أمُّ المؤمنين التقية (أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان)
زارها أبوها، وهى في المدينة، فأبعدت عنه فراش النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لها: يا بنية أرغبتِ بهذا الفراش عنى أم بى عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول اللَّه وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحبَّ أن تجلس عليه.
قال: يا بنية لقد أصابك بعدى شر. قالت: لا، بل هدانى اللَّه للإسلام، وأنت يا أبة سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام، وأنت تعبد حجرًا لا يسمع ولا يبصر؟!
وهذا الموقف لا يستغرب من أم حبيبة، فهي ممن هاجر الهجرتين وقد قطعت صِلاتها بالجاهلية منذ أمد بعيد، إنها لم تر أباها منذ ست عشرة سنة، فلما رأته لم تر فيه الوالد الذي ينبغي أن يقدر ويحترم، وإنما رأت فيه رأس الكفر الذي وقف في وجه الإسلام وحارب رسوله تلك السنوات الطويلة، وهذا ما كان يتصف به الصحابة رضي الله عنهم من تطبيق أحكام الإسلام في الولاء والبراء وإعزاز الإسلام والمسلمين. وفي مخاطبة أم حبيبة لأبيها بهذا الأسلوب -مع كونه أباها ومع مكانته العالية في قومه وعند العرب- دليلٌ على قوة إيمانها ورسوخ يقينها، لقد كان في سلوك أم حبيبة مظهر من اجتهاد الصحابة البالغ في إظهار أمر له أهميته البالغة في المحافظة على شخصية المسلم ودفع معنوياته إلى النماء والحيوية.
إنها أم المؤمنين أم حبيبة "رملة بنت أبي سفيان" ذات الحسب والنسب والمكانة؛ فأبوها هو "أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية" وأمها "صفية بنت أبى العاص"، وأخوها "معاوية بن أبي سفيان" وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فكانت سببًا للمودة بين النبي صلى الله عليه وسلم وآل أبي سفيان. وفي هذا نزل قوله تعالى: (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً) [الممتحنة: 7]. وعوضًا عن صبرها وإيمانها الكبير باللَّه تعالى.
كانت زوجة لعبيد اللَّه بن جحش، وكان قد تنصر في الجاهلية، ورفض عبادة الأصنام، فلما جاء الإسلام، أسرع هو وزوجته إلى الدخول فيه، لكنهما أمام جبروت قريش وقسوتها على الذين آمنوا، اضطرا إلى الفرار بدينهما من مكة إلى الحبشة، وهناك أنجبا ابنتهما حبيبة، وبها كانت تُكنَّى، فيقال لها: أم حبيبة.
وفي الحبشة، ارتد عبيد اللَّه بن جحش عن الإسلام واعتنق النصرانية، وحاولت أم حبيبة وجميع من هاجروا إلى الحبشة إثناءه عن عزمه، فلم يفلحوا.
وقد حاول عبيد اللَّه بن جحش أن يجر امرأته أم حبيبة إلى النصرانية، لكنها - رضوان اللَّه عليها - أبت عليه ذلك، واستمسكت بعقيدتها وظلت على دينها.. فنجاها اللَّه بصبرها على دينها، وأبدلها عن زوجها زوجًا خيرًا منه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهل كان من المطلوب من الرسول أن يترك مثل هذه السيدة العظيمة للضياع بين زوج مرتد وأب كان كافراً ؟!! ومن سواه صلى الله عليه وسلم أولى بأن يكرم مثواها، ويجزيها على ثباتها وصبرها وجهادها في سبيل عقيدتها ورسالتها ؟!! ومن يكون مناسبا لابنة سيد قريش سوى سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ؟!!
دخلت أبرهة خادمة النجاشي ملك الحبشة عليها، وقالت: ياأم حبيبة إن الملك (تقصد النجاشي) يقول لك إن رسول اللّه كتب إليه ليزوجك منه (. قالت أم حبيبة: بشَّركِ اللّه بخير يا أبرهة، خذى هذه منى هدية. وأعطتها سوارين من فضة وخلخالين.
فأرسلت أم حبيبة إلى خالد بن سعيد بن العاص ابن عمها لتوكله في أمر زواجها من رسول اللّه .
