبْ.. |
هذا هو الزمنُ الذي فيه الثقافةُ، |
والكتابةُ، |
والكرامةُ، |
والرُجُولةُ في غُروبْ |
ودَفَاتري ملأى بآلاف الثُقُوبْ.. |
النَفْطُ يستلقي سعيداً تحت أشجار النُعَاسِ، |
وبين أثداء الحريمْ.. |
هذا الذي قد جاءنا |
بثيابِ شَيْطَانٍ رجيمْ... |
النَفْطُ هذا السائلُ المَنَويُّ.. |
لا القوميُّ.. |
لا الشعبيُّ |
هذا الأرنبُ المهزومُ في كلِّ الحروبْْ |
النَفْْطُ مَشْروبُ الأَبَاطِرة الكبارِ، |
وليسَ مَشْروبَ الشعوب.. |
كيف الدخولُ إلى القصيدة يا تُرى؟ |
والنَفْطُ يَشْري |
ألفَ مُنْتَجٍ (بماربيَّا)... |
ويَشْري نصفَ باريسٍ.. |
ويَشْري نصفَ ما في (نيسَ) من شمسٍ وأجسادٍ.. |
ويَشْري ألفَ يَخْتٍ في بحار اللهِ.. |
يَشْري ألفَ إمرأةٍ بإذْنِ اللهِ.. |
لا يشتري سَيْفاً لتحرير الجنوبْ.. |
7 |
عَيْنَاكِ.. آخرُ ما تبقَّى من شُتُول النَخْلِ |
في وطَني الحزينْ. |
وهواكِ أجملُ ثورةٍ بَيْضَاءَ.. |
تُعْلَنُ من ملايين السنينْ |
كُوني معي امرأةً.. |
كُوني معي شَعْراً |
يُسافرُ دائماً عكْسَ الرياحْ.. |
كُوني معي جِنّيةً |
لا يبلغُ العشّاقُ ذَروَةَ عِشقهمْ |
إلا إذا التحقوا بصفّ الغاضبينْ.. |
أحبيبتي: |
إنّي لأعلنُ أنّ ما في الأرض من عِنَبٍ وتينْ |
حقٌّ لكلِّ المُعْدَمينْ |
وبأنَّ كلَّ الشِعْرِ .. كلَّ النثرِ.. |
كلَّ الكُحْلِ في العينيْنِ.. |
كلَّ اللؤلؤِ المخبوءِ في النهدينِ.. |
حقٌّ لكل الحالمينْ.. |
كُوني معي.. |
ولسوفَ أُعلنُ أن شمسَ اللهِ، |
ولسوفَ أُعلنُ دونما حَرَجٍ |
بأنَّ الشِعْرَ أقوى من جميع الحاكمينْ... |
حقٌّ لكلِّ المُعْدَمينْ |
وبأنَّ كلَّ الشِعْرِ .. كلَّ النثرِ.. |
كلَّ الكُحْلِ في العينيْنِ.. |
كلَّ اللؤلؤِ المخبوءِ في النهدينِ.. |
كلَّ العشب، كلَّ الياسمينْ |
حقٌّ لكل الحالمينْ.. |
كُوني معي.. |
ولسوفَ أُعلنُ أن شمسَ اللهِ، |
ولسوفَ أُعلنُ دونما حَرَجٍ |
بأنَّ الشِعْرَ أقوى من جميع الحاكمينْ... |
حقٌّ لكلِّ المُعْدَمينْ |
وبأنَّ كلَّ الشِعْرِ .. كلَّ النثرِ.. |
كلَّ الكُحْلِ في العينيْنِ.. |
كلَّ اللؤلؤِ المخبوءِ في النهدينِ.. |
كلَّ العشب، كلَّ الياسمينْ |
حقٌّ لكل الحالمينْ.. |
كُوني معي.. |
ولسوفَ أُعلنُ أن شمسَ اللهِ، |
تُشْبهُ في استدارتها رغيفَ الجائعينْ |
ولسوفَ أُعلنُ دونما حَرَجٍ |
بأنَّ الشِعْرَ أقوى من جميع الحاكمينْ... |