ولما دنا الليل أمر النجاشى "جعفر بن أبى طالب" ومَنْ هناك مِن المسلمين فحضروا فخطب النجاشي، فقال: الحمد للّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لاإله إلا اللّه وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي بشّر به عيسى ابن مريم عليه السلام. أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أن أزوجه أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان فأجابت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقتها أربعمائة دينار. ثم سكب النجاشى الدنانير بين يدي القوم.
وتكلم "خالد بن سعيد" وقال: "الحمد للّه، أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون. أما بعد: أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوَّجتُه أم حبيبة فبارك اللّه لرسول اللّه. ثم دفع خالد الدنانير إلى أم حبيبة فقبضَتها. ثم أرادوا الخروج لكن النجاشى استوقفهم وقال: "اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يُؤْكل طعام على التزويج". ودعا بطعام فأكل الحاضرون ثم تفرقوا.
تقول أم حبيبة: فلما وصل إلى المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها: يا أبرهة! إني كنت أعطيتك ما أعطيتُ يومئذٍ ولا مال عندي بيدي. فهذه خمسون مثقالا فخذيها واستعيني بها. فأبت أبرهة، وأخرجتْ حُقّا فيه كلُّ ما كنتُ أعطيتُها فردّته علي، وقالتْ: عزم عليَّ الملك أن لا آخذ منكِ شيئًا وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعتُ دين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت للّه -عز وجل-.
وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليكِ بكل ماعندهن من العطر. فلما كان الغد جاءتنى به. فقدمت بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يراه على وعندى فلا ينكره. ثم قالت أبرهة: يا أم حبيبة حاجتى إليك أن تقرئي على رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام مني وتُعلِميه أني قد اتبعتُ دينه. ثم لطفت بى وكانت هي التي جَهَّزتني. وكانت كلما دخلت عليَّ تقول: لا تنسي حاجتى إليك. فلما قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته كيف كانت الخِطبة وما فعلت بى أبرهة، فتبسم وأقرأته منها السلام، فقال: "وعليها السلام ورحمة اللّه وبركاته" [ابن سعد8/97 وفيه جهالة].
وفى ليلة الزفاف أقام عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- وليمة في عرس النبي صلى الله عليه وسلم وأم حبيبة -وهي ابنة عمة عثمان : صفية بنت أبى العاص- هذه الوليمة كانت غير تلك التي أقامها النجاشي في الحبشة عند عقد النكاح.
ولما بلغ أبا سفيان بن حرب خبر زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنته قال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه" السير 2/223.
أي أن مثل النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد صهره، فهو كفء كريم تفخر كل قبيلة بمصاهرته وتزويجه بناتها.
قال أبو سفيان بن حرب ذلك على الرغم من أنه كان ما يزال مشركا عدوا للإسلام، ولكنه لا يخدع نفسه كأب تزوجت ابنته بأعظم وأشرف الرجال ..
وقد أحبت أُمُّ حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حبّا شديدًا، وآثرت محبته على كل محبة أخرى، حتى ولو كانت محبتها لأبيها أو أبنائها أو إخوانها أو عشيرتها.
وكانت أم حبيبة - رضي اللَّه عنها - تحرص دائمًا على مراقبة اللَّه - عز وجل - وابتغاء مرضاته، فعَنْ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ:سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُوْلُ: دَعَتْنِي أُمُّ حَبِيْبَةَ عِنْدَ مَوْتِهَا، فَقَالَتْ: قَدْ كَانَ يَكُوْنُ بَيْنَنَا مَا يَكُوْنُ بَيْنَ الضَّرَائِرِ، فَغَفَرَ اللهُ لِي وَلَكِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ.فَقُلْتُ: غَفَرَ اللهُ لَكِ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَحَلَّلَكِ مِنْ ذَلِكَ.فَقَالَتْ: سَرَرْتِنِي - سَرَّكِ اللهُ -.وَأَرْسَلَتْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ." السير 2/224.
هذا وقد أسلم أبوها أبو سفيان في فتح مكة، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمان لمن دخل داره.. ففرحت أم حبيبة بإسلام أبيها فرحة كبيرة، وامتد بأم حبيبة العمر حتى عَهْدِ أخيها معاوية بن أبى سفيان وتوفيت في سنة أربع وأربعين للهجرة فرضي اللَّه عنها وأرضاها.
وروت -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وستين حديثًا، وروى عنها كثير من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم أجمعين.
زارها أبوها، وهى في المدينة، فأبعدت عنه فراش النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لها: يا بنية أرغبتِ بهذا الفراش عنى أم بى عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول اللَّه وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحبَّ أن تجلس عليه.
قال: يا بنية لقد أصابك بعدى شر. قالت: لا، بل هدانى اللَّه للإسلام، وأنت يا أبة سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام، وأنت تعبد حجرًا لا يسمع ولا يبصر؟!
وهذا الموقف لا يستغرب من أم حبيبة، فهي ممن هاجر الهجرتين وقد قطعت صِلاتها بالجاهلية منذ أمد بعيد، إنها لم تر أباها منذ ست عشرة سنة، فلما رأته لم تر فيه الوالد الذي ينبغي أن يقدر ويحترم، وإنما رأت فيه رأس الكفر الذي وقف في وجه الإسلام وحارب رسوله تلك السنوات الطويلة، وهذا ما كان يتصف به الصحابة رضي الله عنهم من تطبيق أحكام الإسلام في الولاء والبراء وإعزاز الإسلام والمسلمين. وفي مخاطبة أم حبيبة لأبيها بهذا الأسلوب -مع كونه أباها ومع مكانته العالية في قومه وعند العرب- دليلٌ على قوة إيمانها ورسوخ يقينها، لقد كان في سلوك أم حبيبة مظهر من اجتهاد الصحابة البالغ في إظهار أمر له أهميته البالغة في المحافظة على شخصية المسلم ودفع معنوياته إلى النماء والحيوية.
إنها أم المؤمنين أم حبيبة "رملة بنت أبي سفيان" ذات الحسب والنسب والمكانة؛ فأبوها هو "أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية" وأمها "صفية بنت أبى العاص"، وأخوها "معاوية بن أبي سفيان" وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فكانت سببًا للمودة بين النبي صلى الله عليه وسلم وآل أبي سفيان. وفي هذا نزل قوله تعالى: (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً) [الممتحنة: 7]. وعوضًا عن صبرها وإيمانها الكبير باللَّه تعالى.
كانت زوجة لعبيد اللَّه بن جحش، وكان قد تنصر في الجاهلية، ورفض عبادة الأصنام، فلما جاء الإسلام، أسرع هو وزوجته إلى الدخول فيه، لكنهما أمام جبروت قريش وقسوتها على الذين آمنوا، اضطرا إلى الفرار بدينهما من مكة إلى الحبشة، وهناك أنجبا ابنتهما حبيبة، وبها كانت تُكنَّى، فيقال لها: أم حبيبة.
وفي الحبشة، ارتد عبيد اللَّه بن جحش عن الإسلام واعتنق النصرانية، وحاولت أم حبيبة وجميع من هاجروا إلى الحبشة إثناءه عن عزمه، فلم يفلحوا.
وقد حاول عبيد اللَّه بن جحش أن يجر امرأته أم حبيبة إلى النصرانية، لكنها - رضوان اللَّه عليها - أبت عليه ذلك، واستمسكت بعقيدتها وظلت على دينها.. فنجاها اللَّه بصبرها على دينها، وأبدلها عن زوجها زوجًا خيرًا منه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهل كان من المطلوب من الرسول أن يترك مثل هذه السيدة العظيمة للضياع بين زوج مرتد وأب كان كافراً ؟!! ومن سواه صلى الله عليه وسلم أولى بأن يكرم مثواها، ويجزيها على ثباتها وصبرها وجهادها في سبيل عقيدتها ورسالتها ؟!! ومن يكون مناسبا لابنة سيد قريش سوى سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ؟!!
دخلت أبرهة خادمة النجاشي ملك الحبشة عليها، وقالت: ياأم حبيبة إن الملك (تقصد النجاشي) يقول لك إن رسول اللّه كتب إليه ليزوجك منه (. قالت أم حبيبة: بشَّركِ اللّه بخير يا أبرهة، خذى هذه منى هدية. وأعطتها سوارين من فضة وخلخالين.
فأرسلت أم حبيبة إلى خالد بن سعيد بن العاص ابن عمها لتوكله في أمر زواجها من رسول اللّه .
ولما دنا الليل أمر النجاشى "جعفر بن أبى طالب" ومَنْ هناك مِن المسلمين فحضروا فخطب النجاشي، فقال: الحمد للّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لاإله إلا اللّه وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي بشّر به عيسى ابن مريم عليه السلام. أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أن أزوجه أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان فأجابت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقتها أربعمائة دينار. ثم سكب النجاشى الدنانير بين يدي القوم.
وتكلم "خالد بن سعيد" وقال: "الحمد للّه، أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون. أما بعد: أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوَّجتُه أم حبيبة فبارك اللّه لرسول اللّه. ثم دفع خالد الدنانير إلى أم حبيبة فقبضَتها. ثم أرادوا الخروج لكن النجاشى استوقفهم وقال: "اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يُؤْكل طعام على التزويج". ودعا بطعام فأكل الحاضرون ثم تفرقوا.
تقول أم حبيبة: فلما وصل إلى المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها: يا أبرهة! إني كنت أعطيتك ما أعطيتُ يومئذٍ ولا مال عندي بيدي. فهذه خمسون مثقالا فخذيها واستعيني بها. فأبت أبرهة، وأخرجتْ حُقّا فيه كلُّ ما كنتُ أعطيتُها فردّته علي، وقالتْ: عزم عليَّ الملك أن لا آخذ منكِ شيئًا وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعتُ دين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت للّه -عز وجل-.
وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليكِ بكل ماعندهن من العطر. فلما كان الغد جاءتنى به. فقدمت بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يراه على وعندى فلا ينكره. ثم قالت أبرهة: يا أم حبيبة حاجتى إليك أن تقرئي على رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام مني وتُعلِميه أني قد اتبعتُ دينه. ثم لطفت بى وكانت هي التي جَهَّزتني. وكانت كلما دخلت عليَّ تقول: لا تنسي حاجتى إليك. فلما قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته كيف كانت الخِطبة وما فعلت بى أبرهة، فتبسم وأقرأته منها السلام، فقال: "وعليها السلام ورحمة اللّه وبركاته" [ابن سعد8/97 وفيه جهالة].
وفى ليلة الزفاف أقام عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- وليمة في عرس النبي صلى الله عليه وسلم وأم حبيبة -وهي ابنة عمة عثمان : صفية بنت أبى العاص- هذه الوليمة كانت غير تلك التي أقامها النجاشي في الحبشة عند عقد النكاح.
ولما بلغ أبا سفيان بن حرب خبر زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنته قال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه" السير 2/223.
أي أن مثل النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد صهره، فهو كفء كريم تفخر كل قبيلة بمصاهرته وتزويجه بناتها.
قال أبو سفيان بن حرب ذلك على الرغم من أنه كان ما يزال مشركا عدوا للإسلام، ولكنه لا يخدع نفسه كأب تزوجت ابنته بأعظم وأشرف الرجال ..
وقد أحبت أُمُّ حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حبّا شديدًا، وآثرت محبته على كل محبة أخرى، حتى ولو كانت محبتها لأبيها أو أبنائها أو إخوانها أو عشيرتها.
وكانت أم حبيبة - رضي اللَّه عنها - تحرص دائمًا على مراقبة اللَّه - عز وجل - وابتغاء مرضاته، فعَنْ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ:سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُوْلُ: دَعَتْنِي أُمُّ حَبِيْبَةَ عِنْدَ مَوْتِهَا، فَقَالَتْ: قَدْ كَانَ يَكُوْنُ بَيْنَنَا مَا يَكُوْنُ بَيْنَ الضَّرَائِرِ، فَغَفَرَ اللهُ لِي وَلَكِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ.فَقُلْتُ: غَفَرَ اللهُ لَكِ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَحَلَّلَكِ مِنْ ذَلِكَ.فَقَالَتْ: سَرَرْتِنِي - سَرَّكِ اللهُ -.وَأَرْسَلَتْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ." السير 2/224.
هذا وقد أسلم أبوها أبو سفيان في فتح مكة، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمان لمن دخل داره.. ففرحت أم حبيبة بإسلام أبيها فرحة كبيرة، وامتد بأم حبيبة العمر حتى عَهْدِ أخيها معاوية بن أبى سفيان وتوفيت في سنة أربع وأربعين للهجرة فرضي اللَّه عنها وأرضاها.
وروت -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وستين حديثًا، وروى عنها كثير من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم أجمعين